أعادة تأهيل القضاء العراقي

زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 507 - 2003 / 6 / 3 - 15:29
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

يأتي تصريح  السيد ( واريل عيسى ) عضو الكونغرس الأمريكي من أن جمهورية مصر العربية ستساعد في لأعادة تأهيل القضاء العراقي وأعادته الى وضعه الطبيعي ، مستنداً بذلك على كون مصر لديها نظام قضائي مجهز بقضاة محترفين ومحامين ، ويكمل السيد عيسى تصريحه بضرورة مساهمة النظام القضائي في مصر في عملية أعادة التأهيل الجارية في العراق .
ويخالف السيد واريل عيسى المنطق القضائي والقانوني في هذا الجانب  ، ودون أن يتعرف السيد عضو الكونغرس على الأختلاف القضائي في العمل القانوني بين النظامين المصري والعراقي ، أضافة الى مخالفته لكل مادار في المؤتمرات القانونية التي عقدها الحقوقيين أو القضاة العراقيين لتدارس الوضع القضائي أو القانوني في العراق بالأشتراك مع وزارة العدل أو الخارجية الأمريكية  ، والتي خرجوا منها بنتائج عملية تدعو للتمسك بالنظام المعمول به في المجال القضائي العراقي أضافة الى تعزيز دور القضاء وأستقلالية السلطة القضائية ، والأصرار على البقاء ضمن عملية الفصل بين سلطتي التحقيق والأتهام التي لايعمل بها القضاء المصري .
فالنظام القضائي في مصر يختلف عن النظام القضائي العراقي كلياً ، حيث أن الأول يعتمد نظام النيابة ، أما القضاء العراقي فيعتمد نظام قضاة التحقيق الذي يفصل بين سلطة التحقيق والأتهام ، وبهذا فأن البلدين يختلفان في الأطار العام للعمل القضائي ولايمكن أن ينجح النظام الخاص بالجمع بين سلطة الأتهام والتحقيق في العراق لأسباب قد نناقشها في بحث آخر .
هذا من جانب أما من الجانب الآخر ، فأن العراق يزخر بالطاقات والكفاءات والكوادر القضائية التي نعتز بها ولطالما حرص عليها القضاء في العراق ومن خيرة القضاة والقانونيين والأكاديميين ، وأمام القدرة والقابلية والكفاءة التي يتمتع بها القضاة العراقيين والنخبة من المحاميين المتمرسين والمتسلحين بالخبرة والكفاءة والعلمية ، مما يجعلهم قادرين على المساهمة في أعادة بناء منظومة القضاء العراقي وأعادة تأهيلة وترميم ماهدمته السلطة البائدة من قيم وأسس وأعراف قضائية كانت تشكل مقومات البناء القضائي في العراق ، أضافة الى كون هذه المساهمة ستجعل الفائدة حقيقية من هذه الكوادر والقابليات لتصب في عملية التغيير الجذري وأعادة بناء البلد .
أن النظام القضائي العراقي يتميز بأرثه وتجربته القضائية التي كانت تدعو للفخر ، وسيطرة السلطة البائدة هي حالة أستثنائية حاولت من خلالها تهديم صرح هذا البناء الوطني بمعاولها وقراراتها السطحية وتغييرها أسس العمل في الدستور ، ولكن هذه الفترة الأستثنائية لن تشكل سوى شرخاً بسيطاً في الجسد القضائي ستتعاون النخبة الخيرة من القضاة المتقاعديين ومن بقي في الخدمة أو من المحامين أو من الأكاديميين الحقوقيين في ترميم هذا الشرخ وأعادة بناء المؤسسة القضائية العراقية المشهود لها تاريخياً بالقدرة والكفاءة والقابلية والثقة الوطنية .
فأذا كان تصريح عضو الكونغرس يأتي من باب عرض المساعدات والتطوع لتقديم المشورة أو المساهمة في البناء ، فأن هذا يلغيه واجب الأخوة العربية والأتفاقيات التي تقررت في مؤتمرات وزراء العدل العرب أن كان لها محل ، أما أذا كان في باب نقل التجربة القضائية المصرية وتطبيق النظام القضائي المصري في العراق ، فأنه يقع في خطأ كبير أذ لايمكن أن يقلب النظام العراقي المتمثل في الفصل بين سلطة الأتهام والتحقيق الى نظام الجمع بين السلطتين وهو مايرفضه الواقع العراقي والدراسات القانونية والتجربة العملية التي عاشها القضاء في العراق منذ بداية الحكم الوطني والى اليوم .

#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل