أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحميد فجر سلوم - مع نهاية عام 2022 وإطلالة 2023 .. سورية إلى أين؟















المزيد.....

مع نهاية عام 2022 وإطلالة 2023 .. سورية إلى أين؟


عبد الحميد فجر سلوم
كاتب ووزير مفوض دبلوماسي سابق/ نُشِرَ لي سابقا ما يقرب من ألف مقال في صحف عديدة

(Abdul-hamid Fajr Salloum)


الحوار المتمدن-العدد: 7473 - 2022 / 12 / 25 - 20:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مرّ عام 2022، على السوريين وكأنهُ كابوس ليلٍ أسود.. لا حاجة للدخول في التفاصيل، فهذه يعرفها حتى الطفل الصغير الذي يعجز أبويهِ عن توفير التدفئة له في عزِّ البرد، وشراء الحفاضات والحليب.. مُعاناة وحرمان وفقر وغلاء، وجوع وذل وقهر، لم يتحملها كائن بشري على وجه هذه البسيطة..
حتى مَن يبحثُ عن مكانٍ للهجرة، فهذا بات عسيرا عليه، إما بسبب غلاء رسوم جوازات السفر والعجز عن تأمينها، وتأمين تكاليف السفر، وإما بسبب التضييق على اللاجئين في بُلدان الهجرة، لاسيما بعد أن أصبح انتشار اللاجئين السوريين أوسع مساحة من انتشار الأشقاء الفلسطينيين..
وُعُود المسئولين في تحسين الأوضاع المعيشية والخدمات، كانت كلها وعودا تخديرية، لم يتحقق واحد منها، بل كان كل يوم أسوا من سابقهِ.. والثقة انعدمت بينهم وبين أبناء الشعب.. (في الشتاء الماضي حصلتُ على خمسين ليتر مازوت، في هذا الشتاء لم أحصل على شيء حتى تاريخ هذه الكتابة)..
الأوضاع عموما كانت في عام 2022 أسوا منها في عام 2021 .. فهل من مُعطيات لتكون أفضل في عام 2023 ؟.
لا أعرف، ولكن أتمنى ذلك، وكل سوري يتمنى ذلك.. وهنا سأوصِّف الحالة السورية داخليا، وانعكاس الأوضاع الإقليمية والدولية عليها، ومن خلال هذا التوصيف قد نستقرئ المُستقبل:
أولا:
الجميع مُحبط.. فلو أخذنا المُعارضة التي خرجت للشوارع في آذار 2011 بِحماس ورفعت سقف المطالب لدرجة المُطالبَة بتغيير "نظام الحُكم"، هي اليوم يائسة ومُحبَطة بعد أن فقدت أي أمل في تحقيق ما كانت تتطلع إليه.. وفرزت قيادات من أتفه وأسوأ نوعيات يمكن أن تعرفها أي بلد، وكارثية على المعارضة قبل أن تكون كارثية على البلد..
وحتى المعارضة ذاتها تصف تلك القيادات بأقذع الأوصاف.. غالبيتهم العظمى من النوعيات الجوفاء الفارغة الانتهازية الوصولية، ومنهم من كان يشغل المناصب في الدولة (التي لم اشغلها رغم كل أحقيتي) ويتملق ويمتدح أهل الحُكم بأقوى الكلمات والعبارات، ثمّ انقلب على ذاتهِ وسارع للانضمام للمعارضة اعتقادا منه أن "الحُكم" انتهى وهناك نظاما بديلا، على غرار ما حصل في تونس ومصر وليبيا، ولذلك سارعوا بالانضمام للمعارضة كي يحجزوا مكانا لأنفسهم في مقاعد القطار القادم..
**
ثانيا:
وأما جماهير الموالاة التي خرجت للشوارع في وجه المعارضة، وداعمةَ بقوة لـ "الحُكم"، وقدّمت الغالي والرخيص، وضحّت بالدماء، فهي أيضا مُحبَطة اليوم، فكل رهاناتها بوضعٍ معيشيٍ أفضل، والاستفادة من دروس الحرب المريرة، في القضاء على كافة الأسباب التي استغلتها المُعارضَة لتجييش الناس، من فساد وإفساد وغياب دولة القانون والمؤسسات والمُحاسَبة، والثراء غير المشروع، وتحكُّم قِلّة باقتصاد البلد، ووضعُ حدٍّ للفساد السياسي الذي هو أصل كل أشكال الفساد الأخرى، كل تلك الرهانات خابَت، بل زادت الأمور سوءا بأضعاف المرات، ولم تتم الاستفادة بمثقال ذرة من كل ما حصل في البلد من ويلات.. وتعمّقت ثقافة المحسوبيات والمحاباة والواسطات والمحاصصات والرشاوى، مع غياب دولة القانون والمؤسسات والعدالة وتكافؤ الفُرص، وتوسعت كافة أشكال الفساد، حتى أصبحت ثقافة دولة ومجتمع.. مع استمرار الغلاء وازدياد الفقر، ونُدرة المحروقات والكهرباء، والتراجُع للعملة الوطنية حتى بات أعلى راتب بالدولة لا يشتري حذاء رياضة.. الدُول تُبنَى بعقول رجال الدول.. وهذه ليست عقول رجال دول..
**
ثالثا:
الحكومة مارست على الشعب كل أشكال الضغط من خلال رفع الدّعم باستمرار، ورفع أسعار الوقود باستمرار، حتى دون توفيره، بينما نشطت السوق السوداء، وكل ما لا يتوفر عند الحكومة يتوفر في السوق السوداء بأسعار خيالية، وأمام أعيُن الحكومة.. حتى وصل مستوى الفقر لأكثر من 90 % من أبناء الشعب، ووصل الأمر بأحد أعضاء مجلس الشعب للقول، أن الشعب رفعَ العَشرَة.. أي استسلم بالكامل للحكومة ولا حول ولا قوة له..
بالمقابل، الحكومة تبدو وكأنها رفعت العَشرة أمام الغُزاة والمُحتلّين، فلم تستطع من إخراج مُحتل وغازٍ للأراضي السورية، وتحرير شبر أرض يحتلها أولئك، أمريكان وأتراك وإسرائيليين، بل الاعتداءات الإسرائيلية باتت روتينية ومعتادة..
إذا أصبحنا أمام هذه المعادلة: شعبُ يرفع العشرَة أمام الحكومة.. وحكومة تبدو وكأنها ترفع العَشرة أمام الغُزاة والمحتلين.. وأقول تبدو.. وربما في أي وقت قد تنطلق المقاومة لطرد كل الاحتلالات.. وقد وعَدَنا أحد شيوخ العشائر بذلك..
*
في كل دولة، حينما تحصل أزمات اقتصادية ومعيشية، تلوذُ الناس بالحكومة لتستعين بها وكي توفر لها الأمان والاطمئنان وتحلّ مشاكلها وأزماتها، إلا في سورية، فالعكس هو ما يحصل، والحكومة هي من تلجأ لجيوب الشعب كي تحلَّ أزماتها وتشعر بالأمان والاطمئنان، على حساب رفع الدعم وزيادة الأسعار وكافة أساليب الضرائب والجباية، التي عمّقت من المأساة المعيشية..
**
رابعا:
المُعارضَة قرارها مُصادَر لصالح القوى الخارجية، وخاصة تركيا وأمريكا.. لا تملك من أمرها شيئا، وتنفّذ فقط تعليمات وتوجيهات الخارج..
وبالمقابل، حكومة تسير مع سياسات وتوجهات روسيا وإيران، وهؤلاء سيطروا على أهم الثروات والأصول، سدادا للنفقات التي أنفقوها في الحرب وحسَبوا خلالها ثمن كل رصاصة..
إذا بتنا أمام هذه المعادلَة: قرار مُستقبل سورية وإعادةُ وحدةِ أراضيها وشعبها، يبدو فلتَ من يد أبنائها..
**
خامسا:
الاهتمام الدولي بسورية تراجع كثيرا بعد الحرب في أوكرانيا، وحياة السوريين لم تعُد موضع اهتمام لأحد.. وبدا وكأنّ الجميع راضون عن هذا الوضع التقسيمي السوري القائم الذي ضَمن الجميع مصالحهم من خلالهِ، الأمريكي والروسي والإيراني والتركي.. حتى لو كان الجميع يُصرّحون عكس ذلك، ويؤكدون دوما على وحدة الأراضي السورية، ولكن الواقع يُكذِّب ذلك.. فالجميع يُرسِّخون وجودهم بشتّى الطُرُق، حتى يُصبِح دائما.. والحل السياسي ليس في مصلحة أيٍّ منهم..
تركيا تدّعي أنها تخشى من تقسيم سورية حتى لا تنشأ دولة للأكراد على حدودها.. ولكنها أقامت مناطق عازلة واسعة على الحدود مع سورية، واحتلت مساحات شاسعة، ولديها جيش ضخم من السوريين، ومن التركمان السوريين، (يُسمّى الجيش الوطني) مدعوما بالقوات المسلّحة التركية، ومحافظة إدلب، وكل هذا يُشكِّل حماية لتركيا من أي خطر كردي مزعوم على أراضيها وأمنها القومي..
عدا عن أنها تبني آلاف المساكن لتنقل إليها اللاجئون السوريون من تركيا، وكل هؤلاء أيضا سيشكلون حاجزا بين الأكراد والدولة التركية..
**
تركيا لديها مشروعها الخاص في المنطقة، من سورية والعراق، إلى شرق المتوسط إلى قبرص وليبيا.. بل حتى في آسيا الوسطى وجنوب القوقاز.. ودعمها لأذربيجان عسكريا، هو من مكّنها من الحسم في ناكورنو كاراباخ..
وروسيا لديها مشروعها الخاص، ليس على مستوى سورية والمنطقة فقط، وإنما أبعد من ذلك بكثير، وهي تتطلع إلى دور أوسع وأكبر عالميا، وهذا موضِع صراعها مع الولايات المتحدة..
وأمريكا لديها مشروعها الخاص القديم الجديد، بالهيمنة على مستوى المنطقة والعالم بأكملهِ.. فهي حتى اليوم القوة العالمية الأكبر اقتصاديا وعسكريا.. ومن كافة النواحي الأخرى..
وإيران لها مشروعها الخاص في كل المنطقة.. وهذا ليس بخافٍ على أحد.. فهي تتطلع إلى إقامة أنظمة حُكم إسلامية، تكون هي الدولة المِحور بينها.. ولذلك تدعم كافة التوجهات الدينية في أي مكان بالعالمَين العربي والإسلامي..
وإسرائيل لها مشروعها أيضا على مستوى كل المنطقة العربية في التطبيع.. وأن تكون القوة المُهيمنة اقتصاديا وعسكريا..
وكل هذه المشاريع تتناقض مع بعضها، وتتلاقى في نقطة واحدة، وهي استمرار مكاسبها فوق الجغرافية السورية، وتجنُّب الصِدام العسكري المُباشر الذي يقود إلى حروب بينها.. والضحية سورية وشعبها..
**
سادسا:
الولايات المتحدة تزيد من الضغوط على سورية، ومن الحصار، بسنِّ قوانين جديدة كل فترةٍ وأخرى..
*
سابعا:
الرهان في وقتٍ ما لعودة سورية للجامعة العربية، أخفقَ.. فانعقدت القمة العربية بالجزائر بغياب أي تمثيل سوري.. وانعقدت القمة الصينية العربية بالرياض بغياب أي تمثيل سوري.. وافتُتِح المونديال العالمي بالدوحة بغياب أي تمثيل سوري.. وأخيرا انعقد مؤتمر إقليمي حول العراق، وأمن العراق، في 20 كانون أول/ديسمبر 2022 في الأردن، بغياب أي تمثيل سوري.. مع أن سورية كانت مُشارِكة دوما في كافة المؤتمرات التي انعقدت لِدُول الجِوار العراقي منذ العام 2003، بُعيد الاحتلال الأمريكي.. وكان أولها في الرياض في 18 نيسان 2003 .
**
ثامنا:
مع زيادة الحكومة لأسعار الديزل والبنزين المستمر، ينعكس ذلك على غلاء أسعار كل شيء في البلد، وهذا يُشكِّل ضغطا أكبر على الشعب، إذا ما استثنينا فئة الفاسدين، والأثرياء، والمسؤولين، فهؤلاء مُرفّهون، وليست لديهم ولا لدى أبنائهم مشكلةُ معيشةٍ ومحروقات وبَرد في الشتاء وجوع وفقر.. بل غالبيتهم أولادهم خارج البلد.. أكلوها لحما ورموها عظما..
**
تاسعا:
من يُنتظَر منهم تقديم العون لسورية، هُم اليوم غارقون بهمومهم الخاصة، سواء روسيا أو إيران..
**
عاشرا:
لا أحدا يعترف بالدّاء الذي تسبّب بالأساس بأمراض سورية.. بمسؤولية الفساد واستغلال السلطة والنفوذ والمناصب على امتداد أكثر من نصف قرن، ونهب المال العام، والتعدِّي على المُلكية العامة والتهريب من الخارج، وتهريب الأموال إلى الخارج.. وتهميش الإرادة العامة.. وتغييب القانون ودَور المؤسسات، والعدالة وتكافؤ الفرص، وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ومُحاسبَة الأقوياء..
(هناك من دفنوا نفايات نووية مُهرّبة إلى سورية، ولم يُحاسَبوا)..
بل الجميع يُلقي بالمسؤولية على العقوبات وعلى قانون قيصر، مع أن كبار المسؤولين بالدولة صرّحوا منذ تشرين ثاني/نوفمبر 2020، أن جوهر المشكلة الاقتصادية والأزمة الحالية ليست مرتبطة بالحصار، ولا بقانون قيصر، وإنما بمبلغ 20 إلى 40 مليار دولار أخذها السوريون ووضعوها في المصارف اللبنانية، ثم هذه أغلقت..
إذا مابين 20 إلى 40 مليار دولار تهرّبت من سورية ثُمّ أغلقت المصارف اللبنانية، والأموال تلاشت، ومن حينها بدأ تراجُع الليرة السورية..
طبعا هذه المبالغ الهائلة بالنسبة لاقتصاد دولة كما سورية، هي أرقام صادِمة وهادِمة للاقتصاد..
ولكن يبقى السؤال: كيف خرجت كل تلك الأموال، مع أنه غير مسموح للسوري أن يُخرِج سوى مبلغٍ محدّدٍ، ومن هُم أصحابها، وكيف جمعوها؟. كل هذه المعلومات يجب أن تُكشَف، في إطار سياسة الحكومة لمكافحة الفساد.. هنا يجب أن نبحث عن سر المصائب، عند هؤلاء الكليبتوقراطيين..
**
حادي عاشر:
ما نراهُ أن الفساد يتعمّق، وثقافة المزارِع والمحسوبيات والأقوياء والمدعومين، تترسّخ أكثر كل يوم.. وخاصة في ظل الأوضاع المعيشية القاسية وغير المُحتَملة.. فالفقير يبحث عن توفير لقمة العيش بأي شكل، وبأي طريق كان.. والثري يبحث عن زيادة رأسمالهِ بأي شكل، حتى لو كان بِمَص دماء البشر، ورفعِ الأسعار والاحتكار، وبأي طريقة ممكنة.. والمسؤول يعتبرها فرصتهُ للثراء.. وأثرياء الحرب يسرحون ويمرحون دون حساب..
ثاني عشر:
لا بٌدّ من الإشارة أن تُجّار سورية وأثريائها، ومُستوريدها، وصِناعييها، أثبتوا أنهم بِلا رحمة ولا شفقة، ولا وازع لديهم من دين ولا من ضمير، في مص دماء الناس، وتحقيق الأرباح الكبيرة..
**
ثالث عشر:
الحزب الذي رفع شعارات الفقراء والعمال والفلاحين والكادحين والمُستضعَفين، والطبقة الوسطى، والاشتراكية، بات يتفرّج على هؤلاء وهُم يعانون ما يعانونه من آلام وأوجاع معيشية دون أي فِعل.. ويزدهر في ظله التُجار والأثرياء..
**
رابع عشر:
لا يلوح في الأفُق أي حل سياسي، يؤدي إلى رفع العقوبات، وعودة وحدة سورية أرضا وشعبا، ورحيل القوات الأجنبية، وإعادة الاعمار، وتدفُق الاستثمارات.. وبالتالي كل شيء سوف يُراوِح مكانه..
**
خامس عشر:
في أهم وزارات الدولة (وأنا مسؤول عن كل كلمة) ترى العنصرية الطائفية والمذهبية، والمناطقية، فهؤلاء أبناء هذه المدينة، أو تلك المنطقة، وهؤلاء أبناء هذه الطائفة، وهذا محسوب على هذه الجهة، وذاك على تلك الجهة.. عدا عن الأنظمة التي تُميِزُ علنا بين أبناء المؤسسة الواحدة، بل والدورة الواحدة، على أساس المحسوبية والدّعم.. فلا احترام للتراتبية والأقدمية، والكفاءات والخبرة والشُهداء، ولا أي تاريخ نضالي.. وفي ضوء ذلك، ترى فئة تُصرَف من الخِدمة بِعُمر 60 ، وفئة أخرى مدعومة بِعُمر 65، بعد أن تُمنحَ لقَب مُعيّن (بالمحسوبية والدّعم)، وفئة ثالثة مدعومة جدا، بعُمر 70، وأصحاب الدّعم الذهبي يبقون حتى بعد الـ 70 بِموجب عقود، وينعمون بالمكاسب والمُهمات الخارجية.. وترى من يستمرون 20 سنة متواصلة، أو 19 سنة متواصلة في المنصب ويتقاضون بالعملة الصعبة، على حساب حق الآخرين، وفي ضربٍ كامل لكل مبدأ تكافؤ الفُرص.. مُعيب..
بل قد ترى سائقا لا يحمل الشهادة الإعدادية، مديرا لمكتب وزير وصلاحياته كما صلاحيات الوزير، يأمر وينهي كما الوزير، وأكبر رؤوس في الوزارة تتودّد له..
ولا يجِدون حرَجا في الحديث عن دولة القانون وتكافؤ الفُرص، والمؤسسات التي لا يوجَدُ منها سوى الكُتَل الإسمنتية..
عقود طويلة من الزمن، عشناها، ونحن نرى كيف كُنّا نُخرِّب دولتنا بأيدينا، ثمّ نتهرب من المسؤولية ونلقي باللوم على المؤامرة الخارجية..
**
سادس عشر:
المسألة في سورية لم تعُد فقط مسالة فساد وحرمان وخدمات، وإنما مسألة انهيار لكافة قيم الدولة والمجتمع.. والقضاء على ذلك يحتاج إلى أجيال جديدة، وتربية جديدة، ومفاهيم جديدة.. وهذا ليس بالأمر السهل، يحتاج لحل سياسي شامل أولا، وتغيير كافة بُنى وبُنية الدولة والمُجتمع.. وبناء دولة جديدة، تبني مجتمعا جديدا على قيم حقوقية وإنسانية ومؤسساتية جديدة وبعيدة عن كل لغة الإنشاء والخطابات والشعارات والعنتريات واللغة الخشبية المعهودة، ولم تُثبِت إلا فشلها على مدى الزمن.. فهل هذا ممكنا في ظل ما نراهُ كل يوم من فرز خطير في المجتمع السوري ما بين طبقة أصبحت ترى في نفسها الأسياد، ولا ينظرون لعموم الشعب إلا وكأنهم العبيد، والفروقات الطبقية الهائلة التي تتّسع كل يوم وتزيد الصراع والكراهية والتصدُّع في المجتمع؟..
حتى المناصب، والوظائف في بعض الأماكن، تخصخصت للمدعومين وأولادهم.. كما زمن الإقطاع السياسي..
**
نسمعُ وعودا بأن يكون عام 2023 أفضل، دون أن نرى أي برنامج حكومي رسمي يشرحُ لنا كَيف.. هل ستنخفض الأسعار لِتتناسب مع مستوى الدّخل؟.. أم هل سيرتفع الدّخل حتى يتناسب مع الأسعار؟. هل ستتوفر الكهرباء والديزل والبنزين، وغاز الطبخ، حسب الحاجة، أو تُختَصَر مدة الاستحقاق إلى النصف؟.. هل سيتوفر القمح والطحين والخبز وتنتهي الطوابير والازدحام، وبيع الخبز بالسوق الحُرّة في الشوارع؟. هل سننتهي من زمن "البطاقة الذكية" ؟..
هل سيتوفر المازوت والسماد للفلاح بأسعار مقبولة ومعقولة؟.
هل ستعود دورة الاقتصاد، والصناعة والزراعة والسياحة، إلى طبيعتها؟.
هل سنُصبِح دولة قانون وعدالة وتكافؤ فُرص؟.
ما نعرفهُ أن هناك عجز هائل في ميزانية عام 2023.. يعني لا تسمح بالتغلُّب على المعاناة..
... ولكن سنبقى محكومون بالأمل.. وعلى هذه الأرض ما يستحقُّ الحياة...
*
سورية التاريخ، تُبكي حتى من لا قلب له.. لا تستحق كل هذه النتائج.. لقد حطّمها أبناؤها قبل الغرباء والأعداء في صراعهم على السُلطة، وعلى مَن يجبُ أن يحكُم مَن.. فانتهى الجميع محكومين..
أشبهُ بِقصّة شقيقين تصارعا على لُعبة جميلة ورفضَا التشارُك بها، فمسكها كلٍّ من طرف، وشدَّ بها بقوة لتخليصها من الآخرِ، فانتهى الأمر أن تحطّمت اللعبة وخسرها الاثنان..



#عبد_الحميد_فجر_سلوم (هاشتاغ)       Abdul-hamid_Fajr_Salloum#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الرئيس بوتين مُتحمِّسٌ للتطبيع بين أنقرة ودمشق؟ وكيف ي ...
- المملكة المغربية.. عربية أم أفريقية.. أم أمازيغية؟.
- القِمم الصينية في الرياض
- مونديال قطر بين الرياضة والسياسة
- هل ستنجح دعوة شيخ الأزهر للحوار بين أهل السنّة والشيعة؟.
- القمة العربية الدورة 31 في الجزائر.. قمة لَم الشّمل
- المهاجرون إلى أوروبا: اليمين المتطرف من أمامكم وأسباب الهجرة ...
- تركيا وروسيا بين السلاطنة والقياصرة وبين الرئيسين بوتين وأرد ...
- ثلاث تطورات مؤخّرا.. واحد لصالح روسيا واثنان لا
- قرار خفض إنتاج النفط سياسي وليس تقني وفقراء العالم يدفعون ال ...
- أليسَتْ شريعة الغاب هي من حكمت العلاقات عبر التاريخ؟.
- وفاة القرضاوي أظهرت مُجدّدا عُمق الشرخ في ديار العرب والمسلم ...
- ماذا يعني حديثُ الرئيس الأمريكي عن إصلاح مجلس الأمن الدولي؟.
- اردوغان واليونان ولعبة القفزِ على الحِبال ولكن تحت القُبّعة ...
- لِماذا يا إعلامُنا؟ لِماذا يا مُحلِّلينا؟
- العراق بين التفجير السريع والتهدئة السريعة
- ما معنى هذه المناورات التركية الجديدة إزاء سورية؟.
- ماذا يعني هذا الاستفزاز الأمريكي للصين وكوريا الشمالية؟
- هل عرف العرب كيف يستغلون التنافُس الأمريكي الروسي عليهم؟.
- قمّة طهران.. وتركيا وإيران من زمن العباسيين وجالديران إلى من ...


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحميد فجر سلوم - مع نهاية عام 2022 وإطلالة 2023 .. سورية إلى أين؟