أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - عبيد الأسماء















المزيد.....

عبيد الأسماء


الفضل شلق

الحوار المتمدن-العدد: 7490 - 2023 / 1 / 13 - 10:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



نحب أن نكره. العكس صحيح، نكره أن نحب. كل منهما شعور بالجذب تجاه الآخر أو النفور منه. ننظم الحب والكره للآخرين في جماعات تحب أو تكره بعضها. ولكل منها إسم ربما كان هو سبب وجودها أو التعبير عنه. تظن كل جماعة أن كرهها للآخر هو حب لمن بينها. الطائفية آلية من آليات الحب والكره. يعتقد معظمنا أن كل مكسب للطائفة هو مكسب له. يغيب عنه أن المكسب الطائفي تحجبه الطبقات العليا عن عامة الناس المنضويين في الطائفة. في كل مرحلة من تطوّر لبنان الحديث طائفة تكون لها الأرجحية بما يجعلها تتحكّم بالسلطة وتصادر معظم خيرات البلد. لا ندري إذا كان عوام الطائفة المسيطرة يصيبهم نصيب مما كسبته الطائفة أم أن ذلك حكر على أكباش الطائفة وحاشياتهم. لا يدرك متعصبو الطوائف أن ما كسبته الطائفة هو خسارة لهم. لا توزع مغانم الطوائف بالتساوي والأكثرية من كل طائفة لا ينالهم شيء.

في كل مجتمع طبقات. الطبقات تتوزّع على الطوائف. الطائفة ذات الأرجحية تتمتّع بنسبة من الكاسبين أعلى من غيرها من الطوائف. لكن الأكثرية في كل منها هي من الخاسرين. ما يكسبونه هو الوهم أنهم من الرابحين. يستنتجون ذلك من خطأ الاعتقاد أن الهوية الطائفية التي تجمعهم بأعالي الطائفة تعوّض لهم الخسارة الفعلية. ولا يدركون أن ما يجمعهم مع أعاليهم طبقياً هو الإسم فقط. فقليل منا يعرفون الكثير عن الدين والطائفة الملحقين بها. ربما يصل الأمر بهم الى الدفاع حتى الموت عن الطائفة، وهم في الحقيقة أدوات لدى أكباش الطوائف ومجندون لخدمتهم. الطائفة أداة تجنيد العوام كما هي عند هؤلاء أداة تدمير الذات. لم يدر الذين أرسلهم سادتهم الى معتصمي ثورة 2019 بهتاف “شيعة شيعة” أنهم كانوا في الحقيقة يهتفون ضد أنفسهم لأن الثورة أهدافها صلاح عموم المجتمع، وهم في عدادهم. وخصومها الطبقات العليا في المجتمع، والهاتفون ليسوا في عدادها، بل هم خصم طبقي لهم. لم يكسب المجتمع شيئاً من الهتافات بل كانت الخسارة عمومية، والرابحون وحدهم أرباب النظام. بالطائفية ينقلب المرء المنساق فيها ضد نفسه. في حساب الربح والخسارة هم الخاسرون. وفي حساب العقلانية انقلب عقلهم ووعيهم ضد أنفسهم. الطائفية واحدة من أقوى الوسائل ضد التضامن الطبقي. تعتلي الهوية الطائفية فوق الهوية الطبقية، والعصبية الطائفية ضد المصلحة الحقيقية، خاصة المادية منها. أما المصلحة المعنوية فهي الى اختفاء.

الآن يتصاعد شعور لدى السنة بأنهم مكروهون وأن الطوائف الأخرى تعمل على تهميشهم، وكأنها متضامنة من أجل ذلك. يغذي هذا الشعور أكباش الطائفة السنية. لا شك أن جمهوراً واسعاً من السنة سوف ينقاد وراء أكباشه بناء على عصبية طائفية لا يدرك أصحابها أنه حتى ولو حقق أكباشهم مكاسب أو انتصارات (!!!( سوف يكون العامة منهم الخاسرون. ليس في الطائفية من يكسب ما يخسره الأخرون. الكل خاسرون. الكل هنا تعني عامة الناس الذين يصابون في كل المواجهات الطائفية، ويكون الرابحون الوحيدون أكباش الطوائف. بالأحرى الطبقة العليا من كل الطوائف. والطوائف كما الهويات الأخرى التي تضاف أليها أسماء، مجرد أسماء، هي تصنيفات تسمى وتنضم تحت لواء الاسم.

المشرق العربي كله طوائف وأقليات وأكثريات طائفية وإثنية وقومية. الصراعات والحروب الأهلية تنهش الجميع. ولا ندري أهمية اسم الخليج بالنسبة لهذا الفريق أم ذاك. أو أن الاسم عين المسمى، كما في بعض تيارات فلسفة القرون الوسطى؟ ماذا يضير العرب أن يسمى الخليج فارسيا؟ وماذا يضير الفرس أن يسمى عربيا؟ أم أن العصبية الفارسية هي الأقوى في إيران ذات التعددية الإثنية، ولا يشكل من ينضوون في الهوية الفارسية إلا أقلية كبرى في دولة تسمي نفسها إيران لا بلاد فارس. هل سوف ينزعج العرب وتثور عصبيتهم إذا عنّ على بال الإيرانيين تسمية بحر العرب الذي يقع على مضيق هرمز بالبحر الفارسي؟ هذه كلها أسماء يتصارع عليها الفرقاء والمصالح الحقيقية والعقلانية مغيبة.

مهلاً، كل منا ملحق باسم؛ اسم العائلة، اسم الطائفة، اسم القومية، الخ… وأحيانا الاسم المفرد الشخصي يحمل أهمية خاصة. ألا نحب أن نسمي أولادنا بأسماء آبائنا وأمهاتنا، سواء من الذكور أو الإناث؟ ألا نتوتر عندما يأتينا طفل في البحث عن اسم له؟ الاسم الذي نختاره فيه دلالة على هوية نختارها. أو على الأكثر هوية معطاة لنا، وفي معظم الأحيان تكون الأسماء مفروضة علينا، وأحياناً بالعنف. نحن لا نختار اسمنا، كما اننا لا نختار الدين الذي نضاف إليه عند الولادة، أو القومية التي نتحدث لغتها.

الاسم الذي نضاف إليه غالباً ما نعرف القليل عن مضمونه، والقليل يمكن أن يكون لا شيء. المهم هو أن نتعصّب لهذا الاسم لأننا قضينا أياما أو سنين في صحبته. غالبا ما نجد له تاريخاً سحيقاً، إذا كان وطناً أو عشيرة. وكثيرا ما تطوّر العصبية للاسم الى عنصرية تجاه ما لا ينسجم معه. لكن الاسم يمكن أن يكون مصدراً للسيطرة، كما يحدث عندما نضاف للطائفة أو القبيلة، فنصير من أتباع أكباشها. ونحب أو نكره أناسا حسب علاقتهم بالاسم.
يقول في الكتاب العزيز “خلق الإنسان علمه البيان”، وفي مكان آخر “علمه الأسماء كلها”. ربما كان في ذلك إشارة الى أن في التسميات سلطة، وأن غياب البيان ينم عن جهل. الجهل بما يتعدى الأسماء يؤدي الى عصبيات، ربما قادت إليها تطورات تاريخية وأوضاع نفسية ومصالح مادية، لكن الحقيقة عند معظمنا لا تتعدى الاسم. ربما كان هدف الداعيين في مطلع الستينات من القرن العشرين الى تغيير الحرف والكتابة باللاتينية، واستخدام العامية، هو تغيير الأسماء ومن ورائها تغيير الهوية. أما غيّر أتاتورك هوية تركيا عندما تبنى الكتابة بالحرف اللاتيني، وتخلى عن الحرف العربي. على كل حال، جرى تغيير أسماء كثير من المناطق العربية الي ضُمت الى تركيا؛ أنطاكيا مثلا صارت هاتاي.

هو خلاف على الأسماء، كما هو خلاف حول أشياء أخرى كثيرة، وأكثر علاقة بأسباب عيش الناس بمصير المنطقة. وهو تعبير عن عمق الانقسامات، بل شراسة الحروب الأهلية في المنطقة. لقد رهنت الأنظمة بقاءها بعجز وضعف جيرانها. والخلاف على الأسماء هو تعبير عن خلافات حيواستراتيجية، ومصالح مادية ليست خافية. الحق بالاسم يصبح حقاً لمالك الاسم. والدعوة الدينية محاولة من أجل الهيمنة والتسلّط. محاولات التسلّط على الآخرين ليس من أجل الهداية، وإنما كانت هدفاً معلنا، بل أن الهداية شكل من أشكال السلطة. الخلاف على الأسماء بعبّر عما لا يبشر بالخير. إذا كان الله قد علم الإنسان الأسماء كلها، ألا يدخل الخيلج في ذلك؟



#الفضل_شلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دين بلا إيمان
- أفغانستان حالة قصوى للمجتمعات الإسلامية
- هل تنفصل آسيا عن النظام العالمي الحالي؟
- بوتين أحد بيادق الشطرنج الامبراطوري
- أردوغان ومتلازمة العظمة
- أنظمة القابضين على الماء باليد
- قراءة في رواية “الوجه الآخر للظل”
- ضرورة فك ارتباط الدين بالرأسمالية
- هل بدأت مراسم دفن الدين السياسي
- من الامبراطورية الى انتخاب رئيس لبناني
- ثورة الوجدان الفردي على المجتمع والسلطة
- أخطار الوجود البشري
- الأرض مشروع مؤقت للرأسمالية
- قارب الموت والحياة: عهر الوجود
- المياسون روح جديدة في الثقافة العربية
- ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
- المصارف اللبنانية وخيانتها لنفسها ولمجتمعها
- افتراق السلطة والشعب: ثقافتان وخطابان
- بيان المؤتمر القومي الإسلامي – تعبير بائس
- للأنظمة العربية الديكتاتورية بنية فكرية


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - عبيد الأسماء