أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نجيب علي العطّار - رَبيعُ تِهران














المزيد.....

رَبيعُ تِهران


نجيب علي العطّار
طالب جامعي

(Najib Ali Al Attar)


الحوار المتمدن-العدد: 7450 - 2022 / 12 / 2 - 12:13
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ممّا يبعثُ على الرِضا، المنزوعِ عمومًا من جُملةِ انطباعاتِنا تجاه واقعِنا العربيّ، أنْ يتحدّثَ المَرْءُ عن احتجاجٍ شعبيٍّ يبلُغُ من شدّةِ شعبيّتِه، وثوريّتِه، مبلَغَ أنْ يُسمّى «ثورة». وممّا يزيدُ الرِّضا ثباتًا في نفوسِ الراضِينَ هو أنَّ «الثّورةَ»، المتقدِّمِ ذِكرُها، ليستْ إلّا «ثورةَ» الشّعبِ الإيراني ليس فقط على «الدّيكتاتور» وأركانِ حُكمِه، وإنّما على الأيديولوجيا، أو المنظومة العَقائديّة السياسيّة، التي يقومُ عليها، وبها، أيُّ حُكمٍ مُماثلٍ، من حيثُ طبيعتِه الإلغائيّة، للحُكمِ القائم في إيران منذُ ثلاثٍ وأربعينَ سنة.

إنّ طبيعةُ «الثّورةِ» الإيرانيّة، التي أشعلَها مَقتلُ مهسا أميني، تُشكّلُ أحدَ أهمِّ المبرّراتِ التي يُبرَّرُ بها أن يُقالَ؛ إنّها ثورةً استراتيجيّةً، إذا جاز التعبير، ستُبدِّلُ، إذا كُتِبَ لها النّجاحُ المأمول، وجهَ إيران، ومن وراءِه وجهَ المِنطقة، إذ أنّ «الثّورة» في إيران ليستْ على «مُمارساتِ» السلطةِ الإيرانيّة، وإنّما على «الأصول» التي قامتْ عليها «فلسفَةُ» السّلطة الإيرانيّة القائمة على تقديس ما لا يصحُّ تقديسُه حتّى من المنظور الإسلامي، أو القرآني على وجه الدّقة. بعبارةٍ أُخرى، إنّ «الثورةَ» الإيرانيّة، طيّبةَ الذِّكر، ليستْ ثورةٌ ضدَّ الله، وإنّما ضدَّ الحاكم الذي يُبرّرُ جرائمَه، وجرائمَ نظامِه، باسمِ الله. وهي، أي «الثّورةُ»، بعبارةٍ أكثرَ مُشاكسَةً للذين يستسيغون خِطابَيْ «التّكفير» و«التَّخوين»، هي «ثَورةٌ لله» تختلفُ، كُلَّ الإختلافِ، عن «الثّورةِ الإلهيّة» أو «ثورةِ الله» إن جازَ التعبير.

بَيْدَ أنّ نجاحَ «الثّورةِ» الإيرانيّة مرهونٌ، على المستوى الدّاخلي، برَهْنَيْنِ أساسيَّيْن؛ توسُّلُ السّلطة الإيرانيّة المزيدَ من العُنف الدّموي، أو الإرهاب، بِغيَةَ قَمعِ «الثّورة»، وقابليّةُ «الثّائرين» على تحمّلِ هذا العُنف الذي لا يبدو، بعدَ تصريحات المُرشد الأعلى للسلّطة، أنّه ينحو منحًى تنازليًّا، إذ أنّ العادَةَ قَضَتْ أنَّ «التَّخوينَ» أوّلُ «الإلغاء». أمّا سقوطُ نِظامِ الحُكمِ في إيران، والذي يُمثّلُ رُبعَ نجاحِ «الثّورة» الإيرانيّة من حيثُ هي «ثورة»، فهو مرهونٌ بمعادلاتٍ إقليميّةٍ ودُوليّةٍ تُشكّلُ فيها إيران طَرَفًا، أو لاعبًا، إقليميًّا أساسيًّا في المِنطقة العربيّة وما يُحيطُ بها، إذ أنَّ إيران هي ثالثُ ثلاثةٍ هم أضلُعُ مُثلّثِ «الجيران» الحالمين بخاتمِ سليمان وعِمامةِ عُثمان وسِوارَيْ كِسرى، أو عرشِ الشّاه كحُلُمٍ أدنى. وليسَ في أُفق التّشكيلاتِ قَيْدِ التَّبَلْوُرِ للعالَم، على الأقلّ في المدى القريب، منْ دلائلَ تُشيرُ إلى دُنوِّ ميعادِ سقوطِ النّظام الإيراني، خصوصًا أنَّ وتيرةَ إسقاطِ الأنظمةِ قد انخفضتْ في الآونةِ الأخيرةِ إلى حدِّ تخصُّصِها بـ «أنظمةِ الزّفتِ العربيّة» على حدِّ تعبير مهدي عامل.

يبعثُنا النَبَضُ السياسيُّ الدُّوَلي إلى تسميةِ «الثّورةِ» الإيرانيّة بـ «الرّبيع» الإيراني، الذي يُرجى له ألّا يكونَ كـ «الربيعُ العربيّ» طَيِّبِ الذِّكر، من باب أنّنا نذكُرُ محاسِنَ ميّتِنا لا أكثر. والواقعُ أنّ خصوصيّة الرّبيع الإيراني تُعطيهِ مُبرّراتِ النّجاح، أو مقوّماتِ عدمِ الفشلِ على الأقل، التي افتقدَها «الرّبيعُ العربيُّ». وأهمُّ هذه المُبرّرات هي أنّ إيران جمهوريّةٌ واحدة؛ شعبٌ واحدٌ وسُلطةٌ واحدةٌ، و«ثورةٌ واحدة»، أمّا نحنُ العربُ فكُنّا، ولم نزلْ إلى حدٍّ ما، شعوبًا عِدّة ونظامٌ واحدٌ اتّفقَ على أنْ يُبدّلَ الآيةَ من «شعوبًا وقبائل لتَعارَفوا، إنّ أكرمَكُم عندَ الله أتقاكُم» إلى «شعوبًا وقبائلَ لِتناحروا، إنّ أكرمَكُم عندَ الزّعيم أفسدَكُم»، وهو ما حاولَ نظامُ الحُكم في «تِهران» أنْ يُربّيَ الإيرانيين عليه، حيثُ يحلُّ «التناحُرُ» مَحَلَّ «التعارُف»، فيُصبحُ «الزّعيمُ» بَدلًا من «الإله»، و«الفسادُ» من معاني «التقوى».

وعلى سبيل العَوْدِ على بيروت؛ مكتوبٌ أنَّ الطَّاغيةَ سَقَطَ لمّا طغا.. وأنّ هذا البلَدَ أمينٌ.. وأنّ بَلَدَ الأمينِ بَلَدُ فَوضَى فِي وَجهِ الدَكتُورِ مَرّةً مُرَّةً، وفي وُجوهِ الدِّيكتَاتُورِ مَرّاتٍ إِثْرَ مُرَّات.. وأنَّ تِهرانَ هِي تِهرانُ.. وبَيروتَ هِي بَيروتُ.. كذلِكَ كانَتَا يَوْمَ غَفَا الإِلَهُ بُعَيْدَ أَنْ كَتَبَ فِي كِتابِه؛ مِنْ بَيروتَ هُنَا طَهرانُ.. مِنْ تِهرانَ هُنَا بَيروتُ.. إِنَّ دِيكتَاتُورَكُمْ لَوَاحِدٌ.. وَلَكُمْ فِي الفَوْضَى حَياةٌ وخَلَاصٌ.. وَالعَمائِمُ تَهوي، بِمَنْ تُمَثِّلُهُ، إلى الدَّرْكِ الأَسْفَلِ.. هُنَا حَيْثُ يَهوَى الدِّيكتَاتورُ، ونَوائِبُهُ في كُلِّ أَرْضٍ، أَنْ يَسْكَرُوا بالدِّمِاءِ وَالعَرَقْ.. وَهُنَاكَ حَيْثُ يَسْقُطُ الطَّاغِيَةُ لَمَّا يَطْغُو.. وَالدِّيكتَاتُورُ لَمَّا يَتَدَكْتَرْ...



#نجيب_علي_العطّار (هاشتاغ)       Najib_Ali_Al_Attar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساةُ الحِمار العَربيّ
- سيمفونيّة الإرهاب
- قَوْنَنَةُ الثقافة
- ظاهرةُ عدنان إبراهيم
- رسالةٌ الى الله
- مأزوميّة الخطاب الإسلامي
- الصراع على السلام
- خصامٌ مع الذاكرة
- الأزمةُ البيضاء
- التَّسميمُ بالأسماء
- كارثيّة الإختزال
- الهولوكوست الأسديّ
- تسقط دولة فلسطين
- الهولوكوست اللبناني


المزيد.....




- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نجيب علي العطّار - رَبيعُ تِهران