أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وليم العوطة - بأي معنى لستُ وطنيًا؟














المزيد.....

بأي معنى لستُ وطنيًا؟


وليم العوطة
(William Outa)


الحوار المتمدن-العدد: 7490 - 2023 / 1 / 13 - 02:48
المحور: سيرة ذاتية
    


إذا كنّا نعني بالوطن الشعور بالإنتماء إلى أمكنة وأشخاص وذكريات إيجابيةٍ(سواء أكانت ‏سعيدة أم حزينة) مرتبطة بهذه وهؤلاء، فأنا، بلا ريب، وطنيّ، ووطنيّ مخلصٍ طالما أنّني لا ‏أنفكّ أشعر لا فقط بالإنتماء إلى مكانٍ وزمانٍ وإلى آخرين في هذا المكان، بل أيضًا بالمسؤولية ‏تجاههم. لا همَّ إذا كان الوطن هنا حيّ أو قرية أو بلدة أو مدينة أو ما هو أوسع من ذلك أو ‏أضيق، فقد يكون مدرسةً أو بيتًا أو غرفةً فيه أو لقاءً أو مصافحةً أو حبًّا أو حزبًا أو ناديًا أو ‏دينًا أو عقيدةً أو قضيةً أو حتّى الأرض بأكملها..إلخ لا يتعلّق الأمر بالجغرافيا والامتداد ‏المكانيّ وبالأعراق البشرية وبأجناس الكائنات الحيّة، بقدر ما يتعلّق بالديناميات العاطفية ‏والذهنية والفكرية والجسدية المستمرة في الزمان والتي اعتملت فيّ وتمظهرت في حركتي ‏ومواقفي ولغتي وأنماط وجوديّ الخاصّ بالعلاقة مع ما هو خارجٌ عنّي، أي مع آخرٍ، سواء ‏أكان كائنًا حيًّا أو كيانًا ماديًا ذا دلالات تخصّ جماعة أو جماعات، ذات ذكريات مشتركة، ‏انتميتُ إليها. وطني هنا هو الموطن (بالمعنى الروحيّ أكثر مما هو بالمعنى الماديّ) بما هو ‏الشرط الأخير لوجوديّ ولكوني، بصحبة الآخرين، كائنًا مستحقًّا للكرامة والازدهار، أي هو ذلك ‏المشترَك الحيويّ الذي يمنحنا حيّزًا كافيًا لممارسات الحرية مع الآخرين، ويجعلنا نشعر بأنّ ‏العالم كلّه بيتنا وبأننا في ضيافة الآخرين وفي الآن عينه نستضيفهم فيه، والذي يقتضي منّا، ‏بالمقابل، مسؤوليةً أخلاقية-سياسية تجاهه بكلّ ما فيه.‏

أمّا إذا عنينا بالوطن ذلك الترتيب الترابي/الأيديولوجيّ والسّياسي-الاقتصادي الذي ينشأ فيه ‏وعنه قوميةٌ ما أو أمّةٌ ما أو مواطنون بجنسيةٍ قسريةٍ ما، أي الوطن المعروف بأعلامه وأناشيده ‏وحدوده البرية والبحرية وبرؤوسائه وملوكه وزعمائه (الوطنيين جدًا)، وبأساطيره التأسيسية عبر ‏تاريخه المختلَق، وبحروبه التحريرية المزعومة، وبإنجازات أبطاله العسكريين والديبلوماسيين ‏القوميين والوطنيين الفريدة، وبجيشه القويّ الجبّار وقواه الأمنية الساهرة على خدمة المواطنين ‏وبحرس حدوده، ومنتخاباته الرياضية...إلخ هذا الوطن الذي يُفرَض علينا كلّ يومٍ ويُراد منّا أن ‏نعامله كبديهة ومسلّمة لا يجوز التشكيك بها، والّذي يُراد لنا التضحية بحياتنا من أجله، والذي ‏لا يستمرّ إلاّ إذا كنّا دائمًا متأهبّين للدفاع عنه ضدّ أعداءٍ مفترضين من الداخل والخارج ‏يهددون وجوده، وإلاّ إذا سلّمنا بقدسية دولته ومؤسساته ودستوره..إلخ هذا الوطن الذي لم يكن ‏ليظهر إلاّ لأنه في لحظاتٍ تاريخيةٍ لبّى مصالح طبقات اجتماعية أقلوية ولكنّها عليا بيدها كلّ ‏مكامن العنف والقوّة المادية والاجتماعية والأيديولوجية على حساب مصالح طبقاتٍ أخرى، ‏أغلبية، ولكنّها جُرّدَت من قواها المادية واُغرِقَت بالفقر والاستغلال والتجهيل، وجرى التضحية ‏بها تحت اسم الوطن أو القومية والجنسية والحدود...إلخ وهذا الوطن الذي استمدّ ويستمدّ ‏شرعيته الدولية من كياناتٍ استعمارية واحتلاليةٍ رسمت حدوده بما يتوافق مع مصالحها ‏ومصالح وكلائها المحليين(الوطنيين حقًّا!)، وكسب ويكسب شرعيته المحلية من آليات تحكّمٍ ‏واستعبادٍ على شكلٍ ديمقراطيّ أو ديكتاتوريّ حزبيّ أو قبليّ أو دينيّ أو جهويّ..إلخ هذا الوطن ‏المختلّق والمفبرك والمصطنع رغمًا عنّي وعن أفكاريّ وانتماءاتيّ الصغرى والكبرى هو الوطن ‏الذي أرفضه. وعليه، وبهذا المعنى، لستُ وطنيًا ولن أكون. لن أكون وطنيًا طالما أنّ الوطن ‏ستُحدّد جوهره الدولة ورأس المال. ولن أكون وطنيًا طالما أنّ الوطن هذا يفصلني، عنوةً ورغمًا ‏عنّي، عن كلّ الأوطان والشعوب الأخرى. ‏

ولكنّ رفضي أن أكون وطنيًا لا يعني رفضي لمعارك التحرير الوطنيّ والاستقلال وتقرير ‏المصير طالما سترتبط ببرنامج لتحرير البشر، أيًّا كانوا، والأرض، أينما كانت، ضدّ كلّ ‏احتلالٍ[خارجيّ أو داخليّ]. قضايا التحرير الوطنيّ والاستقلال وتقرير المصير ترتبط عندي ‏بالفهم الأوسع للوطن كما أوردته في القسم الأوّل من نصّي هذا، ومن ثمّ يصبح حتّى الصراع ‏ضدّ الدولة(هذا الكيان البارانوي المعنِّف عدوّ الحياة) صراعًا للتحرير أيضًا، لا بل يصبح ‏النضال من أجل إلغاء الحدود والجنسيات والدول وجيوشها وأجهزتها القمعية نضالاً من أجل ‏تحرير أوطاننا الخاصّة والعامّة بما هي ذكرياتنا وخبراتنا مع الآخرين، بما هي ممارساتنا الحرّة ‏والمسؤولة مع الآخرين ومع الأرض مع كلّ ما عليها. ‏



#وليم_العوطة (هاشتاغ)       William_Outa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرض ورأس المال - ألفردو بونانو
- ما معنى المال؟ ديفيد جريبر
- فليسقط -المونديال- ولتحيا كرة القدم
- كورنليوس كاستورياديس- عن البرنامج الاشتراكيّ
- الدولة والاستيلاء والعنف في فلسفة جيل دولوز وفليكس ‏غواتاري ...
- ميتافيزيقيا المعاناة جياني فاتيمو
- للنقاش-ملاحظات عن الحراك الحزبيّ الشيوعي في لبنان
- سلافوى جيجيك: تسعُ نكاتٍ
- نظرية التعدديات عند برجسون - جيل دولوز
- كورنيليوس كاستورياديس - مقتطف من -الردّ على ريتشارد رورتي-
- اللاسلطوية (الأناركية)
- العدمية بإعتبارها تحررًا - جياني فاتيمو
- التحليل النفسي: خمس قضايا – جيل دولوز
- نيتشه و الفكر الرحّال - جيل دولوز
- دولوز والموسيقى الشعبيّة - إيان بيوكانن*


المزيد.....




- -أكسيوس-: الولايات المتحدة قد توقف إمدادات الأسلحة لإسرائيل ...
- طهران تؤكد على تطوير علاقاتها مع روسيا في مختلف المجالات
- الخارجية المصرية: لا يمكن أن تستمر الانتهاكات الإسرائيلية دو ...
- المغرب.. ارتفاع جديد في حصيلة ضحايا التسمم الغذائي بمراكش
- رويترز: مدير الـ -سي آي إيه- يزور إسرائيل الأربعاء
- كيم جونغ أون يهنئ الرئيس بوتين بمناسبة تنصيبه رئيسا لروسيا ل ...
- الخارجية الأمريكية توافق على بيع معدات تحديث صواريخ للإمارات ...
- بعد تعليقها لساعات.. استئناف حركة الملاحة في مضيق البوسفور
- قوات كييف تستهدف مستودعا للنفط في لوغانسك بصواريخ -ATACMS- ا ...
- مصدر مصري: تم إبلاغ إسرائيل بخطورة التصعيد وجاهزية مصر للتعا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وليم العوطة - بأي معنى لستُ وطنيًا؟