|
الطبل في بكين والرقص في تبنين!
عديد نصار
الحوار المتمدن-العدد: 7553 - 2023 / 3 / 17 - 11:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتداول المتابعون والمحللون والكتبة والمعلقون اللبنانيون ما جرى من اتفاق "بِكّينيّ" بين مُوفَدَي طهران والرياض حول امكانية عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة و"الجمهورية الاسلامية" بعد شهرين من التداول والتفاوض وجسّ النوايا.. وانعكاس ذلك على قضية انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية يملأ شغورا رئاسيا مرَّ عليه أزيدُ من ثمانية عشر أسبوعا وأبَحُّ من مرتين ونصف في ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة اللبنانية ( كان سعر الصرف في تشرين أول/أوكتوبر يحوم حول الـ 40000 ليرة مقابل الدولار الواحد وبات اليوم يحوم حول الـ100000 ليرة مقابل الدولار الواحد!). وفيما لا يزال كلٌّ من النائبين نجاة عون صليبا وملحم خلف يعتصمان داخل مبنى البرلمان مطالبَين بتطبيق المواد الدستورية التي تنصّ على ضرورة انعقاد مجلس النواب فورا لانتخاب رئيس للجمهورية حالَ شغور سُدّة الرئاسة، من أجل انتظام عمل مؤسسات الدولة وذلك بحسب هذين النائبين.. وفيما بات هذا الاعتصام نسيا منسيّا من قبل الاعلام والاعلاميين، تتمادى حالة الانهيار الحرّ في الوضع المعيشي وفي سائر مؤسسات الدولة وفي الاقتصاد عموما مع انهيار العملة الوطنية، ومعها تنهار الحالة النفسية لشريحة واسعة من اللبنانيين خصوصا الذين لا يجدون نافذة للفرار خارج هذا الجحيم المقيم، إذ باتت أخبار الانتحارات التي تطالعنا بشكل شبه يومي لا تفاجئ أحدا تماما كما أخبار الجرائم اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون على أيدي قوات الاحتلال والمستوطنين الصهاينة أو التي يتعرض لها السوريون على أيدي العصابات الدموية التابعة للنظام الأسدي أو للنظام الإيراني أو سواهما. فكيف يتحول القتل اليومي المباشر أو غير المباشر كالانتحار خبرا روتينيا، وكيف يتوقف العدُّ أو يُهمل استمرار النزف والفقد، بينما يجد البعض متعته ويأخذ كامل وقته في اجترار الوسائل في إعادة إنتاج نظام قاتل؟ وهل ستعيد التسويات الموعودة وإعادة تقاسم الحصص المعهودة بين مافيات السلطة اياها على ضوء الاتفاق الموعود، كونه لم يتحقق بعد، الأعمارَ المفقودة انتحارا أو غرقا في قوارب الموت أو اغتيالا في تفجير المرفأ؟ لئن كان للصين استراتيجيتها العامة الكبرى في المنطقة ومشروعها وبرامجها الاقتصادية والسياسية التي تُدعّم توجهاتها التنموية وترفع من مقدّراتها الاقتصادية وقوتها السياسية، والسياسية عند الشيوعيين هي تكثيف للاقتصاد، ولئن كان للمملكة استراتيجيتها ومشروعها التنموي الهادف لتسريع نموها اقتصاديا وتوسيع نفوذها سياسيا، وكلا الاستراتيجيتين الصينية والسعودية تحتاجان حكما الى استعادة وتكريس استقرار المنطقة عامة، ولئن كان للجمهورية الاسلامية في ايران مأزقها الداخلي الذي افقدها شرعيتها الشعبية وبالتالي فهي تحاول أن تنقذ نظام سيطرتها القروسطي منه من خلال اكتساب بعض الشرعية الخارجية باعتبارها تمثل ايران دولة وشعبا وتعقد الاتفاقيات باسمهما، فإن للبنان واللبنانيين جهنمهم الخاصة التي لن يخلصهم منها لا اتفاق "بكيني" بين المملكة والجمهورية ولا اعادة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض. وما قاله وزير الخارجية السعودي يعبّر تماما عن الموقف، فلبنان، أي النظام فيه، لا يحتاج الى توافق سعودي ايراني بل الى توافق لبناني لبناني، أي توافق/تسوية بين قوى السلطة تعيد تقاسم الحصص ومغانم السلطة فيما بينها بناء على موازين القوى المستجدة. والخلاصة، إن أيّة تسويات إقليمية أو دولية قد تفرض اعادة الاستقرار الى المنطقة قد تفرض أيضا، أو تُسهم في الوصول الى تسويات لبنانية داخلية تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية وربما أيضا تفضي الى التوافق على سلّة متكاملة من بينها تكليف رئيس للحكومة وشكل الحكومة وبرنامجها وتعيين موظفي الفئات العليا في الجيش والأمن والمال والإدارة... وبالتالي "عودة انتظام المؤسسات" التي يطمح اليها كلا النائبين المعتصمين في البرلمان! لكنّ هذا التوافق وهذه التسوية التي قد تتم بين الأفرقاء اياهم الذين أوصلوا البلاد والناس الى هذا الانهيار المتمادي لن تكون أبعد من التوافق على إعادة اقتسام مغانم السلطة مجددا بينهم، ما يعني تماما عفوا عاما عن كل الجرائم المالية والاقتصادية والأمنية والسياسية التي تورط فيها هؤلاء الأفرقاء على مدى عقود بحق الدولة والمؤسسات وبحق المواطنين وكافة المقيمين وعلى رأسها جريمة تفجير مرفأ بيروت وتدمير ثلث العاصمة، وبالنتيجة تكريسا لمبدأ الافلات من العقاب وتصنيفا للناس: من هم تحت القانون ومن هم فوق القانون. فإذا كانت الاتفاقيات والتسويات تعني الأنظمة والقوى المسيطرة، إمّا لخدمة استراتيجياتها أو لتوسيع نفوذها أو لحمايتها من شعوبها، فإنّ من ينتظر الغيث في بكين لن يحصد زرعاً في تبنين!
#عديد_نصار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حدثان بين عامي ٢٠٢٢ و٢٠&
...
-
مظاهرة برلين: ضرورة الظهير الخارجي للانتفاضة
-
لبنان: المعارضة الطائفية وترسيم الترسيم
-
الانتفاضة الإيرانية والنظام العالمي
-
فؤاد النمري ارقد بسلام
-
سرٌِيَ التٌوأم
-
كيف لنا أن نتابع ما بدأه سلامة كيلة؟
-
مداخلتي الرئيسية للقاء الحواري الأول لتجمع مصير
-
ماذا لو أهمل بايدن كل تلك الأوراق؟
-
عقد على الانتفاضات الشعبية المفتوحة
-
شهران على تفجير مرفأ بيروت من يحاسب من؟
-
سلامة كيلة، سنتان على غيابه
-
مبادرة أم صفقة؟
-
كان يعلم
-
هل افتدت المدن السورية بيروت؟
-
التعذيب كأداة استنطاق لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية
-
المداخلة الرئيسية في تأثيث ندوة أطاك طنجة/المغرب حول تطورات
...
-
كوفيد-19 الماقبل والمابعد
-
لم ندفن موتانا بعد يا سلامة!
-
افلاس نظام المناهبة وانهياره
المزيد.....
-
علاء مبارك يستشهد بفيديو للشعراوي عن شهر رمضان والمحبب باستق
...
-
زيلينسكي يغرد عن -قوة الصلاة- بشهر رمضان لتطهير أوكرانيا من
...
-
زلزال بقوة 4.6 درجة على حدود طاجيكستان وقرغيزستان
-
بومبيو يتحدث عن خطأ استراتيجي لواشنطن وفشل جديد لبايدن
-
زعيم تركي معارض: سنطعن في ترشح أردوغان للرئاسة
-
خبير أمريكي: واشنطن تخسر نفوذها العالمي بشكل كارثي بتقليلها
...
-
نصرالله يوضح ما أثير حول -ملحق عن لبنان- في الاتفاق بين السع
...
-
عاجل | رويترز عن عسكري صيني: إبعاد مدمرة أميركية دخلت مياه ج
...
-
عاجل | نائب رئيس مجلس الأمن الروسي: توقيف الرئيس الروسي في ا
...
-
واشنطن بوست: هكذا يمكن جعل العقوبات على روسيا موجعة حقا
المزيد.....
-
العدد 64 من «كراسات ملف»: «اتفاقات أبراهام» ومعضلة اندماج إس
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
ديكتاتورية البروليتاريا بين الطموح النبيل والواقع المرير
/ أسعد منذر
-
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، استقلالية الانطلاقة ومركزي
...
/ أسامة خليفة
-
الفساد، والفئة البرجوازية الكبيرة وعلاقتها براس المال الاجتم
...
/ مؤيد احمد
-
غبش الصورة .. تمثلات الجميل في السؤال الفلسفي
/ محمد الميالي
-
موسى فرج وسحرة السلطة
/ د. صالح الطائي
-
بعد عشر سنوات: دروس من الثورة المصرية
/ ديجان كوكيك
-
تهافت الأصوليات الإمبراطورية
/ حسن خليل غريب
-
سيميائية الصورة في القصيدة العربية PDF
/ ياسر جابر الجمَّال
-
طه حسين ونظرية التعلم
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|