أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - ليلة الحب القديمة














المزيد.....

ليلة الحب القديمة


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 7593 - 2023 / 4 / 26 - 16:35
المحور: الادب والفن
    


اعتاد العجوز حسن على دق باب جاره العجوز اسمعيل في تمام الساعة السابعة من صباح كل يوم كي يخرجا للتمشي ساعة معاً على طول رصيف الطريق الساحلي للبلدة، ومن ثم العودة لتناول طعام الفطور وشرب الشاي في مطعم كباب بربر القريب، ومن بعدها العودة، كلٌ الى داره لأخذ قيلولة الصباح.
عندما طرق حسن دار بيت اسمعيل في صبيحة ذلك اليوم، لم يجد جاره متهيئاً للخروج اليه بملابسه الرياضية كعهده به كل صباح. طالعته عند باب الدار الخدود الحمراء والعيون الواسعة للوجه الطفولي الباسم لنورس – حفيدة اسمعيل، لتقول له:
- عمو، عمو: جَدَّي اسمعيل تعبان! انه لم ينم ليلة البارحة.
- صحيح؟
- والله، عمو؛ لقد امضى الليلة كلها يتمشى في الطارمة وهو يشعل السيكارة من أختها. لم أره بمثل هذا الحال حتى عندما توفيت جَدَّتي قبل عامين!
- اذهبي، يا وردة، فقولي له أن صديقك حسن قد جاء لزيارتك كي–
لم ينه حسن جملته تلك حتى طالعته العينان الزرقاوان المتراقصتان لصديقه العجوز اسمعيل وهو بكامل لباسه الرياضي.
- صباح الخير، حسون. ها قد جئتك بكامل قواي العسكرية. هيا لنبدأ مشوارنا الصباحي!
رمقت نورس جدها بنظرة عتاب، وهي تنسحب مخذولة لداخل البيت.
- صباح الأنوار، يا أبا العزم. سمعت أنك لم تنم ليلة البارحة.
- صحيح! لقد حلمت في قيلولة صباح البارحة بأنني قد مت، وتم حشري كالجرذان في غياهب القبر، فاستيقظت من نومي مرعوباً وقد أغرقني العَرَق، ولم تغمض عيناي إلى الآن! ياااه؛ لا يوجد أحقر من الموت!
- عمرك طويل! هل يعجبك أن نرتاح قليلاً، فنتناول طعام الفطور، قبل المضي بمشوار المشي ؟
- فكرة ممتازة! هيا لمطعم بربر .

في المطعم، لاحظ حسن أن صديقه اسمعيل الجالس قبالته وقد سمَّر عينيه كالتمثال محدقا بالمائدة التي أمامه. التفت حسن للوراء ليرى امرأة عجوز بخدين متهدلين وشعر فضي طويل وهي تبادل اسمعيلاً نفس التحديق، فيما راح الكباب أمامهما يفقد حرارته اللذيذة.
فجأة، قام كلاهما معا، وتوجها للقاء، فتقابلا جنب كرسي حسن.
- هل أنتِ ... – سألها اسمعيل
- نعم، هي أنا!
- وَقَد يَجمَعِ اللَهُ الشَتيتَينِ-
- بعدما يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَلّا تَلاقِيا!
- تفضلي شرفينا بالجلوس على مائدتنا لطفاً. هذا صديق العمر السيد حسن، وهذه فقيدة الحب: الست سلوى!
قام لها حسن من كرسيه وهو يقول: - شرفتينا، سيدتي الفاضلة.
- أنتما الشرف، سيد حسن .
- تستريحي سيدتي هنا معنا، لطفاً؛ وسأتولى أنا نقل صحون مائدتك إليك.
- وهو كذلك.
جلست العجوز قبالة حسن، فيما تولى اسمعيل نقل صحون الطعام من مائدتها الى مائدتهم، وجلس الى جنبها. ثم أمسك بالشوكة والسكين، وقطع لقمة من الكباب ورفعها بالشوكة لفمها قائلا:
- لا يجوز أن تتعبي يديك الجميلتين بالأكل. هذا واجب الحبيب.
- كلك أصول. أراك لم تنسني؟
- معك كانت ليلة حبي الأولى والأخيرة!
- لم تدعني أغفوا ليلتها، ولو للحظة واحدة؛ وملأت جسمي الأبيض الناعم بالرضوض من كل الالوان!
- وها أنا أؤاكلك الآن مثل صباح تلك الليلة قيل ستين سنة. ما زلت آية بالجمال!
- وما زالت عيناك الزرقاوان تتراقصان!
لاحظ حسن أن أسمعيلاً قد أطعم المرأة العجوز كل كباب فطورها مع كباب فطوره، فأمر لهما بصحني كباب إضافيين، ثم قام من مكانه وهو يقول :
- أرجوا سماحكما، لطفاً. عليَّ المغادرة الآن كي أبدأ مشواري بالمشي الصباحي. تحياتي لك، سيدتي الفاضلة؛ وإلى اللقاء، سيد اسمعيل الورد.
- اعتذر منك، لكن للضرورة أحكام مثلما تعرف، صديقي الغالي.
- ألتقيكما فيما بعد. الحساب واصل!
- وهو كذلك! جزيل الشكر.

بعد إمضائه ساعة المشي، شاهد حسن وهو في طريق عودته للدار صديقه اسمعيلاً وزنده يلتف حول زند العجوز سلوى، وهما يمشيان ضاحكين معاً للخلف.
- صباح الخير مرة أخرى أيها الطيران الجميلان! مالي أراكما تمشيان معا للوراء؟
رد عليه حسن:- كي نعيد الزمن للوراء، فنعيش ليلة الحب القديمة كل يوم من جديد!



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلطنة العفاريت ناكر ونكّار ومنكور
- عصابة الحتار نبي دين السنطه لﮔو
- الموازنة العامة لثلاث سنوات خرق للدستور وتخبط كارثي
- وداعا سيدة الابتسامة العذراء: ابتسام عبدالله
- الطريق إلى انعدام الحرية الرقمية: ثلاث حقائق مؤلمة عن وسائل ...
- من حكايات الغابة القديمة
- المبادئ العليا لحزب البعث
- أمراض الليبرالية القاتلة
- لماذا الاشتراكية هي الدواء للتخلف العربي، والرأسمالية تعني ح ...
- لماذا الاشتراكية هي الدواء للتخلف العربي، والرأسمالية تعني ح ...
- لماذا الاشتراكية هي الدواء للتخلف العربي، والرأسمالية تعني ح ...
- لماذا الاشتراكية هي الدواء للتخلف العربي، والرأسمالية تعني ح ...
- لماذا الاشتراكية هي الدواء للتخلف العربي، والرأسمالية تعني ح ...
- لماذا الاشتراكية هي الدواء للتخلف العربي، والرأسمالية تعني ح ...
- لماذا الاشتراكية هي الدواء للتخلف العربي، والرأسمالية تعني ح ...
- لماذا الاشتراكية هي الدواء للتخلف العربي، والرأسمالية تعني ح ...
- لماذا الاشتراكية هي الدواء للتخلف العربي، والرأسمالية تعني ح ...
- في وداع سيد الشعراء العرب مُظفّر النوَّاب، قصيدة: -صُرّةُ ال ...
- في وداع سيد الشعراء العرب مُظفّر النوَّاب، قصيدة: -صُرّةُ ال ...
- في وداع سيد الشعراء العرب مُظفّر النوَّاب، قصيدة: -صُرّةُ ال ...


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - ليلة الحب القديمة