أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - مونديال قطر وتجليات -تمغربيت-















المزيد.....

مونديال قطر وتجليات -تمغربيت-


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 7479 - 2023 / 1 / 1 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد حقق مونديال قطر نجاحا غير مسبوق؛ وذلك على كل المستويات حيث سجل الجميع جودة الملاعب والتنظيم والاستقبال والإقامة والتنقل والأمن وغيره؛ مما سفه كل الانتقادات التي وجهت لقطر من قبل بعض الدول الأوروبية قبل انطلاق كأس العالم. وقد حققت قطر المبتغى من هذا المونديال، المتمثل في كسب رهان التعريف بثقافة وحضارة إحدى دول الخليج؛ وقد انعكس الإشعاع الذي حققته، ليس على دول الخليج فقط؛ بل وعلى العالم العربي والإسلامي.
ومن الواجب أن نسجل، في هذا الإطار، من جهة، مساهمة الأمن المغربي في حسن تنظيم هذا الموعد الدولي الذي عرف نجاحا كبيرا باعتراف الفيفا؛ ومن جهة أخرى، لا بد من التنويه بمساهمة الفريق الوطني المغربي في تحقيق الإشعاع المذكور؛ وذلك، بفضل انتصاراته على أعتى الفرق الأوروبية (بلجيكا، إسبانيا، البرتغال)؛ إذ أن وصوله إلى المربع الذهبي كإنجاز غير مسبوق على المستوى العربي والأفريقي، أعطى لكأس العالم نكهة مُمَيَّزة، خاصة وأن أطواره دارت على أرض عربية، ولم يكن من فريق منافس، بعد الدور الثاني، إلا الفريق الوطني المغربي، ممثلا للعالم العربي والقارة الأفريقية.
وبهذه الإنجازات، شد المغرب إليه أنظار العالم، وتحول إلى موضوع في محركات البحث بفضل الإشعاع الذي حققه الفريق الوطني على أرضية ملاعب قطر التي عرفت عزف النشيد الوطني المغربي سبع مرات. وقد عزز الجمهور المغربي هذا التألق بتميزه في الملاعب وخارجها.
وربما هذا ما حرك بعض الغرائز العدوانية ضد الفريق الوطني المغربي؛ إذ وصفت قناة ألمانية أسود الأطلس بأتباع داعش لكونهم رفعوا السبابة وسجدوا شكرا لله؛ ولجأت قناة دانمركية إلى الكاريكاتور لتشبيه أعضاء الفريق الوطني المغربي وأمهاتهم بالقردة؛ ووصف صحافي أوروبي الفريق الوطني بالفريق الأممي لكونه يضم لاعبين يمارسون في نواد أوروبية (ولو قلب الآية لصُدم لكثرة اللاعبين من أصل إفريقي في الفرق الوطنية الأوروبية؛ الفريق الفرنسي على سبيل المثال)؛ وكل هذا تُشتم منه رائحة النظرة الاستعلائية الأوروبية والنزعة العنصرية التي تغذيها التنظيمات السياسية اليمينية المتطرفة في أوروبا، دون أن ننسى أن موجة الإسلاموفوبيا (islamophobie) قد طفت على السطح في هذه البلدان بشكل ملفت بمناسبة مونديال قطر.
وحتى في الإعلام المغربي، تم تسجيل بعض الأصوات النشاز؛ وأبرزهم موقع "أشكاين" الذي تحامل (باسم الحداثة المفترى عليها) على اللاعب الدولي زكريا أبو خلال بسبب ممارسته لشعائره الدينية. وقبل هذا، كانت هناك فضيحة التذاكر التي تورط فيها، حسب ما هو متداول، أعضاء من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؛ الشي الذي خدش صورة المغرب. وقد توعدت الجامعة المعنية كل من ثبت في حقه التورط في هذه الفضيحة بأوخم العواقب.
ويبقى كل ما أشرنا إليه من فقاعات إعلامية وأصوات نجاز وتصرفات مدانة قانونيا وأخلاقيا، ثانويا أمام "تمغربيت" التي لمعت في أرجاء المعمور انطلاقا من قطر. لقد داست "تمغربيت" وسحقت في طريقها الأحقاد والضغائن، وقدمت للعالم دروسا في الأخلاق وفي القيم الاجتماعية والإنسانية؛ كما قدمت نماذج في الانتماء والوطنية والخصوصية المغربية. فـ"تمغربيت" (بفتح الراء أو كسرها أو مدها بألف) اسم على مسمى؛ لذلك، لن نبحث لها عن معنى لفظي ومعنى اصطلاحي. ولن نقدم لهذا المفهوم تعريفا معجميا أو سوسيولوجيا أو أنثروبولوجيا أو غير ذلك. ولمن أراد أن يتعمق في الموضوع، فهناك كتابات (كتب ومقالات) تُأصِّل لهذا المفهوم وتتعمق في دراسته وتحليله؛ كما أن هناك مواقع إليكترونية بهذا الاسم، مع اختلاف بسيط في عنوان كل موقع.
و"تمغربيت" هذه تتجلى بكل وضوح في اللاعبين، وفي الجمهور الذي حج إلى قطر على نفقته، وساند الفريق الوطني بشكل حضاري وبحماس منقطع النظير؛ وتجلت كذلك في الجمهور العريض (رجال ونساء أطفال وشيوخ) الذي ملأ الساحات والمقاهي على طول البلاد وعرضها، ناهيك عن الذين اختاروا متابعة المباريات في منازلهم. هذا على الصعيد الوطني؛ أما على الصعيد الخارجي، فالمغاربة أينما وجدوا، تابعوا مباريات الفريق الوطني، رغم فارق التوقيت بالنسبة لبعض الأقطار، بكل شغف وحب لوطنهم ولفريقه الوطني؛ إلا ما كان من بعض الأصوات النشاز التي لا قيمة لها سواء في الداخل أو في الخارج.
وإذا كان عاديا وطبيعيا أن نلمس "تمغربيت" عند اللاعب الذي نشأ في وطنه وتلقى تكوينه فيه قبل أن يلمع كرويا وتتسابق عليه الفرق الأجنبية، وبالأخص الأوروبية منها، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لِلَّاعب الذي ولد في أوروبا ونشأ فيها وسطع نجمه في نواديها؛ إذ الأمر، هنا، رهين بالاختيار الشخصي؛ وهنا تظهر "تمغربيت" أو تختفي. فهذه الفئة من اللاعبين يتوفرون على جنسية البلاد التي ازدادوا فيها؛ وهذا ما يجعلهم مدينين لها؛ ولها عليهم حقوق وواجبات. لذلك، فإن "تمغربيت" هؤلاء ليست بديهية ولا تلقائية؛ بل هي اختيار واع ومسؤول. فأن يختار اللاعب بلد أبويه أو أحدهما على حساب البلاد التي رأى فيها النور وترعرع فيها وسطع فيها نجمه الكروي، فذلك يعني أن "تمغربيت" كانتماء وهوية ووجدان أقوى من كل العوامل الأخرى. و"تمغربيت" كخصوصية واستثناء مغربي تظهر جليا لدى هؤلاء اللاعبين، إذا ما قارناهم بزملائهم الأفارقة الذين فضلوا اللعب لفرق البلدان التي نشئوا فيها؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر، نشير إلى الفريق الفرنسي الذي يتكون في معظمه من اللاعبين ذوي الأصول الإفريقية.
لقد شكل مونديال قطر فرصة رسخت معنى "تمغربيت" لدى الصغير والكبير، ولدى الذكور والإناث؛ وزاد الاستقبال الشعبي للفريق الوطني من تعميق الإحساس بـ"تمغربيت" كشحنة عاطفية وعلاقة وجدانية. وجاء الاستقبال الملكي للفريق الوطني رفقة أمهات اللاعبين ليتوج هذ "التمغربيت" (التي تجلت في أبهى صورها) بالطابع الرسمي من خلال توشيح صدور كل من رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم ومدرب الفريق الوطني وأعضاء الفريق، اعترافا بإنجازاتهم التي شرفت القميص والعلم الوطنيين، وأعلت من شأن النشيد الوطني الذي تم عزفه سبع مرات في ملاعب قطر.
خلاصة القول، "تمغربيت" هي الوجدان الجمعي، هي الشعور بالانتماء، هي الهوية الوطنية الجامعة، هي الوحدة في التعدد والتنوع بقدر تعدد وتنوع مكونات الهوية المغربية. وهذا ما يعرف بالخصوصية المغربية أو الاستثناء المغربي، أحب من أحب وكرها من كره.



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد نجاح مونديال قطر، هل ستراجع الفيفا قرارها بشأن مونديال 2 ...
- فرحة الشعب الفلسطيني بأسود الأطلس عَرَّت حقيقة تجار القضية ا ...
- هل أتاكم حديث دولة تعاقب مواطنيها بسبب تعبيرهم عن الفرح؟
- الفرحة أصبحت مغربية ولا عزاء لأعداء الفرح
- الجزائر ومونديال قطر
- الجزائر تفتقر لرجال دولة
- البَرْدَعَةُ كأسلوب للحكم في الجزائر
- الجزائر قوة ضاربة أم قوة مضروبة؟
- الجزائر: لا أمل في شفاء النظام وأبواقه من عقدة اسمها المغرب
- المُوَّاء الديمقراطي ممكن مع برلمانيين من طينة لحبيب بن الطا ...
- القمة العربية وورطة الجزائر
- الجزائر والشعور بالحرمان
- السقوط الأخلاقي للنظام الجزائري ونخبه وأبواقه
- رسالة مفتوحة إلى السيد الأمين العام للأمم المتحدة والسيد رئي ...
- ماذا يعني أن تتقاطع تقارير استخباراتية فرنسية مع توصيات دراس ...
- الجزائر تعود لديبلوماسية الشيكات وسياسة الابتزاز
- رسالة مفتوحة من مواطن مغربي إلى السيد قيس سعيد رئيس الجمهوري ...
- عقدة المغرب أحالت الإعلام الجزائري إلي مارستان للعاهات النفس ...
- رسائل بنكيران حول بلاغ وزارة الخارجية المغربية، موجه لمن؟
- الغباء عاهة تشل تفكير نخب النظام الجزائري (تتمة)


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - مونديال قطر وتجليات -تمغربيت-