أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الكريم البليخ - سوريا .. شعب طريد!














المزيد.....

سوريا .. شعب طريد!


عبد الكريم البليخ

الحوار المتمدن-العدد: 7571 - 2023 / 4 / 4 - 18:52
المحور: الصحافة والاعلام
    


في مثل هذه الأيام، قبل أحد عشر عاماً انطلقت شرارة الثورة السورية، احتجاجاً على اعتقال قوات الأمن 18 طالباً في 27 فبراير/ شباط 2011 من مدرسة "الأربعين" الابتدائية في مدينة درعا على خلفية كتابتهم على سور المدرسة عبارات تسيء إلى النظام، وعلى ضوئها اعتقلت الأجهزة الأمنية الأطفال وتعذيبهم واقتلعت أظافر بعضهم. ولم تفلح كل الوساطات للطلاب للإفراج عنهم، ومن هنا انطلقت شرارة الثورة في الثامن عشر من شهر آذار لعام 2011.
وبحسبة بسيطة نقرأ اليوم أنَّ أعداد اللاجئين السوريين حسب المفوض السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: 6.7 مليون سوري تحولوا إلى لاجئين، حيث تستضيف تركيا وحدها 3.6 مليون منهم.
وخلال السنوات العشر الماضية شهدت سوريا تدهور اقتصادي كبير، حيث انحدرت الليرة السورية إلى أدنى مستوى لها وبلغت نحو 7500 آلاف ليرة مقابل الدولار، قياساً إلى 50 ليرة مقابل الدولار في بداية الأزمة. وتزامن ذلك مع أزمات حادّة في الوقود والخبز كان أكبرها خلال الأشهر الماضية، حيث بات المواطن السوري في مناطق سيطرة النظام عاجزاً عن تأمين احتياجاته الأساسية.
وقد واجهت آلة الدمار والخراب، أغلب المدن السورية التي عانت بمواجهتها المصير المجهول بكل صفاقة وحقد أعمى.
وظلّت المدن السورية لفترة مُبعدة من الزمن، يعيشُ أهلها في أمان واستقرار وتواصل وتوادّد وتعاطف، بعيداً عن الحرمان والعطش الذي أصاب أهلها في مقتل في ما بعد، ناهيك بانقطاع التيار الكهربائي المستمر، حتى وصل إلى ساعات طويلة خانقة، ولحقها أيام في ظل شتاء قاسٍ، ناهيك بقطع الاتصالات الجوالة، وإيقاف كل ما يتعلّق بشبكات التواصل الاجتماعي، وتراخيص المحال القائمة المشروطة، بقوالب خشبية قاسية، وهي آخر حلم كان يربطهم بأبنائهم المهجّرين الذين فرّوا من فزعهم وإرهابهم، ومعاملتهم القاسية، وفرض الاشتراطات العقيمة، التي إن دلت على شيء فإنما تدل على الحيّز الضيّق الذي يفكرون به، والمنطق غير العادي الذي يتحلّون، والجهل الأعمى الذي يعيشونه ويتشبثون فيه، وهم فوق ذلك حاولوا إلصاقهم بالبقاء بمدنهم، مغلقين أمام أبنائها كل الطرق المؤدية إلى الهرب، مجبَرين بالبقاء على الرغم من الفقر المدقع الذي حلّ بهم، والبطالة، والحاجة إلى المادة والكثير من متطلبات الحياة العامة. إنهم صاروا مقيّدون برغباتهم التي لم يعد أبناءها قادرين على تحمّلها أياً كان من رجالها الذين هم أكبر من كل التحديات، فكيف بالشباب، الذي فوجئ بكل هذه الصور المؤسية البغيضة التي أخرجتهم من غفوتهم، ما اضطرهم الواقع إلى الهرب لاجئين إلى أي طريق يمكن أن يحتضنهم، مهما كانت وحشته وصعوبته، ودفع الغالي والنفيس في الوصول إليه.
إن فقدان النظام السوري لأهم المناطق المنتجة للغلال الزراعية والنفط، وتوقف معظم الإنتاج الصناعي، وحركة المعابر البرية والمرافئ البحرية وقطاع النقل، ضاقت إيرادات النظام كثيراً، وفاقم الأمر العقوبات الدولية المفروضة عليه، فراح يبحث عن بدائل، مفسحاً المجال أمام جميع المليشيات والوحدات العسكرية لتأمين موارد ذاتية لحساب القادة والمتنفذين بعد تراجع قيمة الرواتب أمام غلاء المعيشة. وقد انتعش اقتصاد الظل عبر جملة من الممارسات منها ابتزاز المطلوبين للنظام والتي أصبحت تجارة واسعة بعد أن يتمّ إيهام الأشخاص أنهم مطلوبون لجهات أمنية، فيضطرون لدفع أيّ مبلغ مقابل تسوية أوضاعهم أو تهريبهم للخارج، وهذه أمور قد تبدو ثانوية في اقتصاد الدولة، ولكنها مهمة جداً في الوضع السوري الحالي، حيث تساعد النظام على جعل الحركة المعيشية تجري بشكل قابل للحياة وتمنع أي تمرد محتمل من الموالين، وتخفّف على النظام الكثير من الأعباء. فضلاً عن أن النظام بات يغض الطرف عن الرشى التي أصبحت ملح البلاد، ولم يَعد الموظف يخجل من طلبها أو يخشاها، حتى أنّه باتَ يفرضها على المواطن الذي تعّود على دفعها ولا يرى في ذلك حرجاً، مع إدراكه أنّه غير قادر على إنهاء أية معاملة حكومية إذا لم يدفع المعلوم كما يُسمونها، أيّ أنّها رشوة معلومة وغير مخفية. إضافة لذلك أنَّ أملاك المهجّرين باتت مورداً مهماً لسلطات الأمر الواقع، حيث كثير من القرى التي هَجَرها أهلها، يجري استثمار أراضيها الزراعية عن طريق القيادة الأمنية في المنطقة، ويمنع على أصحابها إن كانوا ما زالوا في سورية دخولها.
ورغم تلك اللعنة التي حلت بسوريا من قبل طغمة حاقدة لا هدف لها سوى ابتزاز المواطن والعمل على تركيعه وإذلاله، يظل ابن سوريا يتميز بكثير من الصفات، فهو الإنسان البسيط، المتواضع، الطيّب في مقامه وفي ترحاله، واللطيف في معشره، الكريم في بيته، الرحيم في خلقه، الشهم في إقدامه، والمتشبّث بأصالته.
إنَّ سوريا وتاريخها، وما تحفظه كنوزها الأثرية من روائع خالدة، ستظل شامخة، راسخة في جذور أرضها الطيبة المعطاء.
فأبناء سوريا وأهلها لم يحملا يوماً ضغينة، أو حقداً على أحد، بل كانا دائماً محبين للخير والوفاء، والعطاء لكل من يمد لهما يده!
فالإصابة التي تعرض لها ابن سوريا كانت قاصمة. حطّمت الأفئدة، وأدمعت العيون، ما اضطر ابنها إلى أن استل خنجراً وعصاً وبارودة، وأراد، على الأقل، أن يحمي نفسه من هذا البركان الهائج، الذي بدت حِممه تنذر بالمزيد من الدمار واللوعة والمعاناة التشرد والفقر!



#عبد_الكريم_البليخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوريون.. بين فاجعة الزَّلزال ونهب المساعدات الإنسانية
- في سوريا.. المال أهم من شفاء المريض!
- زلزال الموت الذي أدمى القلوب!
- اغتراب قسري!
- متى يعود للشعر عشاقه ومحبوه؟


المزيد.....




- انجرفت وغرق ركابها أمام الناس.. فيديو مرعب يظهر ما حدث لشاحن ...
- رئيس الوزراء المصري يطلق تحذيرات بشأن الوضع في رفح.. ويدين - ...
- مسؤولون يرسمون المستقبل.. كيف ستبدو غزة بعد الحرب؟
- كائن فضائي أم ماذا.. جسم غامض يظهر في سماء 3 محافظات تركية و ...
- هكذا خدعوهنّ.. إجبار نساء أجنبيات على ممارسة الدعارة في إسطن ...
- رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز يقرر البقاء في منصبه
- هجوم إسرائيلي على مصر بعد فيديو طريقة تدمير دبابة -ميركافا- ...
- -حتى إشعار آخر-.. بوركينا فاسو تعلق عمل وسائل إعلام أجنبية
- أبراج غزة.. دمار يتعمده الجيش الإسرائيلي
- مصر.. تحركات بعد الاستيلاء على أموال وزير كويتي سابق


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الكريم البليخ - سوريا .. شعب طريد!