لمن العيد ؟ عن السجون والمعتقلات : ماذا يعني العيد ؟

محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 1714 - 2006 / 10 / 25 - 10:22
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    

في البدء هناك تساؤل يراود المعتقلين والمأسورين من سجناء ومعتقلي حب الوطن , الذين ظنوا أنهم بدفاعهم عنه وحبهم له وعن مواطنيهم سكان هذا الوطن الذين أرادوا لأنفسهم أن يسكن الوطن بداخلهم , في قلوبهم , وأن يسري في دمائهم ونسيمه يروي تلك القلوب الظمأي لعبير حرية الوطن , فما كان من السلطة الحاكمة المتجبرة أن جعلتهم سجناء ومعتقلين وأعداء للوطن , حتي يبدو للمواطنين المحكومين بسلطة الفساد والظلم والإستبداد أن تنطلي عليهم لعبة سياسية قذرة من تدابير أعداء الوطن الذين هم حكامه والذين هم في ذات الوقت لصوصه , أن هؤلاء الأحرار هم في الأساس أعداء للوطن !!
وكانت رائحة الوطن وتاريخه وعبق أيامه السالفة , والأحلام التي كانت تراود محبي الوطن كحلم الحرية وحلم العدل أن إنقلبت إلي كوابيس فكان السجن , وكان السجان وكان المعتقل , وكأن المطالبة بالحرية والعدالة ذنب وجريمة إقترفها من يطالب بها , وكأنه كان يتوجب علي محبي العدالة وعاشقي الحرية أن يبحثوا عن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والأحزمة الناسفة حتي ينسفوا بها سلطة الفساد والظلم والإستبداد , تلك السلطة المغتصبة للحكم والسارقة للسلطة والناهبة للوطن والحارمة للمواطنين من حقوقهم المسلوبة من السلطة الغشومة الكافرة بالعدل واللاعنة للحرية !!
وتمر الأيام في السجون والمعتقلات , وتمر الليالي السوداء داخل السجون والمعتقلات وتمر , وتبقي الألام ومر الذكريات , نعم مر الذكريات !! فيتذكر المعتقل الأم , والأب , والزوجة , وإبنته الصغيرة التي تركها طفلة صغيرة رضيعة , لاتعرف لها إلهاً , ولاتعرف أباً , والإبن الغير الشقي الذي كان يتعلق برقبة أبيه المعتقل ويتناوب معه الضحك والهزار اللطيف الخفيف , حينما كان يقول لأبيه انا أتمني أن أكون ضابط , فهذا حلمه أن يكون ضابط ليحمي الوطن من لصوص الوطن , أو ضابط يحمي الوطن من أعداء الوطن من الخارج ويحصن حدوده من أعدائه , لم يكن يعلم الطفل الصغير أنه سيأتي اليوم ليلعن هذا الضابط الذي جاء إلي منزلهم فجراً وقبض علي أبيه وسجنه في سجن ضيق , وحرمه من الراحة والطعام والشراب , وعزل عنه الطبيب ومنع عنه الدواء , وحرم حتي من الهواء النقي والنسيم والطبيعة التي خلقها الله ليسمتع بها خلق الله من المواطنين داخل حدود وطنهم بكل عزة وكرامة وشرف , هذا الضابط هو الذي حرمني من معانقة أبي واللعب معه , ومن صلاة العيد معه , هذا الضابط هو الذي حرمني من العيدية التي كان يعطيها لي أبي , والصغيرة تبكي يوم العيد بسبب ظلم الضابط ومخبريه وعسسعه المأجورين لصالح سلطة الفساد العام , تبكي الطفلة الصغيرة حينما تجد الأطفال مع آبائهم وهم يصطحبونهم للحدائق والمتنزهات التي كانت يوماً من الأيام حدائق ومنتزهات عامة قبل أن تطولها يد غول الفساد الذي أمم كل الوطن لصالح عصابة الفساد العام , والزوجة تبكي وتلملم مشاعر وأحاسيس أطفالها في حضنها المتنهد الباكي الحزين , فهذا الوطن يوم العيدبالنسبة لها ولأولادها ليس بوطن بل سجن كبير للأب والزوج والأخ والإبنة والإبن , هذا معتقل !!!! الأب يعيش داخله والأسرة تعيش خارجه وسلطة الفساد تفعل ماتشاء !!
فهل العيد بهذه المشاعر يسمي عيد ؟!!
وكيف يكون العيد عيداً وأمريكا في العراق وأفغانستان ودول الخليج ؟!!
وكيف يكون العيد عيداً والأراضي العربية محتله والعدو الصهيوني يذيق الفلسطينين أشد أنواع العذاب والتنكيل ؟!!
وكيف يكون العيد عيداً وحكام العرب مازالوا جالسين علي كراسي الحكم بالوراثة والدياثة والتعريص والفساد والظلم وإغتصاب الحكم والسلطة والإستبداد ؟!!
هل العيد يكون عيداً في ظل سلطات الفساد ؟!!
هل العيد يكون عيداً في ظل قتل الحريات العامة والشخصية ؟!!
هل يكون العيد عيداً في ظلال أوطان مباعة وأوطان مرهونة للأعداء ؟!!
فمتي يكون العيد عيداً للمواطنين والأوطان ؟!!
أترك الإجابة لمن يريد أن يكون العيد عيداً حتي يلقي مصيره في السجون والمعتقلات ؟!!
ومع ذلك مرحباً بقضاء العيد داخل السجون والمعتقلات ؟!!
والمهم لن يكون العيد عيداً إلا حين رحيل سلطات الفساد !!

#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل