أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - أزمة الوجود في إلغاء السياسة














المزيد.....

أزمة الوجود في إلغاء السياسة


الفضل شلق

الحوار المتمدن-العدد: 7556 - 2023 / 3 / 20 - 16:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من الطبيعي عند سقوط بضع بنوك أميركية، وربما بداية أزمة مالية-اقتصادية، أن يعود الحديث خاصة لدى اليسار عن أزمة النظام الرأسمالي، وكأن المعني بذلك هو الطبقة الرأسمالية العليا، وكأن النظام الرأسمالي أو النظام العالمي هو نظام هذه الطبقة العليا. الأرجح أنها أزمة الوجود البشري، أزمة تعاطي البشر فيما بينهم أو بالأحرى أزمة العلاقات الإنسانية، وهي ما يفترض أن تشكل جوهر السياسة.

يعتقد الأميركيون أنهم شعب استثنائي، ويعبرون عن ذلك بأشكال مختلفة، كما اعتقد اليهود على مر تاريخهم أنهم شعب الله المختار. لكن ما يشبه هذا الاعتقاد شائع لدى كل الشعوب. فما من جماعة بشرية إلا وتعتبر أن كونها جماعة يعني أنها ذات وضع خاص بين البشر. الخصوصية لدى كل جماعة سواء كانت دينية أو إثنية أو قومية أو حتى دولة تعددية القوميات والأديان والطوائف والإثنيات طريق لاعتبار الذات الجماعية متميزة. كما غلبة الأنا الفردية على النحن الجماعية هناك غلبة اعتبار النحن الجماعية على الإنسانية. وتتدفق الايديولوجيات والمعتقدات، بما فيها الأديان، لتبرير هذا التفوّق حتى ولو كان أصحابه مهزومين أمام الغير، والهزيمة يمكن أن تكون مادية عسكرية أو ثقافية روحية.

المعتاد هو أن يوضع الواحد البشري في جماعة قومية أو دينية منذ أن يولد دون أن يعرف لماذا، أو قبل ذلك. نادراً ما نرى عضواً في جماعة دينية أو قومية يعرف شمائل دينه أو قوميته. هناك دائما اختصاصيون في كل جماعة دينية أو قومية يعرّفون أقرانهم بما هي عليه الجماعة. في الجماعة الطائفية، مثلاً، والطائفة جماعة دينية، تتخذ المعتقدات المميزة للطائفة قدسية، بحيث يستحيل النقاش فيها لمعرفة أسبابها. قليلاً ما نرى أبناء طائفة ما يناقشون معتقداتهم الدينية مع أبناء دين آخر أو طائفة أخرى نقاشاً يكون على نفس المستوى من الصراحة والانفتاح حيت يتحدثون مع بعضهم داخل “جماعتهم”. دائماً تكون التساؤلات بينهم حول أنفسهم غير ما يطرح مع الآخرين حول نفس المواضيع. النقاش العقلاني حول معتقدات الأخرين يعتبر مساً بكرامتهم. بلغ الأمر في بلادنا العربية أن من بتفوّه بما هو غير مناسب قومياً بالنسبة لأصحاب الأمر والنهي يعتبر في كلامه مهيناً للذات الجماعية ويعاقب على ذلك.

تنعكس أزمة الوجود البشري فيما يطرحه الناس على أنفسهم وعلى غيرهم من قضايا يعتبرونها مقدسة بالنسبة لهم، ويجب أن تكون كذلك بالنسبة لغيرهم. ينتج عن ذلك جماعات مغلقة ومجتمعات يستحيل فيها الانفتاح على الغير. يبقى لكل فريق ما يضمره ليكون غير ما يفصح عنه. تنغلق الجماعات على نفسها وتستحيل السياسة؛ وهذه لا تكون إلا بالانفتاح ورحابة الصدر. تقضي السياسة بالانفتاح على “حقائق” الغير والاعتراف بها والتسويات بينها وبين حقائق الذات، وتكريس تنازلات عما نعتقده مقدساً لدينا، أو عن بعضه على الأقل.

أزمة الوجود البشري هي في استعلاء القضايا (المعتقدات) على ضرورات العيش التي هي أيضاً ضرورات الوجود. هذه الأزمة أساسية في ألغاء السياسة التي يفترض أن تكون علاقات سوية بين الناس قبل أن تصير تنافساً على الزعامة والوجاهة.

تغلبت السياسة التنافسية على السياسة بمعنى العلاقات السوية بين البشر وألغت نفسها. وتغلبت الأنا على النحن، والنحن الجماعية على النحن الإنسانية، والخصوصية على الإنسانية؛ وفي ذلك تكمن أزمة الوجود البشري.



#الفضل_شلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل بدأ أفول الدولة الدينية
- زلزالنا اجتماعي نتائجه مثل زلازل الطبيعة
- صناعة السلاح وضرورات الحرب والاستبداد
- تفوّق الطبيعة على الإنسان
- المطلوب استعادة الدولة والنفط أداة
- وعظ أبو ملحم حول العيش سوية
- انقلاب تدريجي يستهدف الحرية الفردية
- عبيد الأسماء
- دين بلا إيمان
- أفغانستان حالة قصوى للمجتمعات الإسلامية
- هل تنفصل آسيا عن النظام العالمي الحالي؟
- بوتين أحد بيادق الشطرنج الامبراطوري
- أردوغان ومتلازمة العظمة
- أنظمة القابضين على الماء باليد
- قراءة في رواية “الوجه الآخر للظل”
- ضرورة فك ارتباط الدين بالرأسمالية
- هل بدأت مراسم دفن الدين السياسي
- من الامبراطورية الى انتخاب رئيس لبناني
- ثورة الوجدان الفردي على المجتمع والسلطة
- أخطار الوجود البشري


المزيد.....




- الانتخابات الأوروبية في مرمى نيران التدخل الأجنبي المستمر
- أمريكا كانت على علم بالمقترح الذي وافقت عليه حماس.. هل تم -ا ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- لماذا تشترط واشنطن على الرياض التطبيع مع إسرائيل قبل توقيع م ...
- -الولايات المتحدة تفعل بالضبط ما تطلب من إسرائيل ألا تفعله-- ...
- بعد قرنين.. سيمفونية بيتهوفن التاسعة تعرض بصيغتها الأصلية في ...
- السفارة الروسية: قرار برلين بحظر رفع الأعلام الروسية يومي 8 ...
- قديروف: لا يوجد بديل لبوتين في روسيا
- وزير إسرائيلي يطالب باحتلال رفح والاستحواذ الكامل على محور ف ...
- مسؤول في حماس: محادثات القاهرة -فرصة أخيرة- لإسرائيل لاستعاد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - أزمة الوجود في إلغاء السياسة