أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين سالم مرجين - وهم العبقرية في المجتمع العربي














المزيد.....

وهم العبقرية في المجتمع العربي


حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)


الحوار المتمدن-العدد: 7545 - 2023 / 3 / 9 - 18:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تقابلت مع أحد المسؤولين الليبين وذكر لي بأنه عندما كان مسؤولًا في إحدى قطاعات الدولة الليبية، بأنه عندما يطرح أيّ فكرة تنهال عليه – مباشرة- عبارات المدح والإطراء من جل مسؤولي وموظفي القطاع، وذلك بمجرد الانتهاء من طرحه لتلك الفكرة، دون أن يجرؤ أيّ أحد في ذلك القطاع بمناقشتها أو الاعتراض عليها، ومع مرور الوقت أصبحت أفكاره تُوسم بالعبقرية؛ أي لم يتوصل إليها أحد سواه، واستطراد معي بالقول "بأن تلك الأفكار أصبحت تجد طريقها بشكل سريع إلى إدارات وأقسام ومكاتب القطاع، ليصبح الجميع يتحدث عن عبقريته في إنتاج الأفكار والحلول، وواصل حديثه معي بأنه "وصل به الأمر إلى التفكير بأهمية وجود شخص ما يقوم بتدوين أفكاره؛ وذلك خوفا من ضياعها أو عدم الاستفادة منها في معالجة مشاكل القطاع ولكن كما يقول بأنه بمجرد خروجه من القطاع الذي كان مسؤولا عنه انتهى كل شئ.
فقلت له : بأنك كنت تعيش في بيئة حاضنة على تحفيز وتوظيف وهم العبقرية بغية تحقيق مآربها الخاصة .
في الحقيقة هذه القصة الواقعية جعلتني أبحث عن كشف هذه البيئة في المجتمع الليبي، فليس مبالغة في القول إن المجتمع الليبي –حسب اعتقادي – جعل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي – مثلًا - يعيش أيضا وهم العبقرية لمدة أربعون سنة ونيف، حيث كان يعتقد بأنه سابق عصره في التفكير وإيجاد الحلول، فأصبح مع مرور الوقت المفكر العبقري الأوحد، لا يجرؤ أحد على مناقشته أو الاعتراض على أفكاره.
وهذا لا يعني بأن الرئيس الليبي السابق لم يكن يعلم أو يعرف عن وجود هذه البيئة الحاضنة لوهم العبقرية، أو أنه كان مستنكرًا لها، وغير راضيا عنها، أو غير محبا ومشجعا لها، إنما أجزم بأنه هو نفسه من قام بزرع هذه البيئة، فكان راضيا عنها، ومحبا ومشجعا لها، وكما يُقال البذور التي تزرعها تعطيك محصولا من نفس النوع، ومن منا لا يتذكر عندما كانت الجماهير الليبية تهتف للرئيس الليبي السابق بالقول "علم ياقائد علمنا كيف نحقق مستقبلنا"، إليس هذا الهُتاف يحمل في طياته وهم العبقرية؟
ولكن هل هذه سمة خاصة بالمجتمع الليبي دون غيره من المجتمعات العربية ؟
إن النظرة العميقة لطبيعة المجتمعات العربية ستكشف لنا سريعًا بأن البيئة الحاضنة " لوهم العبقرية " ليست حالة ليبية بامتيار، إنما تمتد إلى جل الدول العربية، حيث أجزم بأن جل المجتمعات العربية تعمل وتعيش في تلك البيئة؛ وهي بيئة "وهم العبقرية" وعلى مستويات المسؤولين كافة، فعقول أفراد المجتمع – حسب هذه البيئة تسود فيها قيم قداسة وحصانة أفكار المسؤولين ، وعقول المسؤولين تعمل لتنتج الأفكار والحلول دون غيرها فيراها باقي أفراها المجتمع – بالضرورة - بأنها أفكار خلاقة ومبدعة.
إن من يحسن التأمل ويدقق النظر يستطيع أن يدرك بسهولة بأن جذور هذه البيئة موجودة في الأمثال العربية فنجد مثلا العديد من الأقوال العربية المأثورة التي تدعو بشكل صريح إلى تمجيد أفكار وآراء الحاكم "فالناس على دين ملوكهم"، وكذلك "حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس"، ولا أظن أن القارئ في حاجة إلى مزيد من أمثلة.
وهذا الأمر جعلني أبحث عن تشخيص وتفسير لهذه الحالة " وهي "وهم العبقرية" والتي تعني حسب اعتقادي أن يعيش بعض المسؤولين حالة من " وهم العبقرية في إنتاج الأفكار والحلول"، حيث يعتقد هولاء – المسؤولين- بأن كل أفكارهم ستحمل – بالضرورة- في طياتها عبقرية لم يصلها أحد سواهم، ومع مرور الوقت يمتلك هؤلاء المسؤولين ذات متضخمة وفوقية وعنجهية ، فيروا في أنفسهم بأنهم الأحق من سواهم في إنتاج الأفكار والحلول، وبأن أفكارهم وحلولهم دون غيرها سيتم استدعائها – بالضرورة - كونها وصفات عبقرية وسحرية لمعالجة مشاكل ومسائل المجتمع، وهذا يعني ببساطة بأن تلك البيئة هي بيئة رافضة لكل ما يعزز العقول ويوسع إدراكها، من خلال التأمل والتفكير الحر والجريء.
وهذا الأمر ربما يدفعنا إلى طرح تساؤل وهو : ما الذي يدفع بعض أفراد المجتمع إلى أن تقوم بدور البيئة الحاضنة لوهم العبقرية ؟
في اعتقادي بأن الدافع متأتي من رغبة هؤلاء الأفراد في القرب من المسؤولين لتحقيق مصالحهم الخاصة أو المحافظة عليها، بالتالي تجعلهم على استعداد باستمرار وجاهزين طول الوقت لما يُطلب منهم.
إن التشخيص السابق ربما يدفعنا أيضا إلى طرح تسا ؤل آخر وهو : لماذا هناك اخفاق مستمر في عدم مقدرة المسؤولين في بعض الدول العربية على حل مشاكلها؟
في الحقيقة لا ادعي بأنني امتلك إجابة لهذا التساؤل المعقد والمتشابك، لكني أعتقد بأن التشخيص والتفسير السابق للبيئة الحاضنة لوهم العبقرية في المجتمع العربي ربما يحمل في طياته إجابة هذا التساؤل.



#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)       Hussein_Salem__Mrgin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا نريد من مناهج التعليم الأساسي والثانوي في ليبيا ؟
- - مستقبل التعليم العالي في ليبيا
- لغة الحرب ولغة الحوار في الأزمة الليبية
- قراءاة نقدية لدراسة عن تحولات بناء السلطة التقليدية في المجت ...
- قراءاة نقدية لدراسة عن -جودة الحياة في ظل التحولات التنموية ...
- قراءاة نقدية لدراسة عن -أوجه التحديات التي تواجه المسنين في ...
- إضاءات في تاريخ العلاقات الليبية الأردنية
- قراءة نقدية لرواية مزرعة الحيوانات ل جورج أورويل
- دعوة لتعزيز الممارسات الإيجابية لمفهوم الرجولة لدى الفتيات و ...
- مراجعة نقدية لكتاب الحياة السياسية ، للمؤلف :آصف بيات
- قراءة نقدية ل كتاب أيام في طرابلس
- إلى أين تتجه ليبيا 3؟
- المشكلات والأزمات في المجتمع العربي والأفكار والمشاريع التنو ...
- الحاجة إلى نظريات اجتماعية تفسر الواقع المجتمعي العربي
- العلاقة بين طرح الأفكار واستمرار المشكلات والأزمات في المجتم ...
- مؤشر جودة التّعليم دافوس 2021م بين التّضليل والحقيقة.
- التهجير القسري في المجتمع الليبي، الإشكالات والآثار والتحديا ...
- عالم الاجتماع الدكتور المنصف وناس ....كما عرفته
- المجلّات العلميّة المحكّمة الليبية بين المتطلبات والتحدّيات ...
- دعوة ملحة لإعادة بناء رؤية وزارة التعليم


المزيد.....




- كيانو ريفز يشارك لأول مرة في سباقات السيارات الاحترافية
- ليدي غاغا تكشف لـCNN عن كواليس أدائها في -جوكر 2- والمتنمرون ...
- هل تحوّلت حرب -الإسناد- في لبنان إلى حرب -البقاء-؟
- الأردن ينفذ أول إجلاء لرعاياه من لبنان بطائرة عسكرية
- غروسي يعلق على اغتيال قوات كييف لموظف في محطة زابوروجيه النو ...
- رئيس وزراء جورجيا: تسوية النزاع مع روسيا من أهم أولوياتنا
- اختراع نبات صناعي ينقي الهواء ويولد كهرباء لشحن الهاتف
- بايدن وقرينته يحييان ذكرى -طوفان الأقصى- في البيت الأبيض
- سلسلة غارات إسرائيلية على البقاع شرقي لبنان
- صاروخ يمني يجبر المشاركين في حفل ذكرى 7 أكتوبر للالتجاء إلى ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين سالم مرجين - وهم العبقرية في المجتمع العربي