أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد خريف - الكذب في شعرماقبل النّبوّة















المزيد.....

الكذب في شعرماقبل النّبوّة


محمد خريف

الحوار المتمدن-العدد: 7528 - 2023 / 2 / 20 - 18:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


فترة ماقبل النّبوّة كما يسمّيها الباحث الجزائريّ جمال بن الشيخ في كتابه"شعرية عربيّة"*
ليست محدّدة ولاهي مضبوطة تاريخيّا ،وان كانت جغرافيّتها جزيرة العرب بالرّغم من نسبتها إلى آدم أو إلى إسماعيل بن إبراهيم أو غيرهما ممن يفترض أنه نطق بها لاول مرة حسب ما يستنبط من تأويلات مايرد في القرءان والأحاديث من الإشارات وان كان مابقى من محفوظ الشعر الجاهليّ ولم تأت على إتلافه السّلطة الدينيّة القائمة فمنه ما قد يصلح ليكون مادة علاماتيّة لدراسة الكذب والسرقة دراسة سيميائيّة موضوعيّة بعيدة عن العاطفة والتمثّلات البدائيّة - هذا وان كان ذلك غيرممكن أو غير مضمون- و الحلم به قد لايفي بحاجة الباحث السيميائيّ الحديث، ولعل شعر المعلقات السبع أو العشر يبدو لحداثته منحولا أو زائفا للقرب الممكن أو التشابه بين مدلولات علاماته المملوءة بما يلائم مدلولات علامات النصّ القرءاني وتأويلاتها وكان من هذه حاصل مدلولات علامات متكرّسة قائمة بمدلولات علامات القيم الجاهلية المتلاقية مع قيم النبوّة ومنها قيم العرض عند العرب وتنشد قيم الصدق والكرم وحماية الجار وحريم الجار والأمر بالمعروف وهي القيم التي ينشدها الشاعر الجاهليّ وينسبها إلى نفسه ويفخر بها وان كان صعلوكاو لعله يسرق لفائدة غيره من الفقراء ، وهذا ما يجعل الشاعر الجاهلي منشئا لامُخبرا ولاهو صادق ولاهو كاذب بل هو يشرّع لسلوك بديل قد يكون مفقودا يلتقي في ذلك مع أحلام النبّوة فيكون الشعر الجاهلي علامة ممكنة لامُنْجزة وهذا من الأمور التي جعلت طه حسين يشكّ في الشّعر الجاهليّ لأنه قد يتصوّر الشّعر الجاهليّ ناقلا أمينا للبيئة تاريخا وجغرافيا ولعل مسالة الكذب والسرقة خلقت جدلا يسم الحياة الآجلة بالباطل ومرادفاته كما يسم الآخرة الآجلة بالحق ومرادفاته ومنه الصّدق ونبذ السرقة وشعاره إعطاء لقيصر ما لقيصر ولعلّ مسالة الكذب في فترة ماقبل النبوة يمكن التوسّل إليها بما بقي من شعر فترة ماقبل الإسلام .

الكذب في شعر ما قبل الإسلام
فترة ماقبل الإسلام غير وهي فترة ما قبل النبوة كما ذكر ولم يبق منها سوى علامات صيغت في كلام منظوم شفويّ هو شعر المعلقات بقطع النظر عن عددها أسبعا كانت أم عشرا ؟ وهذا الشعر سمّيَ كذبا بالجاهليّ.والكذب مصدر من كذَب يكذب كذبا ومعناه نطق أو هو إخبار بغير الواقع أو بغير الصدق. وان كان ربط الصدق بالواقع ليس حجة علمية فالواقع قد لا يكون الصدق إذا مار بطناه بالحواس كاللّمس أو الإبصار أو حتّى السّماع في منظومة الشفويّ من العلامات -وان كان الشاعر الجاهلي يفخر بالصدق وينبذ الكذب ويتبرأ منه- حتّى وان كان صعلوكا أُفْرِدَ إفراد البعير المعبّد كما يقول طرفة بن العبد وكما يروى النابغة".: "وخرج عمر وعلى بابه وفد من غطفان فقال : أيّ شعرائكم الذي يقول :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب
لئن كنت قد بلغت عني خيانة لمبلغك الواشي أغشّ وأكذب
قالوا النابغة : النابغة ياأمير المؤمنين *
*جمهرة أشعار العرب للقرشي
النابغة من أشعر شعراء الجاهلية لأنه أحسن التعبير عن التنديد بالخيانة والكذب وهيمنة القيم الأخلاقية التي ينشدها الشاعر الجاهلي وان كان يجيز الكذب الفني الشعري ليعبر عن بطولته وفتوته حين يقول امرؤ القيس :
تجاوزْتُ أحْراساً إلَيها ومَعْشَراً
عليّ حِراساً لو يُسروّن* مقتلي


والدعوة إلى الاتصاف بالصدق والاباحة به في قصيدة زهير بن أبي سلمى حين يقول :
فلاتكتمن الله مافي نفوسكم
ليخفى منها يكتم الله يعلم
والكذب خلاف ما يعلم المرء عن الحرب ويذوق وهو الحديث المرجّم حين يقول زهير :
وماالحرب إلا ماعلمتم وذقتم
وماهو عنها بالحديث المرجم
الكذب ماخالف العهود في المحيط الجاهلي والكذب من سفاه الشيخ نقيض الحلم إذ يقول :
رأيت سفاه الشيخ لا حلم عنده
وان الفتى بعد السفاهة يحلم

لكن لابدّ من المصانعة وأليس مع المصانعة الكذب والبهتان والسفاهة ؟
ومن لايصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ وبمنسم
هذا وان ندر ذكر الكذب ومشتقاته ومترادفاته في اللفظ أو في الوسم العربي أو الحرف العربي في الجاهلية من خلال المعلقات وغلب على الكلام المنظوم خبر الحث على الصدق و التصديق والإقناع الواهم بواقع موجود لا منشود ومن نظائر الكذب أو الوهم أو التوهّم في قول عنترة بن شداد:
هل غادر الشعراء من متردّم
أم هل عرفت الدار بعد توهّم

معرفة الدّار محتملة وناتجة عن حالة التوهّم وهي حالة محتملة أيضا وفي سؤال الناس حرمان أي كذب ووهم و سؤال الله لاخيبة فيه كمايقول عبيد بن الأبرص:
من يسال الناس يحرموه
وسائل الله لايخيب
والمرء ماعاش في تكذيب
طول الحياة له تعذيب
بالله يدرك كل خير
والقول في بعضه تلبيب

والتوهّم ورد أيضا في معلقة زهير بن أبي سلمى حين يقول:
وقفت بها من بعد عشرين حجة
فلأيا عرفت الدار بعد توهم
والصدق نقيض الكذب يفهم من لفظ القسم بالبيت الذي يطوف به الرجال في قوله:
فَأَقسَمتُ بِالبَيتِ الَّذي طافَ حَولَهُ
رِجالٌ بَنَوهُ مِن قُرَيشٍ وَجُرهُمِ

الولع بالصدق ونبذ الكذب يستقرا بل يستنبط من حضور لفظ القسم واليمين لاسيما في قول امريء القيس :

فقالت يمين الله مالك حيلة
وما إن أرى عنك الغواية تنجلي

وفي قصيدة أعشى باهلة
إذا يعاد لها ذكر اكذبه
حتى أتتني بها الأنباء والخبر
ويذكر الصدق في قوله:
كأنه بعد صدق القوم أنفسهم
بالبأس يلمع من أقدامه الشرر

وترد الثقة مقترنة بمعنى الصدق في قوله

أصبت في حرم منا أخا ثقة
هند بن سلمى فلا يهنا له الظفر


ويذكر الشاعر دريد بن الصمة "الباطل " في بيت له حين يقول :
صَبَا مَا صَبَا حَتَّى عَلاَ الشَّيْبُ رَأْسَه
... فَلَمَّا عَلاَهُ قَالَ لِلْبَاطِلِ ابعد
كما يذكر الكذب في قوله :
وهوّن وجدي أنني لم أقل له
كذبت ولم أبخل بما ملكت يدي
الباطل علامة من العلامات البديلة للكذب وهنا ينسب وتجسّمه مباهج حياة الدنيا ومن مباهج الدنيا الصبا والصبابة والصبوة وكأنّي بمعنى الباطل يقترب من معنى باطل الدنيا عند جدّي ولم يكن شاعرا مثل دريد بن أبي الصّمة.
*جمال الدين بن الشيخ " شعريّة عربيّة" منشورات قاليمار 1989
**جمهرة أشعار العرب للقرشي تأليف أبي زيد محمد القرشي-تحقيق وضبط وشرح محمد البجاوي- دار نهضة مصر للطبع والنشر الفجالة - القاهرة



#محمد_خريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في التّمرّد العلاماتيّ
- الكذب والسّرقة من الزرادشتية إلى الكتب السّماويّة
- الكذب والسرقة في المدوّنة العلاماتيّة العربيّة
- في سيميائيّة الكذب والسرقة


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد خريف - الكذب في شعرماقبل النّبوّة