أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - الفكاك من الاستفراد الإسرائيلي بنا















المزيد.....

الفكاك من الاستفراد الإسرائيلي بنا


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7534 - 2023 / 2 / 26 - 12:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نهاد أبو غوش
خلال العقود الثلاثة الماضية، وتحديدا منذ بدء تطبيقات اتفاق اوسلو، عملت إسرائيل على فرض معادلة للصراع مع الفلسطينيين تقوم على الاستفراد بهم، واستخدام كل عناصر القوة الغاشمة من أدوات القتل الفتاكة إلى الضغوط الاقتصادية والمالية، والتحكم بكل تفاصيل حياتهم: بحركتهم ومائهم وكهربائهم واقتصادهم وقوت يومهم، لكي تفرض عليهم الحل الذي ينسجم وأطماعها التوسعية الاستيطانية. وفق هذه المعادلة فإن أي تدخل دولي خارجي مرفوض، باستثناء الرعاية الأميركية المنحازة بشكل مطلق لإسرائيل. ثمة أيضا هامش محدود متاح أمام الأوروبيين وبعض الأطراف الدولية المانحة يسمح بتمويل بعض حاجات الفلسطينيين من دون ينعكس هذا التمويل إلى دور سياسي في الصراع والحل. لذلك واجهت إسرائيل بكل قسوة ووحشية محاولات الفلسطينيين الدائبة للفكاك من هذا الاستفراد الخانق.
ردت إسرائيل على اي خطوة فلسطينية بالتوجه للهيئات الدولية بعقوبات وإجراءات عدوانية، معتبرة أن اي توجه من هذا القبيل يمثل "إجراءات أحادية الجانب"، لا بل وصفت التوجه الفلسطيني الذي نجح في استصدار قرار من الجمعية العامة لاستفتاء محكمة العدل الدولية في لاهاي بأنه "إرهاب فلسطيني دبلوماسي"، وانطلت هذه التوصيفات الإسرائيلية على بعض الأوساط الدولية التي باتت هي الأخرى تصف التوجه الفلسطيني لمؤسسات القانون الدولي بالإجراءات الأحادية، وكأنها من نفس طينة الإجراءات الأحادية الإسرائيلية كالمذابح والاجتياحات والاستيطان، وعمليات الهدم والاعتقالات الجماعية والحروب المتكررة على قطاع غزة، ما يفسر الربط الغريب بين الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي هي في مجملها اعتداءات عسكرية وإجراءات قمعية، بينما الفلسطينية لا تزيد عن الاحتكام لمؤسسات القانون الدولي.
لم نعثر على أي تصريح رسمي فلسطيني يفسر أو يبرر ما كشف النقاب عنه من تفاهمات تشمل التزاما فلسطينيا بسحب مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن، نظير صدور بيان غير ملزم من رئاسة المجلس، مقابل "وعود" إسرائيلية بخفض التصعيد وتجميد مؤقت لشرعنة بقية البؤر الاستيطانية العشوائية.
المصادر الأجنبية والإسرائيلية وحتى تلك المقربة من الوفد الإماراتي للأمم المتحدة أسهبت في عرض تفاصيل الاتفاق/ التفاهمات حتى أنها ذكرت أنه يشمل تحويل جزء من الضريبة التي تجبيها سلطات الاحتلال على الجسور لخزينة السلطة، والتزاما فلسطينيا بتطبيق خطة الجنرال الأميركي مايك فنزل لفرض السيطرة الأمنية على شمال الضفة.
وحتى لا ننساق وراء الإشاعات المغرضة ونتبنى الرواية الإسرائيلية على حساب الرواية الفلسطينية ( التي لم تُروَ بعد) نعرض الشواهد التالية التي ترجح فرضية التفاهمات المشؤومة التي تجسدت ترجمتها العبرية في الميدان بمجزرة نابلس:
- صدرت عديد المواقف الترحيبية الفلسطينية ببيان مجلس الأمن مع أن الأنظار كانت متجهة لصدور قرار يحمل إدانة للحملة الإسرائيلية المحمومة لتوسيع الاستيطان ومحاولات فرض وقائع جديدة تجعل من فرص حل الدولتين مجرد وهم من اوهام الماضي.
- الكشف عن قناة سرية للقاءات سياسية أمنية على أعلى المستويات من دون صدور أي توضيح رسمي.
- وصفت بعض الأوساط القيادية الفلسطينية مجزرة نابلس بأنها عملية غدر.
- استمرار الجهود الأميركية والإقليمية لمتابعة التفاهمات إلى خطة أمنية متكاملة.
- صدور جملة من المواقف الناقدة والمحتجة بعضها من الفصائل السياسية، وبعضها من مسؤولين سابقين شغلوا مواقع قيادية مهمة مثل الدكتورة حنان عشراوي والوزير السابق والقيادي الفتحاوي المعروف نبيل عمرو وكلها تخطّئ الموقف الرسمي.
مجمل هذه التطورات، وعدم صدور اي توضيح أو تفسير رسمي تؤكد أن القيادة الفلسطينية لا تصارح شعبها بالحقيقة، بل إنها لا تصارح المؤسسات القيادية المكلفة بقيادة هذا الشعب وبالتحديد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والحكومة، وكل ذلك يساهم في توسيع الفجوة بين القيادة والجمهور الفلسطيني، ويلقي ظلالا كثيفة من الشك على التوجهات المعلنة في البيانات عن قرارات وقف النسيق الأمني، والتوجه إلى المحافل الدولية بما فيها مجلس الأمن وانضمام دولة فلسطين لمزيد من المنظمات والمعاهدات الدولية.
كان من الأفضل طرح المبررات والأسباب الحقيقية للتراجع عن طرح مشروع القرار على مجلس الأمن، من قبيل الحديث عن الضغوط الهائلة التي تعرضت لها السلطة الفلسطينية، وهذا متوقع ومفهوم. أو بسبب تلويح الإدارة الأميركية باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار يدين إسرائيل، أو التهديد بالعقوبات الشديدة مع أن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة (خصوصا خلال ولاية ترامب) لم تدخر أي نوع من العقوبات دون أن تفرضها علينا، بدءا من وقف التمويل الخارجي وتجفيفه، وقرصنة أموال المقاصة، وسحب امتيازات بعض المسؤولين، وصولا إلى الحملات الدموية التي تشنها قوات الاحتلال وتساهم في إضعاف السلطة وإظهارها بمظهر العاجز عن حماية شعبها.
نحن أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما البقاء أسرى لمعادلة الاستفراد الإسرائيلية التي تريد حسم الصراع وإنهائه بقوة الحديد والنار والدمار والعقوبات، وإما الفكاك من هذا الاستفراد المجحف من خلال التوجه للمؤسسات والمحافل الدولية بما فيها مؤسسات الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، لكن هذا التوجه للمؤسسات الدولية يجب أن يكون مسنودا إلى إجماع وطني يقوم على الشراكة والوحدة الوطنية واعتماد استراتيجية وطنية موحدة تقوم على التكامل بين مختلف اشكال النضال الجماهيري والسياسي والقانوني والدبلوماسي، إلى جانب تفعيل سلاح المقاطعة واستنفار قوى التضامن مع الشعب الفلسطيني على امتداد العالم.
الحكومات الإسرائيلية في العادة توظف المعارضة لتسويق توجهاتها، وإظهار الحكومة وكأنها معتدلة، في حين يبدو أننا نخجل من وجود آراء واجتهادات متباينة، ولا نأخذ رأي المعارضة بعين الاعتبار لدى تزين قراراتنا المصيرية. ولو كان قرار التوجه للأمم المتحدة مسنودا بإرادة وطنية موحدة، فلن تتمكن أي قوة دولية من ابتزازنا والضغط علينا لسحب القرار، ولكان من السهل جدا إيجاد صيغ واعتماد برامج محلية للتعاطي مع أي عقوبات مهما كانت قسوتها وشدتها، أما القرارات الفردية التي لا تدري عنها حتى الهيئات القيادية، فمن السهل التراجع عنها حتى لمجرد مكالمة هاتفية، أو وعد مبهم، والنتيجة أننا نُبخّس خياراتنا التي نلوح بها، ونوحي بأن قراراتنا هي مجرد تصريحات إعلامية.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفالُنا خُلقوا للحياة ... وشعبُنا للحرية
- هدم المنازل كعقاب جماعي للفلسطينيين
- خيارات القيادة الفلسطينية في مواجهة الهجمة الإسرائيلية*
- عقلية الانتقام توجه سياسات الاحتلال*
- في وداع الألماني النبيل وصديق فلسطين كليمنس مسرشميد
- تنياهو بين ضغط الفاشيين المتطرفين وحسابات المصالح*
- الفاشية الصهيونية متعطشة لمزيد من دماء الفلسطينيين
- مخيم جنين ... مخيم البطولة
- إسرائيل: من إدارة الصراع إلى السعي لإنهائه (2 من 2)
- إسرائيل : من إدارة الصراع إلى محاولات إنهائه (1 من 2)
- المقاومة وسعي إسرائيل لحسم الصراع (2من2)
- المقاومة وسعي إسرائيل لحسم الصراع (1من2)
- دمهم في رقبتك يا بيبي
- لكل فعل رد فعل والفلسطينيون لن يستسلموا
- مجزرة مخيم ومحاولات حسم الصراع*
- عن الاحتجاجات والخلافات الإسرائيلية الداخلية
- تصعيد إسرائيلي على كل جبهات الصراع
- المقاومة المتجددة وظاهرة عرين الأسود*
- تعامل الولايات المتحدة مع -ساحتها الخلفية-*
- أوكرانيا والسعودية وسط الصراعات الدولية*


المزيد.....




- بوتين يؤدي اليمين لولاية خامسة في حكم روسيا: لا نرفض الحوار ...
- لافروف يؤكد مع نظيره السعودي ضرورة توحيد الجهود لحل الصراعات ...
- 1.5 ألف جندي ومدرعات غربية ومستودعات وقود.. الدفاع الروسية ت ...
- وسائل إعلام: -حزب الله- أطلق 6 مسيرات مفخخة من لبنان باتجاه ...
- يوم عالمي بلا حمية غذائية.. شهادات لأعوام في جحيم الهواجس ال ...
- ماذا نعرف عن -رفح-- المعبر والمدينة؟
- وزيرة الخارجية الألمانية تضيع ركلة ترجيح أمام فيجي
- -جدار الموت-.. اقتراح مثير لسلامة رواد القمر
- لحظة دخول بوتين إلى قصر الكرملين الكبير لأداء اليمن الدستوري ...
- معارك حسمت الحرب الوطنية العظمى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - الفكاك من الاستفراد الإسرائيلي بنا