أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الكريم البليخ - في سوريا.. المال أهم من شفاء المريض!















المزيد.....

في سوريا.. المال أهم من شفاء المريض!


عبد الكريم البليخ

الحوار المتمدن-العدد: 7545 - 2023 / 3 / 9 - 15:16
المحور: الصحافة والاعلام
    


هل هناك أطباء جشعون يعيشون اليوم في مجتمعنا؟ وإن وجد أمثال هؤلاء فلماذا لا يسارعون إلى مد يد العون إلى اخوانهم الفقراء ومساعدتهم مادياً.. أو اعفائهم من أجرة المعاينة؟
في الواقع أنَّ جشع الأطباء المريضين مادياً، أثار حَنق الكثير من المرضى في صور بغيضة ومخجلة، في رفع أسعار الكشف الطبي كيفما شاؤوا، وحتى في طريقة معالجتهم لأبسط الحالات التي يعانون منها، وخروجهم نهائياً عن ما يُعرف بقَسم أبقراط، وشعاره الذي ارتبط على أنه، وقبل كل شيء، إنساني مَحض، وهذا وللأسف، غير صحيح، ما يعني أنَّ أغلب الأطباء، إخصائيون وعامّون صاروا يُطالبون المريض بمبالغ فلكية، في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها المواطن في مدينة الرَّقة السورية وفي ريفها من غلاء فاحش ومستشر، وهو بالكاد يحاول تأمين ثمن الدواء، وبطرق شتى!..
إنَّ واقع الحياة المعاشة اليوم على الأرض السورية نتج عنه الكثير من الصور المفجعة مع تزايد عدد الشهداء والمفقودين التي انتزعت من قلوبنا الكثير، وجبلتها بالحزن والعويل وفي مختلف الجبهات، ما يعني أنه يُنبئ عن تزايد الأحزان التي حوّلت سورية الجميلة المبهجة إلى مزيد من الذكريات والأحلام، وعبّرت عنها المرحلة الحالية، وجسّدتها بروح الفريق الواحد، والتي بتنا نعيش أحجياتها يومياً مع معترك جديد وخطر داهم وحوار مسدود، غير قادر على أن يحقّق أي احتقان يمكن معه أن يَحدَ من وطأة المعاناة التي حوّلت سورية، بقراها ومدنها، وجلَّ شعبها الطيّب البسيط إلى ركام من الرماد، لما يَحدث اليوم، على الرغم ما من شأنه أن يَحل ما يحدث على الأرض، وإن ظلّت الحلول هامشية ومقزّمة، ومهما كانت صغيرةً، إلّا أنّه صار من الصعوبة بمكان إيجاد الحلول المناسبة القادرة على حلحلت كل ما من شأنه أن يجد الصيغة التي من شأنها وقف لهيب الحرب الدائرة اليوم على مختلف الأرض السورية، وعلى كافة الجبهات التي بتنا نسمع وفي كل لحظة، عن وقوع ضحايا هنا وقتل ودمار وفقدان وتصفية الشباب والرجال والأطفال والنساء، ومع ازدياد عدد الأرامل، ناهيك بالمشكلات الأخرى التي ألّبت الكثير من الأوجاع، ومن الصعوبة أن تُمحى من ذاكرة الثور السورية وأهلها. ومن أهم المعضلات التي صارت تشكل مأساة حقيقية، ارتفاع أسعار بعض الأدوية الرئيسة بنسبة 50 بالمئة، وفقدانها من السوق المحلية، وإن وجدت، فإنّ أسعارها مرتفعة جداً وغير قادرة أن تلبي الحاجة، والمواطن ليس بمقدوره تأمينها بعد أن كانت متوافرة وبالمجان، في المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية، وفي الصيدليات، وبأسعار رمزية، ما اضطر المواطن، مكرهٌ أخوك لا بطل، اللجوء إلى اقتراض قيمة الدواء من الأقارب والأصدقاء، أو الامتثال للمرض وانتظار رحمة الله، ومنهم من دفع الغالي والنفيس من أجل تأمينه من الدول المجاورة وبصعوبة بالغة!.
الأسئلة التي تراود مخيلة محتاجو الأدوية كثيرة، ويعجزون عن إيجاد المنْفَذ الذي يمكن معه تأمينها، على الرغم من حاجتهم الملحّة لها. وفي هذا الاتجاه يمكن أن نقول: بأن المريض، بالتأكيد بحاجة للدواء، والحاجة اضطرته إلى أن يدفع بكل ما لديه للحصول عليه، وهو بالكاد قادر على أن يسد الرمق، فكيف بإمكانه أن يوفّر المبالغ التي يمكن أن تلبي حاجته لشراء الدواء والعثور عليه! فضلاً، وهذا الأهم جشع الكثير من الأطباء، المريضين مادياً، في صور بغيضة ومخجلة، في رفع أسعار الكشف الطبي للمرضى كيفما شاؤوا، وحتى في معالجتهم لأبسط الحالات التي يعانون منها. ومنها ما استوقفني وأثار فيّ الكثير من الغرابة، وهو أن أحد الأطباء الأخصائيين، ومن أبناء ريف الرَّقة، سبق أن راجعه أحد المرضى متألماً في صباحات أحد الأيام؛ في بيته وطلب من المريض قبل معالجته دفع مبلغ أربعة آلاف ليرة سورية لقاء وخزه أبرة "ديكلون". الغريب أنّ الطبيب له أسمه وسمعته، ناهيك عن أن المريض تربطه صلة قرابة بالطبيب من الدرجة الأولى! !
المشكلة في رأيي ليست في طلب الطبيب المادي والسعي إلى كسب المال بصورة أو أخرى في طلبه، وإنما في الموقف الإنساني المخجل الذي دفع به، وبكل وقاحة، والتجرد من أخلاقه إلى تجاوز هذا اللغز المحيّر، في البحث عن المادة والركض خلفها قبل الكشف على المريض ومعالجته!. هل تجرد الناس من أخلاقهم؟ وهل بهذه الصورة العفنة صارت هذه الفئة من المجتمع تبحث عن المال، وبهذا الأسلوب الماسخ. هكذا وصلت أخلاق أكثر الأطباء في سوريا وللأسف. ما هو الحل؟
طبيعي أن ما نتحدث عنه اليوم، لا يتوقف عند مدينة الرَّقة السورية "ولاية داعش سابقاً"، وإنما يشتمل على كافة المحافظات والمدن السورية التي صار يعاني المريض من ارتفاع تسعيرة الكشف الطبّي، لا سيما أنها بعيدة عن أي رقابة صحية تحاول لجمها وردع الكثير من المخالفات التي ترتكب من قبل الأطباء، بحق المرضى!.
الأمثلة كثيرة ومساحة المقالة لا تتسع لذكر تفاصيلها، ولكن أظن أنَّ الطبيب الإخصائي يعي تماماً ما أعني. الصورة في الواقع مخجلة ومثيرة للجدل.
وفي هذا المقام أقولها، وبكل صدق: لم يكن الهدف في يوم ما الإساءة لأحد.. فالصحافة منبر صادق، وما يقدمه الصحافي للناس الصدق أولاً بغض النظر عن إرضاء زيد أو عمر من الناس . وهي صوت من لا صوت لهم.
وما ذكرته هو عين الحقيقة، ويعرفها كل من سبق له أن حاول الوقوف على معالجة مشكلة صحية ألمّت به لدى هؤلاء الأطباء الماديين!.
لا نذهب بعيداً.. فالصور حيال هذه المسالة لمسها غيري كما لمستها أنا شخصياً، قبل الأزمة، وفي الوقت الحالي استشْرت بصورة مخيفة ومرعبة، فأيّ ضمير وأي مهنية يتشدّق بها أطباؤنا الذين، وللأسف، لا هدف لديهم سوى جمع المال بدلاً من الاهتمام بشفاء المريض!!!.
وإذا ما حاولت أن أضيف أيضاً إلى ما ذكرت، فإنَّ جشع أمثال هؤلاء وغيرهم، والتكسب بطرق طبية، والالتفاف بذريعة معالجتهم صار يعرفه عامّة الناس. ليتق هؤلاء الأطباء واقع أهلنا المزري والفاقة والعوز الذي يعيشون!!
ما يمكن أن نقوله في هذه العُجالة: يجب أن يحافظ الطبيب على مصداقيته أولاً، وعليه أن يعامل المريض كإنسان ما دام أنّه درس الطب لخدمة المرضى وليس من أجل جمع الملايين لقاء معالجتهم، تيمناً بقسم أبقراط.
المعاناة في سوريا تستدعي من الطبيب، أياً كان مجال اختصاصه، أن يعيد حساباته أمام المرضى، الذين يعانون الواقع .
في سوريا وحدها، وفي دول عدّة من أمثالها وصلت الحالة التي يمر بها الناس إلى ما يثير القلق، ويلزمها رعاية واهتمام كبيرين والنظر بها من قبل الجهات المسؤولة لتجاوز المعضلة التي من المعيب السكوت عنها.
إلى أين يمضي الناس؟ ما هي الحلول في سبيل انتشالهم من حالة اليأس والقنوط الذي يعيشون، والفقر المدقع الذي لم يخلص منه أحد، وما زال ينهش جسد هم ويحيجهم إلى التسول؟.
نداء نرجو أن يُسمع من قبل أصحاب الضمائر الحية.. وبصورة خاصة الأطباء المعنيون، متمنين عليهم أن يعيدوا النظر بالرسوم التي يتقاضونها من المرضى الذين يأملون أن يلقوا الحل الأنسب، ومعالجتهم بنصف الثمن، ولمَ لا يكون لمن هو بحاجة ملحّة أن يتم معالجته بالمجان؟.
أظن أنَّ هذه الخطوة لا تكلف الطبيب شيئاً، بل أنها تزيده احتراماً لشخصه وللمريض ولمجتمعه، ولوطنه أيضاً.

صحافي سوري



#عبد_الكريم_البليخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زلزال الموت الذي أدمى القلوب!
- اغتراب قسري!
- متى يعود للشعر عشاقه ومحبوه؟


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الكريم البليخ - في سوريا.. المال أهم من شفاء المريض!