أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تيسير خالد - عيد الفصح اليهودي .... وقصة الخروج من مصر الفرعونية بقلم : تيسير خالد















المزيد.....

عيد الفصح اليهودي .... وقصة الخروج من مصر الفرعونية بقلم : تيسير خالد


تيسير خالد

الحوار المتمدن-العدد: 7576 - 2023 / 4 / 9 - 13:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لست عالم تاريخ او عالم آثار وبالتأكيد لست عالم لاهوت ، فأنا رجل علماني ، احترم جميع الأديان ، اليهودية والمسيحية والاسلام وحتى ديانة زرادشت ، غير المعروفة للكثيرين والتي تقوم على أعمدة ثلاثة ، الأفكار الطيبة والنوايا الطيبة والأفعال الطيبة وتعطي لكل انسان حق الاختيار بين الخير والشر . وقد كنت على الدوام اتردد في الدخول الى حقل الغام المعتقدات الدينية في التوراة وغيرها ، لا لشيء سوى انني اعتقد بأن كتابة التاريخ استنادا لمعتقدات دينية عملية شائكة وأن الانسب هو عدم اسقاط هذه المعتقدات على التاريخ والتعامل معها كمسلمات دون مراعاة حرية الفكر والتفكير والاختيار دون إكراه .
ما يدفعني لمغادرة الدخول في حقل الألغام هذا هو ما يحدث في بلادنا في ضوء صعود الصهيونية الدينية في دولة الاحتلال الاسرائيلي ووصولها الى سدة الحكم وإصرار قياداتها على إسقاط الأساطير على التاريخ وما يترتب على ذلك من تحويل الصراع السياسي الى صراع ديني بل الى حرب دينية . فالصهيونية في بداياتها كانت حركة علمانية ولكنها استعانت بالدين كأداة من أدوات النهوض بمشروعها الاستعماري ، خاصة بعد ان غاب مشروع اوغندا الافريقية عن جدول أعمال مؤتمراتها بعد العام 1903 ، وهو المشروع الذي اقترحه في حينه وزير المستعمرات البريطاني جوزيف تشامبرلين على ثيودور هيرتسل لتكون أوغندا وطنا قوميا لليهود .
من هذه المعتقدات الدينية قصة الخروج . فالأساطير في سفر الخروج تروي أن موسى خرج من مصر الفرعونية على رأس عدد كبير من القبائل الاسرائيلية بلغ ستمائة الف رجل عدا عن النساء والاطفال . هذا يعني ان العدد الاجمالي يتجاوز المليونين في أقل تقدير . وتربط تلك الأساطير بين ذلك الحدث وبين خروج بني اسرائيل من نير العبودية الى رحاب الحرية وتشتق من ذلك عيدا البسته عباءة الدين يسمى عيد الفصح اليهودي .
مثل هذا العدد الكبير تاه في صحراء سيناء اربعين عاما الى ان حط رحاله على تخوم بلاد كنعان . هنا تجدر الاشارة بأن العلماء المعنيين والباحثين في شؤون العيش في الصحراء يرون في ذلك العدد الكثير من المبالغة . وذهب الكثير منهم الى ان قبيلة تتألف فقط من خمسة الاف عائلة تشكل اثناء السير خطا عرضه 20 كيلومترا وعمقه اكثر من ثلاثة كيلومترات ويؤكدون بأنه كلما اتسعت جبهة المسير واقتربت من المليونين أو اكثر ، كلما اصبحت امكانية العثور على المراعي والمياه مستحيلة ، فضلا عن ان فرص توفير الامن لذلك العدد تصبح منعدمة ، فواحات شبه جزيرة سيناء يستحيل ان توفر لذلك العدد فرص عيش ، كما ان الاعتماد على المن والسلوى في توفير متطلبات عيش في الصحراء ضرب من ضروب الخيال ، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن للمن موسم وللسلوى ، التي كانت تعبر من افريقيا في طريها الى الشمال موسم كذلك . اما عبور هذا العدد قل ام كثر ، نهر الاردن بعد اربعين عاما من التيه وإقامة معسكر له على ابواب اريحا فمسألة بعيدة عن الواقع ، وهي محض خيال كذلك .
قصة الخروج من مصر الفرعونية أمر مشكوك به ، وسوف نأتي على ذلك لاحقا بشهادات من علماء تاريخ وعلماء آثار اسرائيليين معاصرين . أما قصة غزو يوشع بن نون لبلاد كنعان واحتلاله لمدينة اريحا بعد انهيار أسوارها تحت ضغط أبواق جيشه ، فلها وجهان كل منهما يثير الاستهجان ويدعو للرثاء . فمدينة اريحا لم يكن لها وفق علماء التاريخ وعلماء الآثار أسوار ، فقد كانت هي وغيرها من مدن كنعان في حينه محمية مصرية لا حاجة لها بالأسوار . أما قصة احتلالها وما رافق ذلك من إبادة جماعية لسكانها لم تنج منه سوى الزانية راحاب فهي غير مشرفة ، تماما كما هي قصة احتلال مدينة عاي الكنعانية ، حيث أباد جيش بن نون فيها الرجال والنساء والأطفال وحتى الحيوانات . الإبادة الجماعية في اريحا وفي عاي ، أمر غير مشرف بل هو مخجل وقد تبرأ منه المؤرخ الاسرائيلي في جامعة تل أبيب شلومو زاند في كتابه " اختراع الشعب اليهودي " ، حيث يقول " إن احتلال بلاد كنعان وإبادة سكانها حسب سفر يوشع بن نون ، والتي ترتقي الى مرتبة أول مجزرة في تاريخ البشرية، لم تقع أساساً وهي إحدى الأساطير التي دحضتها الأركيولوجيا كلياً "
وعودة الى سفر الخروج ، فإن الكثيرين من علماء التاريخ والأثار ، ينفون قصة الخروج من أساسها . سوف نتجاوز هنا ما جاء في دراسات وأبحاث علماء تاريخ وآثار اوروبيين وأميركيين ونكتفي بما يقوله علماء اسرائيليين معاصرين . هنا يجدر التنويه أن خلافا جوهريا يدور في إسرائيل على هذا الصعيد بين مدرستين : الأولى تقرأ التوراة وتجري حفريات من أجل إثبات صحة أساطيرها ، والثانية تجري حفريات، وبعدها تعود إلى التوراة لتنقض تلك الأساطير . البروفيسور زئيف هيرتسوغ من جامعة تل أبيب ومثله البروفيسور اسرائيل فينكلشتاين من نفس الجامعة يؤكدان أن الحفريات الأثرية تنفي قصة الخروج من مصر بقيادة موسى. فهذه القصة، التي يفترض أنها حدثت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ليست موجودة على الاطلاق في المخطوطات المصرية القديمة، وفي مقدمتها مخطوطات تل العمارنة المصرية، كما يؤكدان أن حركة كالتي تصفها التوراة، تجمع حشد كبير وخروجه من مصر وعبوره البحر الأحمر إلى سيناء، لو حدثت لما تجاهلتها المخطوطات التي تم تدوينها آنذاك ، فليس في تاريخ مصر الفرعونية ما يشير الى مجرد وجود لبني إسرائيل القدماء في مصر الفرعونية ، فلا وجود لأي رمز، ولا أي كلمة، لا في المخطوطات ولا على جدران المعابد ولا في الكتابات على القبور ولا على ورق البردى شيء من هذا كعدو محتمل لمصر، أو كصديق أو كشعب مستعبد. ولا يوجد في مصر أية موجودات بالإمكان ربطها مع مجموعة إتنية أجنبية ومختلفة سكنت في أرض جاسان أو الدلتا الشرقية في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، كالتي تظهر في القصة التوراتية حول بني إسرائيل .
هل يعني ذلك مسا بالديانة والمعتقدات اليهودية . بالقطع لا ، فهذه الديانة موجودة , وهي ديانة لم تكن بلاد كنعان أو فلسطين موطنها الأصلي أو نقطة انطلاقها وانتشارها . وعلى كل حال فإن الديانات كما نعرف عابرة للحدود وليس من الحكمة توطينها ، وهي لم تكن في البداية ديانة توحيدية ، فالتوراة وأسفارها كما يؤكد العلماء كتبت بعد مئات السنين من موسى وبن نون . حتى التلمود لم تكن بلاد كنعان موطنه الأصلي ، صحيح أن هناك تلمود فلسطين او تلمود اورشليم ، وهو في غاية التواضع لأن التلمود الجامع الشامل المانع كتب في بابل في بلاد ما بين النهرين ، ما يعني ان توطين الديانات مسألة عقيمة وعديمة الجدوى . فضلا عن ذلك فإن " يهوه " لم يكن الإله الوحيد للقبائل الاسرائيلية ، فقد عبدت تلك القبائل التي استوطنت أرض كنعان وسط بحر من الشعوب الكنعانية ، آلهة بلاد كنعان . يهوه كان اقرب الى اله الكنعانيين إيل ، إله صارم شديد العقاب سريع الغضب ، خلافا للإله بعل إله الكنعانيين كذلك ، إله الخصب والمطر ، الذي كانت له قيامته في مثل هذه الأيام حيث تتجدد الحياة وما يصاحبها من طقوس احتفالية ، وكانت له مكانته كذلك عند تلك القبائل لمئات السنين . غير ان الاعتراف بوجود الديانة وطقوسها لا يعني التسليم بها كمرجعية تاريخية او مرجعية للتاريخ ، وهو ما حاولت الصهيونية بشكل عام وتحاول الصهيونية الدينية هذه الأيام بشكل خاص فرضه كأمر غير قابل للفحص . إسقاط الدين بأساطيره على الحياة العامة والتاريخ ، كما يجري في دولة الاحتلال الاسرائيلي هذه الأيام تحديدا له تداعيات خطيرة ، فهو يفتح أبواب جهنم وما اكثرها . وخيرا يفعل ابناء الطائفة السامرية في هذه البلاد وهم يحتفلون بعيد فصحهم ويقدمون قرابينهم على جبل جرزيم ويغلقون بذلك أحد أبواب جهنم .



#تيسير_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بن غفير في طريقه لبناء ميليشيا مسلحة من بيئته الخاصة ومحيطه ...
- باقون كصخرة - سيزيف - على صدوركم في هذه الارض المباركة
- اتفاق بيجين بين الرياض وطهران يعزز الأمن والاستقرار في المنط ...
- في يوم المرأة العالمي مكانة المرأة الفلسطينية في واقعنا الرا ...
- محو بلدة حوارة من الوجود في تراث أساطير سموتريتش وبن غفير
- سياسة كي الوعي الاسرائيلية هي الوجه الآخر لسياسة النازيين - ...
- المقدسيون يقدمون نماذج متطورة من المقاومة الشعبية للاحتلال ب ...
- حكم العسكر في السودان يرتمي في أحضان - الاتفاقيات الإبراهيمي ...
- موقع الاحتلال والاستيطان في برنامج المعارضة الصهيونية لحكومة ...
- في حوار مع وسائل الاعلام تيسير خالد : يدعو الى مراجعة سياسية ...
- وكالة الصحافة الوطنية : في حوار مع القيادي الفلسطيني تيسير خ ...
- ياسر عرفات كان على حق
- من جيش الشعب الى جيش الرب ..تحولات في مسار صعود الفاشية
- بنيامين نتنياهو ، ميكافيلي من الطراز الوضيع
- دولة الاحتلال تبني من خلال الاستيطان نظام فصل عنصري في الضفة ...
- لبيد ليس بن غفير ، ولكنه شبه فاشي بالتأكيد بقلم : تيسير خالد
- حكومة نتنياهو والانقلاب الجديد في منظومة الحكم في اسرائيل بق ...
- هرتسوغ أصاب في التعبير عن قلقه وأخفق في تقديم النصائح
- صعود الفاشية في اسرائيل تضع الفلسطينيين أمام تحديات مصيرية
- عملية - كاسر الأمواج - الاسرائيلية ترفع مستوى الغضب واللهب ف ...


المزيد.....




- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تيسير خالد - عيد الفصح اليهودي .... وقصة الخروج من مصر الفرعونية بقلم : تيسير خالد