أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليم العوطة - نظرية التعدديات عند برجسون - جيل دولوز















المزيد.....

نظرية التعدديات عند برجسون - جيل دولوز


وليم العوطة
(William Outa)


الحوار المتمدن-العدد: 7145 - 2022 / 1 / 25 - 22:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ترجمة وليم العوطة
المصدر:‏‎ http://www.le-terrier.net/deleuze/20bergson.htm
________________________________________
أريد أن أقترح عليكم بحثًا عن تاريخ كلمةٍ، وهو أيضًا تاريخ محدّد ومركّز جدًا. الكلمة، هي ‏التعددية. يوجد استخدام شائعٌ جدًا لهذه الكلمة: مثلاً، أقول تعددية أعدادٍ، وتعددية أفعالٍ، وتعدديةُ ‏حالاتِ الوعيّ، وتعددية التقويض. تُستعمل التعددية هنا كصفةٍ بالكاد مسمَّاة. ولا ريب أنّ برجسون ‏يعبّر عنها على هذا النحو غالبًا. ولكن، في أوقاتٍ أخرى، استُعملت هذه الكلمة بالمعنى القويّ، ‏كإسمٍ موصوفٍ حقيقيَ. وهكذا، ومنذ الفصل الثاني من المعطيات المباشرة، يكون الرقم تعدديةً، ما ‏لا يعني نفس ما تعنيه تعددية الأعداد.‏

لماذا نشعر بأنّ هذا الاستخدام للتعددية، كإسمٍ موصوفٍ، هو في الآن عينه، شاذٌ وغير مألوفٍ؟ ‏يكمن السبب في أنّنا، بقدر ما نستخدم الصفة متعدد، لا نفعل سوى التفكير بمحمولٍ(مسند) نضعه ‏بالضرورةِ في علاقةِ تعارضٍ وتكاملٍ مع المحمول واحد: الواحد والمتعدّد، الشيءُ هو واحدٌ أو ‏متعدّدٌ، بل حتّى هو واحدٌ ومتعدّدٌ.‏
على العكس من ذلك، حين نستخدم الاسم الموصوف تعددية، نشير سلفًا إلى أنّنا تجاوزنا تعارض ‏المحمولين واحد-متعدد، وأنّنا استقرّينا سلفًا في حقلٍ آخرٍ، وفي هذا الحقل أمسينا ملزَمين بأنّ نميّز ‏بين أنماطٍ من التعدديات. ‏
بمعنى آخر، تتضمّن مقولة التعددية مأخوذةً كموصوفٍ انزياحًا للفكر بأكمله: بدل التعارض ‏الديالكتيكيّ للواحد والمتعدّد، نضع الاختلاف التيبولوجيّ (التصنيفيّ) بين التعدديات. وهذا، بالفعل، ‏ما يفعله برجسون: لا يكفّ في كلّ مؤلّفه عن رفضِ الديالكتيك بوصفه فكرًا مجرَّدًا، كما الحركةِ ‏الخاطئة الّتي تذهب من متعارضٍ إلى آخر، من الواحد إلى المتعدد، وبالمثلِ إلى الواحد، ولكنّها، ‏كذلك، تترك‎ ‎ماهية الشيء يفلت منها، أي الكم[المقدار]. لهذا السبب، رفضَ في الطاقة الخلّاقة ‏‏(الفصل الثالث) السؤالَ: هل "الوثبة الحيوية" واحدةٌ‎ ‎‏ أم متعدّدة؟ فالوثبة الحيوية، كالديمومةِ، ليس ‏واحدةٌ ولا متعددة، بل نمطَ تعدديةٍ. أيضًا، المحمولان واحد ومتعدد يعتمدان بحدّ ذاتهما على مقولة ‏التعددية، ولا ينسجمان تحديدًا إلاّ مع النمط الآخرِ من التعددية، أي مع التعددية الّتي تتمايز عن ‏تعددية الديمومة أو الوثبة الحيوية: "إنّ الوحدة والتعددية المجرّدان مثل تحديداتٍ للمكان ‏espace‏ ‏أو فئاتٍ للفهم". ‏
إذًا، يوجد نمطان من التعددية: واحدةٌ تُسمّى تعددية التجاور، وتعددية رقمية، وتعددية متمايزة ‏وتعددية راهنة، وتعددية مادية، ولها، كما رأينا، كمحمولاتٍ: الواحد والمتعدد في الآن عينه. وأخرى ‏هي تعددية نفاذٍ، وتعددية كيفية، وتعددية ملتبسة، وتعددية افتراضية، وتعددية منظّمَة، وهي ترفض ‏أيضًا محمول الواحد كما محمول الهُو هُوَ. من الواضح أنّه يسهل التعرّف في هذا التمييز بين ‏تعدديتين على التمييز بين المكان والديمومة؛ ولكن ما يهمّنا أنّ مبحث المكان-الديمومة، في ‏الفصل الثاني من المعطيات المباشرة، لم يُقدَّم إلا بالاعتماد على مبحثٍ سابقٍ على التعدديتين ‏وأعمق منهما:"يوجد جنسان مختلفان جدًا من التعددية"، التعددية الرقمية الّتي تستتبع الحيّز كشرطٍ ‏من شروطها، والتعددية الكيفية الّتي تستتبع الديمومة كشرطٍ من شروطها.‏
ملاحظة: للتعدديات الرقمية بعدان: مكانٌ وزمنٌ؛ وللتعدديات الأخرى: ديمومة وامتداد قبلـمكانيّ.‏
ولكنّ برجسون يبدأ بدراسةِ التعدديات الرقمية. وأعتقد بأنّ دراسته تتضمّن مبدأً فريدًا لغاية: لا توجد ‏فقط تعددية أعدادٍ، بل كّل عددٍ هو تعددية، وحتّى الوحدةُ ‏l unité‏ تعددية. ومن هنا تتولّد ثلاث ‏أطاريح، أقوم فقط بتلخيصها:‏

‏1- إختزالُ الرقم إلى مقولاتٍ أصلية ‏cardinales‏ حصرًا: العدد بوصفه تجميعة وحداتٍ، ‏والتعريف الرتيبيّ ‏ordinale‏ لعددِ تجميعة هو برّانيّ محضٌ أو اسميّ، وليس للحساب العدديّ ‏غايةٌ أخرى سوى العثور على اسم العدد المفكّر به قبلئذٍ.‏‎
‏2- المكان بوصفه شرط العدد، وهو مكانٌ مثاليٌ، والزمنُ الّذي يتدخّل في السلسلةِ الرتيبية لا ‏يتدخّل إلاّ ثانويًا، وكزمنٍ مُمكنَن ‏spatialisé، أي كمكانِ تتابعٍ.‏‎
‏3- ديمومية الوحدة؛ ذلك لأنّ عددًا ما ليس وحدةً إلاّ عبر التضامّ الأصليّ، أي عبر الفعل البسيط ‏للذكاء الّذي يعتبر التجميعة كلاً؛ ولكن التضام ليس وحده ما يرتكز على كثرةِ وحداتٍ، بل ليس ‏كلّ وحدةٍ ، عبر الفعل البسيط الّذي يدركها، إلاّ، وبالعكس، متعددةٍ في ذاتها عبر تفريعاتها الّتي ‏يرتكز التضامُ عليها. بهذا المعنى حقًا يكون كلّ عددِ تعدديةً متمايزة. وعن ذلك تتوّلد نتيجتان ‏أساسيتان: في الآن عينه الّذي ينتمي فيه الواحد والمتعدد إلى تعددية رقميةٍ، كذلك يفعل المنقطع ‏والمتّصل. يصفُ الواحد أو المنقطع الفعلَ اللامنقسم الّذي نتصوّر به عددًا، ومن ثمّ عددًا آخرًا؛ ‏ويصف المتعدد أو المتّصل، وبالعكس، المادة المتضامّة (الدائمة لانهائيًا) عبر هذا الفعل. ها إذًا ‏كيف تُعرَّف التعدديات الرقمية، وبطريقةٍ ما فهي الّتي تولِّدُ المكان.‏
ولكن، يوجد أمرٌ غريب. ظهر المعطيات المباشرة سنة 1889، وفي سنة 1891 ظهر فلسفة ‏الحسابة لهوسرل. اقترح هوسرل في كتابه هذا نظريةً للأعداد: وفيها يؤكّد الطابع الأصليّ‎ ‎‏ حصرًا ‏للعدد، والتضام كتأليفٍ للعدد، والطابع المنقسم للوحدة. إذا اختلف عن برجسون، فبخصوص علاقة ‏التضام مع المكان فقط، وقد اعتقد هوسرل أنّ التضام مستقلٌ عن الحدسِ المكانيّ. ولكن حتّى حدّةُ ‏هذا الاختلاف نفسه تُخفَّف فعليًا إذا أخذنا بالحسبان مقول المكان المثالي عند برجسون، ليس ‏المكان كخاصّية للأشياء، بل كترسميةِ فعلٍ، أي تأليف عقليّ أصيلٍ وغير قابلٍ للاختزال. إذًا، ‏يوجد توازٍ مدهشٌ. وأيضًا، يعتبر هوسرل بدوره العددَ نمطًا من التعددية.‏
كما أنّ هذا النمط من التعددية وهو العدد، يعارضه هوسرل بنمطٍ آخرٍ: عندما أدخل غرفةً وأرى ‏أنّه يوجد "الكثير من العوالم"، وحين أنظر إلى السّماء وأرى "الكثير من النجوم، أو شجر الغابة"، ‏أو سلسلةَ أعمدةٍ في معبد. هنا، لا يوجد فعليًا تعدديةٌ رقمية: ففي انباثقه نفسه يعرضُ تراكمٌ شمسيٌ ‏علامةً تجعله يُعرّف كتعدديةٍ، وكتعدديةٍ من نمطٍ آخرٍ كليًّا غير التعددية الرقمية، من دون تضامٍّ ‏بيِّنٍ: إنّها تعددية "مضمَّنَة"، تعددية كيفية. ‏
ويتحدّث هوسرل عن "سماتٍ شبه كيفيةٍ"، أو عن تعددية منظَّمةٍ، أو"عناصر رسومية". إنّها ‏خاصّية الكلّ ‏Tout‏ الّذي لا ينفصل البتّة، كما أسلفنا، عن عناصره، ولكنّه الّذي يدخل، مع هذه ‏العناصر، بعلاقاتٍ معقّدةٍ مختلفةٍ كلّيًا عن علاقاتِ تجميعةٍ رقمية مع عناصرها. ولا يتردّد هوسرل ‏في ذكر مثَل النغمة. من الجليّ هنا أنّ هوسرل ينضمّ إلى أعمال معاصرِه ارنفلس ‏Ehrenfels‏ ‏الّذي تحدّث، في 1890، عن كيفيات-شكلٍ ‏Gestalten‏ متمايزة عن الكيفيات الخاصّة لعناصر ‏نظامٍ غيرها، وبالأخصّ، وعلى نحوٍ مباشر، أعمال ستامف ‏Stumpf‏ الّذي استدعى مقولة الاندماج ‏Verschmelzung‏ ليعيّن ضربًا من التأليف السلبيّ(غير العقليّ)، أي تمييز كيفياتٍ من نظامٍ ‏أعلى من نظامِ العناصر.‏
ها هي، إذًا، التعددية غير الرقمية. ولكنّ هذا يبدو بعيدًا عن برجسون. ومع ذلك، ليس بعيدًا ‏بالمرّة: في الفصل الثاني من معطيات مباشرة، يمكن لدقّاتِ الساعةِ أن تدخل في تعددية رقميةٍ. ‏ولكن حين أكون مشتت الذهن، ماذا يحصل؟ تتلاشى في تعددية كيفيةٍ غير رقمية. تعددية ‏انصهارٍ، وتنافذٍ ‏interpénétration‏. صحيحُ أنّه يُحكى عند برجسون عن انصهارٍ، ولكن لا ‏نجد ذلك أبدًا عند هوسرل، ولا ستامف، اللذين يلاحظان أنّه متى ازدادت العناصر، تصبح نوطات ‏النغمةِ ملحوظةً أكثر.‏



#وليم_العوطة (هاشتاغ)       William_Outa#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كورنيليوس كاستورياديس - مقتطف من -الردّ على ريتشارد رورتي-
- اللاسلطوية (الأناركية)
- العدمية بإعتبارها تحررًا - جياني فاتيمو
- التحليل النفسي: خمس قضايا – جيل دولوز
- نيتشه و الفكر الرحّال - جيل دولوز
- دولوز والموسيقى الشعبيّة - إيان بيوكانن*


المزيد.....




- ترامب يتطلع إلى التوصل لاتفاق بشأن غزة في هذا الموعد
- هل نقترب من انفراجة بشأن وقف إطلاق النار في غزة؟ إليكم ما نع ...
- الصين والولايات المتحدة: هل تحوّل التلميذ إلى أستاذ؟ - في ني ...
- رئيس الوزراء العراقي لبي بي سي : العراق لن يسمح بأن تكون سما ...
- -حريق حول العين- لهيام يارد: قصائد بالفرنسية تأخذنا إلى بيرو ...
- لماذا تستعد نيويورك لنشر منظومة اعتراض الطائرات المُسيرة؟
- أكثر من 14 مليون شخص ثلثهم من الأطفال مهددون بالموت جراء قرا ...
- نتنياهو يعتزم لقاء ترامب في واشنطن الأسبوع المقبل
- اتهام بريطانيا بالتواطؤ في إبادة غزة بعد حكم -العليا- بشأن س ...
- الشفافية تعريفها وتطورها التاريخي وأهدافها


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليم العوطة - نظرية التعدديات عند برجسون - جيل دولوز