|
مندلي سير و ذكريات 2023/2م
احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 7544 - 2023 / 3 / 8 - 10:44
المحور:
سيرة ذاتية
# حدثتني والدتي الحاجة فاطمة بنت السيد محمد انها حملتني مع جدتها حسنة وانا وليد قبل ان ابلغ اليوم السابع من عمري الى ساحة البقجة. وهي حديثة كانت في منطقة الميدان عند مدخل سوق الهرج الشمالي المواجه لوزارة الدفاع من ناحيته الجنوبية، وكان في هذه (البقجة) وهي كلمة تركية تعني الحديقة مدفع مصنوع من النحاس بأبعاد حوالي 4،5م وقطر فوهته من النحاس حوالي 50سم، وكانت محلة البقجة او الـ (باغ شاهي) موجودة في بغداد في منطقة الميدان تضم مسجد بير داود وجامع المرادية الذي تم تشييده عام 1465م وبينه وبين محلة الطوب الواقعة امام وزارة الدفاع الحالية زقاق ضيق يؤدي الى المدخل الشمالي لسوق الهرج حيث تقع هناك سقاية المشير والى جانبها انشئت المدرسة المأمونية، لكنها ازيلت بعد حوالي (50) سنة وانتقلت الى محلها الجديد قرب بناية البريد على الطريق الواصل بين ساحة حسان بن ثابت وبناية القصر العباسي المحاذي لوزارة الدفاع.
جواد البياتي
وكانت هذه المنطقة التي نصب فيها هذا المدفع العثماني (طوب ابو خزامة) والخرامة هي (الخرم) الموجود في فوهة المدفع الناتج عن ضربة عنيفة ويعود تاريخه الى السلطان مراد الرابع الفاتح الذي حكم ما بين 1032- 1049 هجرية. وترك في بغداد مجموعة من المدافع كان اشهرها وابقاها طوب او الخزامة، وهناك يقول بأن الخزامة جاءت بفعل خرم في فوهة المدفع ليسهل سحبه. كان هذا المدفع النحاسي مرابطاً عند الباب الوسطاني لبغداد في منطقة الشيخ عمر السهروردي قبل ان ينقل الى ساحة البقجة. يحمل هذا الطوب اثر خسفة على ظهره يفسرها البغداديون القدماء بانها كانت نتيجة ضربة من قبضة السلطان سددها اليه بعد ان غضب منه لتوقفه وتعطله عن المسير, لكن هذه الحكاية تختلف عن الحكاية التي اوردتها الحاجة فاطمة بان حرارته ارتفعت ارتفاعاً شديداً في واحدة من المعارك الحامية الوطيس مع الايرانيين حتى توقف عن الرمي فغضب عليه الضابط الذي كان يقود العدد الخاص بالمدفع الى الحد الذي ضرب بقبضة بقوة مما ادى الى خسف هذا المكان. وتتحدث بعض الكتب عن بعض العلامات الموجودة على المدفع كالمسكات الموجودة على ظهره، ولان هذا المدفع قد اخذ حيزاً من تاريخ بغداد فقد وصل به اهل بغداد الى حد التقديس حيث تقول الروايات انه غضب من السلطان والقى بنفسه في نهر دجلة وقام (علي اغا) الذي كان مسؤولاً عن القيادة بسحبه واخراجه من النهر فراح الناس ينذرون له النذور ويقيدون له الشموع وتنثر حوله باقات الياس الاخضر كما تربط به قطع القماش الاخضر وصارت له قدسية روحانية يطلب من خلالها اهل بغداد المراد في شفاء المرضى وعلاج الرمد والحمى والحصبة وطلب الوقاية من الحسد. مع ان بعض المصلحين من امثال العلامة محمود شكري الالوسي قد انبرى لتوعية البغداديين وتخليصهم من هذه الخرافات والتقاليد البالية الا انه عجز فترك الامر للزمن حتى اختفى هذا المدفع. ولم يكن الايمان بهذا الطوب محصوراً بفئة دينية معينة كالمسلمين فكانت جميع الفئات تجتمع على تقديسه ابتداء من الاسلام فضلاً عن المسيحيين واليهود وباقي الفئات الاخرى. وعندما كان المدفع في محلة البقجة كان محاطاً ببعض الدانات الكروية الحديدية الصلدة والتي لايزال بعض نماذجها موجوداً في حدائق القشل، ويتوقع احد المهتمين بالتاريخ بان هذه الدنات الكروية واساطير لا يتقبلها العقل الحاضر، وصل الامر بأهل بغداد ان اعتقدوا بان الطوب هو ولي من اولياء الله لا يخيب قصد قاصد. ويقول امين المميز عن هذا الطوب في كتابه (بغداد كما عرفتها) ان لهذا المدفع منزلة فريدة في قلوب البغداديين والبغداديات فهم يعتقدون ان الطفل لايعيش مالم تدخله الام او جدته في فوهة هذا الطوب وهذه المراسيم بمثابة (شهادة الجنسية) البغدادية للبغداديين منذ ان ادخلت المرحومة امي رأسي في فوهة هذا الطوب فمن علي الله بطول العمر لأكتب هذا الكتاب. وكان للبغداديين تقديس ايماني آخر اضافة الى طوب ابو خزامة في حماية مواليدهم من المرض والحوادث الشريرة وهي ادخال الطفل بين البندقية وحاملها الشريط الجلدي او (الكتيم) والتي يمسك بها الجندي الحارس الذي يقع في باب النظام في وزارة الدفاع القريبة من موقع طوب ابو الخزامة متمنين وطالبين المراد بان يكون ابنهم رجلاً شديداً كالعسكر لا يخاف ويدافع عن ارضه واهله ويأتي ذلك مع حمل سرة الطفل ورميها داخل وزارة الدفاع او الطلب الى الحرس بدفنها في داخل ارض الوزارة .
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سياحة في كعد المندلاوي..
-
عول يوم رمضاني في مندلي-7
-
نسائم مندلاوية ثقافية
-
هدية العيد ... محمد دارا
-
مندلي سير و ذكريات:1/ 2023م
-
نابغة مندلي الجمشيدي
-
سير و أعلام /احمد ناصر الفيلي
-
مقالات /الشافعي يقالُ تجاوزاً..
-
سيرة ذاتية لأبي خلود...
-
قراءة في كرادة يا أميرتي الجميلة..
-
جوان جان
-
القلب التريب ..
-
نبذة عن الشاعر/ أبي صالح
-
أشيا جميلة..
-
كرمسير..كلمات تقديرية ...
-
بسمات وردية ..
-
العراف مع نبال أولاد
-
الفيليون و الشعر / القسم الثاني
-
الفيليون و الشعر /القسم الأول
-
من قاموس اللغة الكوردية مفرداتنا
المزيد.....
-
عمره 17 عاما.. جاك فيل -بطل خارق- بلا مأوى في الحقيقة ويطلب
...
-
محلل سياسي يبين لـCNN ما أراد الرئيس الكوري الجنوبي كشفه بإع
...
-
بوتين: خطط الغرب فشلت بإلحاق هزيمة بنا
-
قديروف: لم يبق وقت طويل حتى نهاية العملية العسكرية الخاصة
-
من يحارب الجيش السوري بمعارك ريف حماة؟
-
مدفيديف: الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في ظهور أسلحة بيولوج
...
-
قرار الأحكام العرفية ينقلب على الرئيس الكوري الجنوبي، في ماذ
...
-
كييف تنفي.. روسيا تتهم أوكرانيا بالتورط في الصراع السوري
-
من حرّض ترامب للتهديد بـ-جحيم- في الشرق الأوسط؟.. إعلام عبري
...
-
-الموت في المنطقة الآمنة-.. مقتل عشرات الفلسطينيين حرقا في ق
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|