أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - كتاب جحيم المعتقلات في العراق ج 1















المزيد.....

كتاب جحيم المعتقلات في العراق ج 1


كاظم حسن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7520 - 2023 / 2 / 12 - 10:29
المحور: الادب والفن
    




مقدمة
ـــــــــــــــ
نقرة السلمان ,سجن الكوت. قصر النهاية(قصر الرحاب سابقا), الشعبة الخامسة , الرضوانية , مديرية الامن العامة, ابو غريب ... الليث الابيض اسماء لجحيم ارضي خلقته انظمة شمولية ..وعليك ان تنظر اليها كما تمر بمفردة (هجوم ),حيث يسحق البشر,ليست سجون العراق الامنية خاصة او حجزا عن الحياة ..انها مثرمة لروح الانسان لاجل كسر ارادته, او تصفيته .. عشت في سجن ابي غريب لمدة سنة وفي الرضوانية مدة عام .. وحجزت في معتقلات امنية متنوعة .. توجت بدخولي غرف الاعدام ..ولا ادري كيف نجوت من كل ذلك وساحاول قدر استطاعتي ان انقل صورة حقيقية عما شهدته وان اصف الجحيم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لقد سمعنا الكثير عن تلك السجون , صمود , حكايا تقترب من الاساطير , كسب السجانين, تحمل الامهات والزوجات وبطولاتهن وهن يتحدين قوة القمع وينقلن مسودات كتب وضعت في المعتقلات او يبلغن عن تعليمات اوينقلنها للتنظيم خارج اسوار السجن .. لقد حولوها مدارس مميزة للعلوم والفلسفة والادب والسياسة واللغات , لقد فتنا بتلك القصص..حتى تصورنا ان الانسان لا ينضج فكريا حتى يدخل
تلك السجون , او يجتاز ذلك الجحيم..

تمزيق صور الانتخابات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التقطت صوتا من اذاعة معارضة , وهو اكتشاف هزني بقوة .. لانك في تلك الايام لا تعلم ما يجري , ظلام اعلامي مطبق ,ودعتني النشوة ان اصحب الصديق وننزل الى المدينة لنحتسي ..وكان يصغرني بعشرين سنة , شاب يتطلع للمعرفة ,وكان محدثا على الشرب .. بعد ساعتين عدنا فمررنا في سوق المغايز بالعشار, حيث تحجم فيه الزحام وقل المتسوقون .. وتراكمت على ابواب المحال القمامة التي كان كل بائع منها يدفعها خارج محله قبل اغلاقه, فجأة توقف صاحبي واخذ يمزق صورا لدعايات انتخابية وصادف ان مر رجال امن فقبضوا عليه وصحبوني معه ,لا اعرف اين قضينا تلك الليلة , في الصباح سمعت من يشير الينا ويقول (سننقلهم الى جهة اخرى ) فشعرت بالوجوم وعلمت بان صاحبي سيتعب لأننا سننقل حتما لمعتقل امني ,
ادخلوني غرفة وانا معصوب العينين , امرنوني ان اتمشى وتوقعت الارض شظايا زجاج فخطوت بحذر وداهمني احد بصفعة قاسية ارتعدت منها ,ثم قالوا اعترف.. رويت لهم ما جرى (كنا نتمشى في ساعة متاخرة من الليل واستدار صاحبي وهو ثمل .. فمزق).
بقينا لساعات انا وصاحبي في موقف لمديرية الجرائم .. كنا نراهم يتحركون من باب صنع من قضبان متوازية ..وحاول احد ان يخطف مسدسا من شرطي لينتحر (قيل انه زنى بامه وهو سكران ) لكنهم سيطروا عليه وقيدوه . غروبا عصبوا اعيننا , وفي بوابة مديرية الامن في البصرة (الليث الابيض ).. سمعت احدهم يصيح مناديا على الرجال (تعااالوا ذولة الي ما خلونة أنام من ثلاثة ايام ).. وهرع الذئاب الينا يسبقهم جوعهم للدم ... وكانت وجبة دسمة بين ركل وسب وشتم ورفس ولكمات .
نقلونا بعدها الى زنزانة طويلة , المعتقلون فيها ممدون واعينهم معصوبة على جانبي القاعة بشكل متواز.. وقبل ان يعصبوا اعيننا وجهت صاحبي بان يجيبني بسعلات ان سعلت بين فترة لاخرى , فافهم انه ما يزال قربي وهو ما طبق بيننا .. بعد ساعة اتوا وعصبوا اعيننا .. ثم استدعوا صاحبي للتحقيق .. بعد الافراج علمت بانهم علقوه في مروحة باسلوب ربط اليدين من الخلف .. ولانه كان طويلا فقد كانت رجلاه تلامسان الارض : (اعترف ) مع سب وشتم وركلات وصفع .. قال (فاخبرتهم انا سكران ولا ادري هل مزقت صور المرشحين او لا ..).
في اليوم الثاني استدعوني ليلا وسألني ضابط التحقيق (كنت تضحك على بعد مترين منه وهو يخرب الصور فاعترف ) فاجبته واثقا < اولا نحن بحال سكر فهل لديكم تقرير عن درجة السكر ...؟) فالتفت الضابط لاخر وقال <كيف لم تبعثوهما للمشفى لقياس درجة السكر ).ثم حاججته (انتم لديكم اجهزة لفحص البصمات فان ظهرت آثار اصابعي على الصور فاعدمني ....) , ولحسن الحظ ان رجال الامن قد جمعوا من اسفل الصور قطعا من الاوراق تواجدت معها صور لبنات وغيرها ...فقال المحقق (هذا الرجل اتركوه ولا تمسوه) وانزلوني .
اتوا بشاب سمين من احدى الكليات واصعدوه ذات ليلة ونزل وهو لا يستطيع تحريك يديه فأمروني ان اطعمه انا ولم اكن اجيد الاطعام بالملعقة وكنت كما هو اتالم مع كل لقمة .
.كان باب الزنزانة من قضبان متوازية وقد علقوا شابا طيلة تواجدنا لمدة شهر في ذلك الباب فان حرك يديه اتوا يسبقهم شتم وسب .. واشبعوه ضربا ولكمات .. وفي ساعات الافطار والغداء والعشاء ينزلونه فلا يتناول زادا .. يصلي ثم ينام حتى تنتهي الوجبة فيعلقونه ...سألته يوما فاجاب <كنت اقود تنظيما واكتشفوا ان لي تنظيما اخر .. اهلي بأبي الخصيب وعنواني كذا فاتصل ان افرج عنك باهلي واخبرهم انني حي >..
الجلادون يدخلون الزنزانة ليلا ويتسلون بتعذيب او ازعاج المساجين بمختلف الطرق ,كنت ازيل العصابة من عيني قليلا بحيث يمكنني ان ارى, مرات اكتشفوا ذلك واشبعوني صفعا لكني لم اكف .. كنت اريد ان استكشف ما يجري. واذكر مرة دخل ذئب منهم واخذ يقفز ويهبط على اجساد المساجين فحميت رجلي المصابة بالكاحل برجلي الاخرى فلم اتأثر عندما قفز وهبط على فخذي .... يوما ما رأيتهم يدفعون شابا جميلا بملابس انيقة وعلمت بانه موقف تمثيلي فالشاب من رجال الامن دفعوه ليحدد هوية بعض الاشخاص ,فلم يعصبوه وبدأ فورا بقضم البعض بعيون شرهة مركزة ... ساعة واخرجوه ..تجربتي السابقة قبل ثماني سنوات في مديرية امن اخرى علمتني الدروس واساليبهم ..
وخاطب الجلاد احد المعتقلين ــ وقد نزل توا من التعذيب ففتحوا عينيه وقدموا له ماء وصمون ــ الست الان مرتاح فاجاب < نعم>.. فقال له <اخبر صاحبك ليعترف ... انت عبرت الحدود هاربا وامسكنا بك >..ابشع ما شاهدته هنا في هذه الزنزانة من <الليث الابيض > ابواب خشبية بارتفاع متر ثبتت على طول الحائط الايسر , يخرجون منها معتقلين منضمين لحزب الدعوة يغطونهم من الرأس ببطانيات مع كل وجبة .. استغربت من زنزانات داخل زنزانة واردت استكشاف الامر .. كنا اول من نمضي للحمامات وهم بعدنا وفي مرة تأخرت بالحمام حتى يصلوا وسمعتهم يحدثون بعضهم عن مجريات التحقيق..كانوا يتكلمون بسرعة واصوات شبه هامسة وتوتر ..وقد انزلوا البطانيات عنهم وثبتوها على الاكتاف.. ورأيت وجوههم المجهدة .. فلما غادروا جميعا ظهرت فاستغرب الجلاد ورفع عصا غليضة فقلت (بطني خربة >.. فصفعني وقصدت مكاني .
يوم الافراج امرني الضابط ان اوقع وكان مفوض الامن الجار حاضر وقد اشاد بي ..قال الضابط سنفرج عنك ولا تعملها بعد الان .. فتركت الورقة ورفعت رأسي <انا لم افعلها > فابتسم .
بعد الافراج.. جاءني ابو <ع > ليتحمد على السلامة وعلق باقضاب معاتبا : < حين رأيته قد سكر لو سحبته واتيت به >.



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اضاءة من اعلى التل ج 8 ديك الجن (حكمت سيفي ).
- اضاءة من اعلى التل ج7 توقف اذاعة لندن
- بروق القلادة ج3 الاصفهاني
- اضاءة من اعلى التل ج6
- البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج15
- البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج13
- بروق القلادة ج2 الفارابي
- قصيدة تجربة اولى
- البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج12
- اليمامة قصيدة
- تجربة اولى وسادية الوحدة قصيدتان
- الازميل واللحظات الخاطفة قصيدة
- مقاومة قصيدة
- البريكان مجهر على القاع وجذور الريادة ج11
- اضاءة من اعلى التل ج 5
- كتاب بروق القلادة ج1
- تضليل واحتمالات قصيدتان
- البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج10
- شتاء صيد حزين مقطع من رواية
- جفاء ومجوهرات قصيدتان


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - كتاب جحيم المعتقلات في العراق ج 1