أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - فيوض التجلي الإلهي في شعر عبدالله عباس














المزيد.....

فيوض التجلي الإلهي في شعر عبدالله عباس


محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد


الحوار المتمدن-العدد: 7542 - 2023 / 3 / 6 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


شاعر غزير الإنتاج ، له ثمانية وعشرون كتابا في الشعر والسياسة والصحافة والمذكرات والدراسات الأدبية باللغتين العربية والكردية ، وكأني اكتشفه للمرة الاولى وأنا أتنقل بين نصوص مجموعته الشعرية (قصائدي) التي هي من إصدارات مكتبة زيان في السليمانية (٢٠٢٢).. مجموعة تعج بالصور والرؤى المتقدة ، وتحتشد الرموز بين سطَورها الناضحة بالمفردات الصوفية أوالملتصقة بالارض وكأننا نجوس في عالم مولانا جلال الدين الرومي وشمس التبريزي والرهط الصوفي .. مخيلة حية ونابضة بالعشق الإلهي، وبالبحث عن الذات الانسانية وأسرار الوجود الفاني ، إنه الشاعر والصحفي عبدالله عباس :

وإذا تحركتِ تتوجه عينيكِ .. الى عيني
فأن وجودي في روحكِ
فقط أنت تفهمينه : کیف هب؟
كيف تروين عطشه؟
كيف ، انت وانا كلينا ،
روح واحدة وسماء واحدة وغيم واحد ،
ومطر واحد؟
هبة للعشق من الله ....

ورغم إنني أقرأ للشاعر منذ سنوات مديدة إلاّ انني لم اتوقف عند تداعياته الصوفية، ربما لأنه كشف عن نهجه في وقت متأخر، لكن الإقرار بدرايته الفذة بتوظيف الفكرة والمفردة تبرهن على باعه الطويل في هذا المضمار ، فالحلم الذي يقود الى الأعلى والإنصهار في أتون العشق، وإنغمار الكون بالنور الإلهي، وقلبه الذي يستحيل الى فراشة لا تكل عن الدوران حول النار المتقدة حد الإحتراق، واليقين الذي لا يتزعزع ويتقد في اعماقه، كلها تشكل لب حواسه لرؤية العالم من حوله، وإكتشاف الاسرار الربانية في الكون في خضم الحياة والموت، والعقل والروح والقلب، وهي بلا شك تجربة مغايرة إلاّ أنها تلهم شعره بدلالات صوفية غنية كالخوف والطمأنينة والصخب والسكون والإنس والحق والجمال، دلالات معجونة بلهفة الوصل مع الحبيبة الأثيرة على الفؤاد :

روحك قنديل مشتعل ََ..
عندما تلتقي بحبيبة قلبك
لا تسمح بغير نور الهدوء أن يقترب من إحساسك..
لا تنتظر من أحد أن يحمل هدوء حزنك.
عندما تشتعل روحك تصبح في حالة الذكر،
تنفذ كل حواجز الظلام..
ويقع الكون كله

ويمضي الشاعر في تجليه نحو السماء بعزم لا يلين. انه لا يبالي بتبعات هذا الاختيار في التنصل من إضطراب عالمه المادي، مرتقيا سلم السمو، ومتجرعاََ سطوة الوجع الرهيب لكي يتحول الحلم الى حقيقة مطلقة :

أما كنت انت صاحب الحلم
لبناء مدرج من بيتك باتجاه مصدرالشمس ؟
تاتي الايام وتمر
يغطيك ظل حلمك
ويتحول مستقيم الدرج للصعود
إلى مسمار مغروس في قلبك. !!

استلهام آيات القران الكريم
ولا ينفرد عبدالله عباس في إقتباس صياغات من القران الكريم بإعتباره رافداََ مهماََ من روافد الشعر العربي الحديث والمعاصر، فقبله ومعه لا يكاد يخلو خطاب شعري حداثي من استعارة الأيات القرانية أو مضامين دينية مختلفة في مسعى لتوظيف لغة جديدة غير مستهلكة في متن القصيدة، كذلك قدرة هذا الخطاب الفريد على تجسيد المعاناة والاحساس الشفيف وتضمينه معانٍ رفيعة من الوحي الالهي. فمن سورة الكهف يقتبس شاعرنا من الآية الكريمة (ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين..). منفتحاََ على عالم جديد يتوائَم مع معطيات الطبيعة، وينبض بالعطاء الإنساني والنخوة والبذل النبيل :

واتبع السبب..
باب مفتوح على مدى الكون
ورغبة ، عاصفة إلهية
من الروح ... الى الروح
ليختلط بالثلج و المطر ونسمة الريح
ثم أتبع السبب ! ..

وفي المسار ذاته يورد الشاعرالآية الكريمة (وخلق الجان من مارج من نار) مستلهما من الشعلة الساطعة ذات اللهب المشع إبتلاء إنسان بما يحيط به من النفاق الاجتماعي، ويعمق مشاعر الحزن في داخله :

يبكي العشاق ، في هذا الزمن الرديء
المختفي في ثوب فضاض ملون كذباً
بالعشق العصري ! ...
وخلفه يتحرك صديق مخلوق
(من مارج من نار )

ولكن مآل هذا الاختبار العسير سيتمخض عن مراجعة الذات واليقين بحتمية التغيير وبالتبشير بجمال الطبيعة والاسى لما ينتظرالمتخلفين عن ركب العشق المقدس:

دون ارادة منا سنعود مرة اخرى
الى ظلال الشجرة المباركة
ونجلس على العشب الاخضر
كيفما يتغير الزمن وباي اتجاه
سيحدث هذا…
اسفا للذين خسروا السماء مبكراً
دون ان يتذوقوا العشق

ولا يكتفِ الشاعر بنبوءة العودة الى ظلال الشجرة المباركة فحسب وإنما يستلهم من عبير استذكار صورة أمه.. وتجلياتها العفوية المضمخة بالتوق الى السمو والرفعة الروحانية ، أمه تلك المرأة التي ( كانت نسمة جبلية منعشة، وضوءا تنير ليالي قريتها النائية شهربازار وتنوء تحت جَلَد الصبرالمرّ وتتضرع لله ان يهب ابنها أسرار العارفين والدراويش) :

وفي صبر جميل ومر …
كانت أخت ايوب !
كانت صوفية قد ملأ قلبها نورالله
وقبل الذهاب إلى الفناء ... كان دعاءها من (المولى)
( أن لاترى موتك .. وتسمع شهرتك )
وترجو ان يهب لك لغة خاصة
كأنها تعلم…
سيأتي يوم تكون أيضاً درويشاََ للهموم
مضيئا بالحب المبارك.

في الرحلة العسيرة والشائكة في عالم الزهد واليقين، تنتشلنا نصوص المجموعة من ادران الارض وإفرازاتها المظلمة الى عالم السماء المشرق حيث فيوض الرجاء والرضا الرباني والأمان والسكينة المفتقدة، متوائمة مع مقولة شاعر داغستان الخالد رسول حمزاتوف التي تزين مقدمتها بأن (الشعراء ليسوا طيورا مهاجرة، والشعر دون التربة الأم شجرة بلا جذور، وطائر بلا عش) وهذا ما سعى اليه شاعرنا الكبير عبدالله عباس .

كلما حدقت بشغف الى وجهك
تتساقط علامات الشيخوخة من وجهي ! ..
وتعود روحي الى حديقة خضراء
العاشق الصادق هو من
(يواجه الله بقلب سليم ).



#محمد_حسين_الداغستاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية (ريحانة والآخر) لعبدالحميد صافي العاني لهيب ...
- قراءة في المجموعة الشعرية (نايات الريح) رفيف عصافير الدوري ي ...
- قراءة في نصوص الشاعرة رمزية مياس إبتهالات الوجد في محراب الح ...
- نبذة مختصرة عن بدايات نشوء الصحافة العراقية ونواة تشكيلها ...
- نبذة تأريخية للتوثيق ولادة أول فرع لنقابة الصحفيين العر ...
- قراءة نقدية في مجموعة الشاعر صلاح حمه امين (عقارب الساعة الت ...
- لقاء الأجنة المهاجرة مع الأرحام
- الأنثى التواقة لولادة غد ٍ رغيد
- أنا بالمطر احترق ... ومضة عشق مبهرة تضئ أرض الفقراء
- شعب يتوق للتغيير.... هل الانتخابات (المبكرة ) هي الحل ؟
- التأويل الجمالي للحرف العربي في اللوحة التشكيلية ... الخطاط ...
- حلم ٌ يتسع لي
- عام جديد خال من الانتهاكات ضد الصحفيين
- محنة الصحافة المستقلة في العراق
- قراءة في كتاب (المفصل في تاريخ إِربل) فرادة في التأ ...
- توق التغيير لمجابهة تحديات المكان... قراءة في مجموعة ثمة ما ...
- لكي تحقق الثورة الشبابية أهدافها النبيلة ؟
- قراءة في مجموعة (قصائدي تطفح ليلاً ) للشاعر الدكتور فاروق فا ...
- حصة المكونات الوطنية في المناهج الدراسية في العراق
- في طريقي حيث لا أنتِ


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - فيوض التجلي الإلهي في شعر عبدالله عباس