كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7543 - 2023 / 3 / 7 - 23:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من روائع الفيلسوف الكبير (ابن خلدون) قوله: لو خيروني بين زوال الطغاة وزوال العبيد، لاخترت بدون تردد زوال العبيد، لأن العبيد هم الذين يصنعون الطغاة، وهم مصدر الطواغيت. .
لا نريد الخوض في جدلية العلاقة بين ألوهية الحاكم وعبودية المحكوم، بقدر ما نريد تسليط الأضواء على تداخل السلطات السياسية بالديانات والمذاهب والعقائد فيما يسمى بثنائية الدين والسلطة، التي أضفت ملامح العصمة والقداسة على انظمة الحكم، فتحول الزعماء إلى أصنام يُعبدون، وتقدم لهم فروض الولاء والطاعة، ويخضع لهم الناس، ويتغافلون عن هفواتهم المتقاطعة من الدين الذي منحهم القدسية، وهذا ما نراه ونلمسه في فتاوى وعّاظ السلاطين، الذين أجازوا لهم ارتكاب الفواحش والافساد في الأرض بلا رادع وبلا وازع. ومنحوهم الحرية المطلقة في التصرف كيفما يشاؤون وحيثما يشاؤون . .
وقد توارث الناس والفقهاء هذا السلوك الاستبدادي المنحرف منذ قيام الدولة الأموية، وحتى يومنا هذا. .
لكن اللافت للنظر ان القدسية المعاصرة شملت الصغار والكبار، وتوزعت بين الاحزاب المتنافسة على الحكم، فباتوا يتحدثون بوحي من تطبيقات نظرية التفويض الإلهي. .
هناك من يطعن بنظرية الحكم الثيوقراطي، ويزعم انها تتعارض مع مبادئ العقيدة الإسلامية، زاعماً ان الإسلام أكد على مبدأ الشورى، وجعله طابعاً مميزاً للجماعة. نعم هذا صحيح، لكننا نقول لهؤلاء: كان أسلافكم أول من أنحرف عن جادة الصواب، وكانوا وراء الدعم المطلق، الذي قدموه لملوك الدولة الأموية ومن بعدها العباسية، فتوارث الملوك الحكم بالتتابع من دون شورى، وجاء ترتيبهم بالتسلسل من الاب إلى الابن إلى الحفيد، ومن دون الالتزام بابسط قواعد الشورى التي تتشدقون بها، ووصلنا الآن إلى ما وصلنا إليه من تأييد مطلق للحاكم حتى لو كان يمارس الفاحشة على شاشات التلفاز في نقل مباشر وبالالوان، وحتى لو كان عارياً ومخموراً ويشتم الناس بألفاظ نابية، ودأب بعض العبيد على إطلاق أغرب الفتاوى التي جاء فيها: (لو أن الحاكم فعل كل معصية، وأتى بقراب الأرض معاصي: زنا - ربا - خمر - قتل … إلخ، فإنه لا يجوز الخروج عليه). .
وهكذا وجد الناس أنفسهم ملزمين بطاعة حاكمهم المستبد، ومطالبين بالتغاضي عن هفواته وذلك بتأييد العبيد الذين لا دين لهم. فتحول معظم الحكام إلى طواويس وضحايا لأمراض النرجسية. . .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟