|
هرتسوغ أصاب في التعبير عن قلقه وأخفق في تقديم النصائح
تيسير خالد
الحوار المتمدن-العدد: 7431 - 2022 / 11 / 13 - 12:55
المحور:
القضية الفلسطينية
تناقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية في الايام الماضية أن الرئيس الاسرائيلي اسحق هرتسوغ وجه وفق بعض التسريبات تحذيرًا لعدد من أعضاء حزب " شاس " الذين التقى بهم في المشاورات التي أجراها حول رئيس الوزراء الاسرائيلي القادم من " حليف لهم يثير قلق العالم " في إشارة إلى ايتامار بن غفير الشخصية السياسية اليمينية وحليفه في " الصهيونية الدينية " بتسلئيل سموتريتش على خلفية مواقفهما من العرب والقضية الفلسطينية والاستيطان وأنه شدد على مستمعيه ألا يفشوا كلامه فهو ليس للنشر . واضح ان هرتسوغ اراد ان تصل رسالته الى بن غفير وسموتريتش عبر حركة " شاس " ، التي احتلت موقعا متقدما في انتخابات الكنيست الاسرائيلي ، التي جرت في الأول من نوفمبر الجاري ، مع أنه في نفس جلسة المشاورات أشار الى أنه تحدث عن بواعث قلقه وقلق العالم من المواقف المتطرفة ، التي اعتمدها بن غفير رافعة في دعايته الانتخابية ، ولم ينس الرئيس الاسرائيلي وفق تعليق مكتبه على تلك التسريبات الاشارة الى الوضع المتفجر في الحرم القدسي الشريف او وفق التعبيرات الاسرائيلية في " جبل الهيكل " وبأنه نصح بن غفير في حوار صريح وصادق إعادة النظر في مواقفه . وفي الواقع ان الرئيس الاسرائيلي قال نصف الحقيقة ، أي أنه عبر عن قلقه وقلق العالم من الشركاء المزعجين في الحكومة التي قرر تكليف بنيامين نتنياهو بتشكيلها وفق ما هو متعارف عليه في دولة اسرائيل بعد كل انتخابات للكنيست الاسرائيلي ، فقد عبر عن القلق وهو قلق ينتاب قطاعا هاما من الرأي العام الاسرائيلي ، بل وينتاب الادارة الأميركية وكثير من قادة الدول التي ترى في اسرائيل انعكاسا لصورتها ومصالحها ، كما هو الحال في الدول الغربية . النصف الآخر ، الذي لم تفصح عنه التسريبات هي النصائح ، التي جاد بها على كل من ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ، فالموت للعرب ، وليس الموقف من العرب يثير قلق الرأي العام في ارجاء المعمورة ، لأنه صنو شعارات النازية ، التي مهدت الطريق لجرائم الهولوكوست ، التي ارتكبها أدولف هتلر بحق اليهود في الحرب العالمية الثانية . لماذا التماهي مع النازية بهذه الفظاظة والوقاحة ، أليس من الانسب أن يحول بن غفير وغيره من الفاشيين في اسرائيل ، وهم كثر وترعاهم الدولة ، شعار الموت للعرب بشعار الموت للإرهابيين . هيرتسوغ يعرض على بن غفير وسموتريتش مساومة تخفف من حدة القلق ، وهي مساومة لها امتداد في الوعي اليهودي وفي المواقف التاريخية القديمة من المسيحيين والمسيحية على سبيل المثال لا الحصر . ففي بداياتها ، وعندما كانت المسيحية تشق طريقها بصعوبة كانت لعنة ( الهالاكاه – التشريعات اليهودية ) تطارد المسيحيين . " رب لا تجعل للمرتدين رجاء ، ولتمحق المسيحيين في الحال " وقد استمرت تلك اللعنة الى أن وجدت حلولها لاحقا مع الكنيسة الكاثوليكية بمساومات على تنقيح اللعنة لتصبح " رب لا تجعل للمرتدين رجاء ولتمحق المهرطقين في الحال " ولترسو في نهاية المطاف على " رب لا تجعل للوشاة رجاء ولتمحق المهرطقين في الحال " . وهكذا يجب ان تكون عليه الحال في العلاقة مع العرب ، الموت للعرب يثير القلق ، أما الموت للإرهابيين فمسألة مختلفة وقابلة للنقاش . هذه النصيحة تأتي على أرضية انتهازية ، هي مساومة كغيرها من المساومات ، التي سرعان ما تعود من جديد لتحتل مساحة من وعي حاملها ، لأنها عبثا تحاول ترميم ايدولوجية قائمة على أساطير ( الهالاكاة – التشريعات اليهودية ) التي يؤمن بن غقير وغيره من الفاشيين في اسرائيل أنها مسألة ربانية عاشت وتواصلت مع الماضي البعيد والحاضر القريب . كيف لا وتلك الاساطير تدعو الى قطع نسل الكنعانيين ونسل العماليق . " أفضل غير اليهود اقتلوه وأفضل الأفاعي هشموا رأسها " هذه هي أيدولوجية كل من بن غفير وسموتريتش ، التي ورثوها عن أساطيرهم .
نصائح الرئيس الاسرائيلي غير ذي صلة ولا تعالج تلك الايدولوجية ( الهالاكية ) المتأصلة في وعي رموز الفاشية الصاعدة في اسرائيل وفي قواعدها . وعلى كل حال فإن اسرائيل العلمانية انتهت أو هي في طريقها الى السقوط . ذلك لا يعني أن تاريخ اسرائيل العلمانية كان تاريخا مسالما ، على العكس من ذلك فقد كان ملطخا بدماء الفلسطينيين ، فقد بدأت بالمجازر وبهدم اكثر من 500 قرية وبلدة فلسطينية في حرب التطهير العرقي عام 1948 . وعندما تكون اسرائيل العلمانية في طريقها الى السقوط أمام زحف " الصهيونية الدينية " بلباسها الفاشي فإن المستقبل يبدو مظلما ، مستقبل الدولة . أما بالنسبة لأحفاد الكنعانيين وأحفاد العماليق في فلسطين من بحرها الى نهرها ، فإن حرب تطهير عرقي ثانية ، يحلم بها بن غفير وسموتريتس ، لن يكون لها مكان في عالم اليوم ، الذي يتعاظم قلقه من تفشي العنصرية النازية في دولة الاحتلال . وبصرف النظر عن نصائح هيرتسوغ ، فقد أصبح نتنياهو الآن في قبضة " الصهيونية الدينية " والاحزاب الحريدية التي احتلت من المقاعد في انتخابات الكنيست الخامس والعشرين عددا يفوق عدد مقاعد الليكود ، وزعيم حزب “ الصهيونية الدينية ”، بتسلئيل سموتريتش ، لا يكتفي بمواقفه العنصرية المعادية للعرب ، بل يدعو بشكل صريح لتحويل إسرائيل الى " دولة هالاكاه " ، أي دولة تحكمها الشريعة اليهودية ومثله يفعل كذلك ايتمار بن غفير . وبالنسبة للأحزاب الحريدية فلا مشكلة لها مع دولة تحكمها الشريعة الدينية ، فضلا عن أولوياتها في تخصيص المزيد من الأموال للرجال الذين يدرسون في المعاهد الدينية، وإلغاء متطلبات العمل من أجل الحصول على مخصصات لرعاية الأطفال وغير ذلك من المطالب . في ما مضى لم تكن هناك من قبل حكومة ليكود- حريديم لا تضم قوة علمانية كحزب يسرائيل بيتنا، أو كولانو، أو أزرق أبيض أو العمل – كان هناك دائما طرف عمل على إضفاء التوازن على ادارة شؤون الدولة . الآن لا يوجد هناك طرف كهذا . وقد وصلت الامور في هذه الدولة حدا من السخف أن يصبح الليكود هو الحزب المعتدل في الحكومة . أخيرا لست في وضع يسمح لي بتقديم نصيحة لرئيس دولة معادية ، ومع ذلك كان الاجدر بالرئيس الاسرائيلي أن يوجه خطابه ونصائحه مباشرة الى بنيامين نتنياهو بأن غرسه قد أعطى ثمارا مرة وكشف اسرائيل على حقيقتها وأماط اللثام عن مستقبل مظلم ينتظرها . أما نصائح المساومة فهي تسويق من الباطن لنبت شيطاني ولباطل بات الكثير من قادة اسرائيل غير مؤهلين لوقف زحفه على مؤسسات دولتهم ، طالما هم يحجمون عن مجابهة الماضي والتخلص من استبداده ، لأن التجربة في جولات انتخابات متكررة على امتداد العامين الماضيين أثبتت أنهم فعلا قادة بهامات في مستوى العشب .
#تيسير_خالد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صعود الفاشية في اسرائيل تضع الفلسطينيين أمام تحديات مصيرية
-
عملية - كاسر الأمواج - الاسرائيلية ترفع مستوى الغضب واللهب ف
...
-
في اسرائيل يتجاهلون السمة الشيطانية للعلاقة مع اليمين المتطر
...
-
صبرا وشاتيلا ومسؤولية اسرائيل والولايات المتحدة عن الجريمة
...
-
نعم .... هناك أمل وهناك ضوء في نهاية النفق
-
خواطر في أوجه الشبه بين يورغ هايدر وكل من بن غفير وسموتريتش
-
معاداة السامية ، صنم عبادة قادة اسرائيل والحركة الصهيونية
-
قراءة في واقع النظام السياسي الفلسطيني في ظل الانقسام
-
لو كنت في موقع المفاوض الفلسطيني في القمة الاقتصادية المرتقب
...
-
الاستيطان الاستعماري يؤسس لبناء نظام التمييز العنصري الاسرائ
...
-
الانتخابات القادمة تبشر بصعود القوى الفاشية في اسرائيل
-
حرب هجينة في اوكرانيا تقودها الولايات المتحدة لضمان هيمنتها
...
-
لا أمل في هذا الرجل ...فقد هبط على المحكمة بمظلة صهيو – أمير
...
-
للنكبة روايتان : الأولى تاريخية تعكس الحقيقة والثانية محض أك
...
-
روسيا ليست جمهورية موز ، اقتصادها متين وآلتها الحرية مدمرة
-
أوضاع الطبقة العاملة الفلسطينية تزداد تدهورا واقتصادنا الوطن
...
-
الحرب المدمرة في اوكرانيا تفتح شهية احتكارات انتاج الاسلحة
-
نظام دولي جديد يتشكل من البوابة الاوكرانية ، لا توقفه سياسة
...
-
في الثامن من آذار / يوم المرأة العالمي مكانة المرأة الفلسطين
...
-
اسرائيل ما زالت ترفض الكشف عن الوثائق السرية لمجزرة صبرا وشا
...
المزيد.....
-
جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس
...
-
العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ
...
-
إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع
...
-
شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
-
هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
-
الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل
...
-
لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق
...
-
ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
-
فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم
...
-
قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش
...
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|