أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الجزء الخامس عشر من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة















المزيد.....

الجزء الخامس عشر من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 7556 - 2023 / 3 / 20 - 15:12
المحور: الادب والفن
    


كان لونا ثالثا من عالم القاهرة . . اسقط للعيش فيه – مصر الجديدة – فالمنيا رغم عماراتها السكنية المرتفعة وحركة شوارعها التجارية إلا انها تتسم بطابع انتقالي بين المعالم الشعبية والمدنية الحديثة بفعل الكثافة البشرية القاطنين في تلك المساكن الرأسية من الموظفين بأسر متعلمة ترتبط بصفات وخصائص ابناء المدن ، محلاتها على الشوارع الرئيسية تخلو من بهرج جذب المستهلكين ، فهي اقرب ما تكون محال عامة لمشتريات ذوي الدخل المتوسط من فئة الموظفين الحكوميين ، يطبع مرآها محلات بيع التجزئة ، وتحتوي في شوارعها الجانبية ومتفرعات الازقة الضيقة . . مجمع العالم الشعبي القديم في خصائصه المنتقلة من الريفية الى المدنية ، في البشر والعلاقات وضوضاء الاصوات باللهجات الشعبية والدكاكين الصغيرة والباعة المتجولين . . الاقرب أن يكون عالما لمركز قروي – بينما الدقي بقدر ما تمثل منطقة تجارية مكتظة بالسكان ، إلا انها يغلب عليها الطابع المدني الحديث بفعل قاطنيها من اعلى الدرجة الوسطى من كبار الموظفين الحكوميين والاكاديميين ومثقفي النظام ، اقيمت في ثلاث من اركانها فلل الوارثين ومساكن ملاك للأرستقراطية المنتقلة الى المدنية بتجاور مع الممثليات الدبلوماسية والسفارات والمنظمات السياسية الدولية والجامعة العربية ومساكن السفراء العرب والاجانب ومن عملوا لردح من الزمن في البعثات المصرية في الخارج ، بينما المركز بمتصل بركنها الرابع احتل كمنطقة للطبقة الوسطي المصرية وللوافدين العرب وبشكل اكبر الجالية اليمنية ، يمتد هذا اللسان المكاني في اتجاه قصر النيل الى منطقة التحرير ، وسم هذا الجزء بعمران اسمنتي متراص على الشوارع الرئيسية والفرعية غير الضيقة ، تقع فيها المسارح والنوادي الليلية في اتجاه المسار الموصل الى مربع جامعة الدول العربية واحياء السفارات ، بينما في المركز تتركز فيها مطاعم المقاهي عامة ومحال بيع مختلف الحاجيات وتقديم الخدمات وشقق العيادات الطبية والمختبرات الخاصة ، بينما تحتل الشوارع الخلفية مبان سكنية محوشة وبدون احواش لا يزيد ارتفاعها عن ستة طوابق ، يندر فيها الثمان طوابق ويغلب عليها بين الثلاثة الى خمسة طوابق – كانت منطقة الدقي هي البيئة التي يجد فيها الوافد العربي بيئته المدنية الممارية لعالمه ووسطه الذي ينتمي اليه في بلده ، بغض عن التواجد الكثيف لأهل جاليته – اما مصر الجديدة فهو عالم بعيد عن غالبية اليمنيين الساكنين في المدن من اسر ترتبط بقوة مع الطباع والعادات الريفية والقبلية ، المنحدرين من جيلين سابقين من اخر الاجداد – يقرب من ثمانين سنة على الاكثر - في الانتقال الى المدينة ، اما الندرة تلك فهم منحدرين الى ما قبل مائة وسبعين سنة ماضية على الاقل كمتوطنين في المدن القديمة ، يتمثلون البيئة الارستقراطية اليمنية القديمة المتمدنة حديثا ، الذين هم من انحدار الطبقة المثقفة المتعلمة القديمة او الفئة التجارية – شعرت بألفة مع عالم مصر الجديدة ، ألفة لم اعشها إلا بالقصص اجدادي لأبي وامي واخوالي الراحلين من قبل سبعين عاما على الاقل من البيت العثماني عالي المقام ، التي طافت على مسامعي واختزنها دماغي في صناديق اثرية من الذاكرة منذ طفولتي حتى ايامي الاخيرة قبل مغادرة اليمن هروبا الى القاهرة – كانت مساحة لشواهد العمران السلطاني بمناخ مسكون بالصمت والسرية في محتواه بما يميز البيئة الارستقراطية الباشوية المصرية القديمة ، المتداخلة بمعالمها العصرية المكلفة من المعارض والمحال التجارية والخدمية . . المقدمة لفئة كما يطلقون عليها المصريين بعلية القوم ، يغلب عليها التخطيط العصري في وجود مساحات واسعة مشغولة بترامي المنتزهات العامة واماكن الاسترواح . . . .

- اهلا وسهلا فيك .
- تسلم .
- على فكرة في طالبين اشترك واياهما الايجار ونفقة المعيشة ، هما لطيفان . . ومن تعز ، الذي في الغالب لن تتقابل معه . . اسمه عاطف محمود ، يأتي قبل الامتحانات وفي الاجازة الصيفية بينما دائما هو في الاسكندرية ، حتى يحضر المحاضرات هناك ، غرفته مغلقة ، والاخر الذي ستلتقيه محيي عبدالسلام من اب لكنه من مواليد تعز ، . . بس لا داعي الحديث معه عن وضعك والامور السياسية ، بل مع أي شخص يزورنا او نلتقي به ، انت جئت في سياحة وتعود بعدها الى صنعاء – ممكن تعرف نفسك في الامور العادية من الدراسة والاسرية والمنطقة التي انت منها . . لا داعي لذكر عدن . . انساها في حديثك مع الاخرين .
- كلمني . . في شيء سمعت به وتخفيه عني .
- ما في شيء و . . لا تخاف من شيء فأنت في القاهرة وليس صنعاء ، لا أحد يقدر يعمل لك شيء ، لكن حتى نحل مشكلتك . . نحتاج للصمت ، لحظة أن ينسونك . . يتسهل الحل – معنا وقت طويل حتى نتدبر سفرك بهدوء دون ان يدري احد بك – بس تصل المنحة المالية – ارتاح كم يوم ولنا . . كلام طويل . . ستمل منه .
- لا يمل الحديث معك . على بركة الله .



كانت الشقة اصغر من شقة الدقي واكبر قليلا من مسكن المنيا و . . تقترب من الاخيرة . . كونها مكتومة في تصميمها الداخلي . . لكنها افضل اضاءة في النهار - وضعت حقائبي في مخزن نظيف بعد ما أفرغت منها ملابسي واغراضي التي اعتدت ارتداءها واستخدامها ، رصصتها في درجين واسعين من خزانة كلاسيكية من الخشب الصلد المصقول – تشرب بن معي – نعم . شكرا – كان قاسم قد دخل الى غرفته الواسعة مغيرا ملابسه ليرتدي البيجامة ، سألني إذا اردت اتخفف وابدل ملابسي ، هل عندي واحدة ام يعطيني ، اخبرته عندي الخاصة بي ، اخرج بيجامة جديدة من قرطاسها من الدولاب واعطاني اياها – خذها . . لازم يكون معك اكثر من واحدة ، تلبس الاخرى عند غسل الاولى – افكر . . اغير في وقت اخر ، فما عرفته انك مربوط بعمل لازم تنجزه و . . لا اريد ان اعطلك ، افكر اخرج اتمشى قريبا من المنزل لأتعرف على المكان ، لا اريدك تنشغل بي – اعرف نباهتك ، ليكن تشرب البن ثم تخرج – سحب فرشا من تحت سرير نومه المعد لنفرين – ستنام اليوم على السرير – لا داعي لذلك ، خلي الامور كما اعتدت عليها ، يريحني انام على الكنبة في الصالة ، فأنا عادة لا أنام إلا متأخرا . . ما عندي شغل اما انت عندك جامعة و . . كتابة الاطروحة تحتاج لجو معزول وتبعا للمزاج . . ممكن تكتب في أي وقت ولوقت طويل – اوكي ، بس ليس على الكنبة ، وسأضع الفرش والبطانيات والملايات الخاصة بك في المخزن ، تفرشها وتنام عليها ، على فكرة ممكن تجمع ثيابك لتغسلها الشغالة . . لا تحرج ، وعندما لا نكون موجودين ، خليها تعد لك الفطور واي شيء تريده ، هي طيبة وهذا من عملها – عندما تخرج لا تذهب بعيد وخليك على الشارع الرئيسي ، تفرج على المعارض والمحلات وهنا اكثر من مقهاية بعد الركن القريب الذي اتينا منه ، . . لا تتأخر . . فصورتك غريب عن المنطقة ولتجنب أي شيء . . لا قدر الله – سحب ورقة رسم عليها مخطط الوصول الى بكامل الاسماء والارقام المعلمة للوصول الى الشقة ، وتحتها رقم تلفون البيت – هذه خليها معك دائما ، لو خرجت في أي وقت لوحدك . . وحتى لا تضيع عند عودتك – شكرا - دونت محاكيا ما كان في الورقة على مفكرتي الخاصة التي اخرجتها من حقيبة يدي الغارقة بالأوراق ، وعملت نسخة اخرى بورقة عطفتها ووضعتها في الجيب الداخلي للبالطو الاسود الذي اعتدت ارتدائه عند خروجي الدائم . . تحوطا لتقلب الطقس ، بينما وضعت تلك التي بخط يده في الجيب الخلفي من البنطالون الذي ارتديه ، داخل محفظة جلدية اشتريتها في تجول في منطقة السيدة زينب من قبل .



متأخرا عاد محيي ، بعد التعريف بيننا . . اني معيد في جامعة صنعاء مرشح الى بريطانيا لهذا العام 1987 . . بعد أن انهى عامين في تحضير اللغة في المعهد البريطاني ، جاء سياحة لبعض الوقت يعود بعدها الى صنعاء حتى يحدد له موعد السفر الى انجلترا في شهر يونيو او في بدايات سبتمبر – ينزل عندنا ضيف خلال هذه الفترة ، جررته بالقوة بزعل . . نحن دون المقام ، كان مستضافا في الدقي . . تعرف الراجحي وفاهم . . ايوه عندهم – اهلا وسهلا فيك ، ذكرك عاطف مباشرة عندما رآك في الحفل – كان موجود وجلس فترة بعدها عاد الى الاسكندرية ، هذه صورة لي وله – كلمني الكثير عنك . . وبجود قاسم اكثر من مرة ، كان يحاول أن يشوفك ولكن لا يعرف اين تعيش . . ثم سافر ، كنتما زملاء في نفس الفصل في الثانوية العامة ، قال لم يتغير شكلك عن زمان ، درستما معا في الثاني والثالث ثانوي – سرد من اسماء زملاء كانوا معكما ، قصص واحداث – حلفنا إذا لم يلتقيك . . أن نبلغك سلامه وانه كان يشتاق أن يراك ، وأن نذكرك ايام زمان مما قاله لنا - حادثة واحدة مما نقله محيي عن عاطف . . تذكرتها حين قدت اضرابا طلابيا لرفض استاذ الكيمياء للأربعة الفصول الموجودة في ثاني ثانوي ومسألة عقاب الطلاب بالضرب القاسي على ايديهم بعصيان غليظة ، تصدري الموقف اوقعني في مواجهة مع ادارة المدرسة الرافضة – كانت فترة احلال مكثف للأساتذة العرب المعارين من الاسلاميين – احضر مدير مكتب التربية لإدخال الطلبة الفصول واقر فصلي من المدرسة وكل المدارس ، رفض الطلبة وتم التهديد بإغلاق الفصول الاربعة وفصل جميع الطلاب إذا ظلوا في رفضهم والاخلاء بي – كان الحديث يدور عن عما اقدمه من مواضيع وقصائد تحريضية . . ضد الدين . . من حق الملحدين – بعد ثلاثة ايام من الاضراب . . اعيد فتح الفصول وجميع الطلاب للدراسة وانا منهم . . بعد تحذير نهائي من محاولة الاضراب او التأجيج للطلاب ، وليكن إن كان هناك مطلب ، يختارون اثنين او ثلاثة يمثلونهم لترفع الى ادارة المدرسة . . بدون شوشرة ، اتخذ قرار بمنع استخدام العقاب بالضرب واحيل المدرس للعمل الاداري – هززت رأسي بتذكر كل ما قيل من الذكريات ، رغم اني لم اتذكر عاطف أو الاخرين ، فهو عيب في ذاكرتي . . لكن المؤكد اننا كنا زملاء وكل ما تذكره كان صحيحا – استمر محيي من شغفه بالحكاية في خوض كثير من تفاصيلها – يبدو انها لم تسرد لمرة واحدة – ظهر محيي كما لو كان معنا وقتها كواحد من مرحلتنا تلك ، أن الانطباع عند الاخرين حولي كنت زناط كبير - لكن بصدق ما قاله عاطف انك كنت ذكيا ووسيم وشخصية و . . انك كنت من الاوائل ، حتى أن انه كان العديد يتوقعون أن تطلع من الاوائل في الجمهورية – حسب قوله عند الامتحان الوزاري للثانوية العامة ، كانوا الاوائل والمتفوقين . . بعد خروجهم من امتحان كل مادة . . يقارنون اجاباتهم بإجاباتك – اهلا وسهلا بك و . . أنا سعيد بوجودك . ارتحت لهذا الاستقبال ، لكن هناك ما كان يضايقني دون أن اخبر قاسم ، ان محيي كان يتعمد خوض مواضيع سياسية وعلاقتي بها – نعرف طابعها جر اخبار او معلومات – يعتذر إن لم يكن تطفلا ولكنه فضول لكوننا نعيش معا ، وهي اصلا مما سمعه من الاخرين وما قلته في الحفل وعده ، اني هاربا . . صحيح ! ، اني غير راجع الى اليمن ! ، هل يساعدك خالك – كنت اتهرب من الحديث واتوهه في امور اخرى ، مع نفي الكلام الفاضي الذي يسمعه ، وانه يبدو لم يفهم ما قلته مع ضجة الصالة آنذاك ، كله عن الاستقلال والثورة والوطنية لحياة جديدة . . وليس فيها هجوم لأحد ، كان هجوما على الجهل والتخلف والفساد والنعرات القبلية . . انت من تعز . . ما عندنا قبلية – اكثر في عظمة الدين والوطن والدولة – خذ راحتك ، تصلي او تشرب . . انا اصلي ولا اشرب وعندي عادي ، ا . . اريد بس لا تفهمني غلط ، عندي زميلة لي في الكلية . . تزورني في الصباح ، تقيمني للذهاب الى الجامعة . . حتى لا افوت المحاضرات . . انا نومي ثقيل . . و الله ما في شيء يحدث – عادي . . اين المشكلة – فقط لا يدري احد بذلك – ولا يهمك ، بالنسبة لي لو كنت مكانك لا يهمني احد أن يعرف . مرت الوقت . . والله الزميلة لم تقصر عن حضورها بين اليومين او الثلاث ايام لو زادت ، تفتح الشقة عند السابعة واحيانا تبكر او تتأخر قليلا ، تصبح علي بفعل صحياني المعتاد عليه عند السادسة والنصف . . مهما ذهبت للنوم متأخرا – صباح الخير ، انت جديد – لا . . ضيف – انا زميلة محيي – عارف . . تفضلي – كانت ترتدي ما يسمونه بالثياب الاسلامية ، تنورة طويلة ضيقة ومفصلة على امتداد جسدها السفلي حتى الخصر بما يظهر رشاقتها وطول ساقيها ، من اعلى يكشف عن تولعها بلبس الفانيلات الاسترتش القطنية الشفافة اللاصقة ذات العنق ، تغير في ألوانها فقط – لم تكن تحجب من تفاصيل جسدها وانتصاب اثداءها ، بل تزيدها إثارة اشد من أن تكون عارية ، وتكمل حجبتها بقفازين مطاطيين ناعمين وغطاء شعر اسلامي – عموما كان هذا هو الحجاب الاسلامي الذي رأيته في جامعتي القاهرة وعين شمس - الايام الاولى كانت تستأذنني بخجل للدخول لتصحيه ، اسمع صوته متكاسلا أن تغلق الباب بالمفتاح ، نصف ساعة وعادة اقل . . تخرج مهرولة الى الحمام للاغتسال ، بعد عودتها الى الغرفة يذهب بدوره للاغتسال ، باب الغرفة عندها يترك مفتوحا على رؤيتي وانا ارتشف البن في الصالة ، كانت تفرش السجادة وتصلي صلاة الفجر – أي الصبح – تجفف شعرها و . . تعتذر بإيماءة من راسها بمواربة الباب لترتدي ملابسها ، تتعجل بالخروج للحاق بالمحاضرة الاولى ، التي تقول احيانا قد بدأت عند الثامنة وهي متأخرة ، واخرى . . على الله تلحقها – نلتقي في الكلية عاطف – كانت تبحث عن عذر تقوله لي عند خروجها المتعجل – اتعبني والله ، لو لم أتي . . سيقوم الظهر ويضيع الدراسة ، اخرج من البيت عند السادسة . . لا ألحق اجهز نفسي ، يا الله اوصل اصحيه و . . استغل اجهز نفسي – مفهوم . . ما في شيء – تغادر مجنبة وقوف وجهها امامي – يقول عاطف بعد اغتساله واداء صلاة الصبح وارتداء ملبسه للذهاب الى الجامعة بعد شرب كأس الشاي – مسكينة . . تتعذب معي لألحق المحاضرات ، لولا هي . . كنت ممكن افصل لكثرة الغياب ، صعب اصحى للدخول في محاضرات الصباح ، خاصة التي تكون من الساعة الثامنة – جيدة هذه البنت ، . . انتما زملاء – ايوه . . لا . . في نفس القسم . . لكنها في السنة الاولى – واضح صغر سنها من وجهها ، لكنها تبين انثى بالنسبة لعمرها – ايام تعبر ، لم تعد ذلك المتسلل الخجول حين تدخل اليه لتصحيه وفترة الاستيقاظ مشوبة بالصمت المميت ، كانت تفتح الباب وتغلقه بهدوء وضوء النهار المرئي من نافذة الصالة . . لم يعم الفضاء بعد ليجعل الشقة غير محتاجة لاستخدام ضوء المصابيح ، تلج الى الداخل سائرة الى حيث اجلس ، تخلع قفازي كفيها ، ببشاشة تختلق الحديث بهمس معي ، تطيله خلال ارتشاف الشاي في تلاعب طفولي بحافة الزجاج المتشهي لافتراس شفتيها الرائقتين بدقتيهما المتهربة عنجا - تخلع غطاء رأسها لأرى انسدال شعرها الناعم المصبوغ بالذهبي مع خصلات ثلجية – كانت تسمر عيناها امام عيني ، تقرأ ما اخفيه ، وتنفضح بما تعكسه من طفولة زائغة ورغبة جامحة . . أن اخرج عن جمودي – تسألني هامسة . . انا جميلة – نعم – اعجبك . . انا احب – تعجبي أي انسان ، لكن انت صديقة عاطف . . رجاء . . انا ضيف – كانت الرغبة تعصرني وتلهب جسدي ، كانت من ضمن الانواع من النساء اللاتي يستهوينني ، خاصة حين تكون مومئة الى بأعجابها وتدرك أن جمالها ملفت لي أو لأي من يراها – تعض على شفتيها كقبلة اختلستها وتأبى على فك شفتي من فمها ، تعيد غطاء رأسها وتدخل الغرفة مغلقة لها بالمفتاح من الداخل ، خلع رداء التمثيل الساذج و . . اصبح الامر اعتياديا ، اللعب والاصوات خلال فترة الايقاظ كانت تعلو ، احيانا كما لو انها مقصودة . . لإظهار حرة كل منهما – لم يكن هناك غيري مستيقظا . . ليعي تلك الاصوات – لم يكونا يتصوران خبرتي لا يقارن بها عند احد اخر ، وعيتها في نفسي من خلال وافر الاطلاع بتلك الثقافة وحتى الرخيص منها في الافلام المصورة وقصصها المليئة بالخداع والتآمرات والتظاهر لإخفاء ما كان يدور في السر ، عرفت نفسي أني امتلك تشخيص الحالة بتلوناتها من ثانية لأخرى ، ادرك ما هو مخفي بعيدا عن خداع ما يرى او يسمع – الشرقي واليمني تحديدا تأسر ذاته مسألة الفحولة أن يراها غيرك فيك . . دلالة على الرجولة ، والانثى أن تكون محط اعجاب واهتمام ، حين تكون جميلة . . لا تكتفي إلا أن تكون معبودة من الرجل ، خاصة من تريد اسره . . أن تبدو مثيرة تسحر في كل حركة وايماءة . . تظهرها غير مقصودة عفوية مليئة بالبراءة و . . هي تنصب الشباك غير المدركة من فريستها الملهية بالمغريات من الطعوم المرمية داخل الشباك ، وللذكور في التزاوج . . في مغادرة لعقولهم وسيطرة الفرمونات عليه كإدراك وحيد شهواني يوجه سلوكه وموقفه بجنون مفارقا للمنطق – يمر الوقت ، تنشأ ألفة العيش المشترك ، يخرج كل منهما من غرفة الايقاظ لافا ملاية على جسده ، احيانا تسقط من عدم اجادة ربطها و . . تارة تسقط عن عمد لتكاسل . . حتى تظهر العورة – هو امر اعتيادي بين الاصحاب – يجلسان لتناول الشاي مرتديين روب الاغتسال – كنت اشعر بنظرات عاطف المختلسة إلي وانا اشيح بنظري . . حين كنت ارى ارخاء غطاء الروب لظهور ثدييها أو التحدث الغنج بتلاعب الشفتين واللسان او افتعال الممازحة الجسدية والملامسة الجنسية الملفتة . . ظاهرها الحب – كنت اتجنب ذلك . . حتى اني لست ممن يعتدي على حق غيره . . كيف وإن كان صديق ، كنت قد خبرت كثيرا لؤم المرأة ، حين تريد أن تثأر من رجل يتجنبها وتفشل فخاخها في ايقاعه ، أن تستثير غيرة الاخر إما بشكل غير مقصود تعتمد الاثارة يراها صاحبها انها بريئة لكونها جميلة ومثيرة بذاتها ، لكن الخسة بالشخص الاخر في فهمه ، او بطريقة الادعاء بلا اخلاقية صديقه ، الذي تحس بنظراته وحركاته غير النظيفة تجاهها وهي تتعامل معه ببراءة كأخ – كنت اتهرب من الجلوس معهما أو حتى عند وصولها المبكر قبل طلوع الضوء – كانت الرغبة الجنسية ترعدني كالحمى الشديدة ، ويقتلني رفضي لفتاة تلهث نحوي – لا أدري إلا وتحول فجائي طرأ على سلوك محيي بعد فترة ، برود في تعامله وتجنبي في اوقات اخرى ، كنت اشعر بنظرات مختلسة تحمل عدم ارتياح ، ربما لأني لم اكن منفتحا معه كما كان يريد . . خاصة وأني ضيف عليه ، وربما شعور بالغيرة لوجود صديقته – لم يكن هكذا من قبل ، اكيد هناك ما حرك هذا الشعور – ما ذنبي ، احفظ حقه . . حتى وراء ظهره . . فأجني السوء – هي لعنة الوضع الذي يلم بي ، يضعني في احوال تكون نتائجها سلبية وظالمة بحقي . . لا أستحقها .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتهاء زمن نظرية المؤامرة . . حقيقة أم اكذوبة خداعية – فيما ...
- المثقف والمفكر . . عباءة فري سايز للجميع
- عراة . . ولكن لا يدركون
- خريف عدن . . واخيلة شبحية تذهب للمحو / نص قصصي - مارس 10 ...
- طيف انسان عابر / نص قصصي
- يرتحلون في الذاكرة / نص قصصي
- تمزقات ليلية . . للروح
- خارطة الطريق لإنهاء الاحتراب وتفكيك الأزمة اليمنية / الجزء ا ...
- الجزء الرابع عشر من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من ...
- ديار لم تعد ديارا
- يقدم رمضان . . في ظل نخاسة دائمة
- خارطة الطريق لإنهاء الاحتراب وتفكيك الأزمة اليمنية ...
- لتقدمين . . قبل جرف العاصفة / نص شعري مباغت للحظة
- خارطة الطريق لإنهاء الاحتراب وتفكيك الأزمة اليمنية الجزء ال ...
- قدر . . يماحكك الوجود
- ابجديات يمنية معاصرة / في التفكير والكتابة - من كتابي 2020 ج ...
- 4 / من الداخل اليمني . . لسعودية بن سلمان الرسالة (الثالثة ...
- 3 / من الداخل اليمني . . لسعودية بن سلمان الرسالة (الثالثة ...
- 2/ من الداخل اليمني . . لسعودية بن سلمان خارطة الطريق لإن ...
- من الداخل اليمني . . لسعودية ابن سلمان ( الرسال ...


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الجزء الخامس عشر من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة