أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - المحفظة قصة قصيرة















المزيد.....

المحفظة قصة قصيرة


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 7427 - 2022 / 11 / 9 - 18:23
المحور: الادب والفن
    


المحفظة

أرهقها التعب ، وأمضها البحث ، أياما طويلة قضتها تبحث عن عمل يقيم أودها مع أفراد أسرتها العزيزة ، تضخم عدد العاملات في مصنع صناعة الملابس النسائية ، وأدخلت عناصر شابة من النساء ، بأجور قليلة..
- لا نملك أجرتك سيدتي ، يمكننا ان نجعل سيدتين تعملان بدلا عنك ونعطيهما نفس ما نعطيك كل شهر ..
- وأنا ؟ وأولادي ؟ وسنين العمل والكفاءة التي بذلتها معكم ؟
- لا ننكر جهدك ، وإخلاصك ، ولكل أمريء قدرة محددة ، والشباب لهم طاقة اكبر..
متاعب كثيرة تتراكم عليها ، وهي وحيدة ، لا تجد من تلجأ إليه ، ليقوم بمساعدتها ، أهلها وناسها رحلوا من هذا العالم وبقيت وحيدة ، تتذكرهم دائما ، وتحن إلى الأيام الجميلة، التي كانت تجمعها وإياهم على الحب والوئام ، تغير اليوم كل شيء ، وأصبحت الأمور سيئة ، لا طاقة لها بتحملها لوحدها ، وزادت عليها الأعباء بموت زوجها ، تراكمت عليه الأمراض بعد أن استغنوا عن خدماته ، لكبر سنه ، وتركها مع أولادهما الطلاب وحدها ، لا تستطيع أن تتخلى عن واجبها للوقوف بجانبهم، حتى يكملوا دراستهم ،ويرزقهم الله بأعمال تتناسب مع طموحاتهم ... تسير كثيرا على غير هدى ، علّ المشي الطويل يبدد متاعبها الكثيرة ، ويجلب إليها بعض الراحة ، فقدت الإحساس بالطمأنينة منذ دهر ، تتذكر معاناتها الطويلة ، وكيف لفظوها ، ، وهم يحكمون عليها بالابتعاد عن العمل الذي وهبته سنين حياتها ، وأخلصت فيه ، وكانت تجد به سعادتها ، وتحقق ذاتها في عالم قاس لا يرحم ، وتحفظ كرامتها ، ولا تحتاج أحدا
- وهل اشتكيت من العمل ؟
- أنت مجتهدة ، ولكن ماذا نقول لمن يعترض ؟ وكيف يعرفون انك بهذا الاجتهاد ؟
خطواتها سريعة ، تود لو استطاعت أن تهرب إلى مكان بعيد ، لتنسى حاضرها المؤلم وماضيها التعس ، عمل مضن ، وشقاء متواصل ، وقد رضيت به ،وأبوا لها أن تستمر فيه ، سنوات من النضال تذهب أدراج الرياح، وكأنها لم تعمل ، ولم تنفق عرقا وعاطفة وتعبا ومثابرة ، و أقوالهم القاسية التي اتخذوها حجة لهم، لإخراجها من العمل ، تطاردها باستمرار ، سهام تبدد راحتها وتغتال أحلامها ، بحثت طويلا في المؤسسات عن عمل جديد ، يرحبون بها في البداية :
- مرحبا بك سيدتي ، يسرنا أن نستعين بك ، يحتاج عملنا إلى إنسان مخلص مثابر مثلك ، تبدو عليك علامات الطيبة وحب الناس.
- يسرني رأيك
- ولكن ،كم عمرك سيدتي ؟
- آه آسفين جدا ، لا يمكننا الاستعانة بجهودك ، أنت بلغت سن التقاعد..
يطول بحثها بلا طائل ، و يكثر خروجها من المنزل، لتجد مكانا آخر قد يوافقون فيه على طلبها ، ولا يتخذون من العمر عائقا ، فكرت أن تهرب إلى مكان بعيد ، ولكن وضع أولادها المعتمدين عليها كل الاعتماد ، يجعلها تبعد فكرها عن محاولة الهروب ، من لها غيرهم في هذا العالم ؟
تهيئ طعام الغداء في الصباح الباكر ، وتقوم بما يحتاج إليه المنزل من تنظيف وعناية ، وتستعد للخروج ، ورغم أن محاولاتها كانت تقابل بالفشل ، إلا أنها لم تفقد إيمانها الكبير، أن غدها لابد أن يكون أجمل من يومها المتعثر هذا ، وان نشاطها الكبير وإخلاصها في العمل ،وحبها له يمكن أن يذلل كل الصعوبات والعوائق التي تقف في الطريق ..
تعود منهكة إلى بيتها ، تصعد درجات السلم بنشاط وهمة ، تريد أن تحضر مائدة الطعام ..
أولادها يعودون بعد قليل من المدارس ، يصطدم قدمها بشيء صلب ملقى على الدرجة الأخيرة من السلم:
- ماهذا ؟
تنحني لتتفقد الشيء وتعرف طبيعته..
- انه محفظة نقود ، ربما رماها صاحبها هنا ، لابد انها فارغة ، لايعقل ان يكون بداخلها بعض النقود ، ولكن من يدري ؟ ربما ..آه ..الحمد لله ، نقود كثيرة ..وجدت الحل لمشكلتي أخيرا ، بعد أن نفدت نقودي، التي كنت قد ادخرتها لحكم الزمن ، الحمد لله ، بعث لي تعويضا عن أيام السهاد والتعب وفقدان العمل.
تسارع إلى فتح منزلها ، تفتح المحفظة ، تعد ما بها ، مبالغ كبيرة لم تكن تحلم بها ، و قطع ذهبية ثمينة ، وبطاقة هوية ، تقرأ المعلومات بها بتمعن ،
من يمكن أن يكون صاحبها المهمل، الذي أضاع محفظته على درجات السلم ؟ الحمد لله ، إنها من نصيبي ، وسوف تفيدني وتؤمن معيشتي شهورا..
تحضر المائدة وتضع عليها الأواني ، تسخن الطعام ، وتضع الخبز ، والماء والملاعق ، بعد ثواني يعود أولادها..
إنها فرحة اليوم، فقد حلت مشاكلها لبعض الوقت ، وبعد شهور حين تنفد النقود ، ستجد حلا ، يمكن أن تجد عملا ، من يدري ، ولكن ما بالها تجد الفرحة ناقصة ، وتشعر ببعض الضيق ، مابها ؟ لماذا تفكر كثيرا ؟ وما شأنها ان أضاعت جارتها الكسيحة نقودها، التي جمعتها لتقوم بالصرف على ابنها المسافر، إلى خارج البلاد للدراسة ، لماذا لا تفرح ، وتأخذ النقود التي بعثها الله لها ، هي أولى من غيرها ، ولكن ماذا تفعل جارتها ؟ إن عرفت بضياع نقودها ؟ ...وما شأنها هي ؟ لتجرب جارتها حياة الفاقة كما جربتها ، قد تكون الجارة أفضل منها حالا ، فزوجها حي يرزق ، ولكن زوج الجارة عاطل عن العمل ، وجارتها المسكينة الكسيحة تعمل للأنفاق عليه ، يا الله يا ما في الدنيا من مظلومين ، لماذا تكثر من التفكير ؟ النقود لها ، ولن تعود إلى تنغيص نفسها بما يحدث للآخرين ، ولكن هل تعلمت طعن من يحسن إليها ؟ جارتها كريمة معها ، وتقف بجانبها ، وقد جربت أن تجد لها عملا ، ولكنها لم تفلح ، وخابت محاولاتها ، من يدريني إنها حاولت ، النقود لي ، لتذهب الجارة إلى أي مكان ..
القلق يستبد بها ، والحيرة تهيمن على تفكيرها ، والأفكار المتعارضة المتصارعة تذهب بها في جميع الجوانب ، من قال إن النقود لها ؟ هل تعبت في جمعها ؟ لقد تعبت كثيرا ، في جمع نقود أخرى ، وصرفتها على العائلة ، ولو جمعتها لكانت أكثر من هذه النقود أضعافا مضاعفة ، ولاستطاعت أن تكون من الأثرياء ، ولكن شاء طالعها أن تقوم هي بالإنفاق ، لتعجز عن جمع النقود..
- صه يا عقلي ، إليك عني يا فكري ، لماذا تتعاونان على الإيقاع بي ، جاءتني الهدية إلى عقر داري ، وحل الرزق بعد طول انتظار ، ابتعدا عني.
وكيف تبتعد عن عقلها ، وهل يمكنها أن تنأى عن فكرها ؟ ماذا يتبقى لها ، بعد ابتعادهما ، لن تظل كما تريد أن تكون ، لتذهب نقود الآخرين ، سوف تعيدها إلى أصحابها ، ولن تعرف الراحة حتى تعود إليها طبيعتها الجميلة


صبيحة شبر

31 تموز 2010



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأشيرة السعادة : رواية : الجزء الاول
- الواقع والاحلام لا يلتقيان
- الدليل : قصة قصيرة
- رواية راحلون رغما عن انوفهم - الجزاء الاول
- البديل : قصة قصيرة
- قراءة جديدة لمجموعة قصص التابوت لصبيحة شبر
- الر ائدة سافرة جميل حافظ تحول مكتبتها الخاصة الى عامة
- عيد ميلاد في 1/7
- راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الثاني: الفصل الخامس و ...
- راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الاول : الفصل الاول وا ...
- بائعة الورد : قصة قصيرة
- وصول متأخر: قصة قصيرة
- كيف تنأى عن موقفك ؟
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الخامس والأخير
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الرابع
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الثالث
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الثاني
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الأول
- نازك الملائكة عاشقة الليل والطفولة
- لميعة عباس عمارة


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - المحفظة قصة قصيرة