أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كمال طيرشي - قراءة في كتاب: مفهوم المجتمع في العلوم الاجتماعية: قراءة جينيالوجية















المزيد.....

قراءة في كتاب: مفهوم المجتمع في العلوم الاجتماعية: قراءة جينيالوجية


كمال طيرشي

الحوار المتمدن-العدد: 7548 - 2023 / 3 / 12 - 20:50
المحور: المجتمع المدني
    


صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وفي إطار مشروع سلسلة ترجمان، التُى تٌعنى بنقل وتعريب أهم الأعمال الفلسفية والاجتماعية والفكرية من ثقافات شتى، واقتدرت في فترة وجيزة أن تنشر عدد كبيرًا من الترجمات لأهم الكُتب الفكرية على مدار عشرة أعوام أو يزيدون، ولعل من الكُتب الهامة التي جرى نقلها إلى اللسان العربي: كتاب مفهوم المجتمع في العلوم الاجتماعية: قراءة جينيالوجية للباحث ميغيل كابريرا، وتكفل بترجمته حسن احجيج، حيث يسعى هذا الكتاب إلى تقديم قراءة معمقة متقصيًا الطرقة التي تشكل من خلالها المجتمع وفق المنظور الحداثي، باعتباره كيانا مستقلًا، قائم بذاته، متتبعًا تشكلية مفهوم المجتمع خلال فترة العشرينات من القرن 19. من منطلق أن الممارسة الفعلية للأفراد والأنشطة الحياتية التي يقومون بها، ماهي في حقيقة الأمر إلا تمخضات للمجتمع. لأن أي ممارسة فردية مهما كان نوعها، تجري داخل سياق بيئة اجتماعية معينة تحكمها ضوابط وعادات وتقاليد وأعراف هي من تقوم بتهيئة الأرضية الخصبة لترعرعها داخل المجتمع بصورة عامة. ولكن تبقى القراءة الفاحضة لتشكل المجتمعات اليوم ماهي إلا صيرورة تاريخية، وهي من تقوم بإغداق المعنى له. وأثناء تأملنا للكتاب نجده يعمد إلى تقسيم أهل الاختصاص في الدراسات السوسيولوجية وفق فئتين أساسيتين، الفئة الأولى التي تجلت في عشرينات القرن 19، والتي مثلها واحد من أهم أعمدة علم الاجتماع وأحد مؤسسيه وهو أوجست كونت الذي عمد إلى تأسيس فلسفة الوضعية، هذا الأخير الذي أقر ضرورة أن يجعل من المجتمع الكبير بحاجة إلى العلم في إدارة مناحيه، حيث نعت كونت علم الاجتماع في ارهاصاته الأولى بالفيزياء الاجتماعية، ومن ثمة جعله يهتم أكثر بشتى مناحي الحياة السوسيولوجية في الجماعات البشرية، مستعينا بدراسة السلوك البشري، مستعينا بتحليل اللقاءات التي تقوم بين الأفراد في الشارع، والصراعات القائمة بينهم وتمكن البغية النهائية من وراء كل هذا هو بناء أسس ودعائم محورية واضحة يُمكن من خلالها فهم التغيرات والتحورات التي تلحق به.
ثم ينلقنا بعد ذلك الكتاب إلى التصورات الابستمولوجية الجديدة التي سلكها مفهوم المجتمع فيما بعد، محاولًا في الآن عينه أن يُظهر وشائج قربى هذا التصور الفكري، مع التغيرات اللاحقة في المجتمعات واقتصادها وسياساتها المتعالقة بالنظام الليبرالي، وكيف أسهم شعور المنظرين الأوائل لعلم الاجتماع بالإحباط إزاء ما اعتبروه فشل في التوقعات السياسية لهذا النظام، في سبيل دحض مسلماته النظرية ذات الملمح الفرداني المحض، خصوصًا المسلمات التي تشيد بالفرد والطبيعة الإنسانية، ليعمدوا فيما بعد إلى تقديم مقاربة فلسفية تقوم في أساسها على مفهوم جديد للمجتمع وتنظر إليه ككينونة موضوعية قائمة بذاتها ومستقلة تمامًا عن الفرد ورغباته على اختلاف توجهاتها

أولًا: صنع المجتمع
حقيق بنا الاعتراف ههنا، بأن مدلول المجتمع تجلى جراء التناقضات التي حصلت من وراء مسلمات الفردانية والانهمام الفاعل للنظام الليبرالي على منحاه العملي، خصوصًا بعد ما حصل بعد قيام الثورة الفرنسية، والآمال والوعود التي علقها مفكرو الرعيل الأول لعلم الاجتماع عليها، والتمخضات التي انجرت عنها في سبيل تطبيق نظام ليبرالي، وحينها بدأ مسلك علماء الاجتماع يتغير ليصب أكثر حول التنظير الفكري والفلسفي في سبيل إيجاد صيغة جيدة لمفهوم المجتمع. لأن كل المحاولات التي سعى إليها البعض بُغية ترسيخ الليبرالية، لأن الليرالية كانت تستعين بتصورات مغلوطة عن العالم البشري، كما أن الليبرالية تباينت في موقفها، ولم تقتدر على الوصول إلى القبول الجماهيري، كونها كانت تفتقر بشدة إلى الموضوعية، وبعيدة كل البعد عن الواقعية في تناولها للمشهد السياسي الماثل، فهي من جهة تطالب بالحريات الإنسانية وتعمد إلى مصادرتها في الآن عينه، كما أنها تنادي بالديمقراطية وتشكك بنتائجها. ولعل هذا وغيره ساهم في أن تتعرض الليبرالية لانتقادات كبيرة، وهذا لأجل وضع معالم براديغم جديد يسمح بالاتمام الناجح لعملية تهيئة المؤسسات السياسية والعلاقات التي بدأت من خلالها الثورة الليبرالية، وهذا النموذج الجديد الذي تمخض عن ردود الفعل النقدية ضد الليبرالية في صورتها التقليدية كان هو البراديغم الاجتماعي.
ثانيًا: نقد الاقتصاد الليبرالي
إن السبب الرئيس الذي حدا بأصحاب الرؤية الليبرالية النقدية هو التفكير في المبادئ التي قامت عليها النظرية الاقتصادية التقليدية، والعمل على تحيينها، وربما هو الدافع عينه الذي جعل علماء الاجتماع الجدد يعيدون التفكير في هذه المبادئ أيضًا، فالنظرية الاقتصادية الكلاسيكية كانت تقوم على افتراض مفاده أن تحقيق الربح للمالك هو الحل الأوحد والنهائي لأي مؤسسة، وعليه يمكن التأكيد بأن مسؤولية إدارة المنظمة يتجسد في تحديد الخطط والتصميمات السياسية المختلفة التي تعمل على احقاق هذا الهدف، فقام المنظرون اللاجتماعيون المحدثون إلى تقديم مفاهيم حول المجتمع وتقديم تفسرات لها وفقًا لبنية اقتصادية، مع ضرورة التمحيص والنظر إلى الضوابط التي من خلالها نتلافى الانهيار الداخلي الذي حصل في الاقتصاد الليبرالي، وربما ساهم هذا الانهيار إلى تقديم مفهوم حول المجتمع، هو من تمخضات التطرف النظري لليبرالية في تشخصيها للفرديات النقدية، وسعى هؤلاء المنظرون إلى تقديم إصلاحات ترمم الفشل الاجتماعي والاقتصادي لليبرالية، والعمل على تشييد مؤسسات اجتماعية تتوافق مع القوانين الجديدة، ولعل الاشتراكية الماركسية ساعت بقوة في احقاق ذلك. كونها تعمل على التقريب بين الطبقات قدر الممكن.

رابعًا: مفهوم جنيالوجي
اصطبغ مفهوم المجتمع مع التصورات الحديثة التي حاول منظرو علماء الاجتماع انتهاجها، بالصبغة الجيينيالوجية بحكم طبيعته النظرية، بحيث أصبح عبارة عن عملية تلاحم بين الواقع الماصل والمفوم السابق للفرد. فمنهج الرؤية الجديدة إلى الواقع الإنساني نتيجة لتمثل هذا الواقع، ومحاولة فهمه من خلال التنظير المحض، زاد من تعميقها السياق المفاهيمي للفردانية، كما أن الملمح الجينيالوجي الذي أصبح مرتبطُا بالمجتمع رسخته أيضًا مفاهيم فلسفية: كالعقل ومقولاته، المنطق وقوانينه، الذاتية، الجوهر، الإرادة وغيرها، كما أن قول يربط المجتمع بالجانب الجنيالوجي، يعني لزومًا أنه لا يُمكن اعتباره مفهومًا تمثيليًا، أي التصوير المفاهيمي لظاهرة موضوعية، بل العكس من ذلك تمامًا، وبذلك لم يعمد هؤلاء المنظرون الاجتماعيون صورة أفضل للواقع، بل منحوه معنى جديد، ولم يكن للأمر أن يتم عند هؤلاء إلا من خلال فهم المخرجات الجديدة للفردانية والاستناد إليها، وأصبحت بذلك مفهومًا راسخًا عبرت عنه الكثير من الفلسفات والدراسات التي تهتم بالفرد وقيمه الذاتية المتمخضة عنه، والتي تحمل في طياتها الكثير من الدلالات العميقة القيمية. وتفسر سلوك بناءًا عليها. بحكم أن الفردانية فلسفة للنقاش السياسي والأخلاقي، كما أن الاستياء الذي انجر عن طبيعتها، سرع بظهور حافزية أكبر لتبلور الفكر النقدي.



#كمال_طيرشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب: الرياضيات -حرفة عقلية-: طريقة جديدة في الإدرا ...
- قراءة في كتاب: شرح ما بعد الطبيعة في ضوء منطق أرسطو: نظرية ا ...
- قراءة في كتاب: الوعي الأسطوري الرافدي: تجلياته الفلسفية لعبد ...
- قراءات في كتاب : جواب عن سؤال: ما السلفية؟ لعزمي بشارة (قراء ...
- مراجعة كتاب : أكسل هونيث فيلسوف الإعتراف
- كارل ماركس و الدين : قراءات في كتاب الدين و العلمانية في سيا ...
- قراءة مقتضبة في أهم أعمال عزمي بشارة الفكرية و الأدبية
- بهتان وكالة الأنباء الفرنسية في حق المفكر عزمي بشارة
- قراءة في كتاب: رهاب الإسلام ورهاب اليهودية: الصورة في المرآة ...
- قراءات فلسفية في الإستيطيقا المعاصرة
- هل الحرية سالبة أم موجبة؟: تأملات فلسفية حول مفهوم الحرية عن ...
- مراجعة في كتاب: المجمل في فلسفة الفن لكروتشه بقلم الباحث كما ...
- مراجعة نقدية لفيلم : - أم Mother !-
- مفاهيم متشابكة حول المثقف عند المفكر عزمي بشارة
- فلسفة الإيمان عند عزمي بشارة
- قراءة في كتاب :أخلاقيات التواصل في العصر الرقمي – هبرماس أنم ...
- مفاهيم حول الدين و علاقته بالأخلاق عند عزمي بشارة (الجزء الأ ...
- في مفهوم الأسطورة و الأرموزة عند عزمي بشارة
- عزمي بشارة الفيلسوف الثائر (الحلقة الأولى)
- الفضية الفلسطينية فوق كل حاقد و ضد شبيحة الأسد و شرذمة بقايا ...


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كمال طيرشي - قراءة في كتاب: مفهوم المجتمع في العلوم الاجتماعية: قراءة جينيالوجية