أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مرزوق الحلالي - موسكو تشن حربا أخرى في الداخل















المزيد.....

موسكو تشن حربا أخرى في الداخل


مرزوق الحلالي
صحفي متقاعد وكاتب

(Marzouk Hallali)


الحوار المتمدن-العدد: 7519 - 2023 / 2 / 11 - 06:47
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تخلق عسكرة الدولة كل الظروف لأزمة ديمغرافية طويلة الأمد وتعلن حربا صامتة الثانية على رأسمالها البشري.

قال أحد المحللين المتابعين عن كثب الشأن الروسي: تتمثل إحدى المشكلات الاجتماعية والسياسية الرئيسية في المجتمع الروسي الآن في أن القادة السياسيين الذين يبلغون من العمر سبعين عامًا في المتوسط ويقررون للشباب كيف سيعيشون وما الذي هم مستعدون للتضحية بحياتهم من أجله.

في نهاية العام الماضي ، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحكومة بوضع حزمة من الإجراءات بحلول عام 2023 من شأنها زيادة معدلات المواليد ومتوسط العمر المتوقع في روسيا. كما أعرب عن حيرته من انخفاض معدلات المواليد في عدد من المناطق. ومع ذلك ، بعد بضعة أيام فقط ، اقترح وزير الدفاع "سيرجي شويغو" تغيير السن الذي يتم فيه تجنيد الرجال الروس للخدمة العسكرية الإلزامية من ثمانية عشر إلى واحد وعشرين عامًا وزيادة الحد الأقصى لسن التجنيد من سبعة وعشرين إلى ثلاثين عامًا. وهذا يعني استدعاء الشباب بعد حصولهم على شهاداتهم الجامعية ، وسحب المتخصصين المدربين من سوق العمل لإبطال مهاراتهم في الخدمة العسكرية.

هناك تناقض صارخ بين هذين الهدفين: إذا توجه الرجال إلى الحرب أو هاجروا بشكل جماعي بدلاً من الإنجاب، فمن أين سيأتي الأطفال؟ سيكون التأثير على سوق العمل شديدًا أيضًا، فالتجنيد الإجباري في مثل هذا "العمر الإنتاجي" يطرد القوة العاملة من الاقتصاد الذي يُتوقع بالفعل أن يخسر 3 إلى 4 ملايين شخص تتراوح أعمارهم بين عشرين وأربعين بحلول سنة2030 (مقارنة بعام 2020) لأسباب ديموغرافية موضوعية.

وتفقد كثلة السكان العاملين أيضًا أولئك الذين غادروا البلاد بالفعل أو سيغادرون البلاد ردًا على العسكرة المكثفة للحياة ، ناهيك عن أولئك الذين يتم حشدهم أو قتلهم أو تشويههم في القتال ( المسابين بعاهات دائمة) إذا استمرت ما يسمى بـ "العملية الخاصة".

تجميع كل هذه الأمور ، سيؤدي لا محالة إلى عجز كبير في القوى العاملة وعدد كبير من المشاكل الديموغرافية ، مما يؤدي بدوره إلى تفاقم الديناميكيات السلبية في معدلات المواليد التي لوحظت في روسيا منذ 2016-2017. سيصبح الانخفاض في عدد السكان في سن العمل مزمنًا. وهذا ما لا يرغب فيه بوتين.

تعكس بعض الأسباب الموضوعية للمشاكل الديموغرافية في روسيا الديناميكيات التاريخية: عدد النساء في سن الإنجاب آخذ في الانخفاض ، ومتوسط العمر الذي تنجب فيه النساء أطفالًا يرتفع باطراد في المجتمعات الحضرية الحديثة والمتعلمة جيدًا.

هناك أيضًا عوامل قصيرة ومتوسطة المدى (يمكن أن ينتج عنها أيضًا عواقب طويلة المدى). خلقت جائحة كورونا و ما يسمى بـ "العملية العسكرية الخاصة" خلفية من الخشية الشديدة بشأن المستقبل. لقد أدى ذلك إلى تغيير تنظيم الأسرة بشكل متوقع: فقد قرر بعض الأشخاص عدم إنجاب الأطفال أو إرجاء تكوين أسرة أو إنجاب طفل آخر إلى حين ظرفية أكثر استقرارًا نفسيًا وماليًا . كما أن عسكرة الحياة في روسيا لا تشجع الناس على إضافة المزيد من الأفراد إلى عائلاتهم، باستثناء أولئك الذين يعتبرون أن من واجبهم تزويد الوطن الأم بـ "علف المدافع" للحروب المستقبلية.

وفقا لحسابات ديموغرافية مفترضة، إن فترة من الخدمة العسكرية لثلاثمائة ألف رجل تم حشدهم في الجيش في سبتمبر وأكتوبر 2022 ستعني 25 ألف ولادة أقل ، حسب تقديرات مدير معهد الديموغرافيا الروسي. هذا ليس عددًا كبيرًا، لكنه قد يرتفع بشكل كبير نتيجة للهجرة، والانخفاض طويل الأجل في معدلات المواليد، والتوسع المحتمل في سن التعبئة.

كما يسعى القائمون على الأمور الروس إلى زيادة معدل المواليد، وطلك قلقًا بشأن انخفاض توفر جنود المستقبل لـ "عملياتهم العسكرية الخاصة" القادمة ، ويفكرون فعلا وفعلي - بدعم من رجال الدين ومساندتهم - في فرض حظر جزئي على الإجهاض حاليا. علما، عندما تكتسب غالبية السكان القدرة على تنظيم معدلات المواليد، لم تعد عمليات الإجهاض منتشرة في البلاد.

ويقر علماء الاجتماع أن هناك ظاهرة واجهتها روسيا مرات عديدة وهي: بروز موجة بعد موجة من الحروب والقمع الشيء الذي يستنزف الموارد البشرية. لدى يؤكدون أن أفضل طريقة لتعزيز معدلات مواليد عالية هي تهيئة الظروف لحياة مستقرة ، يمكن التنبؤ بها ، وسلمية ، وآمنة - بما في ذلك الشباب الذين ليسوا في مأمن من التجنيد والتعبئة في أي وقت.

حتى عام 2022 ، كانت روسيا تُعتبر من اقتصاديات السوق متوسطة الدخل ، وعلى الرغم من هذا لم يتم توزيع الدخل بالتساوي النسبي المقبول ، الأمر الذي غذى اتجاهًا يقلق خبراء "اقتصاديات التعليم": فقد بدأ الشباب الذين لا تستطيع أسرهم تحمل تكاليف لتحاقهم بالجامعة والمدارس العليا، يرفضون التعليم العالي ويفضلون التدريب المهني الثانوي ، مما يسمح لهم بدخول سوق العمل في أقرب الآجال.

إن تغيير سن التجنيد إلى واحد وعشرين ، سيكون - في عيون الكثيرين - ضربة مزدوجة لسوق العمل والاقتصاد: لن يتمكن خريجو الجامعات المؤهلين تأهيلا عاليا من دخول سوق العمل وسينتهون بدلا من ذلك في الجيش ويفقدون مؤهلاتهم ، في حين أن الشبان الحاصلين على درجات مهنية والذين هم بالفعل في سوق العمل سوف ينفصلون عن الاقتصاد جزئيًا نحو تحسين مهاراتهم. سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن هذا لن يؤثر على المؤشرات النوعية والكمية للناتج المحلي الإجمالي الروسي ، ودخل الأسرة ، ونوعية رأسمال البشري.

في الأساس، هناك حرب أخرى جارية في الداخل: حرب ضد نوعية الرأسمال البشري، وعسكرة البلاد تخلق كل الظروف لتقليص هذه النوعية لأطول فترة. على الرغم من أن روسيا لن تشهد بطالة واسعة النطاق ، إلا أن هذا هو الحال فقط لأن الاقتصاد سيواجه عجزًا في كل من العمالة التي تتطلب مهارات عالية ومنخفضة المهارات.

لقد شجع بوتين القوات المسلحة على عدم الخجل من طلب المزيد من التمويل ، وهذا يؤثر أيضًا على جودة الرأسمال البشري. فمن المعلوم أن الإنفاق على الجيش والأمن هو "إنفاق غير منتج"، بمعنى أنه لا يساهم في تحسين نوعية الحياة. إنه مضاد للإنسان من جميع النواحي.

وفي الوقت نفسه، فإن نسبة الإنفاق الإنتاجي (فوق كل شيء، التعليم والرعاية الصحية) راكدة في أحسن الأحوال ولا يمكنها منافسة الإنفاق غير المنتج الذي يعتبر الأولوية بالنسبة للدول العسكرية - البوليسية.

في هذا المضمار أكدت مديرة مركز اقتصاديات التعليم المستمر التابع للأكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة ، "متوسط عدد سنوات التعليم للسكان العاملين في روسيا في حالة ركود في أحسن الأحوال ، ومنخفض في أسوئها في بعض الجوانب. وهذا يعكس أيضًا حقيقة أن الشباب يريدون الدخول بسرعة إلى سوق العمل والبدء في جني المال، إن قيمة التعليم الجيد آخذة في التدهور. بالنسبة للدولة اليوم ، يعد التجميع والتفكيك السريع لبندقية كلاشينكوف مهارة أكثر أهمية من أي تعليم أو مهارة ".

من المعلوم أن التعليم الحديث عالي الجودة يؤدي إلى إنتاج أشخاص حديثين ومفكرين ليسوا مستعدين للذهاب للقتال من أجل "مُثُل خاطئة". الأفراد المتعلمون هم أفراد مستقلون، بما في ذلك اقتصاديًا والدولة التي تسعى لعسكرة المجتمع لا تحتاج إلى شعب مستقل، إنها بحاجة إلى أشخاص يمتثلون للأوامر.



#مرزوق_الحلالي (هاشتاغ)       Marzouk_Hallali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي مكانة الفضاء في الاستراتيجية العسكرية الروسية؟
- -ثقافة الإلغاء-
- -بايدن- يوقع على ميزانية إنفاق 1.7 تريليون دولار، منها 3.8 م ...
- الامم المتحدة تطلب من محكمة العدل الدولية التفكير في -الاحتل ...
- القضية الديموغرافية: سكان إسرائيل في فجر 2023
- تكلفة الحرب: الاقتصاد الروسي يواجه عقدًا من التراجع
- سوق السلاح في الشرق الأوسط
- هل يستطيع صندوق الحرب الروسي الصمود ؟
- -بريغوزين- ضد حاكم بطرسبورغ: ما يكشفه الخلاف عن قوة روسيا
- المجتمع المدني العالمي في عصر جيوسياسي: ملاحظات أولية
- تحول نوعي: العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بعد الحرب في ...
- الابتكارات الديمقراطية عبر العالم 2/2
- الابتكارات الديمقراطية عبر العالم 1/2
- وهم القوة : روسيا والعالم من نهاية الاتحاد السوفياتي إلى غزو ...
- وهم القوة : روسيا والعالم من نهاية الاتحاد السوفياتي إلى غزو ...
- حول كتاب -سقوط النظام الأمريكي-
- هل طهران تبيع الأسلحة لموسكو؟
- أهداف جديدة لروسيا في أوكرانيا
- خارطة طريق ديمقراطية لأوكرانيا
- غزو تايوان : هل ما يزال ضمن خطة بكين ؟


المزيد.....




- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...
- طالب جزائري يخطف الأضواء في برنامج للمواهب بروسيا (فيديو)
- مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين في إطلاق نار بحفل في مدينة نيويو ...
- احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيغا ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مرزوق الحلالي - موسكو تشن حربا أخرى في الداخل