|
الرحيل : قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 7456 - 2022 / 12 / 8 - 10:27
المحور:
الادب والفن
الرحيل
الحدث يقع على رأسك كالصاعقة ، الجميع يبكون بصوت عال ، وانت جفت لديك الدموع ، رحلت من كانت بقربك تتعاونان معا على مآسي الحياة وأهوالها ، تشتركان في مواجهة الصعاب الكثيرة ، والمسرات النادرة ، مرضها العسير لم يجعلها تفقد الأمل ، وظلت الابتسامة مرسومة على محياها وهي تصارع الآلام الكبيرة ، وأنت تنظرين إليها بإعجاب ، مقتدية بقوتها ،تراجعين معها عيادات الأطباء الخصوصيين والمستشفيات الحكومية ، ويجرون لها التحليلات الكثيرة واصفين الدواء ، تمتلئ بالعزيمة على عدم السماح للمرض أن يفترس الإرادة ، ترفض الأوجاع الجارية لاستيطان الجسد والقضاء على مقاومة الروح ، تراجعين معها الأطباء وأنت معجبة بابتسامتها الواثقة وضحكتها المتواصلة الهازئة بالعراقيل ، تعتني بك رغم مرضها الخبيث ، وتقوم بمساعدتك بتحمل الأعباء المختلفة ،تمدك بالقوة ، تحاولين أن تبعدي فكرة رحيلها الدائم الوشيك ، - مرضها صعب والأمل في بقائها ضعيف! من يقف بجانبك وقد بعد عنك الأحباب وسافر الأهل والأصحاب ،وبقيتما وحيدتين في معترك الحياة تصارعان حوادثها الأليمة بنضالكما الكبير.. - الضعف يستولي على قلبها، والمعدة استقرت بها الجراثيم ، ولم تعد قادرة على استقبال الطعام.. تذهبين بها إلى الأطباء في داخل البلاد وخارجها، وأنت تأملين أن يجد احدهم الدواء الشافي لمعاناتها المستمرة وألمها الممض ، لم تكن تصرخ مشتكية من الآلام المبرحة ، بل تضحك باستمرار ، وتستبدل بالصرخة ضحكة متواصلة لإبعاد شبح المرض المستقر بالجسد ، روحها قوية ، تتناسين تعبك الشديد وأمراضك ، تستمدين القوة من إصرارها على تحدي الأوجاع ،والانتصار على نتائج المرض ، كلاكما تجد سعادتها مع الأخرى وتنهلان من منبع ثر من الحنان - معدتها ضعيفة ، سنحاول ان نستخرج الماء ، ليتمكن الغذاء من إرواء جسدها الظاميء يأتيك صوتها واهنا ، فلا تدعين المخاوف تفترس يقينك ان العلاج سوف يكون بمقدور الطبيب تهرعين بها الى المستشفى علهم ينجحون في الحصول على العلاج المأمول ، لم يجدوا الماء هناك ، بل بقع من الدماء ، استيطان الداء الخبيث رغم عمليتي استئصال الثدي ، يتمدد المرض الى خلايا الجسم ، ولم تعد وصفات الأطباء قادرة على منع زحفه المستمر ، تنظرين الى الباب بلهفة ، علّ المداوي يأتيك بالخبر السار ، يفتح الباب ، ويقول كلمات لاتتمكنين من استيعاب معناها ، الجارة كانت تحبها وتحترم صفاتها ،ينطلق منها صوت البكاء عاليا ، ماذا جرى ؟ ولماذا البكاء والنحيب ؟ إنها عزيزتك الغالية ، وهل تذهب دون وداع؟ لاتصدقين الخبر تسارع جارتك الى الاتصال بالمعارف والأحباب ، تنبئهم بالخبر الفاجع ، يأتون تباعا لتعزيتك.. الجميع يوالون الصراخ ، أحقا يحبونها كحبك أنت ؟ ، تجف عندك القدرة على البكاء ، تفقدين صوتك ، وتجدين قدميك عاجزتين عن حملك، يحيط بك الحاضرون ، محاولين ان يعينوك على مصابك الأليم ، لا تصدقين ما حل بك ، هل رحلت حقا ؟ ولم يعد بمقدورك أن تكوني معها ، من سيبقى معك ، من تبثينه شكواك من عقوق الناس وغدر الزمان ، وجفاف الأنهار من مائها العذب ،من يستطيع أن يقف بجانبك ، تستمعين إلى همومه ويصغي إلى معاناتك، محاولا تخفيف الجراح ، وجهها امامك مازال مبتسما معبرا عن ارادته القوية في التصدي للصعاب. المصاب أليم ، تنظرين إلى الوجوه ، التي غشيها الحزن ، فجعتهم الحادثة ، مشاعرهم صادقة ، الجميع سيهرعون الى منازلهم ،بعد يومين ، من يقف معك ، هل ستكونين وحيدة ، والغربة تملأ أيامك وتفترس لياليك، وأنت مهيضة الجناح ، تحاولين الوقوف ، لا تلبي رغبتك قدماك ، ما عادتا تأتمران بما يحمله رأسك من أمنيات ، يا رب رحمتك من لك بهذا العالم ؟ شقيقتك رحلت ، لا تتحملين نظرات الإشفاق ، تعاودين المحاولة ، تسقطين على الأرض ، نظرات الإشفاق تنهمر عليك ، لعنات تصفع مشاعرك ، تصممين على الانتصار، ينتظرك السقوط مرة أخرى مكشرا عن أنيابه الهازئة ، تمتد إليك الأيادي ، تتجملين بالصبر ، تطل عليك بابتسامتها الواثقة ونظرتها الحنون ، أليس الأجدر بك أن تتسلحي بالقوة التي كانت تبثك إياها ، فلتحاولي مرات آخر .. تهطل دموعك ، تخفف عنك كثافة الأحزان ، تمتد إليك احد الأيادي ، تمسكين بها لحظة ، تشكرين صاحب اليد المساعدة ، وتواصلين المسير وحدك
13 آب 2010
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الفقر قدر ؟
-
انفصام : قصة قصيرة
-
رواية تأشيرة السعادة : الجزء الثالث والاخير
-
رواية تأشيرة السعادة : الجزء الثاني
-
العزيمة : قصة قصيرة
-
مدارسنا بين الامس واليوم
-
المتسول : قصة قصيرة
-
الوظيفة : قصة قصيرة
-
المحفظة قصة قصيرة
-
تأشيرة السعادة : رواية : الجزء الاول
-
الواقع والاحلام لا يلتقيان
-
الدليل : قصة قصيرة
-
رواية راحلون رغما عن انوفهم - الجزاء الاول
-
البديل : قصة قصيرة
-
قراءة جديدة لمجموعة قصص التابوت لصبيحة شبر
-
الر ائدة سافرة جميل حافظ تحول مكتبتها الخاصة الى عامة
-
عيد ميلاد في 1/7
-
راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الثاني: الفصل الخامس و
...
-
راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الاول : الفصل الاول وا
...
-
بائعة الورد : قصة قصيرة
المزيد.....
-
-ورد الخير- بعد زلزال أغادير.. هل تتكرر فكرة -أم كلثوم- في س
...
-
مطرب غاضب يخرّب ديكور المسرح في مهرجان سان ريمو الموسيقي! (ف
...
-
مماثلة لأعضاء بشرية.. شاهد فنان يستوحي من أفلام الرعب إكسسوا
...
-
منها بالون -ترامب بحفاظة طفل- ولقطات من أفلام شهيرة.. شاهد د
...
-
-حنات- السعودية تكشف عن وجهها
-
خبير: مشاهدة نوع معين من الأفلام يمكن أن يساعد على تخفيف الأ
...
-
مساءلة رئيس مجلس إدارة بي بي سي في مجلس العموم البريطاني
-
5 أفلام عالمية حاولت محاكاة الكوارث الطبيعية سينمائيا
-
الفنان المصري محمد صبحي يوجه دعوة عبر RT للتبرع لصالح سوريا.
...
-
سلمان رشدي يصدر روايته الجديدة -مدينة النصر- بعد 6 أشهر من ت
...
المزيد.....
-
ترجمة (عشق سرّي / حكاية إينيسّا ولينين) لريتانّا أرميني (1)
/ أسماء غريب
-
الرواية الفلسطينية- مرحلة النضوج
/ رياض كامل
-
عابر سريرة
/ كمال تاجا
-
رواية للفتيان الجوهرة المفقودة
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
كناس الكلام
/ كامل فرحان صالح
-
مقالات الحوار المتمدن
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الشعر والدين : فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي
/ كامل فرحان صالح
-
(تنهيدة الكامل (مشى في أرضٍ لا زرع فيها
/ كامل فرحان صالح
-
نجيب محفوظ وأحلام فترة النقاهة دراسة بين المؤثرات النفسية وا
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
خاطرة وفكرة (ب)
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|