أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الدين محسن - عقوبات اسلامية ضد الرحمة والتوبة














المزيد.....

عقوبات اسلامية ضد الرحمة والتوبة


صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي

(Salah El Din Mohssein‏)


الحوار المتمدن-العدد: 1706 - 2006 / 10 / 17 - 08:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذه قصة من الواقع كتبتها ضمن كتابي " مجموعة قصص " من حديقة البشر " عن اناس قابلتهم في حياتي قصصهم وحياتهم جديرة بالتوقف عندها :
عرفت رجلا ريفيا باحدي القري جنوب القاهرة بحوالي مائة كيلو متر ، يلبس جلبابا وعمامة كأهل الريف ، ويعرف القراءة والكتابة فحسب تعلمها بكتاب القرية .. كان من عمر جدي وكنت موظفا شابا بهذه القرية لم أكن قد أكملت العشرين بعد ، وكان هو واحد من أعيان ووجهاء تلك القرية .. وقد صرنا أصدقاء بسبب الشعر .. فوجئت به يلقي بعض أبيات الشعر بفصاحة واقتدار وسط مجموعة من زملائي الموظفين ، فانشددت أستمع اليه بينما الباقون لم يعطوا ثمة اهتمام لما قاله .. وفرحت جدا لأنني وجدت بالقرية راوية للشعر ، و هو فرح لأنه قد وجد له مستمعا .. وسمعت منه شعرا لابن عربي وللامام البوصيري وغيرهما .. الشعر الذي يرويه عن ابن عربي هو صعب ، ليس لأي شخص أن يفهمه ولا لأي شخص أن يحسن قراءته الا اذا كان محبا للشعر وللغة معا ..
صرنا أصدقاء رغم فارق السن الكبير بين الجد والحفيد .. يروي لي الشعر وهو سعيد لوجود مستمع ، وأنا مستمتع بسماع هذا الشعر البالغ الروعة والسمو والفلسفة .. أنا مندهش لكون راوية هذا الشعر رجلا ريفيا بجلباب وعمامة !! ، وهو يندهش عندما يحاول شرح معاني بعض الكلمات الصعبة ، والتعابير المركبة الفلسفية فيندهش عندما يفاجأ بأنني وأنا الشاب الصغير ، قد فهمتها بدون شرح ..
وذات يوم سألته كيف له وهو الريفي الذي لم يتعلم بمداس أن يحفظ ويروي شعرا علي ذاك المستوي؟ّ!
هنا صرح لي بسر عمره ما يقرب من نصف قرن ، وما كان يمكن أن أعرفه ، ا قال لي بهدؤ هامس :
تعلمته في السجن ..
وقبل أن أساله ولماذا دخل السجن أجاب هو علي السؤال بالقول : وأنا شاب صغير كنت حرامي ، وكنت شضلي .. !!
وبعد سنوات صار من وجهاء وأعيان القرية .. وعضو بارز – منتخب من الناس - باحدي الجمعيات .
سجنوه لأنه سرق .. وبموجب القانون المدني الرحيم – لا الديني – وبعد أن تاب وأقلع عن السرقة بسنوات .. تاب عنه الجميع : الله والمجتمع .. ودخل في زمرة وجهاء مجتمعه بعد أن كان في زمرة لصوصه .. وها هو سمعته سليمة ونظيفة ، وجميع أعضاء جسمه كاملة وسليمة !

فتري لو كان قد عوقب بقانون القرآن ، وقطعت يده ..؟! هل كان المجتمع سيغفر له ويجلسه وسط وجهائه بيده المقطوعة الدالة ولو بعد نصف قرن علي أنه كان لصا .. ؟!
ان القانون المدني الرحيم يشطب الجريمة من سجلاته بعد سنوات معينة مالم يعد صاحبها لها مرة أخري .. .. فان تاب المجرم بعد تلك السنوات ، وسألنا سجلات الدولة عنه وجدنا صفحته قد صارت بيضاء .. فقد تاب وغفر له المجتمع ويعامله ككل الناس الأبرياء ..
ولكنه بقانون قطع اليد سيظل طوال حياته في رأي المجتمع لصا .. ويده المقطوعة سجلا عاريا مفتوحا باستمرار يقول للكل : هذا لص .. ولو بعد نصف قرن من الزمان (!!!) .
ولو ذهب لقرية أو مدينة بعيدةعن بلدته فربما يصيح عليه الصغار ويزفونه بالعار : الحرامي .. الحرامي .. !!
ولو أراد ابنه أو حفيده أن يسافر لخطبة فتاة أعجبته من محافظة أخري ورأي اصطحاب وجهاء عائلته معه ، لقالوا له ابق أنت .. بسبب يده المقطوعة التي ستتسبب في رفض العروس وأهلها لهذا النسب ..
ولو جاء أهل خطيبته من بلدهم لزيارة أهل العريس .. لمنعوه من مقابلتهم بيده المقطوعة الدالة علي أن هذا البيت به لص .. بينما هو تاب منذ سنوات بعيدة .. !
ولو أن حفيد ه – الطفل الصغير – سأله ببراءة الأطفال : من الذي قطع لك يدك يا جدي ؟!
لوخزه هذا السؤال في قلبه .. بسبب جريمة تاب عنها من نصف قرن من الزمان ..!!
وكلما حدث خلاف بسيط بينه وبين أحد الأشخاص .. قد ينظر هذا الأحد ليده المقطوعة ويهز رأسه هزة لها معني المعايرة ( فقط دون مزيد ) ليطعنه في قلبه بسبب جريمة تاب عنها من زمااااان ولكن لا أحد يقبل توبته بسبب يده المقطوعة ...!!!
ولو كانوا قد عاقبوا صديقي الرجل الريفي بقطع اليد " الحاج سيد .... رحمه الله وكنت أود كتابة اسمه كاملا لشدة معزته عندي " لما كنت قد استمعت اليه ولا الي الشعر بل لتجنبته قبل أن أسمع منه شيء بسبب يده المقطوعة ، ولضاعت علي فرصة الاستماع لشعر بن عربي لأول مرة منه .. ولضاعت عليه فرصة أن يكون له صديق يكتب عنه فيما بعد / كتبت عنه قصة أخري بنفس كتابي السابق ذكره " مجموعة قصصية تركتها للنشر لدي اتحاد كتاب مصر ، قبل سفري للخارج – مع ذكر اسمه كاملا بتلك القصة والتي ليس بها شيء يشينه بل العكس ) . ولكن من حسن حظي وحظه أنه حوكم بالقانون المدني الرحيم وليس بالقرآن ، فلم تقطع يده ..
ولو كان تشريع قطع يد السارق يقضي تماما علي جريمة السرقة لما رأينا بمكة والمدينة بالسعودية ومنذ 1400 عام اناس حتي يومنا هذا اناس تقطع أياديهم بسبب السرقة (!) - طعا من العامة و الفقراء لا الأمراء !! فمن ذا الذي يستطيع القول لأمير ، أنه سارق أو زاني ؟
نفس الشيء بالنسبة لجريمة الزنا .. التي يتم القتل رجما للزانية والزاني ..
فان كان الجاني قد قتل .. مات .. فمتي وكيف تكون أمامه أية فرصة للتوبة عن جريمته والرحمة به بعد التوية ؟!
طبعا لا توجد أية فرصة .. فقد قتل .. مات .. أي : تم اغلاق الباب تماما في وجه الرحمة والتوبة ..
والتوبة هي أن يقلع المجرم عن جريمته ويندم عليها – بعد معاقبته عقوبة رحيمة – وبعد مدة من اقلاعه واستقامته يصفح عنه المجتمع وينسي ما كان منه ويعامله كانسان سوي ، ويغفر له الله .
ولكن ان تم قتله فمتي يندم ومتي يتوب ومتي يستقيم ؟!!
الجواب : خلاص .. فقد تم اغلاق باب التوبة وباب الرحمة .. كلا البابين تم اغلاقهما والعياذ بالله
فحاشا لله التواب الرحيم أن يقر أو يشرع تشريعات ضد الرحمة وضد التوبة
والويل لكل كذاب يدعي علي الله بالباطل ولاسيما ان فرض ادعاءاته الباطلة الفظة القاسية غير الرحيمة علي الناس بالسيف ! هذا لايغفر له الله ولا يصلعم عليه أبدا مهما زعم الزاعمون وادعي المدعون بأن كل الصلعمات يخص الله بها صلعم ! .



#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الي الأثرياء الفلسطينيين بالداخل والخارج
- نداء لمساندة التدخل في السودان
- تهافت المفكرين – شاكر النابلسي وجمال البنا
- هجوم نووي وشيك علي ايران
- ذكري العبور الكاذب - ابن النكسة -
- (!!) عن العلاج بالجن وعضو البرلمان المصري
- عتاب الي نجيب محفوظ
- رمضان كريم
- فلسطين لمن ؟
- أحلام مصرية - بعد سقوط الجيكتاتورية - 3
- أحلام مصرية : بعد سقوط الديكتاتورية -2
- مصر هي أمك
- أحلام مصرية : بعد سقوط الديكتاتورية
- ..(..! دعوة للحج ... !.(مجانا ..
- دعوة للحج ! مجانا
- (!!) الأميرة هيا بنت الحسين / قهروها قبل أن يكرموها
- مصريون محرومون من نعمة التمييز
- التطبيعيون والتصديون الصموديون ..!
- رد علي - بابا الفاتيكان -
- أولمرت ، وأبو بكر الصديق


المزيد.....




- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الدين محسن - عقوبات اسلامية ضد الرحمة والتوبة