أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - زلزالنا اجتماعي نتائجه مثل زلازل الطبيعة














المزيد.....

زلزالنا اجتماعي نتائجه مثل زلازل الطبيعة


الفضل شلق

الحوار المتمدن-العدد: 7532 - 2023 / 2 / 24 - 11:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أصاب اللبنانيين هلع كبير جراء زلزال العشرين من شباط 2023. تتحالف ضدهم كوارث من صنع البشر وأخرى طبيعية. وكلها كان غير متوقع، أو بالأحرى لا يمكن توقعه. بعضها صنع النظام السياسي-الاقتصادي، وبعضها صنع الأقدار. فهل تحالفت قوى السماء والأرض وما في باطن الأرض لسلب ما يملكون، وما كانوا يملكون من الأشياء المادية، ومن سوية عقلية أو استقرار نفسي، إذ دخلوا المصير المجهول من بابه الواسع. يدخلون هذا الباب ويصلون الى الآتون وهم “منتوف ريشهم”، خائرة قواهم. يخضعون لإذلال الطبيعة لهم، كما إذلال طبقة حاكمة لا تقل عن زلازل الطبيعة قسوة عليهم وهزءاً بهم وسخرية منهم.

حلّ اليأس والإحباط عند اللبنانيين بعد ثورة تشرين مقابل النصب الذي يمارسه النظام السياسي، والسلب الذي يمارسه النظام المصرفي، والعجز الذي تصر السلطة على “التحلي به”، وطلب العزلة والانعزال لدى الطوائف على تنوعها، والتراجع العقلي والأخلاقي لمن يبقى في البلد، وعكس ذلك لمن يخرج منه. ألا نرى الهجرة صارت ملاذاً لسوية ذهنية وعصبية، إضافة الى البحث عن سبل العيش؟ ما معنى التمسّك باتفاق الطائف، مداهنة أو جدياً، مع تعطيل الدولة والنظام وتدمير السوية الذهنية؟ ألم يكن اتفاق الطائف أداةً لإنهاء الحرب الأهلية واستعادة الدولة لقواها؟ ألا يتناقض التمسّك باتفاق الطائف وتدمير الدولة والنظام تناقضاً كلياً؟ الزلزال ينتج عن تصادم ما تحت الأرض ويفرّغ طاقات هائلة، أما عندنا فالصدام بين طوائف المجتمع هو ما يؤدي الى فقدان الحيوية لدى المجتمع، عدا الطاقات التي تتجمّع لدى الطبقة الحاكمة بما يجعلها قادرة على سلب المجتمع مادياً وروحياً. وكلاهما ينتج عنه خراب ودمار وقتل وتشريد.

على كل حال، زلازل الانفجارات (المرفأ وغيره) والاغتيالات والسلب ثم الإفقار المفاجئ لا تقل فداحة عن زلازل الطبيعة، أو لا تقل أثراً وإن اختلفت الطاقة المسببة كماً ونوعاً. أحد المشتركات بينها هو تجهيل الأسباب والنتائج. يراد لنا أن نبقى في عتمة ليل.

لا نعرف عن الحدث إلا أنه حدث، أما الأين، والكيف، واللماذا، فلا سبيل الى الجواب عليها. أليس هذا ما يفعله زلزال الأرض؟ كنا في المعلوم ونذهب الى المجهول. حتى الآن، والحمد لذلك، لا إصابات من جراء الزلازل الطبيعية التي نسميها هزات، أما الزلازل السياسية والاجتماعية، وما يفعله حكام لبنان، العلنيون والمستترون، فهي أدت وربما تؤدي الى الكثير من الإصابات وخراب البشر والحجر. فهل نحن تحت وطأة زلزال دائم؟

في البلدان الأخرى حيث الزلازل طبيعية، تهرع الدولة وبعض القوى الخارجية للمساعدة، إن كان لغوث الذين فقدوا منازلهم، أو على المدى البعيد لإعمار ما تهدم، إضافة للاهتمام اللاحق بمعرفة الإصابات المميتة، خاصة أنه يتعيّن انتقال ملكية العقارات والأموال الى الأحياء، وإلا صارت الملكية نوعاً من المشاع الذي لا يملكه أحد.
هشاشة البناء حيث وقعت زلازل الطبيعة أدت الى ضخامة الخسائر في الأرواح والملكيات، وما ذلك إلا نتيجة تواطؤ السلطة مع أصحاب ومتعهدي بناء العقارات؛ هذا التواطؤ ليس نتيجة فساد وحسب، بل يتعلّق ببنية النظام والعلاقات السائدة في دوائر السلطة، وبين السلطة والطبقة العليا، إذ تعمد هذه الى زيادة أرباحها من عقود البناء بمخالفة القوانين، وأحيانا بالتقيّد بقوانين لم تعد تصلح لمرحلة ازداد فيها السكان زيادة كبيرة، وازداد الطلب على المساكن. زيادة الأرباح تنتج عن خفض الكلفة باستعمال مواد سيئة أو أقل جودة مما يجب، او زيادة أسعار البيع. إن قوانين البناء وتحديثها وإصلاحها وتطبيقها هي في النهاية مسألة وجود وهيبة الدولة. وجودها كدولة لا كمجرد سلطة لأعالي الطبقات، وهيبتها أو بالأحرى جديتها في تطبيق القوانين بالتكافؤ على الجميع، والأهم من كل ذلك إلتزام السلطة بمصالح شعبها الراهنة والمستقبلية، دون تمييز ومحاباة. إلتزاماً يعني الشرعية خاصة إذا طبّقت القوانين مع احترام حقوق الطبقات الأدنى، وأهمها السكن. ما حققته دول في بلدان أخرى كاليابان ومثيلاتها يدعو الى الإعجاب، وما حققته دولنا يؤدي الى الاحتقار. احتقار الناس للسلطة واحتقار السلطة للناس، بما يعني فقدان الشرعية. لا يستطيع أهل العلم الحديث، من جيولوجيا وغيرها، توقّع الزلازل بزمانها ومكانها، لكن أهل السلطة يستطيعون توقّع نتائج الزلازل متى حصلت وأخذ الاحتياطات بسن القوانين الملائمة وتطبيقها والتحسّب للطوارئ وأعمال الإغاثة. إن التعاون أمر معروف بعد كل كارثة، لكن جعل التعاون دائماً عن طريق القانون والتطبيق والتدريب أمر واجب وإلا تكون الدولة مستحيلة، والسلطة على غير خدمة الناس، بل بالتواطؤ مع أصحاب الثروات.

الفساد أصيل في البنية الرأسمالية، لكن دولاً يكون فيها الفساد مصاحباً للعمل والإنتاج والخدمة للناس، ودولاً مثل ما هو موجود في منطقتنا يقتصر فيها الفساد على نفسه، فلا عمل ولا إنتاج ولا خدمة للناس، بل لا إهتمام بحياة الناس ومصيرهم؛ فهم في نظر هذه السلطات مجرد قطيع متشكل من رعايا لا لزوم لهم إلا أن يخضعوا. وأحيانا أن يموتوا أو يهجّروا. سلطات الاستبداد تريد دائماً شعوبها حسب مزاجها وليس أن تكون هي حسب مزاج الناس. يحكمون الناس وكأنهم أموات.

أدت سياسات السلطة عندنا، في لبنان، الى زلزال اجتماعي يشبه في نتائجه الزلازل الطبيعية في بلدان أخرى. فصيلة الزومبي المتخيلة تتشكّل من أموات أحياء، أموات يمشون على الأرض. صرنا كذلك أحياء لا يرزقون. الذي شبّه ذلك بالجحيم كان محقاً. ربما لم يكن ذلك ما أراد أو تمنى. لكن هذا ما حدث.



#الفضل_شلق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة السلاح وضرورات الحرب والاستبداد
- تفوّق الطبيعة على الإنسان
- المطلوب استعادة الدولة والنفط أداة
- وعظ أبو ملحم حول العيش سوية
- انقلاب تدريجي يستهدف الحرية الفردية
- عبيد الأسماء
- دين بلا إيمان
- أفغانستان حالة قصوى للمجتمعات الإسلامية
- هل تنفصل آسيا عن النظام العالمي الحالي؟
- بوتين أحد بيادق الشطرنج الامبراطوري
- أردوغان ومتلازمة العظمة
- أنظمة القابضين على الماء باليد
- قراءة في رواية “الوجه الآخر للظل”
- ضرورة فك ارتباط الدين بالرأسمالية
- هل بدأت مراسم دفن الدين السياسي
- من الامبراطورية الى انتخاب رئيس لبناني
- ثورة الوجدان الفردي على المجتمع والسلطة
- أخطار الوجود البشري
- الأرض مشروع مؤقت للرأسمالية
- قارب الموت والحياة: عهر الوجود


المزيد.....




- سفارة أمريكا في القدس تُجدد تحذير رعاياها بعدم قدرتها على مس ...
- السعودية.. ظهور جديد لسعود القحطاني.. وتركي آل الشيخ يُعلق
- وسائل إعلام إيرانية رسمية: طهران تُسقط مسيرة إسرائيلية بالقر ...
- هذا الموقع تحت الأرض هو جوهر البرنامج النووي الإيراني.. إليك ...
- ترامب يشن هجوما لاذعا على ماكرون بسبب تصريح -وقف إطلاق النار ...
- رفع مستوى التأهب الأمني في منشآت القيادة الأمريكية بمنطقة ال ...
- إلى أين تتجه العملية الإسرائيلية في إيران؟
- DW تتحقق ـ صور وفيديوهات مزيفة عن التصعيد بين إيران وإسرائيل ...
- هل سيخرج الدم الاصطناعي من المختبر قريبا؟
- الدفاع الروسية: إسقاط 147 مسيرة أوكرانية بينها اثنتان فوق مو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - زلزالنا اجتماعي نتائجه مثل زلازل الطبيعة