أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - العدد65 من «كراسات ملف»: كتب تحت المجهر 6















المزيد.....



العدد65 من «كراسات ملف»: كتب تحت المجهر 6


الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

الحوار المتمدن-العدد: 7569 - 2023 / 4 / 2 - 13:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


■ صدر عن المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات/ «ملف»، العدد 65 من سلسلة «كراسات ملف»، ويتضمن قراءتين في كتابين من إصدارات المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات،«ملف»، أجراهما الزميل الباحث في المركز، أسامة خليفة. والكتابان هما:
1 ــ «الدولة المستقلة والسيادة الوطنية»، ويحمل الرقم 5 من سلسلة «الطريق إلى الاستقلال»». يدعو الكتاب في خلاصته إلى مبادرة وطنية بإعلان بسط سيادة دولة فلسطين على أراضيها المحتلة عام 67 ، لمواجهة استحقاق الرابع من أيار/ مايو1999، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية من اتفاق أوسلو دون توصل الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى اتفاق حول قضايا «الحل الدائم».
ويشير الكتاب إلى أن التحلل من أوسلو أو تجاوزه لا يعني بالضرورة العودة إلى الوضع القديم، أي إلى واقع الاحتلال ــ كما يدعي البعض ــ في محاولة فاشلة لإثبات عدم وجود خيار خارج نطاق المسار الذي اختطته هذه الاتفاقات. ويؤكد أن تجاوز اتفاق أوسلو يعني؛ التقدم نحو الاستقلال الوطني، بإعلان بسط سيادة دولة فلسطين على أراضيها المحتلة عام 67. وهذا هو الخيار الذي طرحته الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كخيار عقب انتهاء المرحلة الانتقالية دون التوصل إلى اتفاق.
2 ــ «في العلمانية والدولة المدنية»؛ ويحمل الرقم 3 في سلسلة «المعرفة». ويشير الكتاب إلى أن طبيعة الدولة مدنية كانت أم دينية بقيت مطروحة بقوة على جدول أعمال المجتمعات العربية وقواها السياسية، حيث هناك قوى تدفع باتجاه الدولة الدينية، واتجاهات أخرى تتبنى مقولة الدولة المدنية المطعمة دينياً، وثمة قوى تناضل من أجل الدفاع عن الدولة المدنية وتطوير صيغتها بما يكفل ويحمي حقوق رعاياها.
ويخلص الكتاب إلى ضرورة الانطلاق من مفهوم المواطنة في تحديد العلاقة بين الفلسطينيين والدولة، بما يعزز من قيمة هذه المواطنة، واعتماد فكر وفلسفة الشراكة التامة بين الرجل والمرأة على قدم المساواة في النضال والبناء وصنع القرار.
المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات/«ملف»
30/3/2023





المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
«ملف»


كتب تحت المجهر ـ 6

■ الدولة المستقلة والسيادة الوطنية
■ في العلمانية والدولة المدنية
قراءة وتحليل : أسامة خليفة
باحث في «ملف»


سلسلة «كراسات ملف»
العدد الخامس والستون ــ أواخر آذار(مارس)2023



















المحتويات

مقدمة
■ الدولة المستقلة والسيادة الوطنية
1ــ ماذا بعد انتهاء المرحلة الانتقالية؟
2ــ خيارات واستحقاقات
3ــ استراتيجية بسط السيادة
■ في العلمانية والدولة المدنية
1ــ خطاب الإسلام السياسي
2ــ سؤال هوية الدولة
3 ــ «الدستور».. بين الشريعة الدينية والحقوق المدنية

























مقدمة
■ يتضمن هذا الكراس قراءتين تحليليتين في كتابين من إصدارات المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات،«ملف»، أجراهما الزميل الباحث أسامة خليفة. والكتابان هما:
1 ــ «الدولة المستقلة والسيادة الوطنية»، ويحمل الرقم 5 من سلسلة «الطريق إلى الاستقلال»». يدعو الكتاب في خلاصته إلى مبادرة وطنية بإعلان بسط سيادة دولة فلسطين على أراضيها المحتلة عام 67 ، لمواجهة استحقاق الرابع من أيار/ مايو1999، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية من اتفاق أوسلو دون توصل الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى اتفاق حول قضايا «الحل الدائم».
ويشير الكتاب إلى أن التحلل من أوسلو أو تجاوزه لا يعني بالضرورة العودة إلى الوضع القديم، أي إلى واقع الاحتلال ــ كما يدعي البعض ــ في محاولة فاشلة لإثبات عدم وجود خيار خارج نطاق المسار الذي اختطته هذه الاتفاقات. ويؤكد أن تجاوز اتفاق أوسلو يعني؛ التقدم نحو الاستقلال الوطني، بإعلان بسط سيادة دولة فلسطين على أراضيها المحتلة عام 67. وهذا هو الخيار الذي طرحته الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كخيار عقب انتهاء المرحلة الانتقالية دون التوصل إلى اتفاق.
2 ــ «في العلمانية والدولة المدنية»؛ ويحمل الرقم 3 في سلسلة «المعرفة». ويشير الكتاب إلى أن طبيعة الدولة مدنية كانت أم دينية بقيت مطروحة بقوة على جدول أعمال المجتمعات العربية وقواها السياسية، حيث هناك قوى تدفع باتجاه الدولة الدينية، واتجاهات أخرى تتبنى مقولة الدولة المدنية المطعمة دينياً، وثمة قوى تناضل من أجل الدفاع عن الدولة المدنية وتطوير صيغتها بما يكفل ويحمي حقوق رعاياها.
ويخلص الكتاب إلى ضرورة الانطلاق من مفهوم المواطنة في تحديد العلاقة بين الفلسطينيين والدولة، بما يعزز من قيمة هذه المواطنة، واعتماد فكر وفلسفة الشراكة التامة بين الرجل والمرأة على قدم المساواة في النضال والبناء وصنع القرار.
المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات/«ملف»






















الدولة المستقلة والسيادة الوطنية
كتاب «الدولة المستقلة والسيادة الوطنية» هو الرقم «5» في سلسلة« الطريق إلى الاستقلال»، التي يصدرها المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف». يدعو الكتاب في خلاصته إلى مبادرة وطنية بإعلان بسط سيادة دولة فلسطين على أراضيها المحتلة عام 67 لمواجهة استحقاق الرابع من أيار/ مايو1999، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية من اتفاق أوسلو دون توصل الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى اتفاق حول قضايا «الحل الدائم».
(1)
ماذا بعد انتهاء المرحلة الانتقالية؟
■ يشير الكتاب إلى أن التحلل من أوسلو أو تجاوزه لا يعني بالضرورة العودة إلى الوضع القديم، أي إلى واقع الاحتلال ــ كما يدعي البعض ــ في محاولة فاشلة لإثبات عدم وجود خيار خارج نطاق المسار الذي اختطته هذه الاتفاقات. بل إن تجاوز أوسلو الحالة المحددة التي نواجه يعني؛ التقدم نحو الاستقلال الوطني، بإعلان بسط سيادة دولة فلسطين على أراضيها المحتلة عام 67. وهذا هو الخيار الذي طرحته الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كخيار عقب انتهاء المرحلة الانتقالية دون التوصل إلى اتفاق. وإلى الآن، وبعد مرور نحو ربع قرن من الزمن على استحقاق 4/5/1999، من انتهاء الموعد المفترض والمحدد للمرحلة الانتقالية، لم يتم التوصل في مفاوضات الوضع الدائم إلى نهايتها باتفاق حول القضايا المؤجلة، بل ولم تنفذ ترتيبات ما تم الاتفاق عليه بشأن إعادة الانتشار وإطلاق سراح الأسرى وغيرها من القضايا الواجب تنفيذها حسب الاتفاقات المرحلية، مثل بروتوكول الخليل ومذكرة واي ريفر، وهو ما ينطوي على خطر تحول الحل الانتقالي القائم على الحكم الذاتي إلى حل نهائي.
استحقاق 4/5/1999 طرح سؤالاً ملحاً: ماذا بعد انتهاء فترة المرحلة الانتقالية دون الوصول إلى حل دائم؟. وما هي الخيارات المتاحة لمواجهة هذا الاستحقاق الخطير؟. هذا السؤال مطروح بالدرجة الأساسية على السلطة التي اختارت طريق أوسلو وتتحمل مسؤولية نتائجه، ولكنه أيضاً مطروح على قوى معارضة أوسلو التي ليس بوسعها من موقع المسؤولية الوطنية أن تدير ظهرها لهذا الاستحقاق، فأشواك أوسلو تدمي شعبنا بأسره.
وللتعامل مع فشل استحقاق 4/5/1999 موعد انتهاء المرحلة الانتقالية، طرحت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين مبكراً استراتيجية سياسية وطنية وتفاوضية أساسها إعلان بسط سيادة دولة فلسطين على أراضيها المحتلة بعدوان الرابع من حزيران، استناداً إلى إعلان الاستقلال الصادر عن المجلس الوطني في 15/11/1988، وعملاً بقرارات الشرعية الدولية بما فيها القرار181 ، الذي أعطى الشعب الفلسطيني حقه في دولة مستقلة، واستناداً إلى التجربة والمؤشرات جميعها التي تؤكد أن حكومة نتنياهو حكومة استيطان معادية للسلام، والإدارة الأمريكية منحازة انحيازاً مطلقاً للجانب الإسرائيلي، أدرجت الجبهة هذه الاستراتيجية مبكراً على جدول أعمالها، حيث أخضعتها للنقاش في صفوف منظماتها، وأقرتها في المؤتمر الوطني الرابع الذي انعقد في أيار/ مايو 1998 أي قبل استحقاق 4/5/1999 بنحو عام، وبادرت إلى طرحها على القوى السياسية وأوساط واسعة من الرأي العام الفلسطيني في سلسلة من الحوارات التي تندرج في سياق إعداد الجبهة الداخلية الفلسطينية لحمل هذه الاستراتيجية على أكتاف أوسع من القوى السياسية والقطاعات الشعبية باعتبارها الخيار الوطني الحقيقي في مواجهة استحقاق نهاية المرحلة الانتقالية، وهو عامل إضافي للانتهاء من الانقسام السياسي الفلسطيني حول اتفاقات أوسلو،بعد أن فقد رهان القوى على أوسلو كممر للاستقلال الوطني ،جميع مبرراته في ظل التعنت والعدوانية الإسرائيلية وسياسة الاستيطان والضم الزاحف، مما أبرز عدم جدوى هذا الرهان، وبالتالي تتسع القاعدة الموضوعية لإمكانية استعادة الإجماع الوطني على أساس تجاوز اتفاقات أوسلو.
(2)
خيارات واستحقاقات
■ إن إعلان بسط السيادة لا ينسجم مع استمرار الرهان العقيم على المشاريع والمبادرات الأمريكية، والرهان على حل يقوم على أساسها، فالإدارات الأمريكية عملت على خفض السقف التفاوضي الفلسطيني، وعملت على شل التحركات والمبادرات العربية والدولية الأخرى التي يمكن أن تشكل عامل ضغط على اسرائيل، وهي تمكن نتنياهو من كسب الوقت الثمين لمواصلة فرض الوقائع الاستيطانية والتوسعية على الأرض، ويبدو واضحاً في خطة ترامب أن سقف الحل وفق صفقته هو حكم إداري ذاتي. وقد أدركت الجبهة الديمقراطية أن هذا الخيار الحقيقي سوق يصطدم بردود فعل إسرائيلية تندرج في عدد من الاحتمالات التي يجب العمل على احتوائها والتغلب عليها، اعتماداً على الطاقات الوطنية للشعب الفلسطيني، وعلى دعم الدول العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز والمجتمع الدولي.
لقد وضع استحقاق 4/5/1999، الحالة الفلسطينية أمام ثلاثة خيارات:
ــ الخيار الإسرائيلي؛ وقوامه الضم.
ــ الخيار الأمريكي؛ وهو استمرار الأمر الواقع لأمد غير محدد تمهيداً لتحويل الحكم الذاتي المؤقت إلى حالة دائمة.
ــ الخيار الوطني الفلسطيني؛ وهو إعلان بسط سيادة دولة فلسطين على الأراضي المعترف بها دولياً كأرض فلسطينية، وهذا الإعلان يعني العودة إلى حالة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ومحوره طرف يحتل أرض شعب آخر، ويحرمه منها ومن حقه في تقرير مصيره عليها، الأمر الذي يمهد لإرساء مفاوضات الوضع الدائم على أسس جديدة تقوم بين دولتين، إحداهما تعطل سيادة الأخرى على أراضيها، من خلال استمرار الاحتلال والاستيطان وإدارة الظهر لقرارات الشرعية الدولية. إن رفع السيادة المعطلة على الأرض الفلسطينية هو موضوع الصراع، وتالياً المفاوضات بين دولتين، وهكذا نواجه فرض الأمر الواقع الإسرائيلي بأمر واقع فلسطيني، بمقدوره أن يدير الصراع متجاوزاً قيود اتفاقات أوسلو ومتحرراً منها.
التلويح الكلامي بهذا الخيار، خيار إعلان بسط سيادة دولة فلسطين على أراضيها المعترف بها دولياً، ليس كافياً، ولا يمكن أن يعتبر وحده جدياً. فالواضح أن هذا الإعلان سوف يجابه برفض إسرائيلي، انطلاقاً من الادعاء بأن المرحلة الانتقالية تبقى مستمرة حتى يتم الاتفاق على الحل الدائم، وأنه في حال انهارت أو توقفت المفاوضات النهائية، فإنه نظراً لأن حكومة السلطة الذاتية الفلسطينية قد قامت تحت إشراف السلطة العليا للحكم العسكري الإسرائيلي، فإن مصدر السلطات بعد انتهاء المرحلة الانتقالية يبقى اسرائيل، ومن منظور إسرائيلي أيضاً فإن الاتفاقات المعقودة تنص على تحريم متبادل لأي محاولة تغيير للوضع في الضفة وغزة، وهو تحريم يتخطى الفترة الزمنية الملحوظة للمرحلة الانتقالية ولا يتوقف عليها. وعليه، لا يوجد سوى طريق واحد لمعالجة المسائل الصعبة للوضع الدائم، وهو المفاوضات المباشرة التي تبقي على كافة الخيارات مفتوحة، الأمر الذي يجعل من إعلان السيادة من جانب واحد محاولة واضحة للإضرار بنتائج هذه المفاوضات، لذلك فالمتوقع أنه يترتب على هذا الرفض الشديد لإعلان السيادة ردود فعل عدوانية حادة.
‎‎‎‎‎‎‎مواجهة ردود الفعل هذه والتصدي لها يتطلب إعداداً لا يقتصر على الجوانب السياسية- القانونية أو التقنية، على أهميتها البالغة وضرورة أن تُولى أقصى الجهد الممكن، بل هو في الأساس إعداد سياسي جوهره تعبئة قوى الشعب وتوحيد صفوفه للصمود بوجه الخطوات العدوانية الإسرائيلية المقبلة وصدها، وإن وقف المفاوضات الجارية وتفعيل الحوار الوطني بهدف استعادة الوحدة الوطنية هو أبرز متطلبات الاستعداد لهذا الاستحقاق الخطير القادم خلال فترة وجيزة نسبياً، وخاصة أن هذا الخيار يفتح على إمكانية استعادة الإجماع الوطني على هذا الأساس، ويوفر شروط توحيد الحركة الشعبية عليه، بصرف النظر عن موقف السلطة المهيمنة فيها.
توفر العديد من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الخلفية القانونية والشرعية الدولية لإعلان بسط سيادة دولة فلسطين على الأراضي المعترف بها دولياً كأرض فلسطينية، ومن بينها القراران 181، و194، حيث ورد في القرار 181 ما يلي: تنشأ في فلسطين الدولتان المستقلتان العربية واليهودية، والحكم الدولي الخاص بمدينة القدس على ألا يتأخر ذلك في أي حال عن 1 تشرين الأول/أكتوبر 1948. والجدير بالذكر أن هذا القرار تناول بالتفصيل محددات الدولة العربية والدولة اليهودية ومدينة القدس، فرسم الحدود، وحدد الخطوات التمهيدية للاستقلال، وانتخاب الجمعية التأسيسية لكل من الدولتين وشروط المواطنة والاتحاد الاقتصادي الفلسطيني. واستناداً إلى هذا القرار تم الإعلان عن دولة اسرائيل فبسطت سيادتها على المساحة المحددة لها وتجاوزتها بعد حرب الـ48، ولاحقاً في 1949 في اتفاقيات رودس، وكان القراران 181 و 194 هما الأساس لقبول عضوية اسرائيل في الأمم المتحدة، وصدور القرار 273 بتاريخ 11/5/1949 بعنوان قبول اسرائيل عضواً في الأمم المتحدة، غير أن الدولة الفلسطينية لم تعلن بالتوازي مع الدولة اليهودية، فتأخر هذا الإعلان حتى العام 1988 في دورة المجلس الوطني الـ18، ومازالت سيادة دولة فلسطين معطلة حتى الآن. واتفاق أوسلو لا يتعارض مع هذا استناداً إلى أنه حدد المرحلة الانتقالية لفترة لا تتجاوز الخمس سنوات، وعندما تنتهي الفترة الانتقالية، فإن المبادئ والترتيبات والقيود ذات الطبيعة الانتقالية المتضمنة في الاتفاق تفقد قوتها الإلزامية، وبالتالي تبقى الخيارات بعد هذه الفترة مفتوحة، ومن المؤكد أن مصلحة حكومة نتنياهو أن تستمر المرحلة الانتقالية، وسقفها الحكم الذاتي، وهذا نقيض المصلحة الوطنية الفلسطينية التي تجد خيارها الوطني في إعلان بسط سيادة دولة فلسطين على الأراضي الفلسطينية المعترف بها دولياً مما يرفع الصراع إلى مستوى جديد ويفتح على إرساء مفاوضات الوضع الدائم بين دولتين على أسس جديدة.
ويشير الكتاب إلى أن رد الفعل الإسرائيلي على إعلان بسط السيادة موزع على عدة خيارات متوقعة من قبل دولة الاحتلال:
• الخيار الأول: تعلن اسرائيل بسط سيادتها على أقسام واسعة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضمها إلى دولة اسرائيل، وقد سبق لحكومة نتنياهو أن ناقشت مشروعين للضم على قاعدة خارطة المصالح الأمنية ، وتقتطع 55% من مساحة الضفة. وعلى افتراض إقدام الحكومة الإسرائيلية عليه، لا يعني أن نتيجته ستكون نهائية أو مفروغ منها أو ميئوس من احتمال أن تعيد اسرائيل النظر فيه أو تتراجع عنه.إن الإعلان عن ضم أقسام من المناطق الفلسطينية المحتلة في ظل الوضع المستجد في المنطقة على تراكمات أكثر من خمسين سنة من النضال الوطني الفلسطيني سيؤدي إلى خلق شروط تملي إطلاق مفاوضات على نار ساخنة لمعالجة وتطويق ذيوله لأته ينطوي على احتمال قوي بأن يتحول إلى نقطة تفجير فعلية للوضع الإقليمي بكامله. إن نتائج الضم بهذا المعنى سترتد سلباً على السياسة الإسرائيلية.
• الخيار الثاني: هو فرض الحصار الشامل على مناطق السلطة وإجراءات الخنق الاقتصادي، بفرض الحصار الشامل على مناطق السلطة، معززاً بحصار داخلي بين المدن بما يطول حركة الاقتصاد والمواطنين، وهذا سلاح خطير، لأنه في حال تطبيقه على قطاع غزة مضافاً له المناطق(أ) في الضفة الغربية، سيؤدي إلى النتائج التالية:1-حرمان العمالة الفلسطينية من سوق العمل الإسرائيلي، 2- المساس بحركة الاستيراد والتصدير التي تمسك إسرائيل بمغاليقها، ومفاتيحها. 3- حرمان السلطة الفلسطينية من أموال المقاصة التي تشكل 62% من دخل السلطة، مما يؤثر على مواردها وعلى مصالح الشرائح الطفيلية المستفيدة، بما في ذلك الصفقات التي تدار تحت مظلة العلاقات الاقتصادية والاحتكارات التي تدار بحمايتها، هذا الحصار على فعاليته وآثاره السلبية المدمرة على الجانب الفلسطيني لن يتسنى لإسرائيل أن تفرضه لفترة طويلة، إذ ستتبعه بالتأكيد تحرك عربي ودولي دون أن تتمكن من تحقيق أهدافها وسترغم على رفع الحصار، في حال تمكّن الشعب الفلسطيني من الصمود ومواجهة الخنق الاقتصادي، وهو أمر ممكن التحقق، من خلال الخطوات التالية: تنمية الناتج المحلي، فصم العلاقة مع السوق الاقتصادية الإسرائيلية، تنشيط المعونات الخارجية، إعادة النظر بأولويات السياسة الاقتصادية، مراجعة لأوجه الصرف وللموازنات المعتمدة، العودة إلى اقتصاد الانتفاضة بما هو توجه مجتمعي متكامل للاعتماد على الذات وعلى المجتمع الأسري والمحلي المتضامن لتغطية احتياجات المواطنين وتلبيتها بهدف الحفاظ على الصمود.
• الخيار الثالث: هو احتمال التحرش الأمني والمساس بالمفاصل الحساسة والمؤثرة في المجتمع والحركة الوطنية والمؤسسات والإدارات، وهذا أسلوب تعتمده الحكومة الإسرائيلية في الأوقات العادية، ومن باب أولى أن تستحضره على نطاق واسع عند التحدي لبسط السيادة على الأراضي المحتلة.
• الخيار الرابع: هو احتمال الاجتياح العسكري للمناطق الفلسطينية (غزة + المنطقة أ) دون ترجيحها على غيرها من الاحتمالات نظراً للخسائر العالية التي يتوقع أن تلحقها في صفوف الطرف المعتدي، الذي يسعى قدر المستطاع إلى تفاديها أو تقليصها إلى حدود الدنيا.

(3)
استراتيجية بسط السيادة
■ إعلان بسط السيادة قرار سياسي مفصلي يتعدى المناورة الضيقة المعدة للاستهلاك الآني، وهو سلاح فعال بيد الشعب وقواه الوطنية من أجل التقدم على طريق الاستقلال والحقوق الوطنية، ولا ينبغي لمثل هذه الاستراتيجية أن تختصر إلى حدود قرار يسهل التغلب عليه، أو يختصر إلى حدود مبادرة سياسية أو ورقة ضغط لتحسن مواقع تفاوضية أو مواقف سياسية فذلك ينطوي على خطورة بالغة، وعدم مسؤولية. إن الإقدام على هذه الخطوة يقتضي تعبئة طاقات الشعب لمواجهة الضغط الإسرائيلي باحتمالاته المختلفة، إطلاق زخم الحركة الجماهيرية في سياق تجديد الانتفاضة، تجهيز البدائل السياسية لإدارة معركة سياسية وتفاوضية شديدة التعقيد، إن هذا التوجه نحو إعلان السيادة يتطلب جملة من الإجراءات في المقدمة منها:
– إعادة صياغة العلاقة بين السلطة والشعب لجهة إرسائها على أسس من الديمقراطية والشفافية، واحترام القانون، وتفعيل المؤسسات، وتنشيط المجتمع المدني بكل خلاياه، واحترام التعددية، وإطلاق الحريات السياسية والديمقراطية، ومكافحة الفساد وإعادة صياغة الخيارات والأولويات الاجتماعي والاقتصادية لصالح دعم صمود الشعب والمجتمع في مواجهة الاحتلال والاستيطان.
– الشروع بحوار وطني جاد يشمل جميع القوى والفعاليات والشخصيات الوطنية والاجتماعية يغطي طيف القضايا والملفات التي تواجه المجتمع والحركة الوطنية سياسياً، اجتماعياً، اقتصادياً، تحالفياً، من أجل إعادة بناء الإجماع الوطني على قاعدة البرنامج المشترك واستعادة الائتلاف الوطني.
–تفعيل جدي لمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، من خلال فصلها عن إدارات السلطة، وصيانة استقلالها، وعدم التدخل في دائرة عملها، واعتماد الأساليب والأسس الديمقراطية والجبهوية في انتخاب هيئاتها وتشكيلها. إن التفعيل الجاد لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية هو الضمانة الرئيسية والأكيدة لوحدة جناحي الحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل والخارج ضمانة لوحدة الشعب على قاعدة سياسية قوامها برنامج العودة وحق تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
– إطلاق حركة اللاجئين، حركة جماهيرية ديمقراطية، وتزخيم فعلها لتصبح مؤثرة في ميزان القوى والقرار السياسي.
تنطوي خطوة إعلان سيادة دولة فلسطين بلا شك على محاذير عديدة، يعتقد البعض أن من بين أبرز هذه المحاذير، أن يكون هذا الإعلان مدخلاً للتكيف مع واقع الاحتلال، من خلال تحويل الدولة إلى طربوش يركب على واقع هو أقرب للحكم الذاتي، أو من خلال قبول اسرائيل برفع الحصار عن غزة تمهيداً لقيام دولة فيها، مقابل فرض التقاسم الوظيفي في الضفة، وإذا افترضنا قبول المفاوض الفلسطيني بمثل هذه الصفقة بما تنطوي عليه من تنازل عن الضفة والقدس، فإن المحذور في هذه الحالة لا ينبع من خطوة إعلان السيادة بحد ذاتها، بل من الاستعداد للقبول بما هو أقل من السيادة الكاملة على القدس وسائر الضفة حتى حدود الرابع من حزيران، ولذلك لابد من إبراز أن أي استعداد لقبول هكذا صفقة هو تنازل خطير عن إعلان السيادة وليس تطبيقاً له، أو نتيجة طبيعية لهذا الإعلان.
أما التخوف أن تكون الدولة طربوشاً يتستر على واقع الحكم الذاتي، فهو يهمل المغزى السياسي لإعلان السيادة، والذي يعني أن الطرف الذي أصدره لم يعد ملزماً بأية قيود أو التزامات تنتقص من هذه السيادة، بما في ذلك القيود والالتزامات المجحفة التي تفرضها الاتفاقات على الحكم الذاتي وقد تبقى . هذه القيود على أرض الواقع بفعل سيطرة اسرائيل على المعابر والطرق والحدود والأجواء والمياه ومساحات واسعة من الأرض، لكن ثمة فرق جوهري، ففي ظل اتفاق الحكم الذاتي فإن الجانب الفلسطيني يرضى بهذه القيود والالتزامات ويتعهد باحترامها وبالتالي يضفي عليها شرعية معينة ولو كانت مؤقتة، أما في حال إعلان السيادة فإن بقاء سيطرة الاحتلال وما تفرضه من استلاب السيادة بالقوة، يفقد شرعيته ويعود على طبيعته كقوة احتلال قائمة بالأمر الواقع على أرض دولة ذات سيادة. وبهذا يكون الإعلان مدخلاً لتصعيد الكفاح من أجل جلاء المحتلين والمستوطنين بما يمكن الدولة الوليدة من ممارسة سيادتها على أرضها فعلياً. إن هذا يتطلب تضحيات عظمة. والتخوف الشعبي من أن يكون الفشل نصيب هذه الخطوة بما ينطوي عليه من كارثة، هو تخوف مشروع، ولكن إن كان ثمة من يخشى أن يقود إعلان بسط السيادة إلى كارثة، فإن عليه أن يتذكر أن الكارثة الأكبر التي يمكن أن تحل بشعبنا وبقضيته الوطنية هي تكريس الوضع الراهن، وتمديد ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالية يما ينطوي عليه من خطر تحويلها إلى وضع دائم وحل نهائي مفروض بالأمر الواقع، كما ينبغي الحذر من الوقوع في مطب تحويل المخاطر إلى فزاعات تدب الرعب وتغذي التردد إزاء خطوة إعلان بسط السيادة.
ينبغي أن يأتي إعلان السيادة في سياق خطة وطنية شاملة متفق عليها، تحدد الضوابط الوطنية لهذا الخيار، كما تحدد مقومات نجاحه، وأبرز هذه الضوابط هو أن يحدد إعلان السيادة بوضوح الحدود الجغرافية للمناطق التي تعتبرها الدولة الوليدة واقعة ضمن نطاق سيادتها، ولا يمكن المساومة عليها في أية مفاوضات أو اتفاق مستقبلي للسلام، وثمة رأي يقول بالامتناع عن تحديد حدود الدولة، وهو أمر لا يفتح آفاقاً لنيل ما هو أبعد من حدود 67 في ظل واقعنا الراهن، بل بالعكس يسقط الضوابط التي تقيد النزعات التفريطية المستعدة للتنازل عن بعض مناطق 67، كما أن إعلان بسط السادة في حدود 67 لا يسقط تلقائياً حقنا في المطالبة بحدود التقسيم، إن القول بأن الضفة بما فيها القدس وقطاع غزة هي أرض فلسطينية لا جدال في حقنا في السيادة عليها، ولا إمكانية للمساومة بشأنها، وهي غير خاضعة للتفاوض، أما التفاوض بشأن الحدود التي هي عنصر من عناصر مفاوضات الوضع الدائم، فيجب أن تجري على قاعدة التسليم المسبق بسيادتنا على أراضي 67، وبعد ذلك يمكن المطالبة بإعادة رسم الحدود بما يأخذ بعين الاعتبار الحقوق التي منحنا إياها قرار التقسيم دون أن يعني ذلك المساس بحق اللاجئين في العودة وفقاً للقرار 194، وأن يستند إعلان بسط السيادة على إعلان الاستقلال: بأن دولة فلسطين المستقلة هي« دولة لكل الفلسطينيين أينما كانوا، فيها يطورون هويتهم الوطنية ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق».
كان من المفترض بتاريخ 26/9/1998 أن يتلو الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يتضمن فقرة عن استحقاقات يوم 4/5/1999 بأنه « تاريخ له شرعيته الفلسطينية والعربية والدولية، ولا يمكن أن يمضي كأي يوم آخر يجب أن يكون هناك اتفاق قبل هذا اليوم وهذا خيارنا الأساسي وما نطمح لتحقيقه ونواصل بذل كل جهودنا لهذا الغرض، وإما أن نكون مضطرين للإعلان من جانب واحد عن قيام دولة فلسطين على أرض فلسطين مدركين حتى الآن ما قد يترتب على ذلك من نتائج على العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية»، وقد استبدلت هذه الفقرة بإسقاط كل ما له علاقة بتاريخ 4/5/1999 وبدلاً من ذلك دعا المجتمع الدولي إلى دعم الفلسطينيين لإقامة دولتهم.
إن التراجع تحت الضغط الأمريكي والابتزاز الإسرائيلي عن طرح القرار الفلسطيني بإعلان السيادة عند نهاية المرحلة الانتقالية على الجمعية العامة للأمم المتحدة وطلب تأييدها لهذا القرار هو نموذج للممارسة السياسية التي تشتق من الرهان العقيم على المبادرات الأمريكية للتوصل إلى سلام عادل. إن هكذا ممارسة تلحق ضرراً فادحاً وتترك انعكاسات سلبية على مستوى التعبئة الشعبية، ودرجة الاستعداد الكفاحي للجماهير لتحمل أعباء هذا الخيار الوطني والالتفاف حوله■






















«في العلمانية والدولة المدنية»
«في العلمانية والدولة المدنية» هو الكتاب الرقم «3» في إطار سلسلة «دليل المعرفة»، التي يصدرها المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف». ويشير في بدايته إلى مرحلة ما قبل ظهور ثقل وتأثير الإسلام السياسي في المنطقة العربية، خلال عقود نضال حركة التحرر الوطني الفلسطينية، لافتاً إلى أن هاجس المنظمات الفلسطينية في تلك الفترة تركز على صوغ مشروع رؤية نضالية تبعد عن الصراع محددات الصراع الديني، فالصراع مع اسرائيل حُدّد كصراع مع مشروع صهيوني كولونيالي استيطاني إحلالي وليس مع اليهودية كدين أو مع اليهود كأتباع ديانة، ومن هنا شيوع مفهوم « الحل الديمقراطي» للمسألة الوطنية الفلسطينية بإقامة دولة ديمقراطية علمانية في فلسطين تقوم على المساواة في المواطنة بين معتنقي جميع الأديان. جاء هذا في أدبيات عديد من فصائل المقاومة الفلسطينية الرئيسية التي انخرطت كأطراف مشاركة في إعادة تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بدءاً من العام 1968، واستلام هذه الفصائل رسمياً لقيادتها في العام 1969.
(1)
خطاب الإسلام السياسي
■ بقي الحقل الفلسطيني طوال الفترة الممتدة من ستينات وحتى أواخر الثمانينات القرن الـ20 مقتصراً على الأحزاب والحركات العلمانية، ومنذ اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، دخلت هذا الحقل حركات إسلامية (حماس والجهاد) أخذت تمثل شيئاً فشيئاً وزناً متنامياً وصاعداً في الخارطة السياسية الفلسطينية، وهو ما انعكس على المشروع والرؤية الفلسطينية السابقة للصراع العربي- الإسرائيلي حتى وصل إلى تصوره أحياناً، كصراع ديني، وبحسب أحد قادة حماس: فإن فلسطين هي مركز الصراع العقائدي والحضاري بين الصهيونية مدعومة من قبل القوى الصليبية الامبريالية الطامعة المتعصبة في حلف الشيطان، مقابل حلف أولياء الله، وحسب أحد قادة الجهاد الإسلامي: اعتبر أن الحركة الإسلامية الجهادية ليست محكومة في صراعها بمصالح اجتماعية أو وطنية أو مزاج إقليمي وإنما محكومة بأسباب قرآنية تاريخية واقعية أوسع من أي حدود جغرافية.
يرى بعض الباحثين أن رؤية الإسلام السياسي لطبيعة الصراع وأهدافه لم تأتِ من فراغ، بل هي في الأصل موجودة في الأدب السياسي لحركة الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي في فلسطين منذ الأربعينات من القرن الماضي، لكن الجديد فيه هو درجة تأثيرها الكبيرة في الثقافة السياسية الفلسطينية المعاصرة التي انشطرت إلى ثقافتين، الأولى: تنطلق من الطابع الوطني التحرري( ومضمونه قومي، تقدمي، علماني، معادٍ للامبريالية والاستعمار والعنصرية)، والثانية: ذات عقيدة دينية سياسية تديّن الصراع والسياسة، مع عدم تجاهلها لمكوناته الوطنية والقومية وأبعاده التحررية، لكن على قاعدة أن محور الصراع هو ديني.
(2)
سؤال هوية الدولة
■ إن طبيعة الدولة مدنية أم دينية مطروحة بقوة على جدول أعمال المجتمعات العربية وقواها السياسية، فقوى تدفع باتجاه الدولة الدينية، واتجاهات أخرى تتبنى مقولة الدولة المدنية المطعمة دينياً، وثمة قوى تناضل من أجل الدفاع عن الدولة المدنية وتطوير صيغتها حيث هي قائمة، أو إرساء أسسها حيث ما يزال الصراع يدور حولها.
تواجه الحالة الفلسطينية مشروعاً صهيونياً يقوم بجوهره على الانغلاق والتعصب والعنصرية استناداً إلى الأساطير الدينية المؤسسة له، وكان الفلسطينيون بأمس الحاجة إلى تعميق مفاهيم الانفتاح والتسامح والثقافة الديمقراطية. لذلك نجد أن البرامج لعدد من القوائم الانتخابية الفلسطينية شددت على الانفتاح والتسامح ومواكبة التطور العلمي العالمي، واستيعاب أوجه التقدم الحضاري، والدمج بين أبعاد الثقافة الوطنية والقومية والإنسانية والدفاع عن الثقافة الديمقراطية في وجه العنصرية والتطرف السياسي والديني.
بينما طالبت قوى إسلامية في برنامجها الانتخابي بـالتوقف عن استيراد القوانين ومراعاة الخصوصية الاسلامية للمجتمع الفلسطيني، بالتشديد على دور الشريعة فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية والمحاكم الشرعية، والتشريع بصفة عامة، وصولاً إلى دورها في السياسة التربوية والتعليمية، من منطلق أن الإسلام نظام شامل لكل حركة الحياة، وهذا يعكس المنحى المتشدد في التعاطي مع قضايا التشريع على خلفية الطموح لـ«أسلمة القوانين».
أن التعددية القائمة في المجتمع الفلسطيني، وضرورات الوحدة الوطنية الناجمة عن مرحلة التحرر الوطني، ولاحقاً بناء دولة الاستقلال الوطني الناجز، الدولة السيدة الحرة، تحتم على الشعب الفلسطيني في مرحلتي التحرر الوطني وبناء الدولة سواء بسواء، اعتماد قاعدة لا تنفصم عراها تجمع بين الديمقراطية والتعددية والعلمانية باعتبارها تعبيرات متكاملة لمبدأ واحد هو الديمقراطية، بمضمون التعددية وفي إطار العلمانية لتبقى «م.ت.ف.» ولاحقاً الدولة الفلسطينية، دولة تقوم على المواطنة في إطار المساواة والحرية، دولة لجميع مواطنيها.
اعتبرت حماس مثل معظم الحركات الإسلامية في الوطن العربي، بأن الإسلام يمثل ديناً ودولة، والشريعة الإسلامية ستكون في نظرها محور النظام السياسي المستقبلي في فلسطين، ومرجعية الحكم، ومصدر التشريعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما اعتبرت أرض فلسطين وقفاً اسلامياً، وملكاً لكل الأجيال، ولا يحق لأي زعيم أو طرف التنازل عن أي جزء منها.
شهد الفكر السياسي لحركة حماس تطوراً ملموساً عبرت عنه «وثيقة المبادئ والسياسات العامة» الصادرة عن حركة حماس في نيسان/ابريل عام 2017، بخلاف ما كان يركز عليه ميثاق حماس عام 1988 من أن الحركة جناح الإخوان المسلين في فلسطين، تقترب حماس في الوثيقة الجديدة من مواقع ومنهجية حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وإن بمرجعية دينية، مع أخذها لمسافة معينة من الفكر الإسلامي السياسي الأصولي «الأممي» العابر للحدود الوطنية، وهو الفكر الذي تعتمده حركة الإخوان المسلمين التي تتحدر حركة حماس من صلبها. وأكدت حماس في الوثيقة المذكورة: «أنَّ الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعاً مع اليهود بسبب ديانتهم؛ وحماس لا تخوض صراعاً ضد اليهود لكونهم يهوداً، وإنَّما تخوض صراعاً ضد الصهاينة المحتلين المعتدين، بينما قادة الاحتلال هم من يقومون باستخدام شعارات اليهود واليهودية في الصراع، ووصف كيانهم الغاصب بها».
وجاء أيضاً في الوثيقة المذكورة أن «حماس ترفض اضطهاد أيّ إنسان أو الانتقاص من حقوقه على أساس قومي أو ديني أو طائفي، وترى أنَّ المشكلة اليهودية والعداء للسامية واضطهاد اليهود ظواهر ارتبطت أساساً بالتاريخ الأوروبي، وليس بتاريخ العرب والمسلمين ولا مواريثهم. وأنَّ الحركة الصهيونية – التي تمكّنت من احتلال فلسطين برعاية القوى الغربية- هي النموذج الأخطر للاحتلال الاستيطاني، الذي زال عن معظم أرجاء العالم، والذي يجب أن يزول عن فلسطين».
وتتمايز حماس عن الحركات الإسلامية الأخرى في عدد من الخصائص والاستجابات التي فرضها الواقع والسياق الفلسطيني الخاص، وفرض عليها تبني رؤى وسياسات مختلفة، بخصوص فكرة الحدود القومية والوطنية حيث تنوعت مقاربات تيارات الإسلام السياسي بين الرفض التام للحدود القومية وعدم الاعتراف بها، إلى القبول الخجول وصولاً للإقرار فيها بحكم الأمر الواقع، فإن حماس تطورت بشكل متسارع وحاولت إعادة تعريف نفسها من حركة إسلامية دينية ذات بعد وطني تحرري إلى حركة تحررية وطنية بمرجعية دينية، دون الإشارة إلى أي انتماء ما بعد «حدودي»، وبإعلاء البعد الوطني على حساب الديني، من خلال التأكيد على «الجغرافية الفلسطينية» على حساب « التاريخية الدينية الفلسطينية» ومن خلال التأكيد المتجدد على تحديد نشاط وأهداف وغايات حماس ضمن هذه «الجغرافية الوطنية» فقط، فعامل المشروع الصهيوني الاحتلالي القائم على جغرافية فلسطين، وأرادها «وطناً قومياً لليهود»، سرّع من انتقال حماس من عموميات «لا حدود الدين»، إلى «خصوصيات الوطن».
وعلى الرغم من أهمية النصوص التي أصدرتها حماس، وأهمها «وثيقة المبادئ والسياسات العامة» للعام 2017، يبقى الاختبار الحقيقي هو ترجمة هذه النصوص على الأرض، خاصة لجهة«فلسطنة» حماس تماماً وتقديمها الوطني المحدد على الديني المعمم وتجسده في العلاقات الوطنية البينية.
جاء في مشروع مسودة الدستور الثالثة في الباب الأول، الأسس العامة للدولة مادة (1): فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة نظامها جمهوري وإقليمها وحدة لا تتجزأ بحدودها عشية الرابع من حزيران/يونيو 1967، في مثل هذه الحالة، وحين يعرض مشروع الدستور للاستفتاء الشعبي، هل فلسطينيو الشتات معنيون بالاستفتاء؟. وعلى الأقل ما الذي يشدهم إلى نقاش دستور دولة فلسطين؟. المادة (13) ربما تضمن لهم حقوق المواطنة، لكن بشكل ملتبس مع المادة (1) فيما يخص اللاجئين الفلسطينيين: «للفلسطيني الذي هُجّر من فلسطين ونزح عنها نتيجة لحرب عام 1948 ومنع من العودة إليها حق العودة إلى الدولة الفلسطينية وحمل جنسيتها وهو حق دائم لا يسقط بالتقادم».
وفق هذا السياق جرى استطلاع للوقوف على الرأي العام في الضفة والقطاع وليس في عموم مناطق التواجد الفلسطيني، حول ستة عناوين:1- مبادئ الشريعة كمصدر للتشريع.2- الدولة الدينية.3- فصل الدين عن المؤسسة السياسية . 4- شعار الدين لله والوطن للجميع. 5- المساواة بين المسلمين والمسيحيين.6- المساواة بين المرأة والرجل.
جاءت نتائج الاستطلاع متناقضة، ليس فقط بسبب تداخل عناوين الاستطلاع هذه وتشابكها، بل أيضاً ثمة نقص في المعرفة يجعل أفراد العينة لا يرون تعارضاً بين دولة دينية وعدم فصل الدين عن المؤسسة السياسية، إذ تفيد نتائج الاستطلاع أن الأكثرية 56% مع دولة دينية، في حين أن الأكثرية 88% تؤيد شعار الدين لله والوطن للجميع ، الدولة للجميع تعنى أن الدولة تتعالى فوق الهويات الجزئية، دينية كانت أم قومية إثنية، فالدين متحيز لجمهور المؤمنين، والإثنية متحيزة لقاعدتها، أما الدولة فيجب أن تكون لجميع مواطنيها، في مجتمع يعرف قيمة الإنسان، ويحترم حقوقه ويقدس حرياته، وتصبح الدولة المدنية الديمقراطية التعددية ضرورة موضوعية من أجل ملاقاة متطلبات الدولة العصرية الدولة الحديثة، وحدتها وتماسكها تستمدها من وحدة وتماسك مجتمعها، إنها الدولة الحديثة بأهم مبادئها: فصل السلطات، وضبط المسؤوليات، ونشوء بنية مؤسسية تعزل السلطة عن العلاقات الشخصية، والفصل بين الدين والسياسة، ولا يعني هذا فصل الدين عن المجتمع، ولا يعني معارضة وجود أحزاب دينية من حيث المبدأ، فثمة الكثير من الأحزاب ذات المرجعية الدينية في بلدان مسلمة مثل تركيا، (حزب العدالة والتنمية)، ولكن هذه الأحزاب جميعها تشكل جزءاً لا يتجزأ من نسيج المجتمع المدني والسياسي العلماني في بلدانها، ولا تطرح العودة بمجتمعاتها إلى نسق الدولة الدينية.
وفي نهاية المطاف فإن فلسطين الدولة الوطنية الحديثة لا تتطلب إلا إجماعاً عاماً على قيم عليا مشتركة تتصل بوحدة البلاد والانتماء لها، ووحدة مؤسساتها، واحتكار السيادة في مجالها الإقليمي والتمثيل الدولي، فلسطين الدولة العلمانية هي دولة كل المواطنين بصرف النظر عن جنسهم أو لونهم أو عقيدتهم، تقوم على المواطنة، والتعامل المتساوي بين جميع المواطنين لا تمييز بينهم، لا تقصي ولا تستبعد أو تهمش أي طرف من الأطراف الاجتماعية، دولة قائمة على التعددية والتداول السلمي للسلطة، ووجود ثقافة ديمقراطية وفكر سياسي حر ومرن، وتعدد لمنابر التعبير الطليق والصحافة الحرة، ووجود الأحزاب السياسية وحرية المرأة ومساواتها.
تاريخياً اتصف المجتمع الفلسطيني بالتعددية الدينية والطائفية إلى أن برز المشروع الصهيوني الاستعماري، الذي عمل على جلب المهاجرين اليهود إلى فلسطين، وأدى إلى تغيير ديمغرافي، وفرز ديني، وتطرف جهات يهودية، وعنصرية ضد من ليس يهودياً، أمكن أن يكون الرد عليها تطرف في الأديان الأخرى، فليس التطرف سمة للدين الإسلامي فقط كما تصوره دول الغرب الامبريالية في ترويجهم للعولمة وصراع الحضارات.
وإذا كان برنامجنا الاستراتيجي هو إقامة دولة ديمقراطية موحدة في فلسطين «الانتدابية» أي من النهر إلى البحر ومن رفح إلى الناقورة، فإن الإصلاح الديني يشكل مدخلاً رئيسياً للإصلاح السياسي الشامل ويساهم في الحد من نشر فكر التخوين والتكفير، والشيء الأهم أنه ينقل الفكر الديني من الجمود إلى رحاب التجديد والتنوير.
يقوم الإصلاح على مسألة رئيسية، فصل الدين عن الدولة، ويهدف إلى إعادة الدين إلى موقعه الحقيقي بوصفه الحامل للقيم الإنسانية والأخلاقية والروحية، وتخليصه مما يصيب الدين من سلبيات عندما يتحول عن مهمته الأصيلة إلى لاعب في السياسة، مما يحور دوره من هداية البشر إلى عامل في تفجير الحروب المذهبية بينهم.
فيما يخص نص الفقه الإسلامي المطلوب تنقيحه وتطويره ليتوافق مع مقتضيات العصر وحاجات التطور الاجتماعي، حيث لازالت آراء الفقهاء القدامى المرجع الأهم الذي يستند إليه رجال الدين في إبداء آرائهم وتفسيرهم الديني، وتحول الفقه الإسلامي على امتداد القرون الوسطى إلى «مقدس» أسوة بالنصين التأسيسيين في الإسلام (القرآن والحديث النبوي) . وبات نقد فتوى أحد رجال الدين مساً بالمقدسات نفسها، و مسألة فوضى الفتاوى الصادرة في كل مكان وعلى لسان أي رجل دين تطرح قضية الإصلاح الديني من داخل المؤسسة الدينية كشرط أساسي للانطلاق بهذا الإصلاح ونجاحه، أي يحتاج الإصلاح إلى توفر مصلحين من رجال دين، في القرنين الـ19 والـ20، انطلقت محاولات في الساحة العربية، في مصر تحديداً، لم يكتب لها النجاح، لأسباب عديدة، أهمها عدم توفر القوى الاجتماعية الحاملة لها والمدافعة عنها، على غرار ما شهدته حركة الاصلاح الديني في أوروبا.
المد الإسلامي في المنطقة العربية، والمناخ الثقافي والسياسي الذي ساد بصعود أحزاب وتيارات الإسلام السياسي بدأ ينعكس على بنود ومكونات الوثائق النظرية والدستورية المؤسسة للاجتماع السياسي الفلسطيني، ومن يدقق في الوثائق السياسية والدستورية الفلسطينية سيلاحظ مثلاً أن «القانون الأساسي» للسلطة الوطنية، الذي أقر عام 2002 تطرق إلى موقعية الدين بشكل غير مسبوق يقطع مع الرؤية التي حملها «الميثاق الوطني» أو «إعلان الاستقلال» وقد نصت الفقرة (1) من المادة الرابعة على أن «الإسلام هو الدين الرسمي في فلسطين ولسائر الديانات السماوية احترامها وقدسيتها»، وفي الفقرة (2) على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، وطالبت حركة حماس ببرنامجها الانتخابي للمجلس التشريعي عام 2006 بأكثر من ذلك بـ« جعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع في فلسطين» .
(3)
«الدستور».. بين الشريعة الدينية والحقوق المدنية
■ وكذلك الأمر في «مشروع الدستور الفلسطيني»، الذي كانت إحدى مسوداته التي نوقشت عام 2003 تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ولأتباع الرسالات السماوية تنظيم أحوالهم الشخصية وشؤونهم المدنية وفقاً لشرائعهم ومللهم الدينية..» وإن كان التمييز بين الشريعة ومبادئ الشريعة التي اعتمدها مشروع الدستور الفلسطيني، مقبول نظرياً، إنما التباين في الرؤية بين المشرعين احتمال مفتوح على مصراعيه، ذلك أن الاجتهاد في مثل هذه المسائل ليس خاص بعلماء الدين بمعزل عن أي سياق سياسي ومجتمعي ملموس، بل هو مسألة سياسية بامتياز تقع في قلب المنظومة التبريرية للنظام السياسي أو أي برنامج أو توجه سياسي، هذا لا يعني أن لا اجتهاد في الدستور، لكن ثمة فارق كبير بين اجتهاد في نطاق نص الدستور ومواده، وآخر في نطاق مرجعية أعلى يحيل إليها الدستور، فقيمة أي دستور تكمن في أن تشكل نصوصه مرجعية عليا للقضايا لتي تطرح نفسها في مجرى الحياة لا أن تحيل نفسها إلى مرجعية أخرى.
مازال النقاش على مشروع الدستور الفلسطيني يدور غالباً في الطوابق العليا ومازال حكراً على نخب وفئات محدودة من المهتمين ولم تنتقل بعد إلى الدائرة الأوسع التي تسمح بإشراك فئات عريضة من نشطاء الحركة الفلسطينية من أبناء الشعب في الوطن وإلى حد ما في الشتات، وما يكسب النقاش أهمية وقيمة عملية أن اللجنة الخاصة بإعداد الدستور أكدت على المساهمة في تحسين صياغة مسودة الدستور سواء باقتراحات التعديلات أو الحذف أو الإضافة، هذا فيما يتعلق بمشروع مسودة الدستور المنقحة والتي تتضمن جميع التعديلات حتى تاريخ 4/5/2003.
إن مشروع الدستور الفلسطيني مازال مطروحاً للنقاش، وسيبقى مطروحاً للنقاش، حتى بعد اعتماده، ولاسيما فيما يخص علاقة التشريع بالشريعة، وكان بالإمكان أن لا تتحول هذه العلاقة إلى نص دستوري، وتجنب ما ينجم عنها من مشكلات ومعضلات سياسية واجتماعية واقتصادية، وتخفيف إحكام قبضة الأصولية على مناحي معينة ومؤثرة من الاجتماع السياسي و المدني والديني، تنتصب عائقاً حقيقياً أمام التطويرات المطلوب إحداثها على البنى التشريعية، وفي هذا لن يكون الدستور الفلسطيني سباقاً أو مبادراً، فتسعة دساتير عربية أنجزت قبل عقود ما هو مطروح على الأجندة الفلسطينية، عندما لم تقم دساتيرها – بالنص المباشر – علاقة بين التشريع والشريعة.
إن إرث الحركة الوطنية الفلسطينية هو إرث سياسي وطني علماني منذ انطلاقتها في مطلع العشرينيات من القرن العشرين، قبل وبعد زعامة الحاج أمين الحسيني وانتهاء بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية لهذه الحركة مروراً بمختلف مراحلها النضالية، وتعدد منعطفاتها ومحطاتها السياسية، ومن أبرزها الدورة الـ19 للمجلس الوطني الفلسطيني 15/11/1988 التي صادقت على «إعلان الاستقلال الفلسطيني» وهو الوثيقة الأساس والمرجعية التي لا نقاش لموقعها الحاسم فيما يتعلق بالكيان الوطني الفلسطيني، ومما ورد فيها: إن دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا، فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن سيادة القانون والقضاء المستقل وعلى أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون.
في أدبياتها تدعو الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى أن تكون دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة، دولة مدنية ديمقراطية، هذا ما أتى على ذكره بوضوح البرنامج السياسي للجبهة الديمقراطية ونظامها الداخلي في أكثر من موقع وبالتحديد في سياق إبراز نضال الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين من أجل:
• الاستقلال الوطني وبناء نظام سياسي ديمقراطي يحترم التعددية السياسية والحزبية والحريات العامة وحقوق المواطنين، وصولاً إلى دولة ديمقراطية تقوم على مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين وبين المرأة والرجل. قد يعتقد البعض أن مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في كافة المجالات سيصطدم في مكان ما بالنص الشرعي، وعلى افتراض ذلك، فإن المرجعيات المختصة قادرة على إيجاد المخارج واجتراح الحلول التي تنتج بنية قانونية ملبية لمتطلبات المجتمعات العصرية الحديثة انطلاقاً من مواءمة النص الشرعي مع غاياته ومقاصده التي تخدم تطور المجتمع القائم على ركيزتي الحرية والمساواة.
• ومن أجل التحرر الوطني والعدالة الاجتماعية والمساواة في المواطنة في إطار الدولة الديمقراطية المدنية.إن التوقف أمام الدولة المدنية لاستئناف الحوار حولها في الحالة الفلسطينية، يكتسي أهمية أيضاً من زاوية الدراسة المعمقة لنتائج أعمال «لجنة صياغة دستور فلسطين» التي أنجزت أعمالها بعرض «فلسفة ومرتكزات عمل اللجنة» و«مسودة الدستور» للنقاش في الدائرة الضيقة المختصة في أيلول/سبتمبر 2015، قبل أن تعود للالتئام مرة أخرى للبحث في الملاحظات والتدقيقات التي سترفع إليها.
وفي هذا السياق يسترعي الانتباه أسلوب صياغة ما يتصل بـ«المساواة» في فلسفة ومرتكزات عمل لجنة صياغة الدستور التي تجنبت استخدام صيغة «المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين، والمساواة بين الرجل والمرأة» في فقرتين، تتصلان بالموضوع لصالح اعتماد صيغة «عدم التمييز» أو فكرة «الشراكة التامة» التي لا تضاهي من حيث الوضوح القطعي ولا تصل إلى مستوى صيغة «المساواة» المحصنة إزاء أي تأويل أو اجتهاد آخر ينتقص من مضمون المساواة أو يضعفه، وهاتان النقطتان هما:
1 ــ الانطلاق من مفهوم المواطنة في العلاقة بين الفلسطينيين والدولة، بحيث تم استبعاد وتجنب الأمور التي تقلل من قيمة هذه المواطنة أو تؤدي إلى خلق نوع من التمييز والتفرقة ما بين الفلسطينيين، وذلك إلى جانب التأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني وحق اللاجئين الفلسطينيين في الحصول على كافة حقوقهم الفردية والجماعية وفي مقدمتها حقهم في العودة إلى الديار الأصلية وأساسها القرار 194.
2 ــ اعتماد فكر وفلسفة الشراكة التامة بين الرجل والمرأة لقناعتنا أنهما شركاء على قدم المساواة في النضال وشركاء في البناء وشركاء في صنع القرار، وكذلك عدم التمييز بناء على النوع الاجتماعي■



#الجبهة_الديمقراطية_لتحرير_فلسطين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدد 64 من «كراسات ملف»: «اتفاقات أبراهام» ومعضلة اندماج إس ...
- (الكلمة الكاملة لفهد سليمان نائب الأمين العام للجبهة الديمقر ...
- العدد 63 من «كراسات ملف»: حكومات «الوحدة الوطنية» في إسرائيل
- بلاغ صادر عن المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- العدد 62 من «كراسات ملف»: التطبيع .. المسار والتداعيات
- العدد 60 من «كراسات ملف» : انتخابات الكنيست الـ20
- التقرير السياسي الصادر عن أعمال دورة اجتماعات المكتب السياسي ...
- موضوعات في الوضع السياسي الراهن
- صدور العدد 58 من «كراسات ملف»
- العدد 57 من «كراسات ملف»: المشروع الوطني الفلسطيني وراهنية ا ...
- العدد 56 من «كراسات ملف»: الاستيطان في قرارات مجلس الأمن
- كتاب جولة أفق سلسلة الطريق الى الاستقلال (43)
- العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية ...
- جديد «كراسات ملف»: قراءة في كتاب «بين مشهدين»
- «الأحزاب العربية في إسرائيل» محور العدد 52 من «كراسات ملف»
- العدد 50 من «كراسات ملف»:مقتطفات من كتاب« دولة إسرائيل ضد ال ...
- اتحاد نقابات النرويج ينتصر لفلسطين
- جديدنا نايف حواتمة
- الجبهة الديمقراطية تنعي الشهيدة الفارسة الإعلامية شيرين أبو ...
- بيان صادر عن قطاع العمال في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ...


المزيد.....




- رأي.. فريد زكريا يكتب: كيف ظهرت الفوضى بالجامعات الأمريكية ف ...
- السعودية.. أمطار غزيرة سيول تقطع الشوارع وتجرف المركبات (فيد ...
- الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس يخضع لعملية جراحي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابطين وإصابة اثنين آخرين في كمين ...
- شماتة بحلفاء كييف؟ روسيا تقيم معرضًا لمعدات عسكرية غربية است ...
- مع اشتداد حملة مقاطعة إسرائيل.. كنتاكي تغلق 108 فروع في مالي ...
- الأعاصير في أوكلاهوما تخلف دمارًا واسعًا وقتيلين وتحذيرات من ...
- محتجون ضد حرب غزة يعطلون عمل جامعة في باريس والشرطة تتدخل
- طلاب تونس يساندون دعم طلاب العالم لغزة
- طلاب غزة يتضامنون مع نظرائهم الأمريكيين


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - العدد65 من «كراسات ملف»: كتب تحت المجهر 6