أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد الهلالي - البلاشفة والإسلام















المزيد.....

البلاشفة والإسلام


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 7513 - 2023 / 2 / 5 - 21:25
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


گزافييه هالي (Xavier Hallez)
ترجمة: محمد الهلالي


واجه البلاشفة عدة تحديات بعد ثورة أكتوبر سنة 1917 واستيلائهم على السلطة في روسيا. وكان أحد هذه التحديات هو: تحديد السياسة التي ينبغي اتباعها تجاه المسلمين الذين كانوا يشكلون حوالي عشرة في المائة (10°/°) من مجمل ساكنة الإمبراطورية الروسية، والذين كان مطلبُهم الرئيسي هو الاستقلال السياسي ضمن الجمهورية الروسية الفدرالية.
كان لسيادة المواقف الراديكالية في روسيا، إيان سنة 1917، وعجز الحكومة الروسية المؤقتة عن الاستجابة لأهم مطالب السكان، الأثر الكبير في أوساط المسلمين. لكن تحقق تقارب في نهاية سنة 1917 بين مجموعات تشكل أقلية في أوساط المسلمين من جهة، والمجالس العمالية (السوفييتات) والحزب البلشفي من جهة أخرى، إلا أن هذه العلاقات ظلت متوترة، لأن البلاشفة ومختلف التيارات الاشتراكية الروسية، التي كانت تنشط داخل المجالس العمالية المحلية، رفضوا تمكين المسلمين من التمثيلية في هذه الهيئات، معللين ذلك بعدم وجود بروليتاريا ضمن هذه الفئات من السكان، وبعدم صدق قناعاتهم الثورية: وهذا يعني أنهم تبنوا موقفا من المسلمين كان سائدا قبل سنة 1917.
وإذا كانت حقوق السكان المسلمين قد أخذت بعين الاعتبار من خلال تأسيس جمهوريات قومية سوفييتية، فإن السياسة المتبعة تجاه الإسلام كانت غامضة. وبالمقابل، رأت السلطة المركزية السوفييتية، وبالخصوص لينين، أن موالاة هؤلاء السكان أساسي لانتصار الثورة في روسيا، ولانتصار الثورة العالمية مستقبلا. ويشهد على وجود هذا الموقف البيان الموجه لمسلمي روسيا والشرق بتاريخ 20 نونبر 1917، والذي تضمن احترام السلطة السوفييتية للحق في الاستقلال الذاتي للمسلمين. وكان لهذا الإعلان صدى كبيرا جدا في أوساط السكان المسلمين. وبعد أيام من صدور ذلك الإعلان، نشر الحزب الكازاخستاني (Uch zhuz)، ذو العقيدة الإسلامية الاشتراكية، في جريدته ما يلي: "لم يسبق لأية حكومة روسية أو أوروبية أن استعملت هذه اللغة في مخاطبة المسلمين (...) إن النضال ضد الإمبريالية، المعلن عنه من طرف الديمقراطية الروسية (الحكومة السوفييتية) سوف يحقق تحرر البلدان المسلمة من استغلال الرأسمال الأوروبي وتحررها من خطر التشرذم الدائم".
إن الدافع إلى إصدار ذلك الإعلان، الذي صاغه لينين، هو الموقف الثوري المعادي للاستعمار، إضافة إلى السياق السياسي والعسكري. ولقد اكتسى العامل العسكري أهمية كبرى بسبب تطور الحرب الأهلية بين السلطة السوفييتية وتحالف القوى المعادية لثورة أكتوبر. لقد كانت أغلبية المنظمات المسلمة معارضة لسلطة المجالس العمالية والتي لم تكن ممثلة فيها، وكانت هذه المنظمات المسلمة، في نفس الوقت، مترددة بخصوص الالتحاق بتحالف القوى المعادية للثورة. وكان رهان البلاشفة هو الحصول على دعم الكتائب المكونة من التتار والبشكير (سكان باشكورتوستان) المسلمين والمشهورين بروحهم القتالية. ولقد كان دور مولانور فاهتوف Mullanur Vahitov، (1885- 1918)، وسلطان غالييف Mirsaid Sultan-Galiev ، (1892-1940)، التتارييْن المقربيْن من البلاشفة دورا حاسما: لقد نجحا في جعل العديد من كتائب المسلمين تلتحق بالبلاشفة، وأشرفا على تأسيس المنظمات المسلمة السوفييتية المركزية سنة 1918. ولقد حاولا، عبر هذه المنظمات، فرض مشروعهما القاضي بخلق قطب ثوري مسلم مستقل (الحزب الشيوعي للمسلمين، الجيش الأحمر المسلم). إن حضور المسلمين في المؤسسات السوفييتية وهيآت الحزب صار واقعا ملموسا، بالرغم من معارضة العديد من البلاشفة محليا وفي موسكو. فما دامت الحرب الأهلية مشتعلة، فإن موسكو لن تعترض علانية على عملهم، لكن ابتداء من نهاية سنة 1919، صار واضحا أن مآل مشروعهما هو الفشل: لقد تم تفكيك المنظمات المسلمة المركزية تدريجيا، ولم يسمح بوجود أية قيادة موحدة للوحدات المسلمة المقاتلة. ومه ذلك، أدت الجهود المبذولة إلى الإعلان عن تأسيس جمهوريات قومية مستقلة لصالح السكان المسلمين ما بين سنة 1919 وسنة 1921 (باشكورتوستان، تتارستان، وتتار شبه جزيرة القرم): وقد دافع لينين عن هذا الاختيار، وتم فرضه في الأخير على الحزب البلشفي سنة 1920.
لم تتمكن هذه المنظمات المركزية المسلمة، التي كان يقودها تتاريون وباشكير (والذين كانوا يعيشون في مدن روسية، وكانوا متمركزين في قازان، عاصمة تتارستان، وأوفا، مدينة توجد في باشكورتوستان) من مدّ سلطتها على المناطق الأخرى، لكنها شكلت مع ذلك قدوة مهمة بالنسبة للبلاشفة المسلمين في تركستان، وهي منطقة مسلمة بنسبة تسعين في المائة (90°/°): استمرت السلطة السوفييتية المحلية في تطبيق السياسة الكولونيالية القيصرية، رافضة كل تمثيلية لسكان آسيا الوسطى ما بين سنة 1917 وسنة 1918. لقد استلهمت مجموعة من آسيا الوسطى، يقودها تورار ريسكولوف Turar Ryskulov، (1894-1938)، وهو شيوعي كازاخستاني، من عمل المنظمات المسلمة المركزية، وارتكزت على الاعتراف بها من طرف الحزب البلشفي، من أجل فرض تشكيل مكتب مسلم للحزب الشيوعي التركستاني في بداية سنة 1919. وكان على هذا المكتب أن يخوض معارك ضد البلاشفة الروس طيلة سنة 1919، وتمكنت هذه المجموعة من أن تمثل في الهيآت السوفييتية والشيوعية في تركستان بفضل دعم موسكو. لكن بمجرد ما تحققت تمثيلية المسلمين في هيآت الحزب البلشفي، شعرت السلطة المركزية بالقلق من وجود قوة سياسية مسلمة مستقلة، وعملت جاهدة على الحد من قدرتها على التعبير عن ذاتها، كما سبق لها أن فعلت مع مبادرة سلطان غالييف.
ومنذ نهاية سنة 1919 حصل تغير في التعامل مع مصطلح "مسلم": فبعدما كان يُفهم هذا المصطلح على أنه تعبير "قومي" يشير لسكان تجمعهم مصالح مشتركة ويشكلون مجتمعا سياسيا، صار عرضة للنقد بدعوى أن له "معنى دينيا". استمر التخوف من الشيوعيين المسلمين، وتجاهل القادة البلاشفة العالمَ الإسلامي طيلة العشرينيات. وتم إطلاق اسم جديد على المنظمات المركزية المسلمة هو "شعوب الشرق"، وحاول المكتب المسلم بتركستان إيجاد هوية تركستانية قبل حله في بداية سنة 1920. ولقد فضل لينين إعادة تنظيم مناطق آسيا الوسطى بتحويلها إلى جمهوريات قومية وهو ما تحقق سنة 1924.
شكلت سنة 1920 منعطفا رئيسيا سوف يؤثر بعمق على السياسة السوفييتية تجاه المسلمين ومكانتهم داخل الاتحاد السوفييتي الذي سيتشكل لاحقا، ضمن مشروع أممي للثورة العالمية. تم تأييد مبدأ الجمهوريات القومية في المؤتمر العاشر للحزب الشيوعين وأدى ذلك إلى بناء الاتحاد السوفييتي اعتمادا على جمهوريات شرعية ومستقلة بناء على قومية محددة. كان هذا الاختيار مؤقتا في البداية، لكنه صار مؤسِسا للهوية السوفييتية. وعبر هذا التوجه القومين تم رفض المشاريع المقدمة من طرف سلطان غالييف وريسكولوف. ولقد أكد لينين، إبان المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية، على الدور القيادي للحزب الشيوعي الروسي ولروسيا السوفييتية في الثورة العالمية، وأبعد مسلمي روسيا عن أنشطة الكومنترن.
وإذا كانت حقوق السكان المسلمين قد أخذت بعين الاعتبار، فإن السياسة المتبعة تجاه الإسلام كانت غامضة. ففي مرحلة أولى، تعلق الأمر بالتسامح، وبمقاربة تأخذ بعين الاعتبار اختلافات السكان بناء على موقف دافع عنه سلطان غالييف. وفي مرحلة ثانية، تم اعتماد حملات متعاقبة معادية للدين (مثلا حملة ضد الحجاب...) ابتداء من منتصف العشرينيات. وفي مرحلة ثالثة، تم الهجوم على الدين، ما بين سنة 1928 وسنة 1930، وتجلى ذلك في إغلاق المساجد وقمع رجال الدين.
وبعد الحرب العالمية الثانية، تغير التعامل مع الدين من أجل استعماله في الدعاية العالمية. فتم تنظيم دين رسمي في الاتحاد السوفييتي، وتطورت العلاقات بين الاتحاد السوفييتي والبلدان الإسلامية، من خلال لقاءات ومختلف أشكال التبادل.

المرجع:
كزافييه هالي (Xavier Hallez)، مؤرخ مكلف بالبحث في المعهد الفرنسي للدراسات حول آسيا الوسطى، مجلة "كوز كومين" (Cause commune)، العدد 34، يوليوز/غشت، 2021.



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التأويل الماركسي للإسلام: نموذج بندلي جوزي
- مارسيل كونش: وفاة فيلسوف الطبيعة في عصرنا
- الأحزابُ السياسية المغربيّة كيْفَ نشأتْ ولماذا فشلتْ ومَا عل ...
- عَيْنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الخامس والأخير)
- عَـــــيْـــنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الرابع)
- عَـــــيْـــنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الثالث)
- عَيْنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الثاني)
- عَيْنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الأول)
- النبي والبروليتاريا: حول موقف اليساريين من الإسلاميين (كريس ...
- الملحد كمواطن والملحد كإنسان نقدُ ماركس للدولة العلمانية (فر ...
- ثَلاثَة عَشَر أطروحَة دِفَاعًا عَنْ المَارْكْسِيَّة النّسْوِ ...
- الأحزاب السياسية المغربية كيف نشأت ولماذا فشلت وما علاقتها ب ...
- رسالة من -ميرلو بونتي- إلى -جورج لوكاش-
- الجينيالوجيا حسب نيتشه
- عين الاختلاف نصوص شعرية على عتبة الفلسفة
- هتلر والإسلام: هتلر هو حامي الإسلام (حسب الدعاية النازية)
- الفلسفة والإلحاد: 5- سبينوزا
- الفلسفة والإلحاد: 4 - كارل ماركس
- الفلسفة والإلحاد: 3 - لودفيغ فويرباخ
- الفلسفة والإلحاد: 2- نيتشه


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد الهلالي - البلاشفة والإسلام