أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وليم العوطة - المرض ورأس المال - ألفردو بونانو














المزيد.....

المرض ورأس المال - ألفردو بونانو


وليم العوطة
(William Outa)


الحوار المتمدن-العدد: 7487 - 2023 / 1 / 10 - 18:35
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


المرض ورأس المال
ألفريدو ماريا بونانو(1937-)‏
‏(مفكّر ومناضل إيطالي- أكبر منظّري التيار الأناركيّ التمرّدي)‏


ترجمة وليم العوطة

المصدر: ‏https://theanarchistlibrary.org/library/alfredo-m-bonanno-illness-and-capital

المرض، أي الاختلال في وظائف المتعضّي، لا يخصّ البشر وحدهم. الحيوانات تمرضُ ‏أيضًا، وحتّى الأشياء لها طريقتها في الكشف عن عيوبٍ في أداءها. إنّ فكرة المرض بوصفه ‏شواذًا، غير طبيعيّ، هي فكرة كلاسيكية طوّرتها العلوم الطبية.‏

بسبب الأيديولوجيا الوضعية التي ما زالت مهيمنة اليوم على الطبّ، تكون المداوة، أي التدخّل ‏الخارجيّ المستمّد من ممارسات محدّدة هدفها استعادة شروط فكرةٍ ما عن السويّة[عمّا هو ‏‏"طبيعيّ"]، هذه المداوة هي الاستجابة للمرض. ومع ذلك، قد يكون من الخطأ الاعتقاد بأنّ ‏البحث عن أسباب المرض كان دائمًا موازيًا للحاجة العملية لاستعادة تلك السويّة. فلقرونٍ ‏عديدة، لم تكن العلاجات تسير جنبًا إلى جنب دراسة الأسباب، وهذه كانت في بعض الأحيان ‏أسطورية بالكامل. كان للعلاجات منطقها الخاصّ، لا سيّما عندما كانت تستند إلى معرفةٍ ‏تجريبيةٍ بقوى الطبيعة.‏

في الآونة الأخيرة، استند نقد طائفية العلم ‏sectarianism of science، بما في ذلك الطبّ، ‏إلى فكرة كلّية الإنسان: كيانٌ مكوّن من عناصر طبيعية مختلفة، فكرية، واقتصادية، ‏واجتماعية، وثقافية، وسياسية، وما إلى ذلك. في هذا المنظور الجديد، أدخلت الفرضية المادية ‏والديالكتيكية للماركسية نفسها. إنّ الكلّية الموصوفة، على نحوٍ متنوع، للإنسان الحقيقيّ الجديد ‏لم تعد بعدُ منقسمة إلى القطاعات التي اعتدنا عليها في الوضعية القديمة، بل غُلّفَت مرةً أخرى ‏بطريقة حتمية أحادية الاتجاه بيد الماركسيين. وهكذا، كان يُنظر إلى سبب المرض على أنه ‏يرجع حصريًا إلى الرأسمالية التي، باستلابها الإنسان عبر العمل[المأجور]، تعرّضه لعلاقة ‏مشوّهة مع الطبيعة و"الحياة السويّة" ، وهي، أي هذه العلاقة، الجانبُ الآخر من المرض.‏


باعتقادنا، لا تكفي النظرية الوضعية التي ترى المرض ناتجًا عن خللٍ في أداء الكائن الحي، ‏ولا النظرية الماركسية أيضًا التي ترى أن كلّ شيء ناتج عن آثام الرأسمالية.‏

الأمور أكثر تعقيدًا من ذلك بقليل.‏


في الأساس، لا يمكننا القول إنّ شيئًا مثل المرض سيختفي في مجتمع حرّ. ولا يمكننا القول ‏إنّه، في هذا الحدث السعيد، قد يختزل المرض نفسَه إلى إنهاكٍ بسيط تسبّبه قوّة مفترَضة ما ‏زال يتعيّن اكتشافها. نعتقد أنّ المرض جزءٌ من طبيعة حال الإنسان في حياته في المجتمع، أي ‏يتوافق مع ثمنٍ معيّن يجب دفعه مقابل إصلاح بعض الشروط المُثلى للطبيعة من أجل ‏الحصول على الصنعية ‏artificiality‏ اللازمة لبناء أكثر المجتمعات تحرّرًا.‏

من المؤكد أنّ النموّ المتسارع للمرض في مجتمع حرّ، أين ستنخفض الصنعية بين الأفراد إلى ‏ما لا غنى عنه بالكامل، لن يكون شبيهًا بذلك في المجتمع القائم على الاستغلال مثل المجتمع ‏الذي نعيش فيه الآن. ويترتّب على ذلك أنّ النضال ضد المرض هو جزءٌ لا يتجزأ من ‏الصراع الطبقي، ليس لأنّ المرض سببه رأس المال، ما سيكون إقراره حتميًا ، وبالتالي غير ‏مقبول، ولكن لأنّ المجتمع الأكثر تحرّرًا سيكون مختلفًا. حتّى في سلبيته سيكون أقرب إلى ‏الحياة، وإلى البشر. لذا سيكون المرض تعبيرًا عن إنسانيتنا تمامًا كما هو تعبير عن لاإنسانيتنا ‏المرعبة اليوم. هذا هو السبب في أننا لم نتفق أبدًا مع الأطروحة التبسيطية إلى حدّ ما التي ‏يمكن تلخيصها في عبارة "اجعل المرض سلاحًا"، هذا على الرغم من أنها أطروحة تستحق ‏الاحترام، خاصّة في ما يتعلّق بالمرض العقلي. ليس من الممكن حقًا إقتراح دواءٍ على ‏المريض يعتمد حصرًا على النضال ضدّ العدو الطبقي. هنا سيكون التبسيط عبثيًا. يعني ‏المرض أيضًا المعاناة، والألم، والارتباك، والارتياب، والشكّ، والعزلة؛ وهذه العناصر السلبية ‏لا تقتصر على الجسد، بل تُهاجم أيضًا الوعي والإرادة. سيكون وضع برامج للنضال على هذا ‏الأساس غير واقعيّ تمامًا وغير إنساني على نحوٍ مرعب.‏

لكن، يمكن للمرض أن يصير سلاحًا إذا فهمه المرء في أسبابه وآثاره. قد يكون من المهم ‏بالنسبة لي أن أفهم الأسباب الخارجية لمرضي: الرأسماليين والمستغِلين، والدولة ورأس المال. ‏ولكنّ هذا لا يكفي. أحتاج أيضًا إلى توضيح علاقتي بمرضي الذي قد لا يكون فقط معاناة وألمًا ‏وموتًا. قد يكون أيضًا وسيلة لفهم نفسي والآخرين بطريقةٍ أفضل، بالإضافة إلى فهم الواقع ‏المحيط بي وما يجب القيام به لتغييره، وكذلك لبلوغ فهمٍ أفضل للمخارج الثورية. تأتي ‏الأخطاء التي ارتُكبت في الماضي عن هذا الموضوع من الافتقار إلى الوضوح بسبب التفسير ‏الماركسي. استند ذلك إلى الادعاء بنشوء علاقة مباشرة بين المرض ورأس المال. نعتقد اليوم ‏أنّ هذه العلاقة يجب أن تكون غير مباشرة، أي عبر إدراك المرض، لا المرض عامّةً كشرط ‏غير سويّ، ولكن مرضي الخاصّ كأحد مكوّنات حياتي، وكعنصرٍ لحالتي السويّة.‏

‏ وعليه، فلنناضل ضدّ هذا المرض، حتى لو لم تنته كلّ النضالات بالنصر.‏



#وليم_العوطة (هاشتاغ)       William_Outa#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما معنى المال؟ ديفيد جريبر
- فليسقط -المونديال- ولتحيا كرة القدم
- كورنليوس كاستورياديس- عن البرنامج الاشتراكيّ
- الدولة والاستيلاء والعنف في فلسفة جيل دولوز وفليكس ‏غواتاري ...
- ميتافيزيقيا المعاناة جياني فاتيمو
- للنقاش-ملاحظات عن الحراك الحزبيّ الشيوعي في لبنان
- سلافوى جيجيك: تسعُ نكاتٍ
- نظرية التعدديات عند برجسون - جيل دولوز
- كورنيليوس كاستورياديس - مقتطف من -الردّ على ريتشارد رورتي-
- اللاسلطوية (الأناركية)
- العدمية بإعتبارها تحررًا - جياني فاتيمو
- التحليل النفسي: خمس قضايا – جيل دولوز
- نيتشه و الفكر الرحّال - جيل دولوز
- دولوز والموسيقى الشعبيّة - إيان بيوكانن*


المزيد.....




- غزة: مخاوف من توقف المستشفيات الرئيسية عن العمل
- نحو اكتساب أدوات نضال عمالية وشعبية نوعية
- الصحراء الغربية: تصعيد عسكري من البوليساريو ضد المغرب
- شاهد.. بول يواصل مسيرته الناجحة في الملاكمة بفوزه على المكسي ...
- بلاغ حول نتائج المؤتمر الجهوي الثالث لحزب النهج الديمقراطي ج ...
- إيران (مقتبس من :الابواب المائة للشرق الأوسط )
- حزب التقدم والاشتراكية يهنئ نادي أولمبيك آسفي بمناسبة تتويج ...
- آلاف المتظاهرين في صربيا يغلقون الطرق الرئيسية في بلغراد
- في 29 يونيو 2025، تنير ذكرى اغتيال المناضل العمالي مصطفى لع ...
- نتائج ومقررات الملتقى الوطني السابع للمساعدين الإداريين والم ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وليم العوطة - المرض ورأس المال - ألفردو بونانو