أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حقوق الانسان في الدولة المخزنية البوليسية















المزيد.....


حقوق الانسان في الدولة المخزنية البوليسية


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7527 - 2023 / 2 / 19 - 16:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعتقد ان لحقوق الانسان مفهوم واحد ، لا مفاهيم متعددة تختلف باختلاف المحطات ، وباختلاف البشر ، وباختلاف الدول . فالأمم المتحدة عندما أصدرت ميثاقها الاممي ، والحقت به القوانين الأممية من سياسية ، واجتماعية ، واقتصادية التي وقعت عليها العديد من الدول ، ووقعت عليها الدولة المخزنية البوليسية ذراً للرماد في اعين المجتمع الدولي ، وذراً للرماد في اعين المنظمات الدولية التي تشتغل في مادة حقوق الانسان ، وخاصة لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة ، في حين تتصرف الدولة البوليسية عكس ، وضد ما وقعت عليه من قوانين دولية في مادة حقوق الانسان ، حين تضرب عرض الحائط بهذه الحقوق ، وتتصرف طبقا لطبيعتها المخزنية الحيوانية المعادية لحقوق الانسان .. مما يفضح طبيعة الدولة البوليسية على حقيقتها المعادية لحقوق الانسان ، فتجدها عبر ابواقها ، من جهة تتفاخر باحترامها لكل مقتضيات حقوق الانسان ، ومن جهة ومن خلال تصرفاتها وممارساتها ، تتصرف كدولة بوليسية تخنق الحريات التي وقعت عليها ، وينص عليها دستور الملك الممنوح ، فتراها من خلال ملفات بوليسية مطبوخة ، ومن دون خجل ، تبدع في تلفيق التهم للناشطين في ميدان حقوق الانسان ، ومن جهة تعدم الحرية الأساس التي هي حرية الرأي ، وحرية التعبير ، وحرية التجمع ، وتنظيم الوقفات والمسيرات المُنادية والمطالبة بالحقوق القطاعية ، او بالحقوق الكونية التي تسمو حتى على القوانين الداخلية ، التي تكيفها الدولة البوليسية حسب مزاجها البوليسي المريض ، وحسب طبيعتها المخزنية التي ترى ان ضامن ممارسات الحقوق كما يفهمها المخزن ، هو الحقوقي الأول الملك أمير المؤمنين .
فحقوق الانسان بمفهومها المخزني ، تذوب في عقد البيعة الذي يجعل من الأمير الإمام والسلطان ، ينوب عن الرعايا الجاهلة في تحديد ميادين ومواضيع ممارسة الحقوق ، وطبعا بأسلوبها المخزني العتيق الذي يرتوي من القرآن ومن الإسلام ( اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ) . فطاعة ولي الامر واجبة شرعا ، والخروج عن هذه الطاعة باسم حقوق الانسان ، هو خروج عن اجماع الرعية التي ترى حقوقها في ما ينوب عنها راعيها الكبير ، العارف وحده بشؤونها ، وبما يجب عليها الاقتداء به ، لتلحيم النسيج الاجتماعي لدولة السلطان ، التي لها حقوقها التي تختلف عن الحقوق الكونية ، رغم ان دولة السلطان المعظم ، وفي تناقض صارخ ، وقعت على كل الاتفاقيات الدولية بخصوص حقوق الانسان ، وتترافع باسم حقوق الانسان في المنتديات الدولية ، كلجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة ، للدفاع عن ممارساتها المخلة بما وقعت عليه من اتفاقيات دولية تخص حقوق الانسان ، لان طبيعة الدولة المخزنية البوليسية ، تتعارض بالمطلق مع الديمقراطية التي وحدها تضمن الممارسة الكونية لحقوق الانسان ، كما هي متعارف عليها كونيا .
فما الفائدة من الادعاء بالدولة الديمقراطية التي تحترم حقوق الانسان ، وتسهر على ضمان ممارسة هذه الحقوق كما ينص عليها دستور الحاكم الملك الممنوح ، وطبيعتها الطقوسية التي يغلفها التقليد الاعمى الذي يحيل الى العصور الغابرة ، تضرب عرض الحائط كل ما وقعت عليه من حقوق ، لتزيين وجه الدولة البوليسية المتعارض مع كل ممارسة للحريات وللحقوق ، الاّ كما تفهمه الدولة البوليسية بمزاج المخزن ، الذي يحرص على التمايز باسم الخصوصية التي وحدها تُعرّف نوع وطبيعة الدولة الحاكمة ، التي لا علاقة لها بمادة حقوق الانسان ، بسبب انتفاء ومعارضة الدولة المخزنية للديمقراطية ، التي وحدها تضمن ممارسة الحقوق ، وممارسة الحريات المختلفة ، كحرية التعبير ، والرأي والتظاهر ، والمسيرات ، وتنظيم الوقفات المختلفة بالأماكن العمومية ، كما يجري به العمل في الدول الديمقراطية . فعند انعدام الديمقراطية ، تنعدم أوتوماتيكيا الحقوق المعترف بها في الدول الديمقراطية ، وتصبح الدولة الغير ديمقراطية ، اكبر عدو لحقوق الانسان ، رغم توقيعها على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان .
بل ان الدولة البوليسية لا تتوان في الرد على تقارير المنظمات الدولية ، التي تشتغل في مادة حقوق الانسان ، عندما تُدبّج تقاريرها المقرعة للدولة المخزنية البوليسية ، ومن دون حشمة ، ولا خجل ، ولا حياء ، تستمر الدولة البوليسية في انكار ما ورد في تقارير المنظمات الدولية ، المشتغلة بمادة حقوق الانسان ، وتستمر في الدفاع عن ممارسات مفضوحة ، تعري عنها نوع المحاضر البوليسية المزورة والمفبركة ، لإلصاق تهم خرافية ، للضرب في المصداقية الحقوقية والسياسية لضحايا تلك المحاضر البوليسية المزورة . وهذا ما نراه عندما ترد الدولة البوليسية بالنفي عن تقارير " منظمة العفو الدولية " Amnesty International ، ومنظمة Humain Right Watch ، واتهامات لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة بجنيف ... الخ ، ووصل الشد والجذب بين الدولة البوليسية المتعارضة مع حقوق الانسان ، وبين الملاحظين الأجانب لممارسات حقوق الانسان بالمغرب اشده ، عندما اصدر البرلمان الأوربي قرار تأنيب ، وإدانة ممارسات الدولة المخزنية البوليسية في ميدان حقوق الانسان ، واتهمها بخرق هذه الحقوق التي تتناقض بالمطلق مع ما وقعت عليه الدولة من حقوق ، ومن اتفاقيات الدولية تخص عالم حقوق الانسان .
فالمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان الدولية ، حين تعالج مادة حقوق الانسان في دولة من الدول كالدولة المخزنية البوليسية ، فهي تنطلق من كونية الحقوق التي وقعت عليها الدولة البوليسية ، ولا تعتد او تهتم بادعاءات الدولة البوليسية المفندة لما جاء في تقارير المنظمات الدولية ، بدعوى تجريم تصرف او ممارسة يعتبرها القانون الدولي ، ويعتبرها ميثاق الأمم المتحدة ، وتعتبرها اتفاقيات الحقوق الكونية ، مجرد عمل عادي يدخل في ميدان وفي اختصاص حقوق الانسان .
الدولة في معالجتها لنزاعات ملفات حقوق الانسان ، فان أجهزتها البوليسية تشتغل وتعمل متضامنة ، وتتقدم كرجل واحد ، في مواجهة مشكلات وملفات متعددة ومختلفة . فلا فرق في ذلك بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني DGST ، وبين مديرية الاستعلامات العامة RG بالمديرية العامة للآمن الوطني DGSN ، وبين الدرك الملكي GR ، وبين المديرية العامة للشؤون الداخلية DGAI بوزارة الداخلية ، وبين الإدارة العامة للدراسات والمستندات DGED ، وبين المفتشية العامة للقوات المساعدة IGFA ... الخ . فعند اعداد الملفات والردود ، فان كل هذه الأجهزة تعمل كرجل واحد ، باسم الدولة المخزنية التي تتولى بواسطة مسؤولو الأجهزة المختصة ، الدفاع عن أطروحة الدولة في ميدان حقوق الانسان ، وفي الرد وتفنيد الاتهامات الموجهة اليها بخرق حقوق الانسان ، عند عقد لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة دورتها السنوية بجنيف السويسرية ، او عند ردها وتفنيدها للاتهامات الموجهة اليها من قبل منظمات حقوق الانسان الدولية ..
لكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن امام وحدة أجهزة الدولة ، هو وجود العشرات من الإطارات التي تشتغل وتعمل باسم الدفاع عن حقوق الانسان ، رغم ان الحقوق كما هي مدونة في الميثاق الاممي ، وفي الاتفاقيات الدولية المختلفة الخاصة بحقوق الانسان ، هي واحدة لها فهم واحد ، وتفسير واحد ، ولا تحتاج الى فهم او تفسير يتعارض مع كنهها وجورها ، الذي يصبح عرضة للبيع والشراء ، وابرام الصفقات باسم الدفاع عن حقوق الانسان ، ومن باب التمويه .
فعند استعمال مادة حقوق الانسان لحسم صراعات سياسية حزبوية لا علاقة لها بهذه الحقوق ، تصبح مادة اشتغال حقوق الانسان مدعاة لأهداف ، من جهة لتزييف هذه الحقوق ، ومن جهة لاستعمالها كاطار منافس ( للدفاع ) عن حقوق الانسان ، التي تعتبر تلك الإطارات التي تنبع كالفطر من اشد أعداء مادة حقوق الانسان .
فماذا مثلا حين يسيطر تيار الذي سيتحول الى تنظيم على ( الجمعية للمغربية لحقوق الانسان ) ، وهو تنظيم النهج الديمقراطي ، ليمارس التهميش مرة ، ومرات الاقصاء لتنظيمات سياسية أخرى ، كانت تطمح الاشتغال ضمن ( الجمعية ) ، للدفاع عن منظورها السياسي الخاص بها لحقل حقوق الانسان ، خاصة عند اعتبار تنظيم النهج المسيطر على الجمعية ، شعار تقرير المصير حقا من حقوق الانسان ، وهم يقصدون بذلك نزاع الصحراء الغربية ، في حين ترد التنظيمات المقابلة ، ولو بمحدودية تواجدها في إطارات ( الجمعية ) ، بشعارات مخالفة لشعار تقرير المصير .. ويبلغ التسويق السياسي درجته من الانتهازية السياسية ، ولفرض اطار ( حقوقي ) مناهض ومعارض للتنظيم المسيطر على ( الجمعية المغربية لحقوق الانسان ) ، فينشئون اطارا آخرا باسم حقوق الانسان يحمل اسم ( المنظمة المغربية لحقوق الانسان ) ، تضم التنظيمات والأحزاب التي فشلت في السيطرة على ( الجمعية المغربية لحقوق الانسان ) ، كحزب الاتحاد الاشتراكي ، وحزب التقدم والاشتراكية ، وأحزاب أخرى لا علاقة لها بتاتا بمادة حقوق الانسان ، ويفشل هؤلاء في جعل ( المنظمة المغربية لحقوق الانسان ) ذات الصلة والعلاقة بأجهزة الدولة البوليسية ، فقط تؤثر ولا نقول تهمش ( الجمعية المغربية لحقوق الانسان ) ، التي يسيطر عليها حزب النهج الديمقراطي الذي يغلف الصراع السياسي البوليميكي مع الدولة البوليسية ، بلباس حقوقي سياسي مزيف ، يتبنى منهجية التمييز في الملفات ، بين ما يعتبره أصحاب ( النهج ) حقوقي يستوجب تبنيه والدفاع عنه ، وما لا يعتبره كذلك ، فيحرم من وصف النهج بالملف الحقوقي الذي يستعمل للتصفية السياسية باسم ( الجمعية المغربية لحقوق الانسان ) ، كملف النقيب السابق ووزير حقوق الانسان السابق محمد زيان . بل هناك معتقلون بملفات ( تعسفية ) مختلفة تم تجاهلهم من قبل قيادة ( الجمعية ) ، لانهم لا يستوفون شروط فهم النهج الديمقراطي لعمل حقوق الانسان كما يريدها هو ، لا كما يجب ان تكون في واقع ليس له من حقوق الانسان غير الاسم .
فاذا كانت حقوق الانسان كونية ، ولها مفهوم واحد ، ولا تقبل تفسيرين ، فما السبب والدافع لوجود عشرات الإطارات تنشط باسم حقوق الانسان المغيب الرئيسي من طرف هؤلاء ، الذين يستعملون مادة حقوق الانسان كآلية للاسترزاق ، ووسيلة للتسول والحصول على المزايا من السلطات المختلفة ، التي تستعملهم لتزيين خرافة حقوق الانسان بالدولة البوليسية المخزنية عدوة حقوق الانسان وعدوة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي وقعت عليها باسم الدولة المخزنية العلوية .
فعندما يعتبر اطار من الإطارات التي تشتغل بمادة وفي مجال حقوق الانسان ، ملفا ما بالملف الحقوقي ، ويعتبره اطار اخر بالملف الغير حقوقي ، ويسود التضارب في التفسير والشرح ، لتبرير وضع اصبح يشكل لبساً لذا الرأي العام على قلته ، لان ما يسمى بالرأي العام في الدولة السلطانية غير موجود ، والموجود فقط رأي الملك الذي يعلو ولا يعلى عليه ، لأنه هو الدولة لا غيره ، وهو ضامن ممارسة الحقوق كما يفهمها هو لا غيره ، وهو من يحدد ممارسات حقوق الانسان عن غيرها من الممارسات التي قد لا يعتبرها كذلك رغم توقيع دولته عليها .. ، هنا نكون امام وضع قد غير مفهوم ، لتناسل إطارات عديدة تشتغل بمادة حقوق الانسان ، وهي إطارات تشتغل في كَنَفِ العرف السلطاني الذي لا علاقة له بالحقوق ، وهي الكلمة التي يكره السلطان وحاشيته سماعها ، فأحرى تبنيها او السماح بها ، ونكون من ثم نجد انفسنا امام فرقعات وفطريات تشتغل باسم حقوق الانسان ، في حين انها روافد للدولة المخزنية ، تكيف عمل اشتغالها بمادة حقوق الانسان بما يأبد لاستمرار الدولة العدوة لحقوق الانسان ، لأنها دولة ليست ديمقراطية . وبما ان الديمقراطية هي ضامن ممارسة حقوق الانسان ، فانتفاء النظام الديمقراطي عن دولة بوليسية ، هو اعدام مكشوف لممارسة حقوق الانسان ، بدولة لا يجمعها بهذه الحقوق وبالديمقراطية غير الاسم .
لذا فان هكذا وضع ، حيث توجد العشرات من الإطارات التي تشتغل في ميدان حقوق الانسان ، ومنها إطارات إسلامية مختلفة بين التابعة ل ( جماعة والعدل والإحسان ) ، والتابعة ل ( حزب العدالة والتنمية ) ،وأخرى تابعة للجهاديين ، و ( الجمعية المغربية لحقوق الانسان ) يسيطر عليها حزب النهج الديمقراطي ، الذي يخوض حرب البيانات ضد الدولة البوليسية .. كل هذا جعل الدولة لا تعير ادنى أهمية او اهتمام لعمل حقوق الانسان ، فأحرى ان تعير أهمية او اهتماما لإطارات مشبوهة ، تعرف الدولة ان لا علاقة تجمعها لا من قريب ولا من بعيد بميدان حقوق الانسان ، التي أصبحت عند جميع هذه الإطارات ومن دون استثناء ، نفعية مصلحية ، لا علاقة لها بالمبادئ والقيم الإنسانية التي أسست لميثاق الأمم المتحدة ، ولا للاتفاقيات الحقوقية التي جاءت من بعده ، ووقعت عليها الدولة البوليسية في جلباب الدولة الحقوقية ، التي لن تكون غير دولة ديمقراطية فضحها سجن تزمامارت الرهيب ، والمعتقلات السرية في " إگدز " ، " قلعة مگونة " ، " درب مولاهم الشريف " ... وفضحتها الممارسات البوليسية في عهد محمد السادس من قبل الجنرال حميدو لعنيگري ، والمدير العام للبوليس السياسي عبد اللطيف الحموشي ، والوزير المنتدب في الداخلية السابق الشرقي ضريس ، ووزير الداخلية عبدالوافي لفتيت ، منذ تفجيرات الدارالبيضاء في 16 مايو 2003 ، مرورا بمخلفات 20 فبراير ، وصولا الى الوحش " كورونا " الذي كان الجهاز السلطوي ، القروسطوي ، الطقوسي يصفع المغاربة في الشوارع ، على طريقة الصفع التي كان يمارسها باشا الاستعمار التهامي لگلاوي .
فإذا كانت الدولة البوليسية قد نجحت في استقطاب الأغلبية الساحقة من الإطارات التي تشتغل بميدان حقوق الانسان ، وأصبحت جزءا منها ، فان وجود جمعيات اسلاموية باسم الدفاع عن حقوق الانسان ، لا يؤثر في سياستها الخاصة عند شرحها وتصريفها لمفهوم حقوق الانسان ، كما يجب ان تكون ضمن التقاليد المرعية التي لا تخرج عن " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولو الامر منكم ... " . لان مفهوم حقوق الانسان بالدولة المخزنية ، تعالج من هذا المنظور الطقوسي الضابط وحده للرعايا ، التي حقوقها ضمن ما يترجمه لها الراعي من ممارسات ، لا تخرج عن قيم الدولة السلطانية المخزنية ، التي تتحول وبسرعة البرق الى دولة بوليسية لا علاقة لها بالاتفاقيات الحقوقية التي وقعت عليها ، ولا علاقة لها بميثاق الأمم المتحدة ، ولا بالقانون الدولي . فتصبح سلطة الجبر ، والضبط ، والقمع ، هي لغة التخاطب مع راعايا يسيطر عليهم الجهل ، وتسيطر عليهم الامية ، ومرشحة للأناركية اذا تنازلت الدولة عن سلطاتها الاعتبارية ، التي يعطيها لها الأصل ، والنبع ، والطقوس ، والتقاليد التي سادت لقرون بين الدولة السلطانية في شقها التقليدي او العصري زمن الدولة العلوية ، والرعايا المرتبطة براعيها وسلطانها وملكها ، كما ساد العلاقة بينهما طيلة تاريخ الامبراطوريات التي حكمت المغرب ..
فالمشكل بالنسبة للدولة البوليسية في تحديد المفهوم المخزني السلطاني لحقوق الانسان ، دار المخزن ، لم يعد داخليا كما كان الحال في بداية السبعينات ، وطيلة السبعينات ، وحتى النصف الأول من الثمانينات ، بل اصبح المشكل دوليا مع منظمات حقوق الانسان الدولية ك Amnesty International ، ومنظمة Humain Right Watch ، ومركز كينيدي لحقوق الانسان Centre Kennedy des droits humains ، ولجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة ، والاتحادات القارية كالاتحاد الأوربي ... الخ . بل وحتى في هذه الإطارات الحقوقية الدولية ، فقد خف مثلا ضغط Amnesty بعد وفات مؤسسها البريطاني ، وتراجعت ولا نقول تخلت عن الدفاع عن مبادئ حقوق الانسان ، كما كانت المواجهة مع الدولة المغربية خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي ، واصبح بعض ممثلي Amnesty في العديد من الدول الاوربية ، يناصرون الدفاع عن الصهيونية ، وعن المثلية ، ومناصرة الشعوب الصغيرة الداعية الى الاستقلال ، وتكون Amnesty قد اهملت الدفاع عن الحقوق السياسية ، وعن الحقوق التي جاءت بها الاتفاقيات الدولية ، بسبب سيطرة إسرائيل على هذه المنظمة حتى لا تدين ممارساتها في ميدان حقوق الانسان ، وعند ارسال طائراتها لتدمير غزة ، او ضرب الضفة ، او ضرب سورية .. وحتى المنظمة الامريكية Humain Right Watch ، اصبح واضحا توجهها الإسرائيلي ، الذي جعل دولة إسرائيل تسيطر على هذه المنظمات ، ومن ثم تخفيف ضغطها السياسي على الأنظمة المتعاونة مع الدولة العبرية ..
واجمالا ، وباستثناء ( الجمعية المغربية لحقوق الانسان ) التي يسيطر عليها حزب النهج الديمقراطي ، الذي يستعملها في مواجهة الدولة بالبيانات التي تبقى مجرد بيانات غير مؤثرة ، وباستثناء إطارات محدودة تشتغل باسم الإسلام السياسي ، وهي بدورها غير مؤثرة ، يبقى المفهوم الواحد لتفسير حقوق الانسان ، هو ان ما تطرحه الدولة المخزنية البوليسية ، لا يخرج عن الأصل والنبع الذي هو الامارة التي على رأسها امير، و إمام ، وراعي ، وحده يملك آليات ضبط الرعية ، واقتيادها بما يفرمل هيجانها الذي سيكون مدمرا من اجل التدمير ، لان الجهل والامية لا يصنعون ثورة ، ولا يمكن للرعية اذا هاجت الاّ التدمير والتخريب ، وفرق بين الشعب وبين الرعية ، لان الثقافة الرعوية للدولة الراعية ، تجري في دم الرعايا وفي جيناتهم طيلة قرون ، سبقت تاريخ انشاء الدولة العلوية ، كدولة رعوية بها رعايا مرتبطين بالراعي وحده ، لا بغيره .. ومن لم يستفد مِنْ ما حصل بين الرعايا وبين الراعي اثناء ( جائحة ) الوحش كورونا ، سيكون غريبا عن مجتمع ينظر له دون معرفة اصوله وموروثه ذا الطابع المخزني السلطاني البوليسي ، لان البوليسية والسلطانية والمخزنية ( دار المخزن ) ، تجري في دم الرعايا فطرة ، لا جبرا وكرها .. وتلكم سمات فشل جميع محاولات القفز على النظام ، وعلى الدولة من فوق ..
سيحكمكم الحسن الثالث كأمير ، وسلطان ، وراعي ، وكملك ، بترحيب الرعية اجمعين وعن طيب خاطر ، وسيصفق الجميع لمجيئه الذي سيكون سهلا وسلسا . وسيصدح الجميع " عاش الملك " ، " عاش سيدنا " ، ولو نزلت هراوة " سيدنا " على ظهورهم كالمعتاد ، لانهم يعتبرونها بركة من عند الله ، ومن احبه الله ، هو من سيجعل هراوة " سيدنا " تكسر عظامه ، وتكسر حتى جمجمته . أليس " بركة سيدنا " هي من أنْجت الحسن الثاني من انقلاب الطائرة في 16 غشت 1972 ، و أنْجته من انقلاب الضباط الوطنيين الاحرار في 9 يوليوز 1971 ؟ فلا مفر من بركة " سيدنا " ، " عاش سيدنا " ، ويسقط " العيّاشة " ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البدع والطقوس المرعية عند العرب والمسلمين
- البرلمان الاسباني يوافق بالأغلبية على منح الجنسية الاسبانية ...
- أكبر انتفاضة دموية في تاريخ الانتفاضات المغربية
- مِنْ - موروكو گيتْ - الى - بگاسوس غيتْ -
- ترقب قرار للبرلمان الأوربي في 9 ابريل القادم ، يدين النظام ا ...
- الفرق بين الشعب والرعايا ، نوع الدولة السائدة
- تغيير النظام من الداخل
- التعويض .
- الدكتاتور هرب . المستبد هرب . الطاغية هرب .
- حين ضاع التراب . من أضاع التراب . لماذا أضاع التراب. من الگو ...
- هل ستندلع حرب بين النظامين المغربي والجزائري ؟
- الغزو الروسي لأكرانيا
- الجنرال السعيد شنقريحة متماهياً في قصر الإليزيه ومستقبلا من ...
- قصيدة شعرية
- حركة 20 فبراير الملعونة كانت مؤامرة كبرى . اول تحليل سياسي د ...
- مسلسل تيمور الشرقية يطل من شقوق الباب
- المدير العام للإدارة العامة للدراسات والمستندات
- هل صحيح ما أوردته القناة الفرنسية - فرنسا 24 - من اخبار : أم ...
- ضربة معلم -- رئيس الحكومة الاسبانية
- بين العبودية وتحسين شروط العبودية


المزيد.....




- ترامب يزعم: -سيطرتنا كاملة وشاملة- على أجواء إيران..طهران تط ...
- وزير دفاع إسرائيل الأسبق: الشعب الإيراني -لديه كل الأسباب لل ...
- سبعة جرحى وخسائر مادية جراء عاصفة قوية ضربت الساحل الغربي لك ...
- تواصل قصف طهران وتل أبيب وميرتس يتوقع مشاركة أمريكا في الحرب ...
- ألمانيا - العثور على جثة مصرية مختفية والشرطة تعتقل زوجها
- صحف ألمانية ودولية: كان على إسرائيل التريّث قبل ضربها إيران! ...
- -سي إن إن-: ترامب لا يريد جر الولايات المتحدة إلى الحرب الإس ...
- وزير الخارجية السوري يبحث مع نظيره الألماني مشاريع إعادة الإ ...
- بيان دولي بشأن التسوية الفلسطينية بعد التصعيد الإسرائيلي
- عضو في الكنيست الإسرائيلي يحرض ضد الأطفال الإيرانيين ويتهمهم ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حقوق الانسان في الدولة المخزنية البوليسية