أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - نهاد ابو غوش - أطفالُنا خُلقوا للحياة ... وشعبُنا للحرية














المزيد.....

أطفالُنا خُلقوا للحياة ... وشعبُنا للحرية


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7527 - 2023 / 2 / 19 - 12:21
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


نهاد أبو غوش
وسط الموجات المتلاحقة من عمليات المقاومة الأخيرة، والتي جاءت كردات فعل طبيعية ومتوقعة على جرائم الاحتلال، شهدت الأراضي المحتلة بعض العمليات الانفعالية التي نفذها عدد من الأطفال ممن هم دون سن الثامنة عشرة، أي دون سن الرشد، ودون سن المسؤولية القانونية والجزائية وفق كل القوانين الوطنية والدولية. هذا بحد ذاته يثير عددا من الأسئلة السياسية والقانونية والأخلاقية، والتي تتطلب منا كفلسطينيين، فصائلَ وأفرادا ومؤسسات، موقفا واضحا جريئا وقاطعا إزاء هذه الظاهرة. لا حاجة للتأكيد أكثر مما هو معروف لكل منا بأن جرائم الاحتلال لا تفرق بين كبير وصغير ولا بين رجل وامرأة. فكل فلسطيني هو هدف مستباح للسلاح وأدوات القتل المنفلتة التي يحملها الجندي أو المستوطن، والذي تحميه وتدعمه حكومة فاشية، وتشرّعه منظومة من قوانين التمييز العنصري.
المقاومة هي أنبل ظواهر الكفاح السياسي التي عرفتها الشعوب، وهي غالبا سلاح الضعيف المغلوب في مواجهة بطش القوي المعتدي، وقد كفلتها المواثيق والقوانين الدولية، وشكلت رافعة لا ينكرها أحد لاستعادة هويتنا الوطنية الفلسطينية، كما شكلت في بلدان المستعمرات الأسلوب الأرقى للتحرر من الاستعمار، كما مارستها دول وشعوب متقدمة حين تعرضت للغزو الخارجي كما جرى مع معظم شعوب أوروبا في مواجهة النازية.
لكن المقاومة يجب أن تُرشّد، وهي وسيلة وليست هدفا في حد ذاتها، وقضيتنا هي صنو الحق والعدالة، ومن باب أولى أن نرتقي باخلاق كفاحنا ونضالنا إلى المستوى الذي يليق بقيم الحرية العظيمة، ولنا في أبطال عدد من العمليات الأخيرة مثال على فروسية فدائيينا وأخلاقهم السامية، حين تجنبوا المساس بالأطفال والمدنيين عن عمد، كما أقرّ بذلك عدد من شهود العيان في ساحات العمليات، مع أن احدا لم يكن ليلوم هؤلاء "الذاهبين إلى حتفهم باسمين" واثقين من عدالة قضيتهم.
إسرائيل وبحسب شهادات لمنظمات حقوقية محلية ودولية تطبق منظومتين قانونيتين متوازيتين: واحدة للطرف المهيمن وهم اليهود الذين تنطبق عليهم اتفاقية حقوق الطفل والمعاهدات الدولية الخاصة بالأحداث دون السن القانوني، والثانية لا تعترف بالمواثيق الدولية وتطبق القوانين الموروثة من عهد الانتداب البريطاني والأوامر العسكرية الإسرائيلية ضد شبابنا وأطفالنا، فتكون النتيجة أن طفلا مثل أحمد مناصرة (اصبح شابا) يعتقل وهو في سن الثانية عشرة، ويمضى حتى الآن اكثر من نصف عمره سنة محروما من العلاج والرعاية، بينما المجرمون الذين احرقوا عائلة دوابشة والطفل الشهيد أبو خضير، يفلتون من العقاب مستفيدين من القوانين العنصرية المطبقة، لأن بعضهم كان دون الثامنة عشرة بأيام لحظة ارتكاب جريمته.
لنكن واضحين وحازمين تجاه ظاهرة مشاركة الأطفال في العمليات، ونقولها بملء الفم: لا لمشاركة أطفالنا في الكفاح المسلح طالما أنهم دون سن المسؤولية القانونية، المكان الطبيعي لأطفالنا هو وسط عائلاتهم وفي مدارسهم، ومن حقهم أن يعيشوا طفولتهم حتى تتوفر لهم الفرصة لكي يقرروا بوعي ونضج طريقة مساهمتهم في نضال شعبهم. ندرك تماما أن هؤلاء الأطفال الذين يشاركون في العمليات هم في الأساس ضحايا لجرائم الاحتلال، وهو المسؤول عن دفعهم ودفع غيرهم من الشباب إلى اختيار هذا السبيل للرد، فالأطفال هم كائنات آدمية مرهفة يمثلون كتلة من المشاعر التي تستثيرها وتستفزها إلى أقصى درجات الاستفزاز مشاهد الجرائم اليومية التي يقترفها الاحتلال، فيردّون بما تيسر لهم الرد، بمقص أو او مفك، من دون تخطيط أو تدريب، يلجؤون إلى أقرب وسيلة متاحة فيصبحون بعدها هدفا لعمليات الإعدام الميداني التي تسميها دعاية الاحتلال "التحييد".
صحيح أن تاريخنا البعيد والقريب مليء بقصص البطولة والفداء لشباب وأطفال صرنا نتغنى بها، مثل ظاهرة أطفال الآر.بي.جي وأطفال الحجارة، ولكن لكل زمن ظروفه، لم يكن شعبنا وفصائله ومناضلوه الراشدون يختبئون خلف الأطفال أو يراقبونهم وهم ينفذون العمليات ليتغنوا بهم بعد ذلك.
من الغريب أن تتسابق الفصائل الوطنية في تمجيد ظاهرة عمليات الأطفال ووصفها بأنها ظاهرة طبيعية وردّ على جرائم الاحتلال، بل وتدعو للمزيد من هذه التضحيات، دون أن تبرز أن هؤلاء الأطفال هم عمليا ضحايا لآلة القتل الإسرائيلية، الأجدر بهذه الفصائل ما دامت مقتنعة بالكفاح المسلح أن تبادر إلى تعبئة عناصرها ومنتسبيها ودفعهم للقيام بهذه المهام بدل أن تتغنى بما يقوم به الأطفال، لا أحد ينكر أن لهذه الفصائل تاريخ مجيد في التضحية والفداء، وهي قدمت منفردة ومجتمعة آلاف الشهداء على درب الحرية والاستقلال، ولكنها لا يمكن أن تغطي أزمة علاقتها بموجة المقاومة الراهنة ببيانات تمجيد الشهداء بمن فيهم الأطفال.
لا يوجد إنسان طبيعي يحب أن يذهب أطفاله إلى المعركة عوضا عنه، فضلا عن رؤيتهم يقتلون سواء من أجل الوطن او من اجل أي فكرة سامية، إذن من المنطقي استكمال ذلك بالقول اننا لا نرغب في رؤية أطفالنا ولا أطفال غيرنا يضحون بحياتهم ويستشهدون. هذه الحقيقة البسيطة لا تلغيها قناعاتنا بمصير الشهداء وثوابهم عند الله وفي الآخرة، ولا أشكال العزاء التي نعزي بها أنفسنا فنكابر في أحيان كثيرة، ونطلب من أم الشهيد أن تتجلد وتصبر وتزغرد، وهي قد تفعل ذلك مدفوعة بمشاعر لا يمكن وصفها من بينها الاندغام بروح فقيدها الذي ثكلته، لكن كل أيام حياتها التالية لن تطفئ لظى القهر والألم وحسرة الفقدان التي سترافقها مدى العمر.
لا يمكن للموت أن يكون هدفا لنا، لا لشبابنا، ولا لأطفالنا الذين خلقوا للحياة وللمستقبل، فلنحمهم بحدقات العيون وبنشر الوعي والثقافة التي تحمي طفولتهم، لكي يعيشوا في وطن حر، ويتوجب علينا وعلى كل مؤسساتنا الحرص على أن يتلقى الأطفال المعتقلون محمد عليوات ومحمد ابو قطيش، ومحمد باسل الزلباني الرعاية والحماية التي يستحقونها كأطفال حتى لا يتكرر سيناريو القهر والتنكيل الذي تعرض له الطفل المعتقل أحمد مناصرة.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدم المنازل كعقاب جماعي للفلسطينيين
- خيارات القيادة الفلسطينية في مواجهة الهجمة الإسرائيلية*
- عقلية الانتقام توجه سياسات الاحتلال*
- في وداع الألماني النبيل وصديق فلسطين كليمنس مسرشميد
- تنياهو بين ضغط الفاشيين المتطرفين وحسابات المصالح*
- الفاشية الصهيونية متعطشة لمزيد من دماء الفلسطينيين
- مخيم جنين ... مخيم البطولة
- إسرائيل: من إدارة الصراع إلى السعي لإنهائه (2 من 2)
- إسرائيل : من إدارة الصراع إلى محاولات إنهائه (1 من 2)
- المقاومة وسعي إسرائيل لحسم الصراع (2من2)
- المقاومة وسعي إسرائيل لحسم الصراع (1من2)
- دمهم في رقبتك يا بيبي
- لكل فعل رد فعل والفلسطينيون لن يستسلموا
- مجزرة مخيم ومحاولات حسم الصراع*
- عن الاحتجاجات والخلافات الإسرائيلية الداخلية
- تصعيد إسرائيلي على كل جبهات الصراع
- المقاومة المتجددة وظاهرة عرين الأسود*
- تعامل الولايات المتحدة مع -ساحتها الخلفية-*
- أوكرانيا والسعودية وسط الصراعات الدولية*
- فرية بيع الفلسطينيين لأرضهم (2 من2)


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - نهاد ابو غوش - أطفالُنا خُلقوا للحياة ... وشعبُنا للحرية