أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الرابع















المزيد.....



وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الرابع


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 5929 - 2018 / 7 / 10 - 18:36
المحور: الادب والفن
    


الجزء الرابع من رواية ( وأدتُك قلبي )
(48)
فكرت بباسمة سعيد كثيرا ، وابتعدت عن الأمور التي احبها ، يقول لي الأصدقاء متعجبين بحالي:
- ماذا جرى لك يا احمد ؟ لماذا نراك تطيل التفكير ؟
- لاشيء بي ، انها غمامة عطلت صفوي! سوف اجاهد على طردها من فكري.
- اصبحت غريبا يا احمد ! وقد عهدناك قويا يقتدى بك!
حقيقة ماذا جرى لي ؟ منذ البداية عرفت ان باسمة لاتصلح لي ، فهي امرأة لاتولي العاطفة اهتماما يليق بها ، وتعتني بالفكر فقط ، كيف للانسان ان يعيش ان كان مفكرا ولم يحول أفكاره التي يؤمن بصحتها الى أعمال تناسبها ؟ ما شأني بامرأة مثل باسمة ؟ تراجعت في عملي ، وفي علاقاتي بالأصدقاء ن حتى نهلة الحبيبة لم التق بها منذ فترة ، انها الوحيدة القادرة على اخراجي من هذا اليم المخيف ، الذي ألقتني باسمة في غياهبه ! نهلة الحبيبة والعاشقة والمفكرة والتي تمنح الحب بلا مقابل ، ولا تسألني ماذا أقدم لها ، لقاء ساعات من العشق واللذة أقضيها في أحضانها اللاهبة ، نهلة جنتي الجميلة ومعشوقتي التي لامثيل لها ، وصنوي في الحياة ، سوف اقضي معها اجازتي العارضة ،التي سوف اجعل الادارة توافق على منحي اباها، اتعبني التفكير في باسمة ولن اعيد هذا المرض ، وسوف احرص على صحتي ، التي أخذت تتراجع بشكل كبير ، يدعو للخوف ، سوف اقنع نهلة ان تأخذ اجازة من عملها ونسافر الى مكان قريب ، مثل الأردن ، التي قضينا أياما في ربوعها في السنة الماضية ، سوف نجدد تلك الأيام ونسافر الى الأماكن التي شهدت حضارة الأردن ، وما زال السياح يحرصون على السفر اليها ، والتمتع بجمالها الأخاذ وفتنتها الطاغية ، سأقدم طلبا للحصول على تأشيرة الأردن ، وبعد الحصول عليها ، والتي لااتوقع انها ستطول ، اقدم طلبا للحصول على اجازة مرضية عارضة من ادارة الصحيفة التي أعمل فيها ، ورغم سعادتي بالعمل ، الا انني أحتاج االى اجازة اقضيها مع حبيبتي نهلة والتي اعتبرها جنتي وفردوسي الأعلى... معها انسى كل هموم الدنيا...


(49)
الدروس بالتمارين قد نجحت ومحاولات الضحك على النفس تسير بنجاح ، هل انطلت على باسمة سعيد قصتها الجديدة ووهمها الكبير ،الذي ارادت ان تزرعه في داخل نفسها ،انها يمكن ان تحب فالحا ، وتنسى الحبيب الدائم الذي يصحبها في كل لحظة من أيامها ، هل تستجيب للوهم وتلبي نداء الكذب ؟ وتزعم لروحها ان عشقها لفالح صحيح وان حبها الثابت المقيم كان فترة وانتهى ؟ هل تقدر ان تقتل الحب الجميل وشجرته الوارفة ، لتغرس بدلا عنه وهما كاذبا زعمته لنفسها ، وصدقته انها فعلا تحب فالح ؟ هل تحب فالح وهو الفقير من الصفات التي تعشقها ؟ هل تمثل الى نهاية المشاهد وانزال الستارة ، لتبين للعالم ان الحب يمكن ان ينتهي وان العشق لأحمد يمكن ان يزول ،وان الورود المتفتحة التي تهبنا عطرها ،قد ماتت وحل مكانها علقم ،وزهر مر الطعم سييء الفكر ، بعيد كل البعد عما ارادت ، عشق كبير استمر كل حياتها ،تجده يودع عالمها وينتهي ، ام انها من ارادت ان تضع حدا لحبات القلب الظمأى وهي تحلم ان عطشها سوف ينتهي ،وان الظمأ سرعان ما يزول، تقرر ان تئد الورود الجميلة ، ولكن لماذا تلجأ باسمة الى هذا المصير الذي لاتعلم عنه شيئا ؟ أمن اجل كلمات قالها فالح وهو لايعنيها ، كلمة احبك هل تستحق لوحدها ان تزيل عروش الحب من قلبها، وتقلع شجرات العشق التي ترعرعت في وجدانها ونبض القلب باسم احمد نبضاته المتكررة الخالدة ، من اجل كلمة جوفاء تضحين بعمرك ايتها المخلوقة ؟ كل محاولاتك لجعل نفسك العطشى تقبل على حب فالح تذهب عبثا ، لماذا تقتلين نفسك بسكين قد جعلت نصلها ماضيا، هل صدقت ان تمارين قرأت عنها في كتاب افروديت قد نجحت في داخلك،واقتعلت شجرة وارفة من قلبك ، اية ارادة هذه لقتل الحياة ؟ ماذا قال لك فالح لتتمسكي بحبه ، وتنسي قصة عشسق خالدة استمرت عمرا كاملا ، هل لأن احمد لم يقل لك الكلمة التي انتظرتها طوال العمر ، وكانت كل تصرفاته وحركاته تعبر عما يجيش في قلبه من نار حارقة ؟ ماذا جرى لك ؟ لتجني على نفسك وتقتليها بسكينك الحادة وانت تزعمين انك تحيينها ، لاتتحدثي عن الحب ايتها المخلوقة ،وانت عاجزة عن لقاء الحبيب الذي حلمت به الحياة كلها؟ اية لعنة حلت بأرضك وجعلتك تقررين ان تحبي انسانا غريبا لمجرد كلمة قالها لك ، وتنسين سلوكا مستمرا يدل على روعة الحب ،من انسان عشقته كل أوقاتك ، انت مسكينة وسوف تنتحرين بارادتك ، وانت من يظن انك قوية ماهرة اذهبي اليه ايتها المخلوقة ! واعترفي له انك عاشقة له وحده كل هذه السنين ، حاول مرارا ان يبين لك عشقه ، ولكنك من شدة ضعفك تهربين ! لماذا تهربين من رجل أحببته كل هذا الحب؟ لماذا ؟ ما العلة التي تدفعك الى هذا السلوك العجيب؟ لم يحدث شيء بعد يا صديقتي اتركي فالحا وكل العالم الكاذب ،واهرعي الى حبيبك وبثيه نجواك ، اخبريه انه لولا الحب لاحترق العالم ، ولأبيدت البشرية ، اطلبي منه ان يحضنك بقوة بساعديه القويتين ، قولي له ان الدنيا لاتحلو الا معه ،ارقصي له رقصة الحب والشهوة ، غني أمامه واسمعيه كلمات الغزل ،التي نظمتها في حبه وجميل مناقبه ، قبليه واطلبي منه ان يقبلك قبلة لاتفيقان منها ابدا ، ماالعالم سوى قبل الحبيب ولذة العناق وجمال الأحضان ، سارعي ايتها المخلوقة واطلبي من حبيبك ،ان يعلن حبه أ


أمام العالم اجمع ، انسي فالحا هذا ، انت لاتحبينه ، وذوبي باحضان حبيبك احمد ، العمر لحظة وتنقضي ، سارعي الى عيش لحظتك حتى ثمالتها..
ترقص باسمة بفرح ، هل حقا انها سوف تنفذ ما عاهدت نفسها عليه؟ ام تتنكر للحب اللذيذ كالعهد بها دائما..
تبحث في المذياع عن أغنية راقصة ، لتؤدي على انغامها الجميلة حركاتها ، تقرر ان تذهب غدا ومنذ الصباح الى احمد ،وتعلن له فرحتها القوية انه يحبها كل هذا الحب..
تسعد باسمة سعيد لأنها توصلت الى قرار صائب ، ألا تجعل عواطفها حبيسة ، وان تصرح بها للحبيب ، وان كانت لاتجرؤ ان تحادثه وفالح معها ، فلتبعث له رسالة تبثه نجواها ، وتخبره بما تعانيه من نار مستعرة في ضلوعها ، ولتوافق على طلبه للزواج بها ، فهذا جل ما تتمناه ، ولتبعد فالحا عن فكرها ، سوف لن تخاف عليه ، ربما لن يتألم ان ذهبت الى الحبيب ،
تشعر باسمة براحة كبيرة ، تغير ملابسها بأخرى جميلة ، تضع العطر الذي تحبه كثيرا، تفتح آلة المسجل على أغنية رائعة لأم كلثوم ، تستمع الى اللحن الجميل وترقص ...
- احتاج أن أراك
كتبت الجملة في ورقة وضعتها على باقة الورد ، وأرسلتها الى احمد منصور في عمله في الجريدة..
راحة كبيرة تشعر بها باسمة بعد ان وصلها رد احمد على رسالتها..

(50)
مسكينة باسمة سعيد ، تظن انني وبعد طول انتظار ، ساحفظ حبي لها ـ، وهل كنت حقا أحبها ؟ كما تتوهم هي ؟ طلبتها للزواج من قبل شقيقتي ، وانتظرنا معا ان تفيق هذه المخلوقة من غفوتها ، وتعلم انه لايمكن لرجل ان ينتظر امرأة كل هذا الوقت ، ماذا كانت تتوهم ؟ وأين كان فكرها ؟ كنت اجدها وقد بانت عليها علامات العشق ، ولي انا دون الرجال كلهم ، رأيت الحب واضحا بتصرفاتها ، ولست انا الوحيد ، شقيقاتي وأصدقائي ، قد لاحظوا ان باسمة تعشقني ، ولكن لماذا صمتت كل هذه الفترة ؟ يمكن أن أغفر لها انها لم تستجب في البداية لطلبي بالزواج منها ! ولكن ان تسير مع فالح وأمام الناس أجمعين ـ وكأنها تتحدى ، هذا لن أسامحها عليه ! ماذا تظن باسمة سعيد ؟ تكتب لي رسالة ان امضي الى حبها ، بعد كل هذا العناء ، وأن أستجيب لما تشعر به ، وانها تحبني كل هذا الحب ! كيف تجرأت أن تكتب لي رسالتها ؟ وقد انتظرت جوابها بعد أيام طويلة ، مرت عبثا وكل يوم يسألني احد الأصدقاء :
- ألم تجبك باسمة ؟
- لا بعد ..
- وهل ستجيب ؟
- لا أدري !
- لا أظن انها ستجيب ! كل يوم أراها تتمشى مع فالح ، وتحضر معه عروص السينما ، ويتناولان طعامهما معا !
- أعرف هذا !
- هل ستتزوج باسمة فالحا ؟
- كيف أدري ..
- وهل أصبحت تحبه ؟
- لا أدري ايضا!
يمضي الصديق بعد انهمار أسئلته الغبية على عاتقي ، اشعر بالظلم يستبد بي، كل الأصدقاء يعرفون انني أرسلت شقيقتي الى باسمة سعيد ، لتطلب يدها لي ، ويستنكرون انني تركتها تسير مع فالح ، وان تتصرف على هواها ، ولا يعلمون انني غارق بحب نهلة ، و انني لن اترك جنتي الموعودة الى أخرى ، لاتعرف ماذا تريد ، تحبني وبعد فترة تعشق رجلا آخر ، ثم تفيق من غفوتها وتعود الى حبيبها الأول ! ماذا تتوقع هذه المخلوقة ؟ هل استقبلها بالورود ؟ وأفتح ذراعي لاحتضانها ، انها واهمة ، وقد أثبتت انها عديمة الذكاء .. كيف يمكن لامرأة ان تترك حبيبها ، وتتبع رجلا آخر . لماذا فعلت باسمة هذا ؟ أقرأ رسالتها التي بعثتها لي مع باقة من الورد ، وتصيبني الحيرة ، كيف أتصرف مع انسانة واسعة الثقافة ، شديدة الغباء بأمور العاطفة والحب ، سوف اجيبها بما يرضيها ، واواصل حياتي مع فردوسي الجميل ، التي تعرف كيف تسعدني ، وان تجعل كل لحظات لقائنا جمالا متواصلا ، ومتعة فريدة وعشقا لاهبا ، ولذة تجعلني أحيا في جنان الخلد ، اتذوق كل لذات العالم..
(51)
تتلقف باسمة سعيد رسالة احمد ،كما الظمأن أدرك بعض قطرات المطر:
اشكرك على رسالتك الجميلة ، وأمنحك قبلا عديدة ، فقد افرحتني بعد عناء ، وأزالت كربتي بعد ان ظننت ان لا براء منها ، سهرت ليالي طوال انتظر منك ،ما يروي ظمئي ويشفي علتي ، ويضع حدا لمتاعبي التي أشعلتها انت ،أتمنى أن أنام جيدا الليلة ،رسالتك رائعة حبيبتي ، كلماتها ترسل لي أمواجا من الفرح اللذيذ ... كم أحبك! طوال ليلي ونهاري أفكر بك. أنا سعيد ، بل انا أشعر بالنشوة ،. منذ أن ظننت انني فقدتك، وأنا أعتقد أنك يمكن أن تري كيف أشعر الآن، بالغ السرور والبهجة ،لا تستطيع الكلمات ان تصف مدى فرحتي. كنت ميتا فاحيتني رسالتك من جديد وبحبك تم تجديد قلبي ...
إن الحياة بدون حب مثل القيثارة دون ألحان ، والحب هو عمل نبيل من الإخلاص والثقة والإيمان والولاء، وكلما كنت تحب، كلما كانت السعادة من نصيبك، ، لقد طلبت يدك لأني احبك ، وقد أحببتك منذ الوهلة الأولى ، انا مثلك ايتها الحبيبة ، احب الموسيقى والغناء واعشق الورود ، اسير لمسافات طويلة جنب البساتين ، احب الصداقة النقية الخالية من الادران، وصداقاتي تستمر مدى العمر، كنت واثقا انك لم تحبي فالحا ، ولقد حلمت مرارا انك ستعودين الي ، مرحبا بك ايتها الحبيبة ، اكتب لك وانا استمع الى الألحان التي تعشقينها ، لقد قرأنا الكتب نفسها واحببنا الشعراء والروائيين ،الذين يدافعون عن قضية الانسان ، احبك باسمة ايتها الروح الجميلة والانسانة الرائعة ،وانا محظوظ جدا انني فزت بحبك ، سنكون سعيدين حتما حبيبتي ، لدينا نفس الاحلام وعين التطلعات ، واصدقاؤنا يتميزون بالطيبة والجمال ، احبك ايتها المرأة التي طال توقي الى أحضانها ، حدثت امي وابي عنك ، شقيقاتي وانت تعرفينهن يحببنك ، ويسألن عنك باستمرار، سوف لن يعرف السهد طريقه الى عيوننا، النخلة الباسقة التي اعجبت بها، في منزلنا تبعث لك تحياتها ، والبلبل الصداح يرسل لك اغنياته العذبة ويدعوك الى اللقاء ، ايتها الحبيبة التي طال انتظاري لها ، اعشق كل شيء فيك ، سارعي الى احضاني المرحبة بقدومك ، ساعداي يستقبلانك بنشوة ايتها المرأة الجميلة ، هل تذكرين مجموعة الصور التي كونت منها ألبوما يحفظ رونقك ، والذي أؤمن انه باق خالد طوال عمرنا ، تلك الصور امامي في صباحاتي ومساءاتي ، هل ظننت يوما ان الحب الكبير الذي جمع بين قلبينا وعقلينا يمكن ان ينسى ، لم أنسك ايتها الحبيبة الجميلة ، ستبقين قرة العين وينبوع الجمال وواحة من الطيبة تجعل حياتي باسمة كاسمك..

(52)
لم اكن افكر يوما ،انني سوف اكتب رسائل حب لامرأة ،لا أشعر بالحب نحوها ، مالذي جعلني استطيع ان اكتب تلك الرسالة ؟ هل أصبحت بعد هذا العمر الذي قضيته في النضال ، أرتكب اثم الكذب دون أن يطرف لي جفن ؟ كيف واتتي هذه القدرة ؟ ومن اين جئت بهذه الكلمات التي تدل على تجربة كبيرة في العشق ؟ لايقدر عليها من كان خال الذهن من تباريح الهوى ، وتعب القلب ، وسهر الليالي الطوال ، يناجي المرء في ليالي السهد ، القمر وهو يظن ان حبيبته تستقر في أعماقه .. كيف لي ان ازعم انني اناجي القمر ، وقد أثبت العلم ان ارض القمر محض صخور ؟ هل جاءتني القدرة على كتابة رسائل الغرام من قصة حبي لبلقيس تلك المرأة التي رفضني اهلها حين تقدمت طالبا يدها ؟ وهل استطعت ان اسطر المشاعر حين تعرفت على المخلوقة الفاتنة ، التي احبها اكثر من حبي لنفسي ، واقوى من الأرض التي أستوطنها ، ولا أشعر بذرة من السعادة ، التي تملؤني وانا استوطن ارض نهلة ، وأحرثها بمحراثي ،أتمتع بمفاتنها التي لم تخطر على بال احد الرجال ، ولم نجدها في اي امرأة أخرى ، لقد خلقت محبوبتي من عنصر خارق لايوجد في الجنس الذي عايشناه ، وعرفنا مميزاته وخصاله ، هل حبي لنهلة دفعني أن أسطر مشاعر كاذبة ، لامرأة احبتني طوال عمرها ، وأعيتها الوسيلة كي تصرح لي بمدى حبها ، نحن قوم مغضوب علينا ، لأننا لانحسن التعبير عن مشاعرنا ، وتطل المرأة المسكينة تعشق وتعاني من الوجد فترة تطول من الزمن ، حتى يفكر احدنا ان يحنو على وجعها المتواصل ، وأنينها الذي تعجز عن البوح به ، اي مجتمع ظالم نحن ، ندع نساءنا وفتياتنا يتجرعن هموم الصبابة وأوجاع الهوى ، والرجل سادر في وضعه ، قد يزعم انه لايدري ان امرأة معينة ظلت طوال عمرها ، تحلم بالوصال به ، لاتستطيع ان تعبر عن حاجتها الى أحضانه ، ولا تقدر ان تسكت ، لأن في الصمت هلاكها ، كما تعاني النساء العراقيات ، ووضع كل امرأة في العالم أفضل ، اذ لايجد عندهم غسل العار ولا ان يذل الأب و الأخ ، لأن ابنته او اخته قد عشقت رجلا ، وحتى في الخفاء لايمكن العشق ، فهو من الأمور المحرمة على النساء..
كيف ارتضيت لنفسي وانا المثقف في نظر هذه النفس ، أن أخدع امرأة لم تذنب معي ، الا انها احبتني بكل خلجاتها ، وعشقتني بكل كيانها ، وحلمت بوصالي بكل ذرة من ذرات جسدها المحروم ؟ وانا المتمتع باللذات ، النائم ملء جفوني ، القادر على الاختيار بين عدد من النساء ، كل واحدة منهن تتعطش ان تصبح زوجة أحمد منصور ؟ هل انا بكامل قواي لااحد يراني ظالما ؟ بينما اغش باسمة وهي التي كانت تصدق كل حرف ينطلق مني ؟ ماذا افعل لنفسي ؟ وانا لااحب هذه المخلوقة ؟ هل اتزوجها واستمر بعلاقتي مع نهلة ؟ ام اصارحها انني لا أحبها ،




(53)
مرحبا صديقي العزيز
رسالتك رائعة ، قرأتها مرات عديدة ، وتسعدني معانيها الجميلة ، افكر فيك دائما وارجو ان تكتب لي باستمرار ، رسائلك تجعلك قريبا مني وهذا يسعدني كثيرا ، لم استطع الاستماع الى الموسيقى التي اهديتني اياها ، وقد شاهدت فيلم تاتانيك عددا من المرات ، وكان يدهشني كثيرا ، هذا الوفاء الذي تميز به الحبيبان ، والمرأة التي لم يجعلها الموت تنسى حبيبها الراحل ، هل هناك مثل هذا الوفاء في حياتنا المعاصرة ـ الموسيقى ام انها احلام الشعراء والأدباء ، يطمحون ان يكون العالم اجمل ، فيؤلفون القصص والروايات و ينظمون الأشعار ، ليضيفوا الى حياتنا رونقا لم يكن فيها ، ماذا يمكن ان نفعل لو لم تكن الجميلة ، والتي نسمعها فننسى الهموم ، ونجد المشاكل وقد خفت حدتها فنفكر ان حلها من المستطاع ، وكم اسعدتنا الروايات والقصص التي تتحدث عن بعض مشاكل ابطالها ، وتجعلنا نقبل على قراءتها بشغف وحب .....نحتاج الى الخروج معا ، لاتخش ان اهرب منك كما كنت أفعل سابقا ، ابتعادك عني الأيام الماضية جعلني حريصة على القرب منك ، انت بلسم للروح وشفاء للنفس وعلاج لسقم الفؤاد ، انت كل شيء بالنسبة لي القلب والعقل والنبض والتنفس انت الروح والقلب ،انت الحب والعشق والحياة والسعادة والرغد ، انت الرغبة والاشتهاء انت الماء العذب الذي يشفي من الألم وينقذ النفس من متاهاتها ، انك من يجعل النفس تتمسك بالحياة ،وترغب في تحقيق الوصل معك , ايها الحبيب الذي لايضاهيك انسان ولا يدنو من مميزاتك شخص ، علوت بصفاتك الحسان كل المميزين، ايها الرائع الجميل ، ليكن قربك شفاء لنفسي والتي طال سقمها، احطني بساعديك ايها الحبيب واشف ما تراكم في قلبي من جراح ،أزل طعم العلقم الذي احاطني طول العمر ، وأبدل حياتي البائسة بأخرى اكثر جمالا وبهجة ، اعشقك ايها الرجل الحبيب.. أعد لي الحياة الآفلة ، واجعلني ارى بهجتها ،عيوني لاتبصر يا حبيبي ، فلم ارى الحب واضحا في تصرفاتك ، وأوهمت نفسي أنني قادرة على الابتعاد عنك ، ولكن قلبي المتيم كان يناديك ، ان عد الي أيها الحبيب ، لتشفي جراحات في الفؤاد ، رسالتك اسعدتني بعد طول شقاء..

(54)
ما كنت اعلم ان سطورا قليلة كتبتها دون ان اعني معانيها ، قد أيقظت اوجاع انسانة اكن لها كل التقدير والاحترام ، وان كنت أشعر انني لاأحبها ، لماذا كتبت تلك الكلمات وانا ادرك ان الحب الذي يستبد بي ، لم يكن لباسمة سعيد يوما من الأيام ـ وان نهلة الجميلة الرائعة ن المرأة التي استوطن حبها قلبي ، وانارت فتنتها مناطق الظلام في اعماقي ، اني لااحبك يا باسمة ن لماذا تحاولين ان تستجدي شعورا لايمكن ان احمله نحوك ؟ وانت التي تزعمين انك قوية عصية على الشعور بالانهزام ، ولماذا لجات انا الذي أحترم نفسي وأقدرها الى لعبة اجدها قذرة بكل المقاييس ، هل اطلب من باسمة مقابلتها ، لأتصف بالشجاعة التي افتقدها ، واصرح لباسمة انني لااحبها ، وانني اقدر شخصيتها الجميلة ن وفكرها التقدمي الرائع ، وشجاعتها ، واصرارها لبلوغ ما تحب الوصول اليه من أمنيات ، ولكن الحب ذلك الشيء الذي جعلني اشتعل ، لم اعرفه الا لنهلة التي تحترم باسمة وتقدرها ن وتطب مني ان اكون رحيما معها ، وان ابتعد عن القسوة في معاملتي لها ، فكيف اكون حنونا مع مخلوقة تنتزع مني اعترافا بالحب رغم ارادتي ، هل نحصل على الحب عنوة ؟ ام هو تالف بين روحين ؟ وانمسجام بين فكرين وتعانق بين جسدين ، نهلة الرائعة الفاتنة المرأة الوحيدة التي اعشقها بملء القلب ن ولو جعلوا مئات الحسناوات يعرضن امامي ، لختار احداهن لتكون ملكة على قلبي ن لما وقع اختياري الا على نهلة . لماذا جاءت باسمة لتحتل مكانا اريده لنهلة في حياتي ، باسمة هي البادئة في جعلي اعترف بالحب رغم ارادتي ، كنت أستنكر ان يضطر المرء ان يعمل امرا غير مقتنع به ، وها ان باسمة سعيد تجعلني اقوم بما ليس يرضيني ، لماذا كتبت لها رسالة الحب؟ أما كان الأجدر بي ان اقرأ رسالتها واشكرها على نبيل عواطفها ، واخبرها دون ان اجرح شعورها ، انني لا احبها ن واقولها صراحة انني كنت اطمح الى الزواج من امرأة مثقفة مثل باسمة ، قوية الشخصية ، تقدم على الأمور غير هيابة او وجلة ، لاتهتم بالاقتصاد ، ولا تحاسبني ان صرفت على المنزل ، او لم أفعل ، لأنني قد امر بضائقة مالية ، تجعلني اعطي راتبي لأسرتي التي تحتاج الى نقودي ، وأعرف ان باسمة مرفهة اقتصاديا ن وان اباها يمنحها الكثير من النقود ، لهذا اردت أن أتمتع براتبها ، وكنت أدرك انها لاتبالي ، فهي تحب مساعدة الناس ، ولكن ان تكون باسمة عاشقة لي ، وان حبها يتزايد ويكبر ، رغم سيرها مع فالح ، فهذا لم اكن اعرفه ، ولكني اعتب على نفسي ، لماذا أجبت عن رسالتها ؟

(55)
الأفراح تتوالى، وباسمة سعيد تتحقق احلامها في محبة احمد منصور ، يتمشيان كل يوم ويسهران في الليل مع الأصدقاء ، ثم يرافقها في طريق العودة الى منزلها ، في احدى المرات رأت أخاها الكبير واقفا في بداية الشارع الذي يقع فيه منزلها ، حين نزلت من السيارة برفقة احمد جاءها الأخ ، حياه احمد بود وعاد راجعا ، حين وصلت مع اخيها الى المنزل سألها :
- لماذا اصبحت تتأخرين في العودة؟ ومن هذا الرجل الذي يوصلك كل يوم؟
- انه احمد ، هل تعرف احمد منصور؟
- هل هو صديقك الذي طالما حدثتني عنه؟
- نعم هو نفسهَ!
- الا تعرفين تقاليدنا العراقية ؟ انت اول من كنت تحرصين عليها! اصبحت تتأخرين في العودة الى المنزل ، وكنت تعودين حين تبدأ سحب الظلام بالمجيء ، انت ما زلت باسمة ام تغيرت؟
- لم اتغير انا نفسي ابنة هذا الوطن الحبيب ، احب ناسه واحرص على تقديرهم واحترامهم، كما انا دائما، وكما وجدت اهلي وناسي،و هناك حدث سعيد سوف اخبركم به قريبا..
- قد توقعت انك تعيشين قصة جميلة .
- توقعاتك صحيحة اخي ، قريبا ازف لكم البشرى التي سوف تسعدكم!
- انا سعيد حبيبتي منذ الآن ، واعرف انك لاتتسرعين في اتخاذ القرارات!
يتركها اخوها سامي ، تفتح آلة التسجيل وتستمع الى بعض الأ غنيات التي تجعلها تقدم على الرقص ، انها سعيدة ، وسوف تعلن النبا البهيج للأعزاء اصدقاء وأقرباء قريبا جدا، تنظر الى المرآة ، ترى الوجه الذي تبدو عليه علامات الابتهاج والفرح والتفاؤل ،بان الغد سيكون أجمل من اليوم ، لقد تحققت آمالها وسوف تعيش مع الانسان الذي احبت بوئام وتعاون ،لاتعكر صفوه الخلافات التي كثيرا ما تحدث نتيجة تدخل طرف ثالث ، سوف يحلان المشاكل التي تعترض طريقهما ولن يسمحا لأحد ان يتدخل بينهما ،ليزيد حدة الخلاف ان حدثت ، هي تدرك ان اي علاقة قد تعترضها عقبات ، غدا سوف تحدث احمد منصور انه آن لهما ان يعيشا في بيت واحد ، ليحافظا على سعادتهما ، ويحميا حياتهما المشتركة..
وهي تتمشى مع احمد منصور ، تقول له :
- متى تتوكل على الله؟
- في أي وقت تشائين!
- هل اخبر ابي انك ستزورنا مع الوالد والوالدة؟
- سوف اتفق مع تلوالدين على الوقت الذي يزورانكم فيه واخبرك!
- مرحبا بهما وبابنهما!
- ان أسرتي تعرفك تمام المعرفة ، تعجب بك شقيقاتي ، ويبلغنك تحياتهن كل يوم ، يعرفن ااني سأقابلك فيه ..
- احب شقيقاتك كثيرا .
- اعرف ذلك ويسعدني سعادة كبيرة ، ان اجد خطيبتي وشقيقاتي صديقات تقدر احداهن الأخرى .

(56)
بلغت اسرتي انني انوي الزواج من باسمة ، رحب جميع أفرادها بالخبر ، كلهم يعجبون بباسمة ويجدون فيها الزوجة المناسبة لي ، فهي صبورة عظيمة الشمائل ، مبتسمة لاتغضب بسرعة ، تتميز بالهدوء وضبط النفس ، تقول والدتي :
- سأكون سعيدة لأنك قررت اخيرا الارتباط بباسمة ، فهي المرأة تلوحيدة التي تناسبك..
امي لاتعلم ان باسمة صمتت كثيرا ، حين طلبت شقيقتي يدها ، وانها ابتعدت عني واخذت تسير مع فالح ولا ادرك انا أسباب ذلك ، وجهل دوافعها كل الأصدقاء الذين يعرفونني ويعرفونها ، ورغم ان باسمة تبدو واضحة جدا ، لاتتميز بالغموض الذي تتصف به أغلب النساء ، الا ان باس الحبيب ، حين ابتعدت عني ، لم يفهم المفربون مني ماذالي جعلها تبتعد ، قالت امي:
- في هذا الاسبوع انا مشغولة ، امهلني الأسبوع المقبل ن كي اصطحب معي خالتك.
اخبر باسمة بقرار اسرتي ان تأتي الوالدة اولا ، لتقوم بالخطبة وحين تتم الموافقة الأولية ، يأتي ابي مع الوالدة وكبار السن من اسرتنا بقوموا بطلب يد باسمة لي.
تفرح باسمة بالقرار ، استغل فرصة الاسبوع كي اسعد النفس مع نهلة الفاتنة الجميلة، اطلب اجازة من الجريدة ، واصطحب نهلة الحبيبة في رحلة سياحية في ربوع لبنان لنروح عن أنفسنا بعد عمل مضن ، وهذا البلد الشقيق معروف بجماله الآسر ن الذي يسر كل من زاره ، مما يجعله يتوق الى تكرار الزيارة ، ليبهج القلب والروح ، ويجدد النشاط الذي يكاد يختفي في ظل الأعباء المتراكمة ، لم اسمح لنفسي ان افكر في باسمة وجعلت القلب مرتاحا لايعكر صفوه اي أمر من الأمور..

(57)
تخبر باسمة سعيد اسرتها ان هناك رجلا يطلب ودها ، ويريد ان يزور الأهل في منزلهم، تقول الأم:
- لكن اباك مسافر في عمل تجاري ، انتظري حتى يعود!
- سأخبر الصديق احمد بان تؤجل اسرته زيارتها حتى قدوم ابي من سفرته.
- لماذا لايقابلوني انا اخاك؟
- جرت عادتنا ان يستقبل الضيوف طالبي الوصال من قبل الاب! سوف اتصل بأبيك هاتفيا ، وأخبره بالأمر ، اظنه سوف يسارع بالعودة ، انت تعرفين كم يحبك! زيسعد حين يتمكن من تلبية ما تحبين ، سوف يسارع ابوك بالمجيء ، حتى لو ادى ذلك الى تأجيل عمله في الكويت.
- والدي مبعث فخري واعتزازي دائما ، وفقك الله ابي العزيز.
- انه مثال الأب العطوف والزوج الحنون ، سوف يعمل على اسعادك ابنتي الحبيبة ، انت ابنته الكبرى ولن يرفض لك طلبا ، احمد صديقك الغالي سوف يكون ضمن اسرتنا المتعاونة المتآلفة بعد فترة قصيرة ، وسوف يكون اولادي سنة بدلا من خمسة! اخبري صديقك بأن تزورنا اسرته بعد اسبوع ، ارى ان أباك سوف يكون في بيتنا قبل انتهاء هذا الأسبوع..
تخبر باسمة سعيد احمد بما د ار بينها وبين اسرتها من حديث ، فيقول احمد:
- نفس رغبة اسرتي ، قالت امي انها تنتظر خالتي لتعود من بيت ابنتها في البصرة ، حتى تصحبها في زيارتكم!
- جميل جد ا ، اسرتانا لهما نفس الرغبات ، عسى ان تتوحد الارادات في المستقبل ايضا.-
- وأبوك ماذا قال؟
- اب الخاطب تؤجل زيارته بعد اعلان الموافقة الأولية على الخطبة!
تضحك باسمة ويشاركها احمد في الابتهاج ، فالغد يبدو باسما مشرقا كما يأملان..يمر الاسبوع بسرعة ، وتتهيأ والدة احمد لزيارة اسرة باسمة سعيد..


(58)

رغم اني لااحب باسمة سعيد ، الا انني اعجب بشمائها ، واجدها الزوجة المناسبة لاسعادي ، فهي صبورة ، قد تتحمل نزواتي ، وما اقوم به عادة من الارتباط بعلاقات مع نساء اخريات ، لا اظن ان باسمة سوف تغلب عليها الغيرة ن كما تفعل النساء في مثل هذه الحالات ، باسمة تثق بنفسها كثيرا ، وبقدرتها على الاحتفاظ بعلاقة زوجية ناجحة مع رجل ،لا يرضى ان يضع حدا لغرامياته المتعددة ، سوف توافق على علاقتي مع نهلة ، التي لااقدر على مفارقتها ، فهي تمنح حياتي البهجة ، جعلت والدتي ترحب باقتراني بباسمة ، فهي تعرف قصص الحب التي اقمتها مع نساء كثيرات ، وكانت لاتوافق على الكثير منهن ، الاتي لا يوافقن ان امنح اسرتي راتبي ، لانها بحاجة اليه ، وتعطيني امي بعض النقود كي اشتري بها سجائري ومشروبي وما احتناج اليه من مشتريات ، باسمة سعيد غنية ، لاترهقني بطلباتها الكثيرة ، وسوف تساهم بكل راتبها من اجل اسرتها الصغيرة ، كما ان اباها سوف يساعدنا ، اخبرت امي بكل هذه الأمور ، فرحبت بزواجي من باسمة ، وكانت تعترض على اقتراني بالأخريات قائلة انهن مستغلات ، لايؤمن بالمساواة التي اريد ان اجعلها سائدة مع زوجتي في كل الامور المالية ، اما علاقاتي مع النساء ، فلا أظن ان زوجة مثل باسمة تطلب ان تقيم علاقات مع رجال غير زوجها ، وهي الانسانة المثقفة التي تحترم تقاليد مجتمعها وتصون سمعتها من اي اتهام قد يوجهه لها الأعداء عادة ..
اخبرت والدتي ان باسمة لها حساب مصرفي وانها تملك دارا اشتراه لها والدها الذي يكن لها الحب والتقدير ، رحبت والدتي بفكرتي ، وقالت :
- سوف ينقذك هذا الزواج من المستغلات اللاتي يرغبن بالاستئثار بما عندك!
- نعم امي ، سوف تذهب المستغلات بعيدا عني
لم اخبر امي انني ارغب بالابقاء على علاقتي بنهلة التي اعشقها كثيرا ، ولم اجد امرأة تضاهيها على امتاعي بما يلذ ويطيب من الجمال والمحبة..
نهلة تحترم باسمة وتجدها اهلا للزواج مني ، وكثيرا ما دافعت عنها امام الهجوم الذي يطيب لي ان اقترفه ضدها. ونهلة لها تاريخ طويل معي ، فكيسف يمكنني ان اتخلى عنها ؟ ونا الحريص على الصداقات المتينة التي يبدي اصحابها الصدق والمودة الخالصة ؟..
حدثت امي ابي واخواتي بما استجد من قصتي ، هن يعلمن انني سبق لي ان طلبت يد باسمة ، وانها صمتت ولم ترد بالايجاب ، وانها تمشت بعض الاماسي مع فالح ، لكن هذا لا يهم ، فياسمة مثال يقتدى في كرم الخلق والنبل والشجاعة..



(59)

لم تعد باسمة سعيد تأمل بالسعادة وتحلم انها ستحقق احلامها حين تقترن بالحبيب الذي تمنت كثيرا ان يكون بقربها ، يخففان معا متاعب الحياة ، ويذللان الصعاب التي تعترض الطريق ويزيلان الأشواك التي تدمي القلب ...
تزوج الحبيبان ، وافق ابوها على طلب احمد منصور ، سألها والدها:
- من هو احمد منصور؟
- انه انسان رائع!
- وماهي أفكاره ؟
- انه من جماعتنا !
وافق الأب دون اية شروط اخرى ، لم يستفسر عن راتب احمد ولا عن مقدم الزواج ولا مؤخره ، قال بفرح:
- انت انسانة ناضجة وتعرفين كيف تختارين الرجل المناسب لك!
اقام الأب حفلة كبيرة دعا اليها الأصدقاء والأقرباء ، وجهز وليمة كبيرة فيها ما تشتهي النفس من ألوان الطعام ، تهامس المدعوون عن النيشان ، فالت باسمة سعيد ان احمد سوف يقدمه لها، لكنه لم يف بوعده لها ، وقال انها انسانة تقدمية ، فكيف تهتم بالبالي من الامور ، و ان أباها قد ارتكب الخطأ حين صرف نقوده على الاحتفالات والولائم ، ان كان والدها يملك اموالا ، فالأنسب ان يقدمها لهما ليستفيدا منها ، فأمامهما حياة صعبة ، تحتاج الى عدم التبذير في المظاهر الكاذبة..
- كيف تفكرين انت ؟ وكنت اظنك تقدمية يسارية ، واذا بك تريدين زواجا كما تحب البرجوازيات والارستقراطيات..
لم تعرف باسمة سعيد كيف تجيب ، اخذ احمد منصور يصرخ ويسفه آراءها ويتهمها بالرجعية والازداجية ، وانها تدعي التقدمية وتصرفاتها رجعية للنخاع..
اخذ الخطيبان يذهبان الى السوق لشراء ما يحتاجه بيت الزوجية من أثاث واواني للمطبخ ، اشتريا غرفة النوم والجلوس وطباخ صغير لطهي الطعام يخلو من الفرن ، ولم يشتريا غسالة الملابس:
- انها عادة برجوازية لماذا لاتغسلين ملابسنا كما تفعل امي عادة ؟ هل امك تملك غسالة؟
- نعم وثلاجة ايضا وتلفزيون
- الثلاجة لن نحتاجها الآن ! نحن اثنان فقط ! وحين يأتي طفلنا نشتري الثلاجة
- وكيف اجهز الطعام وانا عندي دوام؟ أليس من الضروري ان تقوم المرأة العاملة باعداد الطعام قبل ذهابها الى العمل؟
- ذلك يكون عند مجيء الطفل ، انت تخرجين من العمل قبلي بثلاث ساعات ، تكفيك للقيام بتجهيز الطعام قبل رجوعي من العمل..
- والتسوق؟
- حين تخرجين من العمل اذهبي الى السوق ، سوف نستأجر منزلا قرب منزل عائلتك ، ومنزلهم قريب من السوق ، وحين لاتتمكنين من تجهيز الطعام اذهبي الى بيت ابيك واخبريني كي ا ذهب انا ايضا حين ينتهي عملي..
فارقت السعادة باسمة ، وأصبحت حائرة ، لاتعرف كيف تتصرف وهي تجد ان الحبيب ليس كما تمنت ، فهل الرجال من كثرة حبهم للواقع لايحبون ؟ أصحيح ما يقولون ان المرأة تحب وتسعى الى الاقتران بمن تحب ولو انتظرت الكثير من السنين ، لتحقيق آمالها ، وان الرجال الناجحين والمتميزين يريدون امرأة تختارهم من بين مئات الرجال ، اما الرجل الذي لاتحبه امرأة ، يرسل والدته لخطبة من يجدها مناسبة له ، وكثيرا ما تنتقي الأم زوجة لابنها من تراها تطيعها هي وتقدرها هي ولا تبالي ان كانت تلك الزوجة ممن تسعد الرجل الذي تخطب له الأم.
تمضي الايام وباسمة لاتستطيع ان تقرر امرا ، يؤجران منزلا قرب بيت عائلتها ، لايحتوي جميع الأشياء الضرورية التي تجعل من يعيش في المنزل سعيدا..


(60)
لم اكن أعرف ان النساء كلهن متشابهات ، في احتفائهن بالمظاهر ، كنت أظن ان باسمة التي كثيرا ما رددت انها امرأة عصرية تسعى للمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات ، سوف لن تكترث لتلك المظاهر ، واذا بي اجد نفسي مخدوعا في ان الادعاء قد انطلى عليّ ، في الخطبة دعا ابوها كل من يعرفهم الى حفلة كبيرة ، اقيمت مباركة لزواج ابنته مني ، وذهبت امي واخواتي الى الحفل دون ان اتمكن من دفع فلس واحد / ولماذا أضطر الى تبذير نقودي ؟ وانا مقبل على بناء حياة جديدة ، تحتاج الى تضافر الجميع من اجل انجاحها ؟ طالبتني باسمة ان اقدم لها النيشان كما يقدم الرجال في مجتمعنا البرجوازي المتأخر ، وتناست كل دعاواها في التقدم والمساواة ، انا لا املك ما اقدمه ، وعلى من تشاركني الحياة ان تدرك هذه الحقيقة ، صحيح ان باسمة صمتت حين ثرت عليها غاضبا ، ولكن الاستياء قد استبد بي حين وجدتها ، تردد كلمات المتأخرين الرجعيين ، لماذا على الرجل ان يقدم المهر للمرأة مادامت تطالب بالمساواة ؟ لماذا لاتقوم المرأة بتقديم المهر للرجل والصرف عليه ؟ ان كانت اسرتي تحتاج الى نقودي التي استحقها من راتبي ، فان باسمة لاتحتاج راتبها ، لأن اسرتها تفيها كل حاجاتها واكثر من حاجتها ، خاب ظني ولكني صمتت بعد ان اجتاحني غضب شديد ، وقررت ان انتظر ، عل ابا باسمة يدرك انني في ضنك من العيش فيقوم بمساعدتي على ايجار منزل الزوجية ، وعلى منحي بعض النقود لتأثيث منزل ابنته.. طلبت باسمة ان تشتري ثلاجة وغسالة للملابس وطباخا يحتوي على فرن وتلفازا ، فلم اوافق على مقترحاتها التي وجدتها مدعاة للتبذير ، طلبت منها ان تشتري غرفة نوم وغرفة جلوس كي نرحب بضيوفنا ، وطباخا صغيرا يخلو من الفرن الذي لانحتاجه في الوقت الحاضر ، ووجدت ان غسالة الملابس مطلب برجوازي صغير ، فنحن اثنان فقط ، وغسل ملابسنا لايحتاج الى جهد كبير ووقت طويل ، كما ان التلفاز ليس ضروريا ، يمكن ان نستمع الى الأخبار من المذياع الصغير الذي ابتاعته باسمة منذ زمن ليس طويلا ..


(61)

تبخر الحب كله من أعماق باسمة سعيد ، في فترة الخطبة وجدت نفسها تسير مع رجل غريب ، أفكاره غريبة ، وعواطفه بعيدة عنها ، يحدثها عن أعباء كثيرة تقع على عاتق المرأة ، لم تجد احدا في بلادها يحمل نفس الأفكار الغريبة عن النساء ، وهو يدعي انه مؤمن بالمساواة بين الجنسين ، وان تتبوأ المرأة المكانة التي تستحقها ، يقول احمد منصور:
- ما دامت المرأة المعاصرة تطالب بالمساواة ، عليها ان تثبت انها اهل لما تطالب به
- وكيف يمكنها ان تثبت ؟ أليس عملها الدائب ونضالاتها وتضحياتها دلائل كبيرة على انها تستحق المساواة؟
- هل لأنك ناضلت بعض السنين ، ثم صمت ، او انك درست وتعلمت واصبحت امرأة عاملة من حقك ان تنالي ما يناله الرجل ؟

- نعم ارى ان المساواة من حقي!
- ليست من حقك ، امي لم تتعلم ولم تشتغل خارج المنزل ، وهي تدير منزلنا بمهارة ، ومع هذا لم يكن ابي يعاملها معاملة الند ، هل تظنين انك حين اكملت تعليمك وتوظفت في مؤسسات الدولة التي تمنحك راتبا لقاء عملك ، تستحقين المساواة ؟
- اني استحق المساواة وانا جديرة بأن اتمتع بها!
- هل تستطيعين ان تسهري كما اسهر انا ، وان تسكري كما أفعل؟ وان يكون لك أصدقاء فعليون كما كان لي؟
- افهم الصداقة بين الجنسين انها علاقة اخوة وتقدير لما يحمله الصديقان من أفكار مشتركة وتطلع ونضال لحياة افضل ..
- وهذا لايكفي..
- اننا في مجتمع عراقي ، لايبيح تعدد العلاقات العاطفية للمرأة..
- فكيف تطالبين بالمساواة؟ وانت لاتستطيعين ان تقومي بما يقوم به الرجال؟
- انا احبك انت ، لهذا سوف اقترن بك ، ولا يمكن ان احب رجلا آخر ، فالحب يكون لواحد !
- المرأة عندنا لاتستطيع ان تجاهر بحبها لرجلين في وقت واحد ، ولكن الرجل يفعل! لقد اقترحت ان اخطبك في بداية عودتك الى العراق لأنك لم ترتبطي بعلاقة حب اثناء فترة الدراسة الجامعية ، وقد فكرت ان رجلا لم يقبلك مثلا ، وسوف اكون اول من يطبع على ثغرك قبلته!
- انا فعلا لم اجرب اية علاقة حب ، ولم يقبلّني رجل!

- لكنك كنت تسيرين مع فالح الذي احبك بقوة ، ألم يقبلك كعادة المحبين؟!

- لم يقبلني

- ولماذا لم تصلي الى نهاية قصتك معه بالزواج ؟ لماذا عدت اليّ بعد أن ايقنت انك فضلت علي فالحا؟

- كنت احبك انت ، وانت لم تحدثني عن حبك لي ، طلبت يدي ، وكنت احب ان تعترف لي بالحب؟

- هل تظنين ان الرجل يحب واحدة ويخلص لها كما تفعل المرأة ؟

- هل لأن المرأة اكثر اخلاصا؟

- بل لأنها مكسورة الجناح ، وانا كنت افضل ان اقترن بك وانت لم تجربي اية علاقة!

- لاعلاقة لي!

- كنتما تسيران معا وتسهران ، عن أي شيء كنتما تتحدثان؟

- لاشيء ، احاديث في السياسة والأدب والفن..

- هذا كل شيء؟

- نعم.

- انا اعرفك تماما ، لهذا سوف اصدق ما تقولينه!

- وهل تشك بقصتي؟

- لا .. ابدا ، متى نتزوج؟

- انتهينا من شراء الضروريات ، الاسبوع القادم مناسب لك؟

- مناسب تماما.

- وعدتني بسفرة الى لبنان لقضاء شهر العسل!

- انتهت نقودي ، اعطيت لعائلتي نصف راتبي كما كنت افعل سابقا ، وسأظل على عادتي ،سوف يكون شهر عسلنا في منزلنا المشترك.

- طلبت اجازة شهرلقضاء شهر العسل!

- وانا ايضا طلبت ، وسوف استلم الموافقة عليها غدا..

(62)
أشعر انني لم اسلك الطريق الصحيح ، لماذا فكرت ان باسمة هي الزوجة المناسبة لي؟ ولماذا توترت نفسي وأصابني الحزن حين لم ترض باسمة بي حين طلبت يدها ، اعرف باسمة منذ حياة الجامعة ، ولم تكن لها علاقة حب مع رجل وان الكثيرين احبوها ، لكنها لم تكن ترضى بأحدهم ، ربما لئلا يساء الى سمعتها ، ولقد اعجبتني هذه الصفة كثيرا بالاضافة الى الشجاعة التي تتحلى بها، والى كرم المنبت وحسن الخلق ، لكنها بعد أن سارت مع فالح الذي عشقها حد الجنون ، عادت الي زاعمة انها لم تحب فالحا ، وانها كانت تتمناني حبيبا لها ، كتبت لي رسالة الحب ، وانا ارتضيت ان اجيب عن رسالتها ، بأخرى تلتهب غراما ومحبة وهياما ، هل صحيح ما تزعمه باسمة انها لم تجرب القبلة مع احد الرجال قبلي ؟ وانني كنت اول من يطبع على شفتيها قبلتي ؟ فلماذا سارت مع فالح ان كانت لاتشعر بالحب نحوه ؟ فالح الذي احبها بجنون كيف تتنكر لحبه ؟ وتأتيني صاغرة تحدثني عن الحب الطويل الذي تكنه لي .. لا أريد الارتباط بامرأة سبق لها ان احبت رجلا غيري . وباسمة كان الجميع يشهدون على براءتها وسمعتها الطيبة التي لم تلوثها القبل ، تؤكد لي انها لم تحب احدا غيري ، فلماذا اجد نفسي حزينة ، قد فارقتها الطمأنينة ؟ وانا اصدق باسمة ، هي مخلوقة لاتكذب ابدا ، لم اجد من يشك بها ، كل القصص التي تحاك ضد براءة الفتيات ، تكون باسمة بعيدة عنها ، وأعداؤها الفكريون كثيرون ، لو كانوا يملكون الأدلة لادانتها بقصة حب سابقة ، فانهم لايترددون في الاعلان عن اتهاماتهم مهما كلفهم الأمر ، باسمة سعيد رغم مطالبتها بالمساواة ، فهي تقر بقرارة نفسها ، انه ليس من حقها ان تحب رجلا ، الا من سيكون بعلها ، انا واثق من هذه الحقيقة ، متأكد من نصاعتها ، ساكون اول رجل تحبه باسمة ، وقد أكون الأخير ايضا، فمثلها لاتحب ان تكرر الزيجات ، غالب نساء العراق يتزوجن مرة واحدة بالعمر ، سواء كن سعيدات بزواجهن ام تعيسات ، وان مت سوف لن تقدم باسمة على الزواج من رجل آخر ن حتى وان طلقتها، تعيش على ذكراي ، ولن احتاج الى تطليقها ، هي امرأة عاملة تحب عملها وتخلص لبيتها ، وتتفانى في خدمة زوجها ، وسوف تدلل ابناءنا ، ماذا اطلب اكثر من هذا ؟ نهلة حبيبتي سوف اواصل العيش معها ، وان امتع نفسي من بحر اللذات الذي تهبه لي ، نهلة الرائعة تحييني وتميتني بجمالها وروعتها ، وباسمة امرأتي التي لاتعصي لي امرا..


(63)

تمر باسمة سعيد بحالة غريبة من الحيرة والتوتر، ليلة الدخلة بعد دقائق ، حدثتها بعض صديقاتها ان حبهن للزوج قد مات في هذه الليلة من كثرة الشك والعنف في الافتضاض ، والرجل يكون عدوانيا وبعض الضيوف ينتظرونه كي ينهي المهمة الصعبة بسرعة لتنطلق زغرداتهم المهنئة، جهزت مع احمد منصور المائدة ، وضعت عليها الجاجيك والكرزات والسلطة ، واللبلبي والباقلاء ،واحمد اتى بقناني البيرة ، وضع واحدة مثلجة على المائدة ،ووضع القناني الباقية في الثلاجة ، ووضع لنفسه قنينة العرق المسيح، وقال :
- سأهبك كأسا او كأسين من قنينتي ، أظن انك ستحتاجين اليهما! من تحبين ان تستمعي اليها في هذه الليلة؟
- ام كلثوم.
- أتفق معك . اغنية هذه ليلتي لكلينا.
شربت باسمة سعيد قنينة البيرة الأولى ، ألحقتها بالثانية والثالثة والرابعة ، ولم تستطع الاسترخاء ، ما زال جسدها متوترا ، لاحظ احمد منصور حالتها:
سأجعلك ترتاحين ، قلقلك طبيعي ، فلم تجربي العرس قبل الآن! خذي اشربي هذه الكأس!
تشرب باسمة كأس العرق ، لاتستسيغ طعمها ، لكنها تحاول ان تجعل المذاق مقبولا في الكأس الثانية ، بان تضع عليه الماء..
- هيا ساعديني!
تشعر باسمة سعيد ان دبابيس تنغرس ما بين ساقيها ، يحاول احمد ان يدخل ، تحس ان سكينا حادة تقص لحمها ، يواصل احمد المسير ، تنهش السكاكين جسدها بعنف وبلا رحمة!
- ساعديني أرجوك!
سكاكين متعددة تغرس في لحمها الطري ، تفتح ساقيها ، السكاكين تتقدم وتقطع لحمها، تصرخ:
- آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
- اصبري قليلا!
- كل جسدي يتمزق..
- لحمك قوي لايمكنني فتحه!
- آآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ ،انا اتمزق..
- فتحة عضوك صغيرة ، لايمكن دخولها الا بصعوبة ، اصبري ، وسوف ترتاحين ، قليل من العناء
- آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
يقوم أحمد منصور ، يرتدي ملابس الخروج ، ويقول:
- سأزور امي ، ساعة وأعود!
تتصل باسمة سعيد بصديقتها الطبيبة ماجدة:
- تعالي بسرعة!
تكتشف الطبيبة ماذا حل بباسمة سعيد:
- غشاؤك من النوع المطاطي ، يسبب لك ألما عنيفا في حالة افتضاضه ، لكن احمد اخذك الليلة نصف اخذة ، في المرة القادمة يكون الامر عليك اكثر سهولة، احمد رجل مثقف وسوف لا يكون معك عنيفا ، غشاء البكارة هذا يوجد في القليل من النساء ، وانت منهن ، لهذا كانت الأوجاع مبرحة هذه الليلة..تنزل في حالتك قطرات قليلة من الدم ، هل احتفظت بهذه القطرات على الفوطة البيضاء التي خاطتها لك والدتك؟
- اية فوطة؟ اعطتني امي تلك الفوطة ، ولكني لم اضعها تحتي كما اوصتني ، وقد استبد بي الألم ، فنسيتُ امر الفوطة ! هل هي ضرورية ؟
- نعم ضرورية جدا في مجتمعنا العراقي ، قد يتهمك زوجك بأنك لم تكوني عذراء!
- وكيف يتهمني ؟ وقد عانيت كل هذه الآلام ؟ ألم يعرف زوجي ان عائقا كبيرا يحول بينه وبين اتمام الزواج ؟ لماذا كنت أتألم مادام غشاء البكارة ليس موجودا؟ اي تفكير هذا؟
- من خلال عملي في الطب ، كنت ارى الكثير من حالات الاتهام بعدم وجود غشاء البكارة لدى نساء كثيرات ، فكان الزوج يتسرع ويتهم الزوجة المسكينة ، ثم بعد الفحص الطبي يتضح ان تلك الزوجة كانت عذراء ، بعض الأهل يكونون واعين فلا ينساقون لاتهامات الزوج ، والبعض الآخر يسارع بوضع حد لحياة الابنة ، بدعوى غسل العار..
- وهل بقيت هذه العادة في مجتمعنا؟
- في الأسر التي لم تأخذ نصيبها من التعليم الكافي ، وهذا الموضوع يجهله الكثيرون ، ولكن زوجك مثقف ومطلع ، وقد يتفهم حالتك ، سوف يعود اليك ، ويكمل الايلاج هذه الليلة ، ضعي الفوطة تحتك!
تضحك الطبيبة وتنصح صديقتها:
- كوني اكثر لطفا مع احمد حين يعود اليك ، اصبري وتحملي ، الألم لابد منه ، وفي حالتك يكون اشد ايلاما.. ولكنه اقل مما عانيته في بداية ليلتك!

(64) ،
هل صدقتُ ان باسمة سعيد تحبني ؟ اجد الان وبعد المسرحية التي قامت بتمثيلها ليلة الدخلة البائسة ، انها لم تحبني ابدا، التصريح بالحب والكلمات المعسولة التي كانت تطلقها مجرد أكاذيب ، لم تتحملني كما تفعل ملايين النساء في منطقتنا العربية ، والتي تحفل بالبكارة ، بل اخذت تصرخ بقوة طالبة مني ان اقوم عنها ، ولك انهي ما كنت ارومه ، صرخاتها تتوالى ، تصيبني بالذهول ! هل حقا انها مثقفة وتسعى للمساواة وتحب ان تقترن بمن احبته بكل صدق كما تدعي ؟ لماذا اختارتني من بين مئات الرجال ، كي تزعم انها وثعت في غرامي ؟ اتضح لي انها كاذبة وممثلة بارعة، كيف يمكن للمرأة المحبة ان تقوم بهذا الصراخ المنهك في ليلة الدخلة ؟ الم يكن بامكانها ان تصبر قليلا كما تفعل النساء مع رجال لم يكن يعرفنهم قبل الزواج ، فكيف بامرأة اصرت على ان ترتبط بالرجل الوحيد الذي عشقته كما زعمت . كنت اتوهم انني اعرف النساء ، وأدرك دوافعهن لتصرفات معينة يقمن بها ، لكني اليوم اقف حائرا امام صراخ باسمة التي تريد ان تطلب مني ان اتركها ، قمت عنها ولم اتم مهمتي ، وكان عضوي يجد حاجزا قويا امامه ، تعذر علي القيام بأي عمل ، وقمت مسرعا الى بيت امي:
- مبروك حبيبي..
- لم يجر شيء يستحق التهنئة!
- ماذا جرى ؟
- انها تتألم ...
- جرت العادة ان تقوم بما يتطلب الموقف منك ، ولكن حبك لها جعلك تحجم عن اتمام الفض..
- اظن هذا ما حصل..
- لا بأس حبيبي ، عد الآن وقم بالمطلوب ، وكن رفيقا بها! حريصا عليها
- هل التألم طبيعي ؟
- نعم كل النساء يتألمن ، ولكن بعضهن من يتصفن بالحياء الشديد ، يكون وجعهن مضاعفا.
هدأت ثورتي وانا اسمع كلمات امي المطمئنة ، شربت كأسا من العرق وعدت ادراجي، الى بيت الزوجية ، الذي بدأت اكرهه..
باسمة جالسة قرب المذياع ، تستمع الى اغان تعجبها ، هي تحب احد المغنين المشهورين ، وكم سمعتها تردد اسمه بنغم ومحبة ، هل يكون ذلك المطرب من استأثر بعواطف باسمة التي بخلت علي بها؟ لاادري ؟ بت لااعرف معنى تصرفات باسمة وما تريد ان تقول بتلك التصرفات ، شاركتها الجلسة ، لم يكن لي مزاج لاتمام العمل الذي شرعتُ به وأثار هيجانها ، فكرت ان أؤجل مهمتي الى الغد ، وقد وجدت ان تباشير النهار بدأت تعلن مولد يوم جديد ، علي ان اباشر يومي بأمل عسى ان يكون الغد اجمل ، من يدري ؟ ربما تكون المهمة اسهل!



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الثالث
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الثاني
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الأول
- نازك الملائكة عاشقة الليل والطفولة
- لميعة عباس عمارة
- لماذا يتم التحرش بالنساء ؟
- رسالة الى امرأة عراقية في يومها الوحيد
- المساواة بين الجنسين هل هي حقيقة ؟
- التكسب بالقصيدة العربية
- قراءة في المجموعة القصصية ( غسل العار) لصبيحة شبر بقلم يوسف ...
- معاناة الطفولة العراقية
- التعليم في العراق والطريق المسدود
- نضال المرأة من اجل الحياة
- نضالات المرأة من اجل وضع حد للارهاب
- المرأة ومعاناتها الطويلة
- المرأة وعنف الحروب
- النقد يحتفي بنتاجات زهرة رميج السردية
- اتحاد الأدباء بين الواقع والتمنيات
- احتفاء بالناقد والقاص يوسف عبود
- كيف يتضمن الشعر العمودي عناصر الحداثة


المزيد.....




- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الرابع