أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين العتاق - الهوية السودانية















المزيد.....


الهوية السودانية


بدر الدين العتاق

الحوار المتمدن-العدد: 7437 - 2022 / 11 / 19 - 11:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




هذه المادة ناقصة وتحتاج إلى بحث مكثَّف وجهد كبير لتصل إلى المقبولية من نتيجة البحث العلمي الذي يحدد التاريخ الزمني الصحيح لدخول العرب السودان مما يضيف إن جاز التعبير مفهومية ومعلومية ما تتداعى لها بعض الجهات في تحديد وتعريف الهُويَّة الوطنية السودانية وأن يتفق السواد الأعظم من الناس على تسمية أو مصطلح بعينه نعرف به هُويتنا كفايةً للصراع الفكري والجهوي والعنصري الذي لا يخدم قضية ، وعلى أيُّة حال لا يخرج السودان من تحديد هُويته الوطنية من ثلاث حالات بحال من الأحوال لكن الحسم أفضل من اللجاجة بكل تأكيد :
1 / الانتماء الزنجي لقارة أفريقيا من حيث العنصر .
2 / الانتماء العربي للوطن العربي من حيث اللسان .
3 / الانتماء السوداني للسودان من حيث التعدد والتنوع وخلافه بجمع البندين السابقين للبند هذا.
أولاً ، الانتماء الزنجي لقارة أفريقيا من حيث العنصر :
وهذه هي القاعدة الأعم والأساس للتعريف لسبب بسيط جداً هو : الانتماء لقارة أفريقيا بحكم الزمان والمكان والوجود البشري ، ويطلق على قارة أفريقيا القارة السمراء أو السوداء نسبة إلى لون سكانها الأصليين والذي فيما بعد عرفوا بالزِّنج Negros ، وللجاحظ فصل في كتابه الحيوان اسمه بلاد البيضان وبلاد السودان ، ليميز بينهم بحكم اللون .
لا أعرف لماذا يكره أغلب الناس اللون الأسود ويستعير منه وينفر ويستغله أسوأ الاستغلال / راجع الاستعمار الأوروبي لقارة أفريقيا وترحيلهم إليها ووفاة أكثر من أربعة مليون أفريقي في المحيطات أثناء عملية ترحيلهم لأميركا وبريطانيا وأوروبا وخلافه بغرض الاستفادة منهم في بناء اقتصادهم بصورة من الصور وتعرضهم للاضطهاد والتعذيب ووحشية المعاملة حيث لا يتسع المقال ههنا للتفصيل والشرح لكني أردت الاستشهاد لا أكثر / في حين أنَّهم من خلق الله مثل غيرهم ولا يحق لأحد أن يستعبد خلقه دونه ولله في خلقه شئون ، ثم ماذا لو انقلب عليهم الأمر كيف يكون حالهم ؟ .
فالسودان ، الرقعة الجغرافية من حيث الموقع تنسب لأفريقيا ولا يعني نسبة اللسان الزنجي إليها لأن اللسان القومي عربي وليس زنجي أو أفريقي فهنا تكمن الإشارة لما يُعرف بالهُويَّة السودانية التي هي مزيج بين اللسان الزنجي مثل: الرطانة أو الرندوك أو اللهجة أو اللغة المحلية لسكان المواقع المتاخمة للجوار الافريقي ذي الأصول العرقية المشتركة وبين ذات علاقة الأواصر والأصول العرقية العربية والأفريقية المشتركة لمجموع السكان المتاخمين للجوار الأفريقي فهما يشتركان في الأصول القبلية العرقية وفي اللسان مع الاحتفاظ باللسان المحلي الاثني والتحدث باللسان العربي القومي وهنا برزت إشكالية تحديد وفصل الهوية السودانية منهما معاً عندنا اليوم كما أشكل اللسان المحلي والقومي لذات الأمر ، الأمر الذي دعا بلا فائدة على أقل تقدير لبروز إشكالية الهوية قضية قائمة بذاتها وفصلها من اللسان حين يمكن بمكان أن نقبلهما معاً دون الحاجا للفصل كأن نعترف بسودانيتنا العربية الأفريقية المزدوجة لكن المرجع الأساس بالنسبة لي هنا هو القرآن الكريم حيث قال تعالى : {  وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  } إبراهيم/4. الذي يقول بقومية اللسان المتكلَّم به لا الخاص بجماعة دون الأخرى إذ يغلب على بلاد السودان اللسان العربي القومي وهذه من البديهيات كما ترى أخي القارئ الكريم .
طالما اللسان هو الفصل في تحديد الهوية السكانية لمجموعة بشرية فالأمر بسيط ولا يدخل حاقه العنصر أو الدين أو المعتقد أو اللون أو الجنس أو العنصر أو ما أشبه وهو الاحتكام للسان القومي الذي يحدد وينهي الإشكال القائم في تحديد الهوية الوطنية السودانية وهو الانتماء العربي لسكانها جميعاً دون استثناء أو لقصاء أو إبعاد لشخص أو لجماعة وإبدالها بأخرى فاللسان هو الجامع لمعنى الهوية ولا معنى لأن نقول هناك ألسنة أخرى وديانات أخرى لها نفس البعد والقياس لأننا في وطن واحد لسانه الذي يتكلم به الجميع هو العربية ، والعربية لا تعني البعد العقدي لكنها تعني البعد الأصولي لمجموعة السكان المحليين فيها ، فمثلاً إذا كانت السودان لسانها ولغتها الأم هي اللغة الفرنسية أو الساحلية فتكون هويتها وفقاً للسانها الذي تتكلم به بلا تفصيل عرقي أو ديني أو خلافه ، ثم الدستور الذي يحكم البلاد ينشأ من ذات لسان الشعب أو السكَّان فيه وعندنا هو العربي المبين مع الاحتفاظ بخصوصية كل لسان طالما هو لسان قومي يشترك فيه الجميع .
يبلغ عدد القبائل في السودان حوالى 570 قبيلة ، تنقسم إلى 57 مجموعة عرقية على أساس الخصائص الإثنوغرافية والثقافية واللغوية، وتتحدث 114 لغة مكتوبة ومنطوقة، وأكثر من دين وأكثر من عرق وثقافة والشيء الوحيد الذي يجمع كل تلك التنقاضات أو الاختلافات هي اللغة المحلية لأبنائه التي حسمت النقاش في تحديد هويته قبل أن تنشأ مشكلته وقضيته .
على السياسيين الانتباه لهذه القضية وبسطها بسبل التعريف بها حتى لا تكون قاصمة الظهر في تمزيق وحدة البلاد وحجة لمحتجين غير عارفين بحقائق الأمور .
إذاً من حيث الانتماء الجغرافي نحن ننتمي لأفريقيا وأمَّا من حيث اللسان فنحن ننتمي للعروبة ، لكن في ذات الوقت لم يحسم الجدل بين المكونين الزنجي والعربي لتحديد وفصل الانتماء للأسباب السابقة لكن يمكن الاطمئنان لما سيلي من مخرجات هذه الورقة إن شاء الله وهي البند الثالث والأخير .
ثانياً ، الانتماء العربي للوطن العربي من حيث اللسان :
وظهرت هذه الحالة مؤخراً وكان عليها القياس من طريق المنظمات المختلفة من بقايا الاستعمار الذي ظهر في القرن الرابع عشر أو قبله بقليل ، وتصنيف الدول التابعة لها سيادياً وحتى الاستقلال وبالتحديد هيئة للأمم المتحدة أو عصبة الأمم المتحدة وتقسيمها للعالم بالعالم الأول والعالم الثاني والعالم الثالث وفقاً لإحصائيات ومعلومات واقتصاديات وخلافه ، وأخيراً بعد الحرب العالمية الثانية تكونت جامعة الدول العربية سنة 1945 ، وانضمت تحت لواءها مجموعة من الدول الناطقة باللغة العربية وكان مقرها بتونس ثم انتقلت فيما بعد لمصر .
ليس هذا ما أريد قوله بقدر ما أريد التعريف بالتسلسل الذي ساقني لهذه الكلمة المهمة في تقديري وكيف انساق الأمر لما وصل إليه حال بلاد السودان من قضايا خلافية جوهرية تتقدمها قضية الهُويَّة السودانية ، وإليك بعض ما وصلت إليه من جملة القراءات في كتب التاريخ والأنثروبولوجي على قلته لكن الأمانة العلمية والوطنية اقتضت عليَّ تدوينه على النحو أدناه :
تاريخ العرب في السودان
هذا اسم كتاب للسير هارولد ماكمايكل كتبه سنة 1922 الجزء الأول منه يستعرض فيه دخول العرب إلى السودان ووجدت فيه بعض الملاحظات التي تستوجب المراجعة والتحقيق والتدقيق مثل دخول اللغة العربية للسودان هل سبقت دخول العرب أم كانت قبلها ؟ ففي الكتاب أخطأ ماكمايكل حين أشار لذلك : [ عبر اتفاقية البقط سنة 630 م ] ص : 46 – 52 ، والتي تمت بين أهل النوبة وهم الكوشيون وبين عبد الله بن سعد بن أبي السرح ! ووجه الخطأ هنا التاريخ المذكور ( 630 م ) حين كانت الاتفاقية سنة 651 م ، وهنا انتبهت لجملة ما يقول من ناحية تاريخية وتوثيقة فيجب أن لا يُطمأن إليه بقدر كبير .
لا داعي لأن أقول : إنَّ اتفاقية البقط كانت عبارة عن اتفاقية سياسية سيادية بغرض التوسع في الامبراطورية العربية في عهد الخليفة عثمان بن عفَّان ( 47 ق ه – 35 ه / 576 م – 656 م ) جرَّاء الفتوحات الإسلامية أو قل : الاستعمار العربي لبلاد ما وراء البحر غرباً من طريقي باب المندب جنوباً إلى محاذاة نهر النيل وسطاً وغرباً ومن أقصى بحر القُلْزُم شمالاً وتعرف بمملكة إكسوم الحبشية ، ونعرف العلاقة التاريخية بين بلاد اليمن نقطة الاتصال بينهما وبلاد غرب البحر من بلاد إثيوبيا وارتيريا وبين بلاد السودان الحالية وبالذات المنطقة الواقعة بين نهر النيل وبين البحر الأحمر التي تعرف باسم الحبشة ، ومنهم من قال بزيادة الرقعة المُسمَّاة بلاد اثيوبيا إلى غرب نهر النيل الحالي وحتى تخوم الصحراء الكبرى وشمالاً أقصى بلاد ليبيا ( راجع دراسات الدكتور جعفر ميرغني أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة الخرطوم سابقاً ومدير متحف الأنثروبولوجي بالخرطوم ، وأنَّ اليونان هم أول من أطلق اسم الحبشة على تلك الرقعة الواسعة الكبيرة وجاء اسمها – أي : الحبشة - من اللون الأسمر لسكانها الأصليين وهم الأفارقة )، وصولاً لبلاد كوش من جنوبي مصر وصعيدها مما تعرف ببلاد النوبة ، ولك أن تلاحظ بنودها التي تلزم دولة المقرَّة بإرسال ثلاثمائة وستين عبداً لدولته ، ولا أستبعد – والله أعلم – بداية العنصرية والتعنصر على الإنسان الافريقي والتغول عليه بدأ من هنا ، حيث كان من ضمنها أيضاً القضاء على الوثنية فيما جاء فيها ، وأشك إن كان الغرض الأساس هو الغرض الديني لمحاربة المسيحية والوثنية بقدر ما أميل للغرض الأساس والمباشر وهو توسيع النفوذ السياسي والسيادي على الدول والمناطق التي تقع تحت قبضة الخليفة بالجزيرة العربية وممثلها في الأمصار وقادة الجيوش ، وسبب الشك هنا هو : هل بعد توقيع الاتفاقية ذهب كلٌ لحال سبيله أم كانت هناك رقابة طويلة المدى والتي استمرت زهاء الثمانية قرون بغرض الإمداد العسكري للبلاد الواقعة تحت الامبراطورية العربية للخليفة عثمان بن عفَّان أو من يأتي بعده ؟ ، وسبب هذا التساؤل والشك هو : هل بقيت الجيوش العربية في محلها وكم نسبتها في بلاد كوش حتى تحيل اللغة التي كانت سائدة إلى اللغة العربية والدين الإسلامي وإلى أي مدى كان التأثير عليهم في جعل لسانهم ناطقاً للعربية تمهيداً لعروبة الدولة السودانية أو قل : الدولة الكوشية والسلطنة السنَّارية 1504- 1821 ، وما هي اللغة التي تحدَّث بها المصريون في تلك الفترة الذين لهم أواصر القربى مع بلاد كوش وكيف وصلت إلى السودان ثم تغيرت فيما بعد ؟ فهذا التشكيك معروف ومقبول كما ترى .
ما يدفعني للشك في كتاب ماكمايكل لتأريخ دخول العرب إلى السودان ، أنَّ من خلال تلك القراءة والاستنتاج / بغض النظر عن صحتها من عدمها / : إنَّ دخول اللغة العربية لبلاد السودان لا علاقة لها باتفاقية أو معاهدة البقط ، كذلك لا علاقة لها بدخول العرب إلى السودان في توقيت الاتفاقية بالذات علماً بأنَّ العرب سبق دخولهم لبلاد السودان في السنة الخامسة من البعثة النبوية الموافق سنة 616 للميلاد ، وربما قبل ذلك بكثير جداً فالهجرات العربية كانت منذ القديم وقد ذكرت في القرآن برحلة الشتاء والصيف ، قال تعالى في سورة قريش " { لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف * فليعبدوا رب هذا البيت * الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف } من طريق رحلة الشتاء لبلاد اليمن وباب المندب وصولاً لبلاد الأحابيش ومنها إلى بلاد السودان تحديداً ، [ يمكنك مراجعة السيرة النبوية لابن هشام وكذلك كتاب سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي وكتيب أسرار هجرة الحبشة وما وراءها من نبأ للدكتور عبد الله الطيب ، وغيرهم في هذا الباب ] ، ورحلة الصيف كانت لبلاد الشام ، فلا استبعد ظهور اللسان العربي في تلك التخوم قبل الإسلام بكثير جداً بغرض التجارة والمصاهرة والسكنى والتزاوج وخلافهم ، والسودان الواقع غرب بحر القُلْزُم كانت هجرة العرب قديماً إليها ومنهم أصحاب النبي عليه السلام / لضبط الأحداث والتواريخ / الذين وفدوا وقطنوا في بلاد السودان الشرقي حتى تخوم نهر القاش وأتبرة – عطبرة - قرابة العشر سنوات ( راجع حلقات الدكتور عبد الله الطيب وتشكيكه وتساؤلاته في هذا الباب ) كما أورده أهل السير والأخبار ، فالراجح عندي معرفة اللغة العربية بين سكان تلك المناطق بعامة وبين أصحاب الأغراض والمنافع بخاصة وكانت اللغة بين النجاشي وبين الصحابة عمارة بن الوليد وعمرو بن العاص وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم اللغة العربية ( راجع كلمة الدكتور راغب السرجاني سنة 2017 في الانترنت ) لشيوعها وذيوعها بين اليمن والحبشة وبلاد السودان الشرقي ، فليس غريباً أن تسبق اللغة العربية الإسلام فقد سبقته بقرون طويلة .
مما سبق ، أستبعد جداً الربط بين ما جاء أعلاه وبين تاريخية دخول العرب إلى السودان مما هو شائع في الأوساط المعرفية ، ولا ينفي ذلك من طرف خفي شيوع اللسان العربي بصورة من الصور رغم الاحتفاظ باللغة المحلية لسكان الإقليم أو في كل الأقاليم من مساحة البلاد .



رجع الحديث لماكمايكل
قال من ص 45 : [ ولكن يبدوا أنَّ البلاد حول مدينة الخرطوم الحالية كانت قبل 6.000 – 7.000 سنة مأهولة بأفارقة يعيشون على صيد الحيوانات وصيد الأسماك بالحراب وجمع الفواكه بالبرية ] .
قلت : هنا يؤرِّخ للانتماء الأول الأساس وهو / الانتماء الزنجي لقارة أفريقيا من حيث العنصر ، وفي المقابل يُطرح السؤال الآتي : متى بدأت الهجرات من جزيرة العرب إلى بلاد الأحابيش ، هل في ذات التوقيت أم قبله أم بعده ، إذا أخذنا في الاعتبار أنَّ القرآن يقول بذلك – راجع سورة قريش - أي في منتصف الفترة على وجه التقريب فسيدنا إسماعيل هو أول من نطق بالعربية وتكلَّم بها في شبه الجزيرة العربية وذلك قبل أكثر من أربعة ألف سنة قبل الميلاد تقريباً ومنها تكلمت العربية قبائل حمير وقحطان وعدنان في تخوم مكَّة وما جاورها بسبب اتصالهم بالحج وزيارة الكعبة منذ القديم الباكر ثم بسبب التجارة والمصاهرة والمعايشة حتى قسَّم بعضهم القبائل العربية إلى ثلاثة أقسام :
العرب البائدة ، ومن أمثلتها : جُديس وطسم والعماليق وقوم عاد وثمود وهلم جرَّا .
العرب العاربة ومن أمثلتها : السبئيون والعرب الجنوبيون بمعنى الرساخين في العروبة وهم يعتبرون مادة العرب وأقدم الطبقات .
العرب المستعربة ومن أمثلتها : يقشان/ يقطان / قحطان .
فعلى أي تأريخ توثيقي نقف موقف الحكم العدل القاضي الحاسم بقطعية دخول العرب واللغة العربية إلى بلاد السودان القديم ؟ .
قال ماكمايكل : [ يقطن القبائل النيلية ( الجنس الأسمر ) الذي كان يقطن في نفس الفترة منطقة حلفا والذين تغلَّب عليهم الفرعون الثالث من الأسرة الأولى حوالي 3.000 ق م ، ويشــــــــــــمل هذا ( الجنس الأسمر ) فلاحي صعيد مصر وبجا شرق السودان والأحباش والصوماليين وكذلك رعاة الأبقار الذين كانوا يقطنون المنطقة الواقعة بين الشلال الأول والشلال الثاني حوالي 2300 – 1700 ق م ] ص : 46 .
قلت : يُفهم من خلال السياق توافق الفترتين بين الهجرات القديمة ( الفقرة الأولى عاليه ) وبين الهجرات اللاحقة ( الفقرة الثانية من المصدر السابق ) ، بحساب رياضي آخر :
الخرطوم مأهولة بالأفارقة قبل 6.000 – 7.000 سنة ميلادية ، يدخل فيها ما قبل الميلاد بعد خصم ألفين سنة تقريباً 2.000 م فيكون الناتج ثلاثة إلى أربعة ألف سنة ق م ، ومتوسط الفترتين رياضياً هي التي توافق تكلم العرب القاطنة بشبه الجزيرة العربية إبَّان عهد سيدنا إسماعيل وهي بالتقريب أيضاً ما يوافق الثلاث ألف ونصف سنة لبداية الهجرات العربية إلى بلاد السودان ، ومما سبق يمكننا القول بأنَّ الفترتين متعادلتين في التعريف تاريخياً بدخول العرب واللغة العربية لبلاد السودان الغربي وهي 3.500 سنة ق م – ب م .
قال من ص 26 : [ في منتصف القرن التاسع والقرن العاشر ( يعني سنة 830 م – 890 م ) وخلال القرن الرابع عشر والخامس عشر الميلادي حسم مصيرهم ( أي : العرب ) البقاء في شمال ووسط السودان وأصبحت اللغة العربية هي اللغة المشتركة ( عرب جهينة ) وصولاً إلى دارفور وكل المناطق عدا المعاقل النائية الجبلية ( 1517 م – 1603 م ) ] المصدر السابق .
قلت : يشير إلى توسع النفوذ والتغول على بلاد أفريقيا بعد اتفاقية البقط والدولة العثمانية والأندلسية عندما قال : ( يعني سنة 830 م – 890 م ) .
مما يعني الفترة بين القرن التاسع والقرن الخامس عشر هي الأكثر توسعاً وتداخلاً بين شبه جزيرة العرب وبين قارة أفريقيا ، دون ذكر التفاصيل وتسلسل الأحداث طيلة تلك الفترة حتى لا نخرج من موضوعية هذه الكلمة وتمكن مراجعتها في مواضعها التاريخية .
ثالثاً ، الانتماء السوداني للسودان من حيث التعدد والتنوع وخلافه
قلت فيما سبق ، يمكن الاطمئنان إلى هذا البند مضافاً إليه البندين السابقين 1 ، 2 ، للوصول لخلاصة تعريف الهوية السودانية القومية التي تجمع بين الأفريقانية وبين العروبية وهي الأقرب لحفظ الوحدة الوطنية وحسم النقاش / فيما أرى / أن يكون الانتماء صرفاً للسودان الوطن الواحد مع الاحتفاظ بخصوصية كل جهة بلسانها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها ودينها وقبيلتها وتنصهر كلها في بوتقة الوطن الكبير .
من الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل فصل وتحديد الهوية بالبندين الأولين لسبب التعنصر والقبلية واللسان والهامشية وما أشبه ثم يمكننا أن نعُزي السبب أيضاً لتضارب التواريخ والبداية الحقيقة لتكوين اللسان القومي ، والقبلية هنا تقف حائط صد منيع في قابلية الانتماء لجهة العروبة أو الزنجية الأفريقية أيهما كان .
نأخذ مثالاً في شكل التنوع الذي خلق هذه الاختلافات التي أعتبرها من أكبر المنح الإلهية على أهل السوان قاطبة من حيث الثقافات واللسان والقبليات وخلافهم وهو التنوع الاثني في تخوم بلادنا مع دول الجوار الأفريقي مثل شرق السودان قبالة الساحل الغربي للبحر الأحمر الشرقي الجغرافي لبلادنا : البجا والهدندوة والبني عامر والأمرأر والرشايدة والنوبة والبشاريين والحلنقة والحباب والحدارب والبلو والأرتيقة والأشراف والكميلاب والسيقولاب والمهلتكناب وغيرها .
وكذلك في غربه تجد مجموعة السكان ذات الأصول المتقاربة والمتصلة بالعرق الأفريقي الزنجي بتشاد وبقية دول الجوار الغربي مثل قبائل الزغاوة الكبرى والبرنو والبرتي ونجد من أشهر قبائله البقارة، الهبانية، وأولاد راشد، وحزام، وأولاد حميد، والحوازمة بني سليم، والرزيقات، والتعايشة، وبني هلبة، والمسيرية، والفلاتا وغيرها ويعيش معظم البقارة في كردفان والقليل منهم في دارفور التي تقع أقصى الغرب .
وفي شماله يوجد العديد من القبائل مثل الحلفاويين، المحس، الدناقلة، البديرية، الشايقية، المناصير، الرباطاب، الحسانية، والميرفاب والجعليين القبيلة الأكبر بشمال السودان بينما تقطن وسطه أيضاً قبائل الجعليين، الجموعية، العبدلاب، المغاربة، البطاحين، الشكرية، رفاعة وغيرها.
وكذلك بإقليم كرفان مثل النوبة والنيل الأزرق عدد من القبائل ذات اللهجات أو اللسان المحلي مثل القُمُز وأم بررو والفونج والهوسا والعنج وغيرها .
كل تلك القبائل التي تسكن المحيط الجغرافي الواحد المتحد تتكلم وتشترك في اللسان العربي القومي الذي منه وبسهولة يمكننا تكييف الهُويَّة السودانية بأكثر من اتجاه لكن الاتجاه الأمثل والأقرب للنفوس هو السودان فتكون الهُويَّة السودانية هي السودانية المحضة بصرف النظر عن التفصيل المفضي للإشكال والتعقيد .
الحديث شجون في هذا الباب وأردت التطويل والاسهاب فيه قدر الإمكان لكن من الخير لنا أن نقف على تلك الملامح والاشارات فقط لنسهم في حل قضية الهُويَّة السودانية من حيث السياسة الحاكمة والمعارضة المنتظرة ما أمكننا ذلك ولنترك فرصة ليسهم المختصون في هذا الباب بإضافات جديدة ومهمة، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم .
أهم المراجع :
1 / القرآن الكريم .
2 / دخول العرب السودان / السير ماكمايكل طبعة سنة 1922 م .
3 / السيرة النبوية لابن هشام وابن كثير وغيرهما .
4 / مقالة : أسرار هجرة الحبشة وما وراءها من نبأ ، للدكتور / عبد الله الطيب ، صحيفة ألوان بتاريخ : 31 / 10 / 1998 .
5 / محاضرة للدكتور / جعفر ميرغني ، أستاذ الحضارة والتاريخ بجامعة الخرطوم - قاعة الشارقة سنة 1997 م عن مملكة إكسوم الحبشية .
6 / اتفاقية أو معاهدة البقط سنة 651 م .
7 / محاضرة الأسبوع للدكتور / عبد الله الطيب ، برنامج " سير وأخبار " عن أصول أهل السودان ، التلفزيون القومي السوداني .
8 / لقاء مع الدكتور / عبد الله الطيب ، برنامج " أسماء في حياتنا " مع الدكتور / عمر الجزلي ، عن اللسان القومي السوداني واللهجات العاميَّة ، التلفزيون القومي السوداني .
9 / برنامج " أضواء على الحضارة السودانية " لقاء مع الدكتور / جعفر ميرغني ، الإذاعة السودانية ، 2001 م .
10 / الانترنت .



#بدر_الدين_العتاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدارية العاج؛ حائط المبكى
- في العيد الوطني السعودي؛ تحية وقضية
- إدريس جماع؛ حياته وشعره؛ تصويب وتوضيح
- اسمها فدية الصوم وليست زكاة الفطر
- نشيد الجيش السوداني
- تعدد الزوجات في الإسلام
- إنما الصدقات ... للقوات المسلحة الإنسانية !
- حول حقيقة الإسراء والمعراج والوحي
- السكرتيرة- ؛ الزوجة الثانية للمدير العام
- أين ذهبت خطب الجمعة للنبي صلى الله عليه وسلم؟
- وردة بنفسج - لأجلها- في عيد الحب
- الكجور.. صور شعبية
- مقترح تقسيم السودان إلى خمسة أقاليم
- قصيدة - كوني ملهمتي-


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين العتاق - الهوية السودانية