أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال طيرشي - قراءة في كتاب: الوعي الأسطوري الرافدي: تجلياته الفلسفية لعبد الباسط سيدا














المزيد.....

قراءة في كتاب: الوعي الأسطوري الرافدي: تجلياته الفلسفية لعبد الباسط سيدا


كمال طيرشي

الحوار المتمدن-العدد: 7300 - 2022 / 7 / 5 - 16:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
عنوان الكتاب: الوعي الأسطوري الرافدي: تجلياته الفلسفية.
المؤلف: عبد الباسط سيدا.
دار النشر والسنة: بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2022.
عدد الصفحات: 416.

يعتقد الكثير من الباحثين في الغرب أن الوعي الفلسفي والميتافيزيقي الذي خطت معالمه الحضارة اليونانية القديمة هو الحدث الفريد الأوحد لبداية الأساطير والتفكير الفلسفي، مستشهدين في ذلك بما قدمه فلاسفتها أفلاطون وأرسطو وسقراط، والتأثير الذي تمخض بعدهم على الفلسفات التي جاءت بعدهم خصوصاً الفلسفة الاسلامية وصولاً إلى الفلسفة الحديثة والمعاصرة. متناسنين ومغفلين في الآن عينه ما قدمته الحضارات في الشرق القديم، إلا أنه وفي المقابل من ذلك هناك مؤرخون وفلاسفة ومستشرقون في الغرب أنصفوا التراث الشرقي القديم، وأثبتوا دوره المركزي في صقل العقلية الفلسفية الغربية وامدادها بالأنوار الأولى للتفكير، فمثلاً سارتون يعتقد أنه من السذاجة الاعتقاد بأن العلم والفكر بدء في الاغريق، وأن الاهمال الذي طال التراث الفكري الشرقي القديم كان سبباً في افساد هذا العلم وبيان قيمته، بعيداً عن عقيدة المركزية الأوروبية التي يُنسب إليها الفضل في كل شيء، ومن الكُتب كذلك التي انصفت العقل الشرقي القديم كتاب أثينا السوداء، الذي يقر فيه صاحبه مارتن برنالب أن أثينا ليست بيضاء كما يعتقد، وليس مصدر فكرها الفلسفي هو الغرب الآري، بل افريقيا السمراء، والشرق السامي.
ولعل من أحدث الكُتب الصادرة باللسان العربي والتي عمدت إلى تناول هذه المنزلة العظيمة التي يحتلها الفكر الشرقي القديم وبدرجة خاصة فكر حضارة بلاد الرافدين، كتاب الباحث عبد الباسط سيدا، الذي صدر مؤخراً عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بعنوان: الوعي الأسطوري الرافدي: تجلياته الفلسفية، حيث تناول فيه الباحث باسطاً الاثباتات والدلائل بخصوص طبيعة هذا الفكر الرافدي وراسماً في الآن عينه حدوده، وتأثيراته على العقلية الاغريقية عموماً، منطلقاً في ذلك من بيان تأثير الأسطورة باعتباره اللبنة الأولى لتشكل الوعي الفلسفي والحضاري الانساني، والتي اقتدر التاريخ أن يتناولها بالتمحيص والنظر وفق زاوية تحليلية نقدية، والذي يدين بصورة أو بأخرى بتأثير الأسطورة في رسم معالمه، وسعيه الدؤوب إلى التخلص التام من تبعاتها، لينطلق نحو التجريد التام، والتحرر منها عموما. والحقيقة أن الأسطورة من حيث هي ضرب من الواقعة المجازية التي يحيطها منحى قداسي، كانت الحضارات القديمة تعتبرها بمثابة الكتب المقدسة لديهم، لا يمكن عدها كتابة تاريخية محضة، لأنها في حقيقة الأمر تمثل نظرية سوسيولوجية للمجتمع البشري اتجاه العالم، ولم تبسط النظر حول ما يحصل في العالم من حوادث إلا فيما يتعلق ما كانت هي بحاجة إليه، لتقتدر على تقديم طرح يمكن له أن يحضى بالمقبولية، والتقدير القداسي، الذي كانت له منزلته الخاصة أيضاً في الدين، وقراءتنا للتاريخ الطويل للأسطورة نجده دوماً متعالق بالدين، سواء أكان هذا الدين سماوي أو من وضع البشر. وتبقى مع ذلك الأساطير مثابة تمظهر للوعي الاجتماعي، من خلاله تتجسد رؤية المجتمعات العتيقة إلى العالم والعلاقة بين الرؤية إلى العالم والمجتمع القائمة على النزوع نحو الرمزية والشعور الباطني.
ويستحضر الباحث سيدا دلالات الوعي الأسطوري لدى الحضارة السومرية، مؤكداً على دلالة هذا الوعي عندهم لم ترتهن فقط بالنصوص الأسطورية المكتوبة، من منطوق أن الوعي الأسطوري السومري يؤكد على طبيعة العقلية التي كانت تبسط التأويلات والتفاسير لكل المسائل العارضة الفكرية منها والروحية، والمعبرة عن طبيعة مجتمعهم أنذاك، انطلاقاً من التأكيد على حضور عالمين، الأول غيبي ميتافيزيقي له فاعليته، وسيطرته وله من المُكنة ما يقتدر على ممارسة فعل الخلق والتسيير والتنظيم الكوني، والعالم الثاني بشري يسنتد أساساً إلى العالم الماورائي الغيبي ويخضع له. أما في معرض حديثه عن السلطة والوعي الأسطوري، فيؤكد سيدا أن الوعي الأسطوري في تمظهره الديني كانت له حظوته من لدن السلطة السياسية في بلاد بابل والأشوريين، التي كانت تعمد لبسط سيطرتها ونفوذها، بالرغم من أن هذه السلطة كان شغلها الشاغل وديدنها متعلق بالأمور الحياتية الدنيوية، إلا أنها من خلال هذا السعي الذي كانت البُغية من وراءه تحصيل الأسباب الكافية لبلورة عقيدتها السياسية، لم تقتدر على مجاوزة حلقة الفاهيم الجوهرية التي شيدت صرح العقيدة الدينية عندهم، والعقبة التي صعبت الأمر عليهم تعلقت بـمدى قدرة تلك المفاهيم على الإقناع، بالإضافة إلى الطابع القداسي الذي يكرس السلطة.
ويؤكد الباحث سيدا أن الوعي الأسطوري لبلاد الرافدين بصورة عامة لم يقدر على مجاوزة حالة التلاحم بينه وبين الواقع الماثل أمامه، برغم أنه اقتدر في سياقات محددة الوصول إلى مستوى التفاصيل النسبية بمنحاه. لكن هذا التماسف لم يكن له الأهلية من مقومات تُمكنه من احقاق مستوى الإتجاه الشامل المسيطر، وعلة ذلك لا يُمكن تفسيرها وشرحها إلا من خلال ملازمة تتبع العوامل التي وقعت عثرة دون بلوغ الوعي الأسطوري الرافدي إلى المنحى الممارساتي للنظر الفلسفي المجرد. وبذلك فقد امتاز الوعي الأسطوري بلاد الرافدين بآمال محدودة، يحكم أنه كان يسعى للتعامل مع المعطيات الماثلة، على اعتبار أنها الخيارات الممكنة الوحيدة، والتي لابد من الاحتكام إليها، والأخذ بها من منطوق صحيتها المطلقة التي لا خلاف فيها، ففي النهاية الآلهة التي أرادت وبسطت هيمنتها على الأحداث الحاصلة في الكون، وربما يبدو هذا المسلك مسنجم مع الحالة الاجتماعية القائمة أنذاك في الرافدين، وكذلك متوائم مع تصورات السلطة الحاكمة أنذاك بأبعادها الدينية والسياسية.



#كمال_طيرشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءات في كتاب : جواب عن سؤال: ما السلفية؟ لعزمي بشارة (قراء ...
- مراجعة كتاب : أكسل هونيث فيلسوف الإعتراف
- كارل ماركس و الدين : قراءات في كتاب الدين و العلمانية في سيا ...
- قراءة مقتضبة في أهم أعمال عزمي بشارة الفكرية و الأدبية
- بهتان وكالة الأنباء الفرنسية في حق المفكر عزمي بشارة
- قراءة في كتاب: رهاب الإسلام ورهاب اليهودية: الصورة في المرآة ...
- قراءات فلسفية في الإستيطيقا المعاصرة
- هل الحرية سالبة أم موجبة؟: تأملات فلسفية حول مفهوم الحرية عن ...
- مراجعة في كتاب: المجمل في فلسفة الفن لكروتشه بقلم الباحث كما ...
- مراجعة نقدية لفيلم : - أم Mother !-
- مفاهيم متشابكة حول المثقف عند المفكر عزمي بشارة
- فلسفة الإيمان عند عزمي بشارة
- قراءة في كتاب :أخلاقيات التواصل في العصر الرقمي – هبرماس أنم ...
- مفاهيم حول الدين و علاقته بالأخلاق عند عزمي بشارة (الجزء الأ ...
- في مفهوم الأسطورة و الأرموزة عند عزمي بشارة
- عزمي بشارة الفيلسوف الثائر (الحلقة الأولى)
- الفضية الفلسطينية فوق كل حاقد و ضد شبيحة الأسد و شرذمة بقايا ...
- قراءة في كتاب : النظام المعرفي عند مشال فوكو


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال طيرشي - قراءة في كتاب: الوعي الأسطوري الرافدي: تجلياته الفلسفية لعبد الباسط سيدا