أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - جديد «كراسات ملف»: قراءة في كتاب «بين مشهدين»















المزيد.....



جديد «كراسات ملف»: قراءة في كتاب «بين مشهدين»


الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

الحوار المتمدن-العدد: 7325 - 2022 / 7 / 30 - 14:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


■ أصدر المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»، العدد 53 من سلسلة «كراسات ملف»،(تموز /يوليو 2022)، وفيه قراءة في كتاب «بين مشهدين»، أجراها الزميل فؤاد محجوب، من أسرة تحرير مجلة الحرية.
الكتاب يحمل الرقم 42 من سلسلة «الطريق إلى الاستقلال»، التي يصدرها «ملف»، وتضمن قسمين تناولا المشهد السياسي على مقلبيه؛ الفلسطيني والإسرائيلي، وهو من تأليف اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
• يضم القسم الأول، ملف «معركة القدس»: 13/4-21/5/2021، بما شكلته من محطة نضالية وسياسية مميزة، ساهمت بجوانبها السياسية والجماهيرية في تظهير عدد من الحقائق، كان من أهمها التأكيد، مرة أخرى، على وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة حقوقه وتطلعاته في مختلف مناطق تواجده.
ورأى الكتاب أنه كان يمكن لهذه «المعركة»؛ القصيرة زمنياً والعميقة سياسياً ونضالياً، أن تتصاعد وترتقي، بأبعادها السياسية والنضالية، إلى آفاق أرحب لو توفرت لها القيادة الوطنية الموحدة التي تقود النضالات وترسم الأهداف والتكتيكات، في إطار السعي لإنجاز التحرير واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
• واهتمّ القسم الثاني من الكتاب بما يجري على المقلب الآخر، وحاول الغوص في أعماق المشهد الإسرائيلي، وعدم الاقتصار على ذلك النمط من المراجعات السريعة، التي تكتفي بتناول الحدث الآني دون الغوص في جذوره القريبة أو البعيدة. وفي السياق، تم تسليط الضوء على الدور الذي تلعبه أحزاب «الوسط» الصهيوني، لجهة قيام تحالفات بين القوى والأطراف السياسية تمهّد الطريق أمام انشاء حكومات إسرائيلية، بما فيها حكومة الائتلاف الإسرائيلي برئاسة الثنائي بينيت ـ لبيد.
كما عرض هذا القسم لتجربة الأحزاب العربية في إسرائيل عبر ملف تناول عدة مراحل مرت بها المشاركة العربية في انتخابات الكنيست، منذ محطتها الأولى في العام 1949■

المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
«ملف»


المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
«ملف»



كتب تحت المجهر ـ 4


«بين مشهدين»
تأليف: اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
عرض وتحليل: فؤاد محجوب
كاتب وصحفي من أسرة «الحرية»




سلسلة «كراسات ملف»
العدد الثالث والخمسون ـ تموز(يوليو)2022





















المحتويات
■ مقدمة
■ القسم الأول : معركة القدس
1- مقدمات«معركة القدس» وتداعياتها..
2- بين النهوض الجماهيري .. وألغام الإنقسامات والرهانات الخاسرة
3- دروس وخلاصات من المعركة
■ القسم الثاني: في تطورات المشهد الإسرائيلي
1 ـ حكومات «الوحدة»
2 ـ أحزاب الوسط الصهيونية
3 ـ الأحزاب العربية في إسرائيل





























مقدمة
■ «بين مشهدين»، هو الكتاب الـ42 الصادر حديثاً من سلسلة «الطريق إلى الاستقلال»، من إصدارات «المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات»/ (ملف)، وتضمن قسمين تناولا المشهد السياسي على مقلبيه؛ الفلسطيني والإسرائيلي. الكتاب من تأليف اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
ومن الموضوعات التي تضمنها القسم الأول، ملف «معركة القدس»: 13/4-21/5/2021، بما شكلته من محطة نضالية وسياسية مميزة، ساهمت بجوانبها السياسية والجماهيرية في تظهير عدد من الحقائق، كان من أهمها التأكيد، مرة أخرى، على وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة حقوقه وتطلعاته في مختلف مناطق تواجده.
ورأى الكتاب أنه كان يمكن لهذه «المعركة»؛ القصيرة زمنياً والعميقة سياسياً ونضالياً، أن تتصاعد وترتقي، بأبعادها السياسية والنضالية، إلى آفاق أرحب لو توفرت لها القيادة الوطنية الموحدة التي تقود النضالات وترسم الأهداف والتكتيكات، في إطار السعي لإنجاز التحرير واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
واهتمّ القسم الثاني من الكتاب بما يجري على المقلب الآخر، وحاول الغوص في أعماق المشهد الإسرائيلي، وعدم الاقتصار على ذلك النمط من المراجعات السريعة، التي تكتفي بتناول الحدث الآني دون الغوص في جذوره القريبة أو البعيدة.
وفي السياق، تم تسليط الضوء على الدور الذي تلعبه أحزاب «الوسط» الصهيوني، لجهة قيام تحالفات بين القوى والأطراف السياسية تمهّد الطريق أمام انشاء حكومات إسرائيلية، بما فيها حكومة الائتلاف الإسرائيلي برئاسة الثنائي بينيت ـ لبيد.
كما عرض هذا القسم لتجربة الأحزاب العربية في إسرائيل عبر ملف تناول عدة مراحل مرت بها المشاركة العربية في إنتخابات الكنيست، منذ محطتها الأولى في العام 1949.
في ما يلي قراءة بموضوعات الكتاب أجراها الزميل فؤاد محجوب، من أسرة تحرير مجلة الحرية■

المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
«ملف»





القسم الأول ..
«معركة القدس»
13/4 ــــ 21/5/2021








(1)
مقدمات المعركة وتداعياتها
■ داهمت المعركة قيادة السلطة الفلسطينية، والنظام السياسي يعاني حالة انسداد وضعف وتراجع بعد أن فشل في تحمل مسؤولياته على مختلف الصعد والميادين:
• فقد عجز هذا النظام عن تجديد نفسه وإعادة بناء مؤسساته، حين فشل منذ أن وقع الانقسام في 14/6/2007، في تنظيم انتخابات عامة تمّت الدعوة لها خمس مرات متتالية، فأتى التراجع عنها ليعمّق من تدهور أوضاعه، وخصوصاً في ظلّ انزياحه المستمر من نظام رئاسي برلماني إلى نظام رئاسي سلطوي يستفرد بالقرار ويدير الشأن العام بالمراسيم والقوانين، متجاوزاً القانون الأساسي للسلطة وإعلان الاستقلال، وميثاق م.ت.ف وقرارات الإجماع والتوافق الوطني.
• كما أثبت هذا النظام عجزه عن توفير متطلبات الأمن الغذائي للشعب، الذي استمر معلقاً على القرار الإسرائيلي، حين فشل أكثر من مرة في خوض معارك تطوير الأداء الاقتصادي خارج قيود بروتوكول باريس الاقتصادي.
• وعجز كذلك عن حماية المال العام حين فشل في إدارة معركة أموال المقاصّة، رداً على اقتطاع سلطات الاحتلال لما تعتبره رواتب الأسرى وعوائل الشهداء. وقد رضخت قيادة السلطة لواقع الاحتلال وقراراته وامتثلت للإجراء الإسرائيلي، ما كرَّس واقعاً جديداً فرضته دولة الاحتلال على الشعب الفلسطيني، وتمثل في مصادرة أمواله بذرائع مختلفة.
• وفشل في توفير الأمن الوطني للشعب الفلسطيني وحقه السيادي في أرضه، حين وقف عاجزاً عن مواجهة مصادرة الأراضي ومصادر المياه وممتلكات المزارعين، فضلاً عن هدم المنازل والإضرار بالمزروعات وبساتين الزيتون، وفرض الحصار الاقتصادي على مدينة القدس ومواصلة عمليات تهويدها وطمس معالمها، وتهجير سكانها عبر إجراءات وذرائع مختلفة.
• وفشل أيضاً في توفير الحماية الأمنية لمواطنيه، بما في ذلك سكان المناطق المصنفة (أ)، التي يُفترض باتفاقات أوسلو أن تَحُول دون اجتياحها من قبل سلطات الاحتلال، فأضحت عمليات الاقتحام الليلي لمدن الضفة وبلداتها وقراها ظاهرة يومية، والاعتقالات الجماعية للمواطنين هي الأخرى ظاهرة يومية، دون أي رد فعل من قبل أجهزة السلطة.
• وقد عمَّق من أزمة السلطة واقع افتراقها عن المزاج السياسي للحالة الجماهيرية المهيّأة للانتفاض على الاحتلال، ففي الوقت الذي شهدنا فيه العديد من الاحتجاجات والاعتصامات ضد الاحتلال والاستيطان، كانت السلطة تقابل ذلك بردود فعل متحفظة، وينتابها قلق من اتساع حالة الانفجار الجماهيري، على خلفية سياستها القائمة على تجنب المواجهات الواسعة.
• وإلى ذلك، فقد اعتمدت السلطة في تجديد وإدامة مفعول شرعيتها على وجود غطاء عربي رسمي، وعلى توفير غطاء من الراعي الأميركي والجانب الإسرائيلي باعتبارها اللاعب الثاني في اتفاق أوسلو، وشريكاً فاعلاً في منظومة أمنية باتت تنتمي إليها في إطار «التنسيق الأمني»، وبوصفها إدارة ذاتية لجغرافيا مُستعمَرة ملحقة بالنظام الاقتصادي الإسرائيلي، أي أنها حاجة إسرائيلية تُعفي الاحتلال كثيراً من أعباء وكلفة السيطرة على المناطق المحتلة.
يجدر بالذكر هنا أنه في ظلّ مسار أوسلو، وما آل إليه سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، نمت ونشأت طبقة سياسية وشرائح اجتماعية، (من داخل السلطة وخارجها)، تقف موضوعيا وذاتياً في الضفة الأخرى المعارضة لتطوّر المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، لأنّ مصالحها الطبقية والسياسية باتت مرتبطة بالاحتلال، وهي تدرك جيداً أن استمرار السلطة ونظامها السياسي سيكون رهناً بقدرتها على الوفاء بالتزاماتها السياسية والأمنية والاقتصادية نحو الأطراف التي توفر لها الغطاء السياسي، أي التمسك باتفاق أوسلو والالتزام باستحقاقاته الأمنية والاقتصادية.
كلّ ذلك في وقت لا تخفي فيه دولة الاحتلال رفضها إطلاق عملية سياسية تضع قرارات الشرعية الدولية موضع التنفيذ، ولا تخفي رفضها إقامة الدولة الفلسطينية، ومن باب أولى رفضها لحق العودة؛ كما أنها تجاهر بإصرارها على مواصلة الاستيطان والضم الفعلي، ولا تتوقف عن سياسة البطش اليومي في الضفة والتهديد بالتهجير، ودق طبول الحرب على قطاع غزة المثخن بجراح العدوان والحصار■
(2)
بين النهوض الجماهيري .. وألغام الانقسامات والرهانات الخاسرة
■ يشير الكتاب إلى أنّ «معركة القدس»، التي غابت عنها قيادة السلطة على نحو تام عملياً، شكلت محطة نوعية فاصلة في تاريخ المواجهات مع العدو الصهيوني، وبذلك سيكون لها ما قبلها وما بعدها.
فالمعركة لم تكن حدثاً عابراً أو طارئاً، بل كانت نتيجة لأحداث سبقتها، أسهمت بمحصلتها في توفير الشروط اللازمة لإشعال نيران الغضب والاحتجاج؛ في القدس والضفة الغربية وأراضي الـ48، وصولاً إلى فلسطينيي الشتات، فجاءت المعركة لتكون علامة فارقة في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية والخبرات الكفاحية التي راكمتها على طول مسيرتها النضالية.
وكانت أولى محطاتها المواجهات الشعبية التي اندلعت في مدينة القدس، وامتدت من باب العامود إلى الشيخ جراح إلى سلوان إلى العيساوية والعيزرية، وصولاً إلى الأقصى. كما شهدت أنحاء الضفة تحركات مماثلة، على أبواب مستوطنة «بيت إيل»، وفي بلدات مختلفة؛ في بيتا وكفر قدوم وبيت دجن ونعلين وبلعين، ومحافظات الخليل وجنين وطوباس وسلفيت وسواها.
وخلال ذلك، شهدت الضفة سلسلة عمليات فردية، حملت في طياتها إشارات ذات مغزى، تنبئ بحالة الغليان التي تعتمل في نفوس المواطنين وتؤشر إلى استعداد الحالة الجماهيرية للانخراط في كل أشكال النضال وتقديم التضحيات. ولا شك أن عملية زعترة (2/5/2021)، على سبيل المثال، شكلت نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه الحالة الشعبية، لو توفرت لها التعبئة السياسية وآليات التأطير في قيادة وطنية موحدة، تستنهض كل عناصر القوة في ميدان النضال الوطني الفلسطيني.
وقد جاءت حملة «سيف القدس»، التي استمرّت أحد عشر يوماً (من 10 إلى 21/5)، لتكون فصلاً نوعياً حاسماً في إطار معركة شاملة، لم تكن هي بدايتها ولا النار التي أشعلتها، بل جاءت كتطور عسكري مفصلي في سياق مواجهات أكبر وأشمل، (امتدت من 13/4 إلى 21/5/2021)، وأسميّت بـ«معركة القدس»■
(2 ـ 1)
الانتصار يُفرِّق ولا يُقَرِّب (!)
■ غير أن المفارقة الكبرى التي صدمت الجميع، كما شدّدت الجبهة الديمقراطية في كتابها، أن حركتي فتح وحماس، وبدلاً من أن يجعلا من هذه المحطة نقطة انطلاق للتقارب واستعادة الحوار، تمهيداً لتحقيق خطوات تراكمية على طريق استعادة وحدة الحالة الفلسطينية، استئنافاً لما عَبَّرت عنه محطات الحوار الوطني الثلاث: بيروت/ رام الله – 3/9/2020، القاهرة الأولى والثانية في 8-9/2 و16-17/3/2021، فقد استخدما «معركة القدس» ذريعة وأداة جديدة لتعميق الانقسام.
وهكذا تحوَّلت المعركة، بفعل الانقسام وتشتت الرؤية السياسية وغياب الاستراتيجية الموحدة، إلى عامل جديد من عوامل تعميق الفرقة والانقسام، وفتحت الباب لحملات جديدة من الاعتقال والإحتراب الإعلامي بين طرفي السلطة، بما ترتّب على ذلك من نتائج سلبية، بحيث باتت الأبواب أكثر انغلاقاً أمام محاولات إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية.
فقد سلكت حركة حماس سلوك المنتصر الأول في المعركة، وبدت وكأنها تحاول أن توظفها سياسياً لتعزيز موقعها في مواجهة قيادة السلطة وحركة فتح، فدعت إلى تشكيل قيادة مؤقتة، تحلّ عملياً مكان اللجنة التنفيذية في م.ت.ف، على نحو يضعها في موقع الشريك في القرار السياسي والموقع التمثيلي للشعب الفلسطيني والقضية الوطنية، الأمر الذي دفع بحركة فتح وقيادة السلطة إلى الحديث عن مخاطر تهدد «الشرعية»، وعن محاولات لـ «سرقة» قيادة مؤسسات السلطة والمنظمة، وصولاً إلى الترويج لـ«سياسات انقلابية» لحساب «أجندات خارجية»(!)، وقامتا بحملة تعبئة داخلية عصبوية، جعلت من صون التفرد بالحكم واحتكار السلطة جوهر المعركة السياسية.
وفي المحصلة، عاد كل طرف إلى موقعه المحكوم بأولوياته واهتماماته المباشرة، بعيداً عن أي تفكير وطني جامع؛ ففي الوقت الذي انشغلت فيه قيادة السلطة وحركة فتح في الدفاع عن «الشرعية» والتلويح بالعصا والقبضة الحديد، انشغلت حركة حماس بقضايا قطاع غزة وهمومه، وبمعالجة نتائج المعركة، ومنها إعادة إعمار ما دمره العدوان، ووضع آلية جديدة للمنحة القطرية، وتوفير الشروط الأفضل لعبور البضائع إلى قطاع غزة وتخفيف قبضة الحصار. وعجزت بذلك، عن تثمير نتائج المعركة، وتقديم نفسها شريكاً في المرجعية الفلسطينية.
وفي غضون ذلك، تمّ تجديد طرح مشاريع «السلام الاقتصادي» بديلاً من التقدم نحو الحل السياسي الذي يستجيب لتطلعات الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال الوطني الناجز. وتندرج في هذا السياق، خطط «بناء الثقة» و«تقليص الصراع» و«الأمن والهدوء مقابل الاقتصاد»، وغير ذلك من المشاريع الرامية إلى إدامة الاحتلال، باعتماد أساليب وآليات قديمة - جديدة، هي في جوهرها محاولة لإحلال الحلول الجزئية (الاقتصادية) بديلاً من الحل الحقيقي الذي يكفل للشعب الفلسطيني كامل حقوقه الوطنية المشروعة.
ولكن الخلاف المستحكم بين حركتي فتح وحماس، كما يؤكد كتاب «بين مشهدين»، ليس نهاية المطاف في المسار الوطني، وليس قدراً محتوماً لا فكاك منه. والضرورات الوطنية تملي على الجميع عدم التخلي عن بذل الجهد الحثيث لاستعادة الوحدة المفقودة، مع الإدراك المسبق بأن القضية شديدة التعقيد، وبأنّ الطريق إلى معالجتها مليء بالعراقيل والصعوبات، وحتى بالألغام، نظراً لصعوبة استجابة الطرفين لهذه الضرورة، إلاّ تحت الضغط الجماهيري، ومآل الأحداث وربما الإكراهات اللاحقة.
وفي ضوء ذلك، يضيف الكتاب،أن على باقي أطراف الحالة الوطنية الابتعاد عن السياسات الاستفزازية، التي من شأنها أن تسهم في تعقيد الأوضاع وزيادة صعوبتها. فالدعوة للحوار هي الخيار الأسلم على طريق إحداث التقارب وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، فضلاً عن أنّه هو الخيار الأسلم لاحتلال موقع مؤثر في معادلة العلاقات الوطنية■
(2 ــ 3)
المشهد الرسمي الفلسطيني بعد المعركة
■ مع انقشاع غبار المعركة وصمت المدافع، تَبَدَّى المشهد الرسمي الفلسطيني، خلافاً للواقع الجماهيري، مشتتاً ومنقسماً على نفسه، يفتقر إلى الاستراتيجية الموحدة التي تُثَمِّر الانتصارات الباهرة التي حققتها الحركة الجماهيرية والمقاومة المسلحة.
• فالنظام السياسي الفلسطيني، كما تعبر عنه السلطة وقيادتها، أخفق في تعبئة واستنهاض عناصر القوة الفلسطينية لخوض المعركة بثبات، وابتعد بالتالي عن المنحى الوطني العام كما عبَّرت عنه الحالة الشعبية والمقاومة بأشكالها المختلفة. فبدلاً من أن تتعامل قيادة السلطة بالجدية المطلوبة مع «معركة القدس»، وتنظر إلى ما يمكن أن تحققه من نتائج ومكاسب وطنية عامة، وتتقدم بمبادرات لتثمير هذه النتائج، فإنها جعلت من مسألة «الدفاع عن شرعيتها وقيادتها» الهمّ الرئيسي لها وللنظام السياسي القائم.
ولم تكتفِ بهذا، بل تراجعت كذلك عن التوافقات الوطنية كما أقرتها المؤسسات الرسمية واللقاءات الوطنية، وانشغلت بمحاولات ترميم الهيبة المفقودة والشرعية المثلومة، وعاودت رهاناتها على الإدارة الأميركية ومشروعها الغامض للحل.
• وفي هذا الإطار، أطلقت السلطة الفلسطينية ما سميّ بمبادرة الرئيس محمود عباس، التي جاءت خارج أطر التوافق الوطني، لعلّها تُمكنّها من استعادة موقعها في قلب المعادلة السياسية، بعد أن أضحت على هامشها. وتمثلت المبادرة بثلاث نقاط: مفاوضات برعاية الرباعية الدولية، حكومة وفاق وطني «مقبولة دولياً»، وأخيراً «حل متفق عليه» لقضية اللاجئين. وفي الواقع، فإنّ كل نقطة من هذه النقاط تحتاج إلى معالجة خاصة:
1- فالدعوة لاستئناف المفاوضات الثنائية برعاية الرباعية الدولية، هي ترجمة عملية لمفاعيل الانقلاب السياسي لقيادة السلطة- 17/11/2020، الذي جدّدت فيه التحاقها باتفاق أوسلو بشقيه الأمني والاقتصادي، وتراجعها عن القرار القيادي- 19/5/2020، الذي نصَّ على «أن م.ت.ف ودولة فلسطين قد أصبحت في حِلٍّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها، بما فيها الأمنية».
كما تندرج هذه «المبادرة» في سياق الانقلاب على قرارات الإجماع الوطني في دورة المجلس الوطني- 2018، التي دعت إلى حل القضية الوطنية في إطار مؤتمر دولي تدعو له الأمم المتحدة، وترعاه وتشرف عليه الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، مؤتمر بسقف زمني محدد وبقرارات ملزمة، وبجدول أعمال واضح لتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
2- كما قامت «مبادرة الرئيس» على الدعوة لتشكيل ما سمي بـ«حكومة وفاق وطني مقبولة دولياً»، (بديلاً لحكومة وحدة وطنية). وهي نقطة مرتبطة بما سبقها، فهذه الدعوة لا تخاطب الأطراف الفلسطينية كافة، بل فقط تلك التي تلتقي مع النقطة الأولى، انطلاقاً من أن «حكومة الوفاق» ستكون معنية بالدرجة الأولى بقضايا المفاوضات وفقاً لشروط، أو بالأحرى اشتراطات «الرباعية الدولية»: الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود + المصادقة على الاتفاقات الموقع عليها + نبذ الإرهاب. وهي ذات الاشتراطات التي واجهت بها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية، تحت طائلة المقاطعة، حكومتي حماس الأولى والثانية عامي 2006 و2007.
3- أما الدعوة إلى حل «متفق عليه» لقضية اللاجئين الفلسطينيين، فإنها تعيدنا مرة أخرى إلى واحدة من ساحات الخلاف الداخلي المستحكم حول إحدى القضايا الوطنية الكبرى. وفي هذه النقطة بالذات، تُسلم قيادة السلطة عملياً، كما جاء في الكتاب، بالتخلي عن حق العودة، والقبول بما توافق عليه دولة الاحتلال، التي ترفض أساساً الاعتراف بمسؤوليتها عن قضية اللاجئين، وترفض الاعتراف بوكالة الغوث وبحق العودة وبالقرار 194، وتدعو بالمقابل إلى حلٍّ يقوم على توطين اللاجئين في الدول العربية ودول اللجوء الأخرى.
ويضيف الكتاب، بأنه لا داعي للتأكيد أن هذا التنازل المسبق والمجاني عن حق العودة، ما هو إلا محاولة من السلطة الفلسطينية وقيادتها، لتأكيد «حسن النيّة» أمام الراعي الأميركي والرباعية معاً، واستعدادها لإزالة أحد العراقيل الرئيسة التي تعترض سبيل الوصول إلى حل لقضايا الوضع الدائم.
ولكن هذه المبادرة بقيت معلقة في الهواء، لانشغال الإدارة الأميركية بأولوياتها، من جهة، ولامتناع حكومة بينيت عن التفاعل معها، من جهة ثانية. وهكذا فإن سياسة الاحتواء الأميركية للوضع الفلسطيني، انتهت إلى ما سمي بـ «خطوات بناء الثقة» بين الطرفين، بموجب ورقة تفاهمات وقعتها الأطراف الثلاثة (إسرائيل، السلطة، الخارجية الأميركية) في 14/7/2021، حملت في طياتها العديد من الالتزامات والقيود الإضافية على السلطة، جزء كبير منها يستعيد ما جاء في «صفقة القرن» من قيود أمنية وإعلامية وغيرها.
• وفي السياق السابق، سياق الخروج عن أطر التوافق الوطني، أقدمت قيادة السلطة على خطوة ثانية رأت أنها ملحّة للدفاع عما يسمّى «شرعيتها»، فقامت بتشديد قبضتها الأمنية، انطلاقاً من تخوف أن تشكل الانتفاضة عنصراً يؤدي إلى خلخلة أوضاع النظام السياسي الحالي، بكل ما يوفره من مصالح وامتيازات للطبقة الحاكمة تحت سقف أوسلو. ولا شك أن حادثة مقتل الناشط نزار بنات، على يد الأجهزة الأمنية، شكلت نموذجاً مفجعاً لما يمكن أن تقدم عليه السلطة في سياق الدفاع عن مصالحها.
ففي ظلّ نقلتها الكبرى، من سلطة وطنية قدمت نفسها مشروعاً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، إلى سلطة تعتاش على الاعتراف بها طرفاً في المعادلة الإقليمية والاتفاقات المبرمة، نمت التناقضات بينها وبين المعارضة الوطنية بتعبيراتها المختلفة، من فصائل وأحزاب وفعاليات مجتمع مدني، بحيث لم يعد هذا النظام يملك من وسائل «إقناع» سوى اللجوء إلى الأساليب القمعية، من تكميم الأفواه والتضييق على الحريات، والاعتقالات الفردية والجماعية وصولاً إلى التعذيب واستخدام الإكراهات الجسدية والنفسية، حتى لو أدّت إلى القتل، مثلما جرى مع بنات.
وفي خطوة لا تقل استفزازاً عن إجراءات القمع التي لجأت إليها السلطة، عمدت الحكومة إلى إصدار قرار إداري (رقم 22) تُحَرِّم فيه على عموم الموظفين الإدلاء بآرائهم السياسية، وهي سابقة خطيرة في تقاليد العمل السياسي الفلسطيني، من شأنها أن تطرح العديد من التساؤلات عن مغزى هذا التحريم؛ هل هو لكمّ أفواه هؤلاء الموظفين ومنعهم من ممارسة العمل السياسي والنقابي؟ أم هو خطوة تستجيب للدعوة الأميركية بوقف ما يُسمى «التحريض ضد دولة الاحتلال»؟■

(2 ـ 4)
الإدارة الأمريكية ورهانات السلطة الفلسطينية
■ فاجأت الأحداث الفلسطينية الإدارة الأميركية التي تراجع موقع قضايا الشرق الأوسط على سلّم أولوياتها، ورأى البعض أن الملف الفلسطيني لن يكون جاهزاً على طاولة الرئيس الأميركي قبل ثلاث سنوات، نظراً لانشغال الإدارة الديمقراطية بملفات دولية كبرى في غاية التعقيد، كمواجهة تداعيات «صعود الصين»، وتنامي نفوذها في محيطها الآسيوي، وعلى مستوى العالم ككل. إضافة إلى تعاظم دور روسيا الاتحادية والتحدي الذي ترفعه في وجه واشنطن في عدد من المناطق والقضايا الإقليمية الشائكة، (أوكرانيا، جمهوريات البلطيق، إمداد أوروبا بالغاز، والصناعات الحربية المتطورة،.. الخ).
وإلى جانب التحديات التي تطرحها أوضاع كلّ من الصين وروسيا، يأتي الوضع المتوتر في شبه الجزيرة الكورية، والممرات البحرية من المحيط الهندي شرقاً وصولاً إلى المحيط الهادئ، والوضع المستجد في أفغانستان، والتجاذب حول الملف النووي مع الجمهورية الإسلامية في إيران، الخ.
وأمام هذه الملفات المعقدة والانشغالات الكبرى بها، أوكلت إدارة بايدن إلى نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية، هادي عمرو، متابعة الملف الفلسطيني– الإسرائيلي، حيث اقتصرت خطته على احتواء الوضع في المنطقة، والسعي إلى ضمان الهدوء في إطار خطة هدفها، على حد تعبير الوسيط الأميركي، «بناء خطوات الثقة» بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، بعد أن استشعرت الإدارة الأميركية حالة العزلة السياسية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، وحالة العجز المستحكم الذي يَسِمُ أداءها ويؤدي إلى تراجع مكانتها.
وفي إطار ما يسمى طي صفحة «صفقة القرن»، خطت الإدارة الأميركية خطوات «انفراجية» نحو قيادة السلطة، بدت في مجملها أقرب إلى مفهوم العلاقات العامة، كونها اقتصرت على توجيه رسائل طمأنة وبعض الوعود لا أكثر.
كما استأنفت الإدارة الأميركية مساعداتها للسلطة، وللمؤسسات الأهلية الفلسطينية في الضفة الغربية، ولوكالة الغوث (الأونروا)، لكن بموجب بروتوكول تعاون تضمّن اشتراطات أميركية، من شأنها أن تُقَيِّد عمل الأونروا، بما في ذلك فرض المزيد من القيود السياسية على الموظفين الفلسطينيين، والتمييز بين من يستحقون مساعدات الوكالة، وحرمان من تنطبق عليهم مواصفات «الإرهابي»، وفق التعريف والتصنيف الأميركيين.
كما استأنفت المخابرات المركزية مساعداتها لجهاز المخابرات في السلطة الفلسطينية دعماً لموازنات تستجيب لضرورات العمل واحتياجاته بين الجهازين بالأولويات التي تحددها واشنطن.
وعلى العموم، فإن الأحداث الفلسطينية فاجأت الإدارة الأميركية لكنها لم تدفعها إلى إعادة النظر في أولوياتها الدولية، بل يمكن القول إن إدارة بايدن طوقت أحداث الشرق الأوسط، عبر جولة وزير الخارجية توني بلينكن في المنطقة، التي أسفرت عن تفويض العاصمة المصرية برعاية «التهدئة» في قطاع غزة، وإدارة ملف إعادة الإعمار، وضبط العلاقة بين حركة حماس وحكومة بينيت. كما أسفرت عن مطالبة الأخيرة بإدارة العلاقة مع السلطة الفلسطينية، وتطوير خطة ما يسمى «بناء خطوات الثقة» لتعزيز موقع السلطة في مواجهة حركة حماس والمعارضة الوطنية عموماً.
وفي ظلّ تفاؤلها الكبير بالدور الأميركي وإدارة بايدن، استعادت قيادة السلطة، كما يوضح كتاب «بين مشهدين»، ذات السياسات والرهانات التي بنتها على إدارة بوش الابن، صاحب «رؤية حل الدولتين»- 2002، التي مازالت مقيمة في غرفة الانتظار، والذي انتهت ولايته بحملة «الرصاص المصبوب» على قطاع غزة، وكذلك ذات السياسات والرهانات التي بنتها على إدارة أوباما، في ولايتيه الأولى والثانية، والتي انتهت بتسليم وزير الخارجية جون كيري بفشله في الضغط على حكومة نتنياهو لوقف (ولو جزئي) للاستيطان، كأحد متطلبات استئناف المفاوضات.
وهي نفسها السياسات والرهانات التي بنتها قيادة السلطة على إدارة ترامب، التي لَوَّحَتْ بحلها المنتظر، قبل أن تعلن عنه رسمياً فيما سمي بـ «صفقة القرن»- 28/1/2020، التي شكلت «صفعة» مدوية لقيادة السلطة، أحبطتها ودفعتها لتتبنى خط عمل جديداً، لكنه بقي مجرد حبر على ورق!.
والحال، فإن استمرار تمسك السلطة برهاناتها؛ (الجديدة – القديمة)، على إحياء المفاوضات العبثية برعاية الرباعية الدولية، وخيار الالتزام باستحقاقات أوسلو وقيوده، بات يعطل الدور الريادي لـ م.ت.ف، ويتنكر لقرارات مجلسيها الوطني والمركزي، ويزيد بالتالي من تفاقم أزمة النظام السياسي الفلسطيني وعجزه عن التقدم لمواكبة المسيرة الكفاحية لشعبنا.
وحذر الكتاب من خطورة الرهان على إمكانية إطلاق عملية سياسية جدية لحل الصراع في الأمد القريب، مشدداً على ضرورة استمرار النضال من أجل تغيير حاسم في ميزان القوى، يُملي على العدو الإذعان لقرارات الشرعية الدولية وبخاصة القرار 2334-2016، الذي ينصّ على وقف الاستيطان الاستعماري اللاشرعي وقفاً تاماً، باعتبار ذلك شرطاً ضرورياً لإطلاق عملية سياسية قابلة للنجاح، في إطار مؤتمر دولي تحت رعاية جماعية للأمم المتحدة، ممثلة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وبما يضمن حلاً شاملاً للقضية الفلسطينية، بما فيه قضية اللاجئين وفقاً للقرار 194، الذي يكفل حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948■

(2 ــ 5)
الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية
■ على رغم ترحيب البعض بمجيء تحالف بينيت – لبيد على خلفية الارتياح لرحيل نتنياهو، إلا أن الحكومة الجديدة لم تكن في الواقع أقل تطرفاً من سابقتها؛ فقد حافظت على «ثوابت» المشروع الصهيوني، بعناوينه المعروفة «لا دولة فلسطينية، لا مفاوضات، لا وقف للاستيطان، لا لعودة اللاجئين، القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل».
وقد اتخذت حكومة بينيت موقفاً سلبياً من الدعوة لاستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وردت على هذه الدعوات بعنجهية واستعلاء، وبإطلاق توصيفات على السلطة الفلسطينية تغمز من قناة دورها الأمني وضرورة زيادة فعاليته في قمع الحركة الشعبية. وما زال الاستيطان على رأس جدول أعمال الحكومة الجديدة، وتصريحات بينيت حملت تأكيدات واضحة على مصادرة الأراضي والمضي به.
وفي ضوء ما نتج عن معركة «سيف القدس»، عرض يائير لبيد، وزير الخارجية الإسرائيلية، خطة «الاقتصاد مقابل التهدئة/الأمن» (9/2021)، مفترضاً قيامها على مرحلتين: الأولى، «الاقتصاد مقابل التهدئة طويلة الأمد»، التي تقتضي التزام حماس بها، مقابل تلبية الاحتياجات الإنسانية الملحّة للمجتمع: إعادة تأهيل شبكة الكهرباء وربطها بالغاز + بناء مرافق تحلية مياه + تحسين الخدمات الصحية + إعادة تأهيل البنية التحتية السكنية والمواصلات.. الخ
والمرحلة الثانية، «الاقتصاد مقابل الأمن»، على أن تعود السلطة الفلسطينية إلى غزة لتتسلم إدارتها، مقابل خطة منظمة للنهوض الاقتصادي في القطاع، في حال قبول حركة حماس بشروط الرباعية. ومن بين عناصر الخطة: إنشاء ميناء غزة + ربط القطاع بالضفة + استثمارات دولية في غزة + مناطق صناعية بجوار معبر بيت حانون■


(2 ــ 6)
الحركة الجماهيرية
■ يعتبر الكتاب أنّ ما هو جوهري في «معركة القدس» وما بعدها، هو مشهد الحركة الجماهيرية، (حاضنة المقاومة بأساليبها وأشكالها المختلفة). هذه الحركة التي يجب التركيز عليها، وبذل جهود فعّالة لبناء أطر وآليات عمل تصون ما تحقق من تطور فيها لتعزّيزها مستقبلاً.
فبعد وقف إطلاق النار واصلت الحركة الجماهيرية الناهضة معركتها، ولم تُرهن حساباتها لمعادلات إقليمية أو دولية. ففي مقاومة الاستيطان، تنتشر في أرجاء القدس وعموم أنحاء الضفة الفلسطينية، بؤر الاشتباك الجماهيري، (كما هو حال بيتا، وغيرها من المناطق المعرضة لخطر المصادرات وتوسيع الاستيطان، في خطط إسرائيلية استراتيجية تستهدف تقويض الأساس الجغرافي لقيام دولة فلسطينية مستقلة؛ متواصلة جغرافياً وكاملة السيادة على حدود 4 حزيران/ 67). ولقد فرضت هذه النماذج النضالية حالها على الأوضاع الوطنية، بحيث باتت بعض ميادينها مَحَجَّة للقوى السياسية الفلسطينية.
وفي مقاومة الاحتلال، تتواصل الأعمال الفردية، في استهداف حواجز جيش الاحتلال ودورياته. وبغض النظر عن نتائج هذه العمليات، إلا أنها باتت ترمز إلى قناعة لدى الحالة الجماهيرية بضرورة أن يدفع الاحتلال كلفة جرائمه غالياً.
المحطة الأهم التي شكلت ذروة النهوض الجماهيري، هي تلك الهَبَّة التي اندلعت في باب العامود – 13/4/2021، وامتدت من الضفة إلى القطاع، فمناطق الـ 48، وصولاً إلى عموم مناطق الشتات والمهاجر، مبرزة حقيقة ما تختزنه الحركة الجماهيرية الفلسطينية من قوة وإرادة صمود، على نحو أعادت فيه خلط الأوراق وصياغة المعادلات السياسية، بما في ذلك انحياز قطاعات معيّنة على الصعيد الدولي، لصالح القضية والحقوق الوطنية، وصولاً إلى وسم دولة الاحتلال بما هي عليه؛ كدولة تمييز عنصري وتطهير عرقي، متورطة في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني.
ومن العلامات البارزة على نهوض الحركة الجماهيرية واتساع صفوفها، انخراط قطاعات وشرائح واسعة وجديدة، (ممن لا تنتمي لفصيل معين، أو لأي إطار منظم)، في الأعمال النضالية الجماهيرية بأشكالها المختلفة، إن في مواجهة الاحتلال والاستيطان، أو في مواجهة تغوّل السلطة وأجهزتها، وتفاقم الأزمة الاجتماعية في عموم أنحاء الضفة الغربية.
ولا شك في أن تظاهرة رام الله - 26/8/2021، شكلت علامة فارقة في تطور نضالات الحركة الجماهيرية على الصعيد الوطني، حيث تترسخ القناعة لدى صف عريض من الشعب بضرورة إحداث تغيير عميق في طبيعة النظام السياسي القائم. وقبلها، جرى التعبير عن ذلك في الإقبال الواسع على التسجيل في قوائم المقترعين للانتخابات، والإقبال الواسع على الترشح لقوائم قدمت نفسها باعتبارها مستقلة. ولا شك أن السبب الأهم الذي دفع قيادة السلطة إلى إلغاء الانتخابات، هو إحساسها بما يعتمل في المجتمع الفلسطيني من تطورات وتغييرات، من أجل وضع حد للنظام السياسي الحالي بما يعتوره من مظاهر سلبية تحوَّلت قيداً على القضية والمطالبة بالحقوق الوطنية.
وأعرب مؤلفو الكتاب عن اعتقادهم أنّ تجربة الحركة الشعبية الفلسطينية تثبت، ككل تجارب الشعوب الأخرى، أن استجداء الحقوق الوطنية من جيوش الاحتلال، لن يؤدي سوى إلى المزيد من الإذلال، والدوس على الكرامة الوطنية. فما كان للحركة الوطنية في جنوب إفريقيا أن «تُقنع» الطغمة الحاكمة من الأقلية البيضاء بضرورة النزول عند مطالب الغالبية السوداء وحلفائها من البيض، لولا نجاح هذه الغالبية، عبر كل أشكال النضال ومن ضمنها الكفاح المسلح- 1961، في أن تتحول إلى قوة تغيير في الميدان، قبل أن تكون قوة تفاوضية إلى الطاولة قادرة على فرض شروطها وإنهاء النظام القائم على التمييز العنصري- 1994. والأمر نفسه تكرّر في ڤيتنام والجزائر وغيرهما من البلدان التي كانت تخضع للاحتلال، أو لأنظمة حكم ديكتاتورية عاتية.
غير أن الخاصرة الرخوة للحركة الجماهيرية الفلسطينية، كما أوضح الكتاب، تكمن في أنها تفتقر إلى قيادة موحدة بإمكانها أن ترسم الاستراتيجية النضالية الكفيلة بتحويل النضالات والتضحيات اليومية إلى قوة متعاظمة باضطراد. وهذا ما يُملي على القوى الوطنية الفلسطينية أن تقرأ جيداً ما يعتمل في قلب الحالة الشعبية من غليان، وأن تستعد لاستحقاقات المعركة القادمة التي تعتبر «معركة القدس» واحدة من مقدماتها.
ولا شك أنّ من أولى أسباب غياب القيادة الموحدة، هو استمرار الانقسام وغياب الاستراتيجية الوطنية الموحدة؛ كما أن تشتت وفشل المعارضة الفلسطينية في التوافق على إطار نضالي تنسيقي، جعلها تتخَلَّف هي الأخرى عن تقديم النموذج الذي يُحتذى ويُقتدى به.
أما في الـ48، فإن القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية والتقدمية، نجحت في تشكيل أطر جامعة للنضال الجماهيري، أثبتت الوقائع أن هذه الأطر تتمتع بالخبرة والرؤية سياسياً وتكتيكياً، في ظل قيادة اللجنة العليا لمتابعة الجماهير العربية، إلى جانب القائمة المشتركة في الكنيست، ما يسمح لها بمواصلة تعبئة القوى للاستحقاقات المقبلة عليها وطنياً وديمقراطياً■
(3)
دروس وخلاصات من المعركة
1- لعلّ أهم ما ميّز «معركة القدس» عن سواها، كما يخلص الكتاب ، هو مشاركة كل تجمعات الشعب الفلسطيني في صناعة وقائعها؛ وفق صيغ العمل المتاحة وأشكال النضال المتوافقة مع ظرف كل تجمع على حدة. وبذلك، أبرزت المعركة من جديد وحدة الشعب الفلسطيني، حيث تضافرت جهوده الكفاحية في مختلف أماكن تواجده، ليعيد تقديم نفسه كشعبٍ واحد موحد، منهياً بذلك الزمن الذي كان يخوض المعركة جزء واحد منه فقط، فيما يقتصر دور الأجزاء الأخرى على التضامن معه لا أكثر.
ومثلما أكدت المعركة وحدة هذا الشعب، فقد أكدت كذلك وحدة قضيته وحقوقه الوطنية، وبالتالي وحدة المشروع الوطني مهما تمايزت أهدافه على المدى المنظور. وقد أظهر تحرك جماهير الـ 48 إخفاق مشاريع «الأسرلة»، وبيَّن أن انتماء هذه الجماهير للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية يعلو، (في المنعطفات المصيرية)، على مشاريع الاندماج وتحسين مستوى الخدمات التي صارت تتبناها بعض القوى مثل حزب راعم – منصور عباس.
2ـ هذا التضافر في الجهود النضالية لمختلف فئات الشعب الفلسطيني، ولَّدَ لديه شعوراً بالقدرة على الانتصار، وبأنه يمتلك طاقات نضالية جبارة يمكن أن تدفع به ليصبح قوة شديدة التأثير إذا ما توفرت له الاستراتيجية الكفاحية الموحدة. ولكن هذا التطور الإيجابي أهدر – أقلّه جزئياً – جرّاء تصادم طرفي السلطة، فتح وحماس، وفشلهما في الاتفاق على أجندة حوار وطني، كان من شأنه أن يصوغ خططاً وسياسات، تجعل من إنجازات معركة القدس عتبةً لمرحلة جديدة تُخرج القضية الفلسطينية من أسر الحالة التي فُرِضَت عليها نتيجة الانقسام.
3- أجهزت «معركة القدس» سياسياً على بقايا مشروع أوسلو للحكم الذاتي، كما كشفت تهافت مشروع «الدولة الواحدة» الذي لا يمكن أن يكون في الظرف الحالي – وحتى إشعار آخر- سوى دولة «إسرائيل الكبرى». وفي المقابل أكدت على راهنية البرنامج الوطني المرحلي القائم على قيام دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران/ يونيو 67 + حق العودة إلى الديار والممتلكات للاجئين الذين هجروا منها منذ عام 48 + المساواة في الحقوق القومية والمدنية وما يترتب على ذلك من إبراز للهوية الوطنية وضمان حقوقها، ورفع للإجحاف والتمييز في مناطق الـ48.
4- كشفت المعركة كذلك أنّ مشاريع خطط «السلام الاقتصادي» لن يُقيّض لها النجاح، ولن تحل مكان «الحل السياسي» الذي يستجيب للحقوق الوطنية لشعبنا، فالصراع مع دولة الاستعمار الاستيطاني ليس مطلبياً، بل هو – في الأساس- صراع وطني يطاول الأرض ولمن تعود السيادة عليها، ويشمل الحرية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
5ـ حافظت الحركة الجماهيرية على زخمها في مقاومة الاحتلال والاستيطان، من جهة، والتصدي لسياسة التغول القمعي للسلطة الفلسطينية، من جهة ثانية. غير أن كعب أخيل هذه الحركة وخاصرتها الرخوة في آن، أنها تفتقر إلى القيادة الوطنية الموحدة.
6- وضعت مجمل هذه التطورات الحالة الوطنية في مجرى الدبلوماسية الشعبية الفاعلة والقادرة على تشكيل رأي عام خارج فلسطين، يؤثر بدوره على مستوى صناعة القرار السياسي، حيث شهدنا تطور المزاج العالمي لصالح القضية الفلسطينية، بما في ذلك في الأوساط الأوروبية والأميركية نفسها. وهذا يضع على عاتق الحركة الفلسطينية في الشتات واجبات مستجدة، من أجل تطوير أساليب العمل الوطني وتأطيرها ضمن برنامج كفاحي، يأخذ بعين الاعتبار حالة النهوض الجماهيري العام.
7- إن ما حققه شعبنا من انتصارات، نقل قضيتنا الوطنية إلى مرحلة جديدة باتت تستوجب سياسة وطنية جامعة، ترقى إلى مستوى التحديات والاستحقاقات التي باتت تطرحها هذه المرحلة، ما يتطلب إعادة تنظيم الصف الوطني على أسس ائتلافية، تستعيد قيم وقواعد عمل حركات التحرر الوطني، وفق برنامج نضالي يعتبر من الدروس الغنية لـ «معركة القدس» وفي مقدمها وحدة الشعب والأرض والقضية والحقوق الوطنية، كما يُعبِّر عنها بدقة البرنامج الوطني المرحلي■














القسم الثاني ..

في المشهد السياسي الإسرائيلي



(1)
انتخابات الكنيست العشرين
■ تناول القسم الثاني من الكتاب مقدمات الانتخابات ونتائجها وما حققته «القائمة العربية المشتركة» حينها (17/3/2015)، من انجاز كبير (13 مقعداً)، في وقت كانت تتزايد فيه هيمنة معسكر اليمين واليمين المتطرف (67 مقعداً)، مع الأحزاب الدينية، مقابل تراجع أحزاب ما يسمى بالوسط واليسار الصهيونيين■
(2)
الحكومة الإسرائيلية السادسة والثلاثون
■وجرى التركّيز فيه على مقدمات تشكيل هذه الحكومة (13/6/2021)، والسياق الذي وضع حداً لاستمرار نتنياهو على رأس الهرم السياسي الإسرائيلي طيلة 12 سنة متصلة.. 2009-2021. ومن خلال ذلك، نتعرّف على تأثير المواجهات الفلسطينية ضد الاحتلال، لجهة تظهير الارتباك الذي أصاب حكومة تصريف الأعمال برئاسة نتنياهو، على الصعيدين السياسي والميداني، مقابل الإنجازات الفلسطينية الكبيرة على هذين الصعيدين■
(3)
حكومات «الوحدة الوطنية»
■ تحت هذا العنوان عرض الكتاب لتجربة ما يسمى بحكومات «الوحدة الوطنية» في المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي منذ قيام الدولة العبرية. ولفت إلى أنه جرى الخلط أحياناً بين الحكومة التي تستند إلى ائتلاف برلماني واسع، وبين «حكومة الوحدة»، موضحاً أنّ الأخيرة تتشكل في ظلّ ظروف استثنائية؛ سياسية وأمنية واقتصادية، يُبدي فيها الخصوم استعدادهم، مؤقتاً على الأقل، لتجاوز خلافاتهم والاجتماع تحت سقف الحكومة.
ولاحظ المهتمون أنه منذ تبلور التيارات السياسية في المنظمة الصهيونية وتكوّن أحزابها، سادت ثنائية «الوحدة والصراع» في العلاقة بين مكونات المشهد الصهيوني واليهودي عامة. ومع أن نزعة الإقصاء تبدّت أحياناً في سلوك بعض الأحزاب تجاه منافسيها وخصومها، إلا أن قادة المشروع الصهيوني كبحوا هذه النزعة، من موقع «الحرص» على توحيد نشاط الجميع وتوجيهه نحو إقامة «دولة اليهود»، والإسهام في خلق نواة «منظومة سياسية - حزبية وتمثيلية»، تتولى مهام إدارة «الدولة» عند قيامها.
وقد ترأس حزب «ماباي» (العمل حالياً)، جميع الحكومات الإسرائيلية منذ قيام الدولة العبرية حتى انتخابات الكنيست 9- 1977، وتعمد رئيس الحزب، ديڤيد بن غوريون، أن يبعد حزب «حيروت» (الليكود حالياً) عن المشاركة في الائتلاف الحكومي، على خلفية تاريخه وعلاقته بالإرهاب■
(3 ــ 1)
حكومات «التكتل الوطني»
■ عشية حرب 1967، بَطُلَ مفعول ڤيتو «ماباي» ضد «حيروت»، وشارك في الحكومة مع حزب «رافي» برئاسة موشي دايان. كما كان مناحيم بيغن متحمساً للمشاركة في الحكومة، من موقع انسجام الأهداف التوسعية للحرب مع برنامج حزبه الذي تعود أصوله إلى «الحركة التنقيحية»، التي طالب رئيسها جابوتنسكي بتوسيع جغرافيا «دولة اليهود» المزمعة لتشمل الأردن، إلى جانب فلسطين.
وبانضمام كتلتا «جاحاَل»: (حيروت + الحزب الليبرالي- 26 مقعداً)، و(رافي - 10 مقاعد)، لحكومة «الوحدة»- 2/6/1967، ارتفع عدد مقاعد الائتلاف الحكومي إلى 111 مقعداً من أصل 120، وهو أوسع ائتلاف حكومي شهدته إسرائيل.
وقد جاءت نتائج حرب 67 لتصبّ في صالح الحكومة واستقرارها، فاستمرت حتى بعد وفاة رئيسها ليڤي أشكول – (1969)، حيث قامت غولدا مائير بتشكيل الحكومة 14- 17/3/1969، وحافظت على تركيبتها السابقة، واستمرت حتى نهاية ولاية الكنيست 6 ـــ 1965-1969. وعادت غولدا مائير وشكلت حكومة جديدة بعد انتخابات الكنيست السابعة.
غير أنه ومع طرح مبادرة روجرز، وزير الخارجية الأميركية (6/1970)، التي دعت إلى إجراء مفاوضات بين إسرائيل ومصر والأردن بهدف تنفيذ قرار مجلس الأمن 242، اعترضت كتلة «جاحال» على موافقة إسرائيل على هذه المبادرة، وانسحبت من الائتلاف الحكومي (8/1970). وبذلك أسدل الستار على أول حكومة «وحدة وطنية» تشكلت عقب قيام الدولة العبرية■
(3 ــ 2)
«حكومة الرأسين»
■ بعد انتخابات الكنيست 11- (7/1984)، اختار شمعون بيريس تشكيل حكومة وحدة بين «العمل» و«الليكود»، والتقى في ذلك مع خيار إسحق شامير، رئيس «الليكود»، وذلك بالنظر إلى تقارب نتائج الحزبين وتعادل معسكريهما، وعدم رغبتهما بالتوجه نحو انتخابات جديدة.
وتشكلت «حكومة الوحدة»- (9/1984)، بقاعدة برلمانية بلغت 97 مقعداً. ونص الاتفاق الائتلافي على التناوب بين الحزبين الكبيرين في رئاستها، (شمعون بيريس وإسحق شامير). وقد أطلق المحللون على هذه الحكومة لقب «حكومة الرأسين».
وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى- 7/12/1987، فضل إسحق شامير الاستمرار في خيار حكومة الوحدة، على رغم أن انتخابات الكنيست 12 - 1/11/1988، أعطته فرصة تشكيل حكومة ضيقة برئاسته. وقد فعل ذلك على أمل التوصل مع «العمل» إلى اتفاق سياسي ائتلافي، يتيح له مواجهة تداعيات الانتفاضة الفلسطينية، وامتصاص الضغوط في ظل تفاعلات إقليمية ودولية واسعة، من بينها قرار واشنطن فتح حوار مع م.ت.ف.
ولكن مساحة الخلاف بين الشريكين اتسعت على خلفية تفاعل «العمل» مع مقترحات وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر، بشأن آليات الحوار بين إسرائيل وممثلين فلسطينيين من الضفة وغزة، بينما رفض شامير الإجابة عن تساؤلات طرحها بيكر على الحكومة الإسرائيلية في هذا الشأن■
(3 ــ 3)
شارون في مواجهة الانتفاضة الثانية
■ بعد نحو شهرين من فشل «قمة كامب ديڤيد 2» (7/2000)، واقتحام شارون لباحات الأقصى، (ما أدّى إلى إشعال فتيل الانتفاضة الفلسطينية الثانية.. 28/9/2000)، التي عجزت حكومة إيهود باراك عن إخمادها، حقق أرئيل شارون فوزاً ساحقاً على باراك في انتخابات رئاسة الحكومة التي خاضها تحت شعار؛ «دعوا الجيش ينتصر»، ويقصد بذلك كسر شوكة الانتفاضة.
لكن، ونظراً للأوضاع السياسية والأمنية الملتهبة على وقع الانتفاضة، لم يشأ شارون المغامرة بتشكيل حكومة ضيقة يمكن أن تنهار في أية لحظة، ففضل التوجّه نحو تشكيل حكومة وحدة مع «العمل»، لكن ومع تصاعدت الانتقادات لشارون، على خلفية فشله في قمع الانتفاضة على رغم وعوده أمام ناخبيه بإخمادها، وتفاقم الخلاف بين الحزبين الكبيرين حول عدد من الملفات، قرّر «العمل» أخيراً عدم التصويت لصالح مشروع الموازنة، وأدى ذلك إلى سقوط الحكومة (11/2002) ■
(4)
أحزاب الوسط في المشهد الإسرائيلي
■ أفرد الكتاب مساحة واسعة لعرض مسار تشكل أحزاب الوسط في إسرائيل، ودورها وموقعها وتأثيرها في المشهد الإسرائيلي منذ قيام الدولة العبرية- 1948، وحتى تشكيل الحكومة الإسرائيلية 36 برئاسة نفتالي بينيت.
وأشار إلى أنه في السنوات الأولى لقيام الدولة العبرية كان تصنيف الأحزاب الوسطية ملتبساً، إذ كان قسم منها يتشارك في عدد من السمات الهامة مع التيار الليبرالي اليميني المحافظ، الذي تمثله «الصهيونية التنقيحية». ولذلك، كانت الأحزاب الصهيونية تصنف ضمن 3 مجموعات أساسية فقط: يسار- يمين- متدين.
لكن أحزاب الوسط ظهرت بقوة بدءاً من انتخابات الكنيست التاسعة- 1977، التي تسلّم بنتيجتها «الليكود» مقاليد الحكم، وطرحت نفسها ممثلة للطبقة الوسطى، وذلك مع نمو هذه الطبقة واتساعها وفعالية دورها الاقتصادي- الاجتماعي. ولكن بعض تلك الأحزاب قدّم نفسه في خانة الوسط من موقع تموضعه بين ما اعتبره «سياستين خاطئتين لكل من الليكود والعمل».
ومع الانزياح المطرد نحو اليمين واليمين المتطرف في المشهد الإسرائيلي، ازدادت مشكلة تصنيف الأحزاب تعقيداً. حيث بات اليسار في الوسط، وأحزاب الوسط أقرب إلى خانة اليمين، فيما توغلت قوى اليمين باتجاه العنصرية والتمييز العرقي، مسنودة بغلاة المستوطنين والأحزاب الدينية المتطرفة.
وقد شهدت الفترة التي حكم فيها الحزبان الكبيران، «العمل» و«الليكود».. 1977–2003، نشوء عدد كبير من أحزاب الوسط■
(4 ــ 1)
«شينوي»: 1974ــ 2006
■ سلط الكتاب الضوء على تجربة حزب «شينوي»/«التغيير»، وهو حزب صهيوني علماني أسسته عام 1974، مجموعة انشقّ معظمها عن «العمل». وقدم نفسه ممثلاً للطبقة الوسطى،، وقد مرّ «شينوي» بأطوار ومراحل متعددة، فتوحّد مع «الحركة الديمقراطية» التي أسسها الجنرال المتقاعد يغآل يادين (1976)، وشكلا معاً «الحركة الديمقراطية للتغيير»/«داش»، التي لقيت صدى إيجابياً لدى فئات واسعة من الطبقة الوسطى. وحصلت في انتخابات (1977) على 15 مقعداً، وأصبحت بذلك القوة البرلمانية الثالثة بعد «الليكود» و«العمل».
وشهدت «داش» جدلاً واسعاً بين مكوناتها، إثر توجيه الدعوة لها للانضمام إلى حكومة مناحيم بيغن، وحسم النقاش بالنهاية لصالح المشاركة، ولكن كتلة «شينوي» اعترضت على ذلك بسبب مشاركة الأحزاب الدينية. ثم انسحب «شينوي» من التحالف وعاد للعمل بشكل مستقل (1978).
• ثم شارك «شينوي» في تأسّيس حركة «ميرتس»، إلى جانب «مابام»/«حزب العمال الموحد»، و«راتس»/«حركة حقوق المواطن»، وحصلت «ميرتس» في انتخابات الكنيست 13- 1992، على 12 مقعداَ. ثم تعرّض «شينوي» إلى الانشقاق على خلفية قضية الاندماج في إطار «ميرتس»، حيث قبل مؤسسه روبنشتاين ذلك، في حين رفض أبراهام بوراز، الذي عاد وشكل كتلة باسم «شينوي» (1999).
وعشية انتخابات الكنيست 15- (5/1999)، انتقلت رئاسة الحزب إلى الإعلامي والناقد السياسي المخضرم يوسي لبيد/ طومي، المعروف بتعصبه لعلمانيته وانتمائه الغربي/ الأشكنازي، وقد نَبّهَ، منذ تسلّمه المنصب، إلى ضرورة تصدي «الدولة» لسطوة الأحزاب الدينية.
حمل لبيد بشدة على سياسات حكومتي باراك وشارون اللتين تشكلتا عقب انتخابات الكنيست 15، ولم يشارك في الحكومة التي شكلها إيهود باراك- 6/7/1999، لأنها «مدجّجة بالأحزاب الدينية». ولم يشارك كذلك في حكومة أرئيل شارون الأولى- 7/3/2001. لكنه شارك في حكومة شارون الثانية- (2/2003)، بعد أن حقق قفزة كبيرة في انتخابات الكنيست 16- 1/2003، بحصوله على 15 مقعداً. وعندما خصص شارون في مشروع موازنة 2005، مبلغ 350 مليون شيكل لصالح التعليم الديني، صوّت نواب «شينوي» ضد مشروع القرار، وكان رد شارون هو إقالة وزراء الحزب الأربعة من الحكومة (12/2004).
خلقت مشاركة شينوي في الحكومة خلافات داخل كتلته البرلمانية، أفضت إلى انقسامه مجدداً قبل انتخابات الكنيست 17- 2006. وأعلن رئيسه لبيد استقالته واعتزال العمل السياسي بعدها■
(4 ــ 2)
أحزاب «المعبر» بين الليكود والعمل!
■ كانت بعض الأحزاب المصنفة ضمن خانة الوسط بمثابة معبر، بالنسبة لمؤسسيها، بين «الليكود» و«العمل». فمثلاً حزب «ياحد»/ «معاً»، أسسه عيزرا وايزمان، الذي كان ينتمي إلى حزب «حيروت»، وجرى تقديمه كحزب وسط. لكنه بعد انتخابات 1984، التي حصل فيها على 3 مقاعد، أعلن وايزمان انضمامه إلى «العمل»، وشارك في حكومة الوحدة برئاسة شامير ثم بيريس. ثم اندمج «ياحد» في «العمل»، وتولى أعضاؤه مناصب قيادية فيه، بما فيها رئاسته، التي تولاها في وقت لاحق بنيامين بن أليعزر. وخلص مراقبون إلى أن وايزمان خرج من «الليكود»، ليدخل إلى «العمل» عبر تشكيله «ياحد»، حتى يضمن موقعاً قيادياُ فيه■
■ أما «الطريق الثالث»، فهي حركة سياسية تشكلت داخل حزب «العمل»- 1994، قبل أن تنشق وتعلن رسمياً عن نفسها كحزب جديد في (11/1995)، على خلفية رفضها المطلق لانسحاب إسرائيلي محتمل من الجولان السوري المحتل، وكان على رأسها مجموعة من ضباط الجيش السابقين وقادة استيطان.
وحصل الحزب في انتخابات الكنيست 14 (5/1996) على 4 مقاعد. وكان بمثابة «بيضة قبان»، مَكَّنت نتنياهو من تشكيل حكومته الأولى، وتولى فيها مؤسسه، أڤيغدور كهلاني، حقيبة الأمن الداخلي. ولكن «الطريق الثالث» فشل في اجتياز نسبة الحسم في انتخابات الكنيست 15- 1999، وتلاشى بعدها■
■هناك أحزاب كانت بمثابة الطفرة، إذ أنها لم تعمّر طويلاً على رغم حصولها في لحظة ما على عدد معتبر من مقاعد الكنيست. ومنها حزب «المركز» الذي تأسس بمبادرة عدد من القيادات الليكودية؛ وبعض الجنرالات، ومجموعة من حزب «العمل». ثم عقد الحزب اتفاقاً مع إسحق مردخاي، لتولي رئاسة قائمة الحزب في الانتخابات.
وإثر فضيحة جنسية اضطر مردخاي إلى الاستقالة من جميع مناصبه. وجاءت نهاية حزب «المركز» سريعة إثر استقالة باراك - 2001، فعاد مؤسسا الحزب مريدور وميلو إلى جذورهما الليكودية.
■وهناك كذلك حزب «جيل»/«المتقاعدون»، الذي أسّس للدفاع عن حقوق المتقاعدين. وفي انتخابات الكنيست 17- 2006، تمكن من الفوز بـ 7 مقاعد، وشارك في حكومة «كاديما»، برئاسة إيهود أولمرت وتقلد حقيبتين وزاريتين. وفي انتخابات الكنيست 18- 2009، فشل الحزب في تجاوز نسبة الحسم- 2%. ■
(4 ــ 3)
«كاديما».. حزب «الهاربين» من أحزابهم!
■ ركز الكتاب على محطتين نوعيتين في تجارب أحزاب الوسط، هما: حزب «كاديما»، وتحالف «كاحول-لاڤان» الذي ضمّ 3 أحزاب وسط، ودوره في مواجهة استمرار حكم نتنياهو، ومن ثم إسقاطه.
شهدت ولاية الكنيست 16- 2003 التي استمرت حتى 2006، تطورات سياسية وحزبية مفصلية ساهمت بتشكيل حزب وسط جديد هو «كاديما»، على يد رئيس الليكود أرئيل شارون. وذلك بعد أن عارض قسم من «الليكود» خطته لـ«فك الارتباط»، التي تقوم على تنفيذ خطوات إسرائيلية أحادية الجانب، تتمثل في إخلاء عدد من المستوطنات في الضفة، وانسحاب قوات الاحتلال من داخل قطاع غزة، وإخلاء جميع المستوطنات في القطاع.
وفي سبيل ذلك، قرّر شارون إنشاء حزب جديد لخوض انتخابات جديدة مبكرة. فانشق عن «الليكود» ومعه عدد من نواب الحزب ووزرائه (11/2005)، وشكلوا كتلة في الكنيست باسم «كاديما»/«إلى الأمام». انضم إليها عدد من أعضاء الكنيست وشخصيات سياسية، بينهم قياديون في «العمل»، بمن فيهم شمعون بيريس نفسه، وشخصيات من أحزاب أخرى من بينها «شينوي». وقدم «كاديما» نفسه كحزب وسط.
بعد مرض شارون وغيبوبته (4/1/2006)، تولى إيهود أولمرت رئاسة الحزب والحكومة بالوكالة. وفي انتخابات الكنيست 17- 28/3/2006، حصل كاديما على 29 مقعداً، وشكل أولمرت حكومة جديدة بغطاء من 77 نائباً.
بتشكيل هذه الحكومة، دخلت تجربة الحكم في إسرائيل مرحلة جديدة مع تبلور «طرف ثالث» يتولى قيادة الحكومة من خارج «الليكود» و«العمل». ولكن أولمرت سرعان ما اضطر لتقديم استقالته من رئاستي الحزب والحكومة، جراء تقديم لائحة اتهام ضده بقضايا فساد. وخلفته تسيبي ليڤني في رئاسة الحزب (2008)، وتم تكليفها بتشكيل الحكومة لكنها فشلت، ما أدى إلى حلّ الكنيست وتحديد موعد لانتخابات مبكرة (10/2/2009). وهو ما عزّز فرص نتنياهو في تشكيل حكومة عقب الانتخابات.
وقبل انتخابات الكنيست 19- 22/1/2013، انشق عدد من نواب «كاديما» وانضموا إلى «الليكود»، وعدد آخر انضم إلى «العمل»، والتحق 7 أعضاء كنيست منه برئيسته السابقة ليڤني، ليشكلوا حزباً جديداً- «الحركة». وبنتيجة الانتخابات، حاز «كاديما» على مقعدين فقط، وكانت هذه آخر مشاركة له في الانتخابات. وانتهى بذلك الحزب الذي أعاد تشكيل الخارطة الحزبية في إسرائيل ■
(4 ــ 4)
حكومات نتنياهو وأحزاب الوسط
■ خلال ولاية حكومته الثانية- 2009-2013، واكب نتنياهو عن كثب تراجع «كاديما». والأهم أنه نجح في ضم الحزب برئاسة موفاز إلى حكومته، وأدخله طرفاً في مناوراته مع الحلفاء والخصوم.
وعشية انتخابات 2013، تشكل حزبا وسط؛ «الحركة» برئاسة تسيبي ليڤني، و«يوجد مستقبل»، برئاسة يائير لبيد، وقد منحت استطلاعات الرأي للأخير موقعاً متقدماً على نحو أخذ يقلق نتنياهو.
قبيل انتخابات الكنيست 21- 9/4/2019، تفاجأت ليڤني بإعلان الرئيس الجديد لـ«العمل»، آڤي غاباي، فك التحالف معها في إطار «المعسكر الصهيوني». وعلى اعتبار أنها لا تستطيع خوض الانتخابات بقائمة مستقلة، بسبب ضعف حزبها، أعلنت (2018) اعتزالها العمل السياسي.
■ تأسس حزب «كولانو»/ «كلنا» 2014، على يد الليكودي السابق موشيه كحلون، الذي تقلد حقيبة الاتصالات في حكومة نتنياهو الثالثة (2-2015)، ثم استقال منها إثر خلافات مع نتنياهو حول السياسة الاقتصادية للحكومة، التي «أصبحت جائرة وتزيد الفجوة بين الأغنياء والفقراء»، كما قال. حصل حزب «كلنا» على 10 مقاعد في انتخابات الكنيست 20- 2015، وجاءت معظم أصواته من الفئات الوسطى، التي نافسه عليها حزب «يوجد مستقبل» بزعامة يائير لبيد. وفي انتخابات 4/2019، تراجع تمثيل الحزب إلى 4 مقاعد. وانضم في انتخابات 9/2019، إلى قائمة «الليكود» بموجب اتفاق بينهما. وفي (7/2020) أعلن كحلون اعتزاله الحياة السياسية واندمج أعضاء «كولانو» في «الليكود»■
■ أسس الإعلامي يائير لبيد حزب«يش عتيد»/ «يوجد مستقبل» في 5/2012، وهو ابن يوسي لبيد الذي ترأس «شينوي».. 1999-2006. جاء تأسيس الحزب في ظل أزمة إسرائيلية مركبة، عبرت عن جانبها الاقتصادي التظاهرات التي اشتعلت في الشارع الإسرائيلي صيف 2011، احتجاجاً على ارتفاع أسعار شقق السكن وقضايا معيشية مختلفة.
شكل لبيد قائمة حزبه الانتخابية من خارج الوسط السياسي الإسرائيلي، واختارها من شرائح اجتماعية متعددة. ودمج خطابه السياسي والاقتصادي بـ«مركبات من خطاب اليمين الليبرالي و خطاب اليسار الاشتراكي– الديمقراطي». وحصل في نتيجتها على 19 مقعداً، وبات ثاني أكبر حزب بعد «الليكود». وبهذه النتيجة فرض لبيد نفسه لاعباً قوياً في مسألة الحكومة. واستطاع بالتعاون مع «البيت اليهودي»- 12 مقعداً، أن يفرض على نتنياهو استبعاد الحزبين الحريديين؛ «شاس»، و«يهودوت هتوراة»، من التشكيلة الحكومية، وحصل على 4 حقائب وزارية، تولى لبيد من بينها حقيبة المالية.
أما في انتخابات الكنيست 20 المبكرة- 2015، فقد تراجع تمثيل «يوجد مستقبل» من 19 مقعدا إلى 11. وعزا المحللون ذلك إلى فشل لبيد في تحقيق وعوده الانتخابية، وانزياح جزء من قاعدته الاجتماعية نحو منافسه الجديد «كلنا»، الذي حصل على 10 مقاعد. يضاف إلى ذلك أنه دفع ثمن مشاركته في حكومة نتنياهو التي أدت إلى إضعافه.
لذلك، وخلال ولاية الكنيست- 20 (2/2019)، بقي «يوجد مستقبل» على مقاعد المعارضة، مركزاً على ترميم علاقته بقواعده الاجتماعية ■
(4 ــ 5)
3 أحزاب وسط جديدة على خط الأزمة
■ في العام الأخير لولاية الكنيست 20- 2018، وجد نتنياهو نفسه وسط معطيات متناقضة؛ فعلى الرغم من التقدم اللافت الذي أحرزه وحزبه في استطلاعات الرأي، على خلفية تداعيات «صفقة القرن»، وما تفرع عنها من انعكاسات إيجابية عليه؛ (مثل مخطط الضم، وخطوات التطبيع الرسمي العربي مع إسرائيل.. الخ)، فإن شعار إسقاط نتنياهو كان يتصدر يافطة عدد من الأحزاب، بالتزامن مع تشكيل 3 أحزاب وسط جديدة.
1- حزب «حوسن يسرائيل»/ «مناعة لإسرائيل»: أسسه الجنرال احتياط بيني غانتس، أحد الذين حمَّلهم نتنياهو مسؤولية الفشل في تحقيق أهداف العدوان على غزة- 2014، ووجد الآن فرصته في النيل من خصمه.
2- حزب «تيلم»/«حركة وطنية رسمية»: تأسس في بداية 2019 على يد موشيه يعلون، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق. وكان يعلون استقال- 5/2016 من «الليكود»، ومن حكومة نتنياهو الرابعة، احتجاجا على عزم نتنياهو تقليد ليبرمان وزارة الدفاع، وكان من بين الذين تم اتهامهم بالتقصير خلال العدوان على غزة أيضاً.
3- حزب «غيشر»/«الجسر»: أسسته النائب أورلي ليڤي أباكسيس 2019، التي انشقت (2016) عن «إسرائيل بيتنا». وتقدم أورلي نفسها كناشطة «لصالح الشرائح الاجتماعية المهمّشة وغير المتمكنة اقتصاديا واجتماعيا»■
(4 ــ 6)
«كاحول-لاڤان»
■ تشكّل حزب «كاحول-لاڤان»/ «أزرق- أبيض»، برئاسة بيني غانتس، من اتفاق ثلاثة أحزاب هي: «حوسن يسرائيل»/ غانتس، و«تيلم»/ يعلون، و«يش عتيد»/ لبيد، إضافة إلى شخصيات سياسية وعسكرية في مقدمهم غابي أشكنازي، رئيس الأركان السابق، وذلك بهدف خوض الانتخابات في قائمة واحدة. على أن يتمّ التبادل في رئاسة الحكومة بين غانتس ولبيد في حال نجاح الحزب في تشكيل الحكومة القادمة.
قدّم «كاحول-لاڤان»، نفسه كحزب يمين الوسط، وتمحور معظم خطابه الانتخابي على هدف إسقاط نتنياهو، مستنداً إلى ملفات الفساد التي تحيط به، بينما ركز غانتس ويعلون على تحميل نتنياهو مسؤولية الإخفاق الأمني والسياسي في العدوان على غزة – 2014.
حصل «كاحول-لاڤان» في انتخابات الكنيست 21- (4/2019)، على 35 مقعداً، وهو عدد المقاعد نفسه الذي حصل عليه «الليكود» وبَيَّنت النتائج أن معسكر اليمين والأحزاب الحريدية حصل على 65 مقعداً، فيما حصل معسكر أحزاب «الوسط - يسار»، بالإضافة إلى الأحزاب العربية، على 55 مقعدًا. وعلى ذلك، بدا أن مهمة «الليكود» ستكون سهلة في تشكيل الحكومة. لكن موقف ليبرمان (5 مقاعد)، المناهض لنتنياهو قلب هذا الاحتمال، فبات نصف الكنيست مع نتنياهو ونصفه الآخر ضده.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يفشل فيها نتنياهو بتشكيل الحكومة. واتجه الجميع إلى انتخابات مبكرة أخرى حددت الكنيست موعدها- 17/9/2019.
وفي الانتخابات المبكرة، حصل «أزرق- أبيض» على 33 مقعداً، مقابل 32 «لليكود». ودلت النتائج على تراجع معسكر نتنياهو، من دون ليبرمان، من 60 مقعداً في الانتخابات السابقة إلى 55 مقعداً. ونالت أحزاب «الوسط + اليسار» الصهيوني- 44 مقعداً، ونالت «القائمة المشتركة»- 13 مقعداً، و«إسرائيل بيتنا»- 8 مقاعد.
لكن التفوق العددي هذا لم يُمكِّن خصوم نتنياهو من تشكيل الحكومة أيضاً، لأن «المشتركة» أبقت نفسها خارج معادلة التشكيل. كما برزت اعتراضات داخل «كاحول- لاڤان»، إضافة إلى رئيسة «غيشر»، ضد خيار تأمين «غطاء برلماني عربي» لحكومة يشكلها غانتس، واتجه الجميع بالتالي إلى انتخابات مبكرة ثالثة، حددت الكنيست موعدها- 2/3/2020.
وفي الانتخابات الجديدة، حصل «الليكود» على 36 مقعداً؛ و«كاحول-لاڤان» على 33 مقعداً. ومع أن «الليكود» تقدم بـ6 مقاعد عن الانتخابات السابقة، إلا أن معسكره لم ينل الأغلبية بحصوله على 58 مقعداً فقط. فيما حَصَّل «الوسط - يسار»- 40 مقعداً، و«المشتركة»- 15، وإسرائيل بيتنا»- 7 مقاعد، ما مجموعه 62 مقعداً.
تم تكليف غانتس بتشكيل الحكومة، بعدما أوصت به «المشتركة» أيضاً، لكنه أعلن قبيل نهاية المهلة القانونية الممنوحة له استعداده للمشاركة في حكومة تحت قيادة نتنياهو شرط التناوب على رئاستها. وقد أدى انقلاب غانتس إلى انشقاق تحالف «أزرق- أبيض» إلى قسمين:
ـ قسم احتفظ باسم التحالف؛ حزب غانتس، وحلفاؤه من الشخصيات العسكرية والسياسية (15 مقعداً في الكنيست).
- و«يوجد مستقبل»- 15 مقعداً ومعه يعلون- مقعد واحد، بعد أن انشق عنه نائبان من حزبه، «تيلم»، وشكلا حزباً جديداً- «أرض إسرائيل»، ثم التحقا بحكومة نتنياهو- غانتس. وفي وقت لاحق أعلن يعلون اعتزاله العمل السياسي■
(4 ــ 7)
إسقاط نتنياهو: ميزان الربح والخسارة
■ تواصلت معركة إسقاط نتنياهو، وانضم إليها حزب يميني هو «أمل جديد»، انشق مؤسسه جدعون ساعَر عن «الليكود». وأصبحت الأحزاب المناهضة لنتنياهو هي: «يوجد مستقبل»- 17 مقعداً + «كاحل-لاڤان»/ حزب غانتس- 8 مقاعد؛ «العمل»- 7 مقاعد + «ميرتس»- 6 مقاعد؛ ومن اليمين: «إسرائيل بيتنا»- 7 مقاعد + «أمل جديد»- 6 مقاعد؛ بمجموع بلغ 51 مقعداً، في حين حصل معسكر نتنياهو على 52 مقعداً.
لم يستطع نتنياهو تشكيل الحكومة، بعدما فشل في استقطاب حزب بينيت، «يمينا»- 7 مقاعد. بينما نجح يائير لبيد، رئيس «يوجد مستقبل»، بتوقيع اتفاق ائتلافي مع بينيت، زعيم اليمين الاستيطاني – الديني، يتبادلان فيه رئاسة الحكومة بالتناوب، على أن يبدأ بينيت أولاً، وشكل هذا سابقة في النظام السياسيّ الإسرائيليّ، (فهذه المرة الأولى التي يتولى فيها رئاسة الحكومة حزب بهذا الكم القليل من التمثيل البرلماني، فضلاً عن أنّ رئيس الحكومة يأتي، ويبدأ – عادة – بممثل أكبر القوائم المشكِّلة للحكومة).
وهكذا تأمنت أغلبية 61 مقعداً من ثماني قوائم؛ تضمّ طيفاً سياسياً واسعاً يمتد من اليمين المتطرف إلى اليسار الصهيوني مروراً بأحزاب الوسط، وتعتمد على تأييد نواب «العربية الموحدة» (الحركة الإسلامية الجنوبية برئاسة منصور عباس)، وهو ما انطوي على تحدٍّ كبير للحكومة الجديدة، فكلّ مكون من مكّوناتها قادر على إسقاطها بمفرده!.
وعلى العموم، نجح لبيد في معركة إسقاط نتنياهو، (بعد أن امتدّت فترة حكمه الثانية 12 عاماً متواصلة 2009-2021)، مستفيداً من تطورات سياسية بارزة أهمها خسارة ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وافتقاد نتنياهو إلى الشريك الذي وَفَّر لمشروعه السياسي والسلطوي زخماً قوياً أربك خصومه.

(4 ــ 8)
ملاحظات وخلاصات
■ أظهرت تجارب أحزاب الوسط في إسرائيل العديد من الاستخلاصات والملاحظات، ومنها:
1- لم يعكس حضور أحزاب الوسط في المشهد الإسرائيلي مكانة الطبقة المتوسطة ودورها في المجتمع الإسرائيلي، لأسباب كثيرة منها: ضعف هذه الأحزاب حديثة النشأة، وعدم قدرتها على منافسة القوى والأحزاب الأخرى المتمرّسة في العمل السياسي والحزبي والنقابي منذ بدايات النشاط الصهيوني.
2- الملاحظة الأبرز التي طرحها الباحثون تجاه أحزاب الوسط هي ارتهان وجودها واستمرارها بالميزات الشخصية لمؤسسها، الذي بغيابه يتراجع الحزب ثم يتلاشى: تومي لبيد، يادين، شارون، ليڤني، كحلون، يائير لبيد.. وهذا صحيح من حيث النتيجة، لكن التدقيق في هذه الملاحظة يُبيّن جانب آخر من المعادلة؛ فتراجع هذه الأحزاب كان يحصل بوجود المؤسس نفسه، وأحياناً بسببه وبسبب سياساته الخاطئة التي أدت إلى تدهور أوضاع حزبه وليس العكس. والأمثلة على ذلك كثيرة: «داش»، «شينوي»، «الحركة»، «كولانو».. الخ.
ومن المفيد هنا الإشارة إلى أن «كاديما»، نجح خلال دورتين انتخابيتين.. 2006 و2009، في الحصول على أكثر المقاعد من بين الأحزاب المشاركة، على رغم غياب مؤسسه شارون منذ 4/1/2006.
3- دور الفرد/ القائد مسلم به في جميع الأحزاب الإسرائيلية (وغيرها)، وضمن جميع القوى والتيارات السياسية. ومع ذلك، تُظهر التجربة أن استمرار الحزب وتعزيز دوره السياسي وموقعه الحزبي، يرتبطان بعاملين جوهرين: الطابع المؤسسي للحزب، والتزام برنامجه. وفي حال غياب أيٍّ من هذين الأمرين، فإن هذا يتيح لرئيس الحزب أن يتحكم به ويقرر كلّ شيء في مسار عمل الحزب.
وفي الشأن السياسي؛ كانت أحزاب الوسط- باستثناء «كاديما» ـ غير مؤهلة من حيث البنية، لامتلاك مقاربة سياسية لطرح تسوية سياسية للصراع العربي/الفلسطيني- الإسرائيلي، بعيداً عما هو متداول في أوساط الحزبين الكبيرين. وربما هذا ما دفعها أحياناً للمزايدة على الطرفين، بهدف كسب جمهور من اليمين واليسار.
4- كان «شينوي»/ تومي لبيد، الأكثر تمسكاً بالعلمانية والأشد هجوماً على الأحزاب الدينية وتقاليدها. وفرض خلال مشاركته في حكومة شارون الثانية- 2003، استبعاد «شاس» و«يهودوت هتوراة» الحريديين. بينما حزب «يوجد مستقبل» (لبيد الابن)، وعلى رغم مطالبته المتدينين بالمشاركة في تحمل «أعباء الدولة»، إلا أنه لم يهاجمهم، وجاء في برنامجه بخصوص هوية الدولة؛ «نحن نؤمن بكون إسرائيل دولة يهودية ديمقراطية..»، وتحدث عن دولة «بأغلبية يهودية».
وقد أخذت بعض أحزاب الوسط على نفسها، «جسر العلاقات بين العلمانيين والمتدينين»، والتقت بذلك مع سياسة نتنياهو الذي كان يبحث عن «حل توفيقي»، يُقنع العلمانيين ولا يُغضب المتدينين، في ائتلافاته الحكومية. وبرز ذلك بوضوح في الصيغ الملتبسة التي تم تداولها لمشروع «قانون التجنيد»، وما يسمى «قضايا السبت».
(5)
الأحزاب العربية في إسرائيل
■ تضمن الكتاب ملفاً عرض لتبلور الأحزاب العربية في إسرائيل، والذي جاء متأخراً، بسبب سياسات القمع والتضييق الأمني، بدءاً من الحكم العسكري الذي فرضته قيادة الدولة العبرية على مناطق سكن الفلسطينيين، الذين تمكنوا من البقاء في وطنهم بعد وقوع النكبة. وتحتل المشاركة العربية في الأحزاب والأطر السياسية المختلطة(اليهودية - العربية) غير الصهيونية مساحة واسعة في هذا الملف، بسبب الدور الذي لعبته هذه المشاركة في مواجهة محاولات الأحزاب الصهيونية تعميم ظاهرة القوائم العربية الموالية لها.
يقسم الملف مسار تطور الدور السياسي والحزبي لفلسطينيي 48 إلى 4 مراحل:
1- فترة الحكم العسكري الذي فرضته قيادة الدولة العبرية على الفلسطينيين.. 1948 - 1966.
2- تداعيات عدوان 1967، والتطورات التي شهدها المجتمع العربي في إسرائيل على الصعيد السياسي - الإجتماعي، خلال سبعينيات ق 20.
3- مرحلة ظهور الأحزاب العربية المستقلة بدءاً من العام 1988.
4- تطور العلاقات بين الأحزاب العربية، ممثلاً بتشكيل «القائمة المشتركة».. 2015 - 2021.
■ يختم الملف بعنوانه الخامس، والذي يتضمن أبرز الملاحظات والإستخلاصات حول دور الأحزاب العربية، جاء فيها:
• حتى 1988، كانت الأحزاب العربية «الخالصة» ترفض المشاركة في إنتخابات الكنيست، وشكل هذا الموقف أحد أبرز اسباب إنشقاق عدد منها(«أبناء البلد»، «الحركة الإسلامية»)، فيما إنحصرت المشاركة العربية في الإنتخابات في إطار الأحزاب والحركات اليهودية - العربية اليسارية («الشيوعي الإسرائيلي»، ثم «حداش»، و«القائمة التقدمية للسلام»)، إلى جانب القوائم العربية الملحقة بالأحزاب الصهيونية، والتي توقف تشكيلها منذ فشلها في إنتخابات الكنيست 10 – 1981.
• برزت تجربتان متعاكستان في التعامل مع القضايا والهموم اليومية للمجتمع العربي في إسرائيل، وكل من هاتين التجربتين تجاوز على أحد طرفي ثنائية «القومي والمعيشي». فتجربة «أبناء البلد»، قفزت عن القضايا اليومية التي يعانيها المجتمع العربي واعتبرت الإنشغال في مهمة تلبيتها تساوق مع المحتل ويضر بالنضال الوطني «القائم على التضحيات»، في الوقت الذي يرى فيه فلسطينيو 48، أصحاب الضائقة، أن تأمين متطلباتهم يشد من عزيمتهم ويعزز دورهم في الحفاظ على الهوية الوطنية.
بالمقابل أوغلت «الحركة الإسلامية/الشق الجنوبي» في «التفاعل» مع المؤسسة الصهيونية بذريعة تحصيل المزيد من المطالب العربية المحقة، ووصل معها الأمر إلى الدخول في حكومة مدججة بأحزاب اليمين الصهيوني، وإبداء التفهم لاعتباراتهم في تكريس «يهودية الدولة».
ماسبق يؤكد ضرورة تطوير العمل السياسي والحزبي العربي، وتعميق مأسسته، وفق برنامج وطني عام تكفل خطوطه الرئيسية التقدم على طريق تأمين الحقوق الإجتماعية والإقتصادية المهدورة لفلسطينيي 48، بموازاة الدفاع عن الهوية الوطنية والمصالح العليا للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل العودة والإستقلال.
• منذ إنتخابات 1996، بات المشهد الحزبي العربي في إسرائيل يتمتع بتعددية سياسية وأيديولوجية أمنت له إستقراراً ملحوظاً بفضل عاملين:
1- تمكن الأحزاب التي تبلورت على المستوى القطرى من إستيعاب العديد من الحركات والأطر والمبادرات المحلية تحت سقف جامع يمثل قاسما مشتركاً يتيح لها المشاركة السياسية في الشأن الوطني. وقد بدأت هذه العملية مع «تشكل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة»- 1977.
2- تقارب البرامج السياسية والإجتماعية للأحزاب القائمة، وخاصة لجهة الدفاع عن الحقوق العربية في مواجهة التمييز والتهميش والإقصاء، وحرص هذه الأحزاب على إستمرار التنسيق فيما بينها في ظل محاولات أحزاب اليمين الصهيوني إضعافها والإستيلاء على الأصوات العربية، ووضع جماهيرها أمام فخ «الأسرلة»، وعزلها عن تطلعاتها القومية■



#الجبهة_الديمقراطية_لتحرير_فلسطين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «الأحزاب العربية في إسرائيل» محور العدد 52 من «كراسات ملف»
- العدد 50 من «كراسات ملف»:مقتطفات من كتاب« دولة إسرائيل ضد ال ...
- اتحاد نقابات النرويج ينتصر لفلسطين
- جديدنا نايف حواتمة
- الجبهة الديمقراطية تنعي الشهيدة الفارسة الإعلامية شيرين أبو ...
- بيان صادر عن قطاع العمال في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ...
- كتاب بين المشهدين
- كلمة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بمناسبة الذكرى 53 لان ...
- بيان المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية - نشارك في دورة المجل ...
- مبادرة الجبهة الديمقراطية لإنهاء الانقسام
- البلاغ الصادر عن اجتماع المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لت ...
- بيان ثلاثي مشترك للجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب
- معركة القدس - 13/4 الى 21/5/2021
- في الوضع الراهن واتجاهات العمل
- في تقرير سياسي للجنتها المركزية - الديمقراطية - الانقسام يزد ...
- الكتاب: «الإنتخابات العامة.. إلى أين؟»
- في المسألة التنظيمية
- الكتاب: «في المسألة الوطنية»
- مذكرة مقدمة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الى جولة الح ...
- التطبيع العربي بين ميزان السياسة والقانون الدولي


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - جديد «كراسات ملف»: قراءة في كتاب «بين مشهدين»