أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - قراءة في مبادرة الإدارة الذاتية لحل الأزمة السورية















المزيد.....

قراءة في مبادرة الإدارة الذاتية لحل الأزمة السورية


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 7604 - 2023 / 5 / 7 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة
في مبادرة الإدارة الذاتية لحل الأزمة السورية
في 18/4/2023 أطلقت الإدارة الذاتية لشمال شرق سورية مبادرة لحل الأزمة السورية، في ظرف يكثر فيه الحديث عن قرب تسوية الأزمة السورية سياسيا، في قراءة خاصة لتسارع عمليات التطبيع مع النظام السوري عربيا وإقليميا. لقد حرمت الإدارة الذاتية والقوى السياسية في شمال شرق سوية من المشاركة في مسار جنيف، وفي مساري استانا وسوتشي لحل الأزمة السورية بضغط من النظام التركي بصورة رئيسة، لكنها اليوم، وكما كانت قبل ذلك، تعد رقما صعبا يصعب حل الأزمة السورية بدون أخذه بالحسبان.
وبالعودة إلى المبادرة، وعلى الرغم من الأخطاء اللغوية الكثيرة فيها، إلا أنها تضمنت جملة من الأفكار والمواقف التي تستحق مناقشتها.
تبدأ المبادرة بالقول " إن الأزمة السياسية التي أعقبت الحراك الشعب الثوري.." نسجل على هذا القول ملاحظتين: الأولى تتعلق بحصر الأزمة في المجال السياسي، مع أنها أزمة مركبة سياسية اجتماعية اقتصادية ثقافية وغيرها، إنها ازمة الاستبداد والتخلف بامتياز. والملاحظة الثانية تتعلق بوصف الحراك الشعبي ب"الثوري"، فهو كعملية، وليس حدثا، كان صراعا بين شكلين للاستبداد الأول يدعي العلمانية وهو منها براء، والثاني يريد خلافة على منهاج النبوة، فكان منهاجه اجراميا بامتياز. وإذا كان المقصود "حراك الشعب الثوري" بحسب نص المبادرة، فإن ذلك سوف يدخلنا في ازمة قراءة وتحليل لواقع الشعب لاكتشاف الجزء "الثوري" منه!! ثم ما المقصود بـ " التراكمات والاقصاء والتهميش " التي أحالت المبادرة الأزمة السياسية إليها كنتيجة. هذه العبارة المفتاحية كان يجب" من الناحية اللغوية على الأقل، توضيح المقصود منها، إذ يمكن في حالتها هذه ان تفتح المجال لأسئلة كثيرة وقراءات متعددة.
وإذ تعود المبادرة للقول بوجود جوانب " سياسية، واقتصادية، واجتماعية" للأزمة السورية وهو قول صحيح، لكن ما كان عليها ان تبرز مناطق شمال سورية كمناطق للنزوح والهجرة بل جميع مناطق سورية لكي يتم تجنب القراءة الخاطئة للمبادرة بإحالتها لمكون قومي محدد.
إن الفشل في إيجاد حلول للأزمة السورية عبر مسارات جنيف واستانا وسوتشي بحسب المبادرة لا يعود من وجهة نظرنا إلى غياب الفهم الصحيح لطبيعة الأزمة، او لعدم وجود برنامج لحلها، أو لعدم اشراك جميع القوى السياسية في عملية الحوار( الفقرات 1 و2 و3)، بل إلى سبب حقيقي ظاهر، يكاد يكون وحيدا، وهو إصرار الأطراف المتصارعة (النظام والمجموعات المسلحة) على الحسم العسكري. اما السبب الحقيقي غير الظاهر فيعود إلى عدم رغبة الأطراف الدولية التي تدير الأـزمة وجاهزيتها لحلها.
نعم كان على النظام السوري منذ البداية ان يبحث عن حل سلمي للأزمة يركن إليه، لكن النظام الاستبدادي وخصوصا من الطراز السوري (المتغطي بالشرعية الثورية والانقلابية) لا يؤمن بغير القوة لحسم خلافاته مع معارضيه. وهو اليوم إذ يحسب نفسه انتصر في معركته المسلحة على تدخلات أكثر من "ثمانين دولة"، يردد دائما ان ما عجزت القوى المعارضة عن تحقيقه بالقوة، لن تحققه بالسياسة. في الواقع كانت بعض القوى المعارضة الوطنية الديمقراطية التي وقفت ضد العنف، وحذرت من الحلول العسكرية والأمنية لمخاطرها على وحدة البلاد والشعب، وعلى معاناة السوريين، أكثر شعورا بالمسؤولية إذ طالبت، منذ ما قبل تفجر الأزمة، وبعد تفجرها، بضرورة المبادرة بالدعوة إلى مؤتمر وطني يعقد في دمشق يشارك فيه ممثلون عن جميع السوريين للنظر بداية في تلافي تفجر الأزمة، وفي البحث عن خيارات لحلها بعد تفجرها. حتى المؤتمر الذي عقده النظام على طريقته لم ينفذ التوصيات التي صدرت عنه.
من الجيد جدا أن تؤكد الإدارة الذاتية على "وحدة الأراضي السورية " كإطار لحل الأزمة، وهي بذلك تسحب من يد من يزعم زورا وبهتانا أنها تسعى للانفصال. ومن الجيد أيضا ان تعلن صراحة عن استعدادها للحوار مع الحكومة السورية، ومع غيرها من القوى المعنية لحل الأزمة في إطار وحدة البلد، إذ انه الإطار الوحيد الصحيح لحل " المشاكل التي تعيشها سورية".
اللافت في خطاب الإدارة الذاتية، وفي خطاب أغلب القوى السياسية في شمال شرق سورية استخدام بعض المفاهيم والمصطلحات الخاصة في التحليل السياسي مثل مصطلح "المكونات" (طائفة، مجموعة، فئة، قومية، وغيرها) أو مصطلح " الشعوب" للإشارة إلى الإثنيات الموجودة، وتعد عدم الاعتراف بـ " بخصوصيتها وحقها في المواطنة والمساواة " أساس الأزمة السورية، وهذا غير صحيح من وجهة نظرنا. فالأزمة في الجوهر والشكل هي ازمة النظام الاستبدادي، الذي تساوى الجميع لديه بالظلم والخوف والقمع. بالطبع يجب تفهم القول بحقوق "الإثنيات" المختلفة المشكلة للشعب السوري، وهي حقوق مشروعة ينبغي ان يحققها النظام الديمقراطي المنشود من خلال اشتراطه بالعدالة، والمساواة في المواطنة. لكن ان يتم جمع ذلك مع حقوق "الطوائف" أو حقوق كل " مجموعة " كما وردت في نص المبادرة، والتي يمكن ان تعني أي هوية فرعية عائلية او عشائرية أو قبلية وغيرها، فهو غير صحيح. الحقوق الخاصة بالطوائف الدينية هي حقوق تتعلق بممارستها لطقوسها وشعائرها الدينية بكل حرية، وهذا كان متحققا في سورية حتى في ظل الاستبداد، اما القول بأن لها حقوقا سياسية ينبغي تحقيقها فهذا خطأ. لقد حاول الاستعمار الفرنسي تقسيم البلد إلى دويلات طائفية استنادا إلى هذه الخصوصيات المزعومة، لكن الأغلبية الساحقة من أبناء هذه الطوائف رفضتها. هذا لا يعني بالطبع ان ليس لها حقوقا مدنية تتعلق بها كطوائف دينية، لكن هذه الحقوق واحدة لدى كل الطوائف، وهي كما ذكرنا كانت متحققة.
وإذا كان أي حل منشود للأزمة السورية ينبغي أن تشارك فيه كل الإثنيات المشكلة للنسيج الاجتماعي السوري، وأن يحق لها حقوقها القومية، وهي أيضا حقوقا واحدة لها جميعا، فمن غير المفهوم وضع هذه الحقوق على قدم المساواة مع حقوق الطوائف التي هي بالأصل متحققة.
ورد في المبادرة في أكثر من موضع ما يعبر عن أهمية دور الأحزاب السياسية السورية في حل الأزمة، لكنها تجاهلت بصورة لافتة دور الفئات الاجتماعية ذات الطابع الطبقي والنقابي، وغيرها من تنظيمات مدنية في حل الأزمة، في حين ركزة على الهويات الطائفية.
لا ضير أن تبرز المبادرة أهمية النظام "الديمقراطي" القائم في شمال شرق سورية، وأن تعده كـ " مرتكز ولبنة" أساسية لحل الأزمة السورية، لكن كوجهة نظر يمكن ان تطرح على طاولة الحوار والمفاوضات. نحن نعلم، ككثير غيرنا، حجم وكثرة الثغرات والمشكلات التي يعاني منها هذا النظام. وما نعلمه أيضا ويعلمه كثير من مسؤولي الإدارة الذاتية، وهو الأخطر، أن الأغلبية الساحقة من السوريين، ومن القوى السياسية الموالية والمعارضة لا تقبل بهذا الطرح لحل الأزمة السورية لأسباب كثيرة يمكن اجمالها بالتكوين الثقافي للمواطن السوري. ثم كيف يمكن تجاوز معارضة تركيا الحاسمة لأي شكل من أشكال الإدارة الذاتية يهيمن عليها الكرد في سورية؟!.
تبدي الإدارة الذاتية استعدادها لاحتضان من هجروا أو نزحوا من مناطقهم نتيجة الأزمة وخصوصا المهجرين إلى لبنان، وهذا موقف انساني تضامني يحسب لها، لكن من الناحية السياسية ينبغي التأكيد على حق كل سوري بالعودة إلى منطقته التي هُجر عنها او أجبر على النزوح منها، في غير ذلك سوف يحصل تغيير ديمغرافي غير مقبول ويشكل قنبلة موقوتة مع الزمن.
من الأهمية والصواب تسليط الضوء على الدور الاجرامي لتركيا في الأزمة السورية، لكن بخصوص الحل لا بد من قراءة مختلفة بعد الشيء تتعلق بجميع الدول المتدخلة في الأزمة السورية، وعلى وجه الخصوص أمريكا وروسيا وإيران وإسرائيل إضافة إلى تركيا، إذ عليهم جميعا أن يرحلوا في نهاية المطاف.
وإذ تحسن المبادرة في مناشدتها الدول العربية والأمم المتحدة وجميع القوى الفاعلة في الشأن السوري العمل على تطوير حل " ديمقراطي وسلمي.." للأزمة السورية، غير أنها تجانب الصواب بحصرها الحل " بالحكومة السورية والإدارة الذاتية..."، في تناقض مع ما طالبت به قبل ذلك من ضرورة اشراك جميع " مكونات" الشعب السوري في الحل.
في الفقرة الأخيرة من نص المبادرة التي يعدها مطلقوها وجهة نظر " معقولة" لحل الأزمة، وأنهم على استعداد لمناقشة " جميع وجهات النظر ومشاريع الحلول " الأخرى، والعمل على إيجاد " حل مشترك ينهي الأزمة، ويضع حدا لمعاناة السوريين"، والاتفاق على بناء الوطن من جديد". هذا يعني عدم وجود خطوط حمر لا يمكن تجاوزها، ولا اشتراطات مسبقة، فالحل هو ما يتفق عليه السوريون عبر الحوار. إن هذا الموقف للإدارة الذاتية هو أهم ما جاء في نص المبادرة، ويبين عدم صحة ما ينسب لها من وجود خطوط حمر لديها لن تسمح بتجاوزها. ملاحظة أخيرة ربما كان من الأفضل ان يكون مجلس سورية الديمقراطية الجهة التي أطلقت المبادرة، وليس الإدارة الذاتية.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة السورية في بداية عامها الثالث عشر..2
- الأزمة السورية في بداية عامها الثالث عشر
- في الحاجة إلى - زلزال- من نوع آخر
- القضية الكردية بين الحق وممكناته
- الحوار السوري - السوري كذبة كبرى
- تحولات السياسة التركية
- العلويون والرهانات الخاطئة
- مالا تجهر به روسيا عبر قنواتها الرسمية
- قراءة في قانون تجريم التعذيب في سورية
- الأزمة السورية في بداية عامها الثاني عشر
- أزمة اوكرانيا امتحان جديد للقطبية الروسية
- عودت رفعت الأسد وايقاظ الذاكرة
- قراءة في خطاب القسم
- قراءة في خطاب - الفوز-
- بايدن وترتيب اوضاع الشرق الأوسط
- الاستحقاق الدستوري القادم في سورية
- لثد صرت فاسدا ولصا اللهم فاشهد
- في مفهومي المعارضة والعداوة وتحققهما السوري
- تخريب وطن غير عكوس
- قراءة متأنية في قانون قيصر الأمريكي بخصوص سورية


المزيد.....




- لكم وركل وفوضى عارمة.. فيديو من الأرض يظهر اشتباكات عنيفة في ...
- كازاخستان.. قريبة نزارباييف تخضع لمحاكمة بقضية فساد
- القوات الجوية الأمريكية تستعد لتوسيع اتهاماتها لمسرب وثائق ا ...
- ماتفيينكو تؤكد ضرورة محاكمة المسؤولين عن مأساة أوديسا بعد ان ...
- غضب رسمي أردني من -اعتداء- إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى ...
- الولايات المتحدة تتهم روسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرا ...
- ترامب: من الممتع مشاهدة شرطة نيويورك وهي تفض اعتصاماً مناصرا ...
- زلزال يضرب شرق تايوان
- الخارجية الأمريكية تؤكد رفض بكين مواصلة المفاوضات مع واشنطن ...
- الخارجية السودانية تتهم بريطانيا بالتدخل والتواطؤ مع الدعم ا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - قراءة في مبادرة الإدارة الذاتية لحل الأزمة السورية