أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الكريم البليخ - متى يعود للشعر عشاقه ومحبوه؟















المزيد.....

متى يعود للشعر عشاقه ومحبوه؟


عبد الكريم البليخ

الحوار المتمدن-العدد: 7494 - 2023 / 1 / 17 - 17:14
المحور: الادب والفن
    


هل يمكن أن نقول، وبصوت عال، إنَّ الشعر أو ما صار يُسمى شعراً في هذه الأيام اختلف وزنه وقافيته ولونه، ومزاج الذين كانوا يستسيغونه، ولم يعد يروق للكثير من عشّاقه لأنه لم يَعُد يؤدي الغرض منه. فأيّ شعر وأيّ هذر في غير مكانه أصبحنا اليوم نقرأ، وينشده علينا الشعراء الحديثو الولادة. فالشاعر الجوهرة نزار قبّاني، كان للأسف مثال النكرة بالنسبة لحكامنا العرب الطغاة، وهو المعروف عنه أنّه لم يُهادن يوماً.
هذا نزار الشاعر المثالي، وما قاله سيظل خالداً. ماذا تقولون يا شعراءنا الذين تدّعون بأنكم شعراء. لن ولن تسطيعوا مهما حاولتم أن تجاروا ذلك النجم الألمعي. نعم ذلك النجم الذي صعد بعيداً وكان بحق مثال الثُّريَّا لا يمكن لأيٍّ منكم أن يُجاريه، أو حتى يُنافسه، أو يوازيه. نزار قباني يستحق لقب الشاعر النجيب الذي لا يمكن أن يتكرر.
وفي يومنا الحالي تُطالعنا بين حين وآخر، منشورات لأشخاص باتت تعد بعرف مدوّنيها على أنّها من عيون الشعر، ما يمكن أن يطلقوا على أنفسهم بالشعراء المحدثين، أو شعراء التفعيلة، وهو الشعر الذي تحرّر من الوزن والقافية، ومن أبرز روّاده بدر شاكر السيّاب، محمود درويش، نازك الملائكة، فدوى طوقان، أمل دنقل، صلاح عبد الصبور، عبد الوهاب البياتي، أدونيس، نزار قباني، وغير هؤلاء من المحدثين الجدد بالكاد أن البعض منهم يعرفون كيف يصوغون مفردة شعرية جميلة تبهج القلب، وتفرح الحاضرة ما يعني أنهم يوهمون العامّة على أنهم شعراء، وبصورةٍ خاصة، السذّج منهم، والانغماس في هذه الموهبة ـ المجروحة وتحولهم بين ليلة وضحاها إلى شعراء باتوا يعتلون منصات التتويج ويخالون أنفسهم على أنهم شعراء من طراز رفيع، يُشار لهم بالبنان، ومقدرتهم في إطلاق الشرارة الأولى التي يمكنها أن تقرّبهم من قلوب الناس، واهمين بأنهم سيحققون حظوة ستخلّد تاريخهم كشعراء، وتحقّق مرادهم كمبدعين، والتحليق بطيف أحلامهم لمجرد كتابة بعض المفاهيم والمفردات التي أطلق عليها تسمية مفردات شعرية، وهي في الحقيقة تشبه كل شيء إلّا الشِعر.
وهذا ما صار يُظهر لنا العديد من الشباب والمتصحّفين الذين يكتبون في الصحافة المحلية، وممن يشكلون صلة وصل بين العمل الوظيفي، الذي يتكسّبون منه قوت يومهم، وإبداعهم الشعري، ما دفع البعض ممن يستكتبونهم في صحف رسمية لها أسمها ومكانتها بنشر ما طاب لهم من مواد صحفية لمجرد التمجيد بهم، والتفاخر بإنجازهم، وإجراء الدراسة المطلوبة عن الشعر الذي يقرضون، وما خطته أيديهم وأبدعته، وهو في حقيقة الأمر ما يُشكلُ خطورةً وتصعيداً غير مسبوق بحق فحول الشعر، ومحترفيه... والذين يُعَدّون من روّاده، ومن قاماته المبدعة، والقائمة تطول.
ومنذ فترة قصيرة، جمعتني علاقة غير مباشرة، عبر شبكة التواصل الاجتماعي، مع أحد مدّعي الشعر، وطلب مني إبداء رأيي الشخصي حول مقطع شعري، سبق أن نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعية، وفي الواقع ليس لدي من الخبرة الكافية ما يجعلني قادراً على نقد أو تقييم أعمال الآخرين الشعرية، فاكتفيت بالصمت ولم أدلُ بدلوي تحسباً من أن يكون له موقفاً ما حيال ما سأعلّق عليه، ولكن في قرارة نفسه يعي بأن ما كتب ليس له أية علاقة بالشعر، وبفحوله الذين نذروا أنفسهم في حبّه، وفي انفعالاته وفي تحسين الصورة التي بدت في طور جديد، وأخذت نبضاً آخر ساهمت في تجديده، وإن ظل الأغلبية من الأفراد نبذوا هذا النوع من الشعر الذي لم يكن سوى تجميع صور، وتسويق همّ يومي، وحالة عاشها الشاعر لمجرد موقف ما، ومنهم من أبدع وترك إرثاً يُحسَدُ عليه، وفي هذا من أثبت مكانه بين الشعراء، ومثالهم ما زال أسمه يتداول، وبحب جارف، وإن ارتحل إلى الحياة الدنيا لأنه أطرب الأفئدة، وحلّق بنا بعيداً في عالم من السحر.
وما تناوله البعض، ممن ينشر لهم في الصحف والدوريات العربية الأسبوعية والشهرية، وللأسف، مجرد كلمات تعبّر عن مكنون داخلي، ومن غير اللائق أن نطلق على ما نشر له أية علاقة بالشعر، وهذا مثاله كثير ومتوافر في الصحافة المكتوبة، والكل يعلم، أنّ هذا المجال من فنون الإبداع بات يلُفّه ترّهات معيّنة، وقادر على اختراق القلوب لمجرد سماع كلماته المخملية التي تحاكي الضمير والوجدان، ويختصر الكثير من الرؤية التي يراها الآخرون من البشر، ودون طعم!!
بالمختصر. الشاعر تبقى له حساسيته المفرطة حيال ما يكتنزه من قيم إنسانية، وصور وجدانية. وكما أظن، ويعلم الكثير من أبناء جيلي، وغيرهم، أنّ ذلك يختلف كليةً عن الكثيرين، وتظل دخيلته، لها مزاجها الخاص، ووحده القادر على توظيف ما يجول بخاطره من إبداع شعري يُحقّق الهدف والغاية مما يريد أن يصل به إلى القارئ الذي صار رهيناً ما يقرأ، وما يُرْسَمُ له من صور شعرية بحاجة إلى التقشير بالسيف البتّار حتى يمكن أن يفهمها ويعيها القارئ المتابع الذي صار قادراً على تقييم ما يمكن أن يخدم أكبر شريحة من الروّاد، محبّي الشعر، بصورةٍ عامة، ما يعني انتحار الشعر واغتصابه، والذي سمح لكل من هبَّ ودب أن يتطاول على مبدعيه وروّاده وها هو اليوم يظن أنه صار من عداد الشعراء المجيدين متناسياً أنَّ الدخول في هذا النفق ليس بالأمر الهيّن، وإذا ما عدنا إلى ما شكّله عدد من الشعراء المحدثين، وما تركوا من إرث كبير من طراز نزار قباني وغيره من "الفطاحل"، فهذا يعني أننا نقف أمام قامة كبيرة تستحق الاحترام والتقدير، وليس أمام أناس مجرد أنهم يعشقون الشعر بكل ألوانه ويعتقدون أنهم أصبحوا من كبار صانعيه لمجرد أن كتبَ بيتاً، أو مقطعاً منشوراً في صحيفة، وهذا منه كثير. والأنكى من كل ذلك أن من ممن يدّعون على أنهم شعراء لا يحفظون من قصائدهم شيئاً، في الوقت الذي نعرف فيه أنّ الشاعر في ما مضى كان يقفُ على المنبر متحدياً جماهيره وعشاقه، وتراه مبْرِزاً بقول ما يحلو له من قصائد بدون العودة للورقة.. ولهذا هل يمكن أن نقول إنّ كوكبة ما يُعرف بالشعراء قد ولت؟ ورغم ذلك نقول أن الشعر يظل باقياً لا يمكن بحال أن يزول ولكن يحتاج إلى ذلك الشاعر الأصيل القادر على أن يعيد للشعر هيبته ومكانته وموسيقاه التي تُلزمنا على أن نسمع بإصغاء وحبّ ورغبة، ونتابع بشغف.

كاتب وصحافي سوري
مقيم في النمسا



#عبد_الكريم_البليخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الكريم البليخ - متى يعود للشعر عشاقه ومحبوه؟