نظريات حول اصل القرآن

صباح ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 7428 - 2022 / 11 / 10 - 21:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

كثير هم الباحثون حول حقيقة كتابة القرآن من هو صاحبه ، ومتى كتب واين ظهرت اول نسخة منه ؟
وصل الباحثون عن اصل القرآن الى اربعة نظريات نستعرضها في هذا المقال .
1- نظرية قرآن محمد : كاتب القرآن هو محمد نبي افسلام نفسه بمساعدة بعض من صحابته والمقربين له.
2- القرآن المسيحي السرياني الاصل : كتب القرآن باللغة السريانية وبالخط السرياني الكرشوني في اول نسخه وقبل ان يكتبه محمد بعشرات السنين .
3- نظرية القرآن العباسي : القرآن كتبه الفقهاء العباسيون بأمر من حكام بني العباس ، لتخليد اصلهم انهم ينتسبون لنبي الإسلام لإثبات انهم من بيت النبوة ومن سلالة العباس عم النبي محمد .
4- نظرية القرآن اليهودي الناصري : كتبه اليهود الناصريون لغرض محدد .

لندخل في تفاصيل كل نظرية :
1 – قرآن محمد : ظهر في صحراء مكة حيث كان يعيش محمد بن عبد لله بن عبد المطلب الذي ادعى النبوة و غايته توحيد العرب لعبادة اله واحد بدلا من شفاعة الأوثان العديدة للوصول الى الإله المجهول .
هذه النظرية قريبة جدا من نظرية القرآن العباسي الأصل . لا يعترف بعض المؤرخين على ان الوحي قد نزل على محمد ، واوحى له بالآيات القرآنية .بل قالوا ان محمدا نقل قصص الأنبياء من الكتب المقدسة لليهود من التوراة والتاناخ ، ومن اناجيل المسيحيين وادخل فيه اساطير الأولين وبعض الخرافات ، مع اضافة بعض النصوص الخاصة بالبيئة العربية في مكة . مثل قصة ناقة صالح وقصة النبي شعيب التي لا اصل لها في الكتب المقدسة السابقة . كما يؤيد المؤرخون ان فكرة ان بعض صحابة محمد ساهموا في كتابة بعض المقاطع من الايات مثل عمر بن الخطاب الذي قال وافقت ربي في ثلاث . اي جاء في آيات القرآن ثلاث ىيات مما قاله سابقا حرفيا في مناسبات مختلفة . ومن الصحابة الذي شاركوا في كتابة آيات القرآن وساعدوا محمد فيه هم القس النصراني ورقة بن نوفل الذي تربى محمد بقربه لأنه كان ابن عم خديجة بنت خويلد زوجة محمد الثرية . وهو من ابلغ محمد انه اصبح نبيا . وكذلك الصحابي الزرادشتي المثقف سلمان الفارسي ، والحاخام اليهودي عبد الله بن سلام ، و بحيرا الراهب المتبحر في علوم الأديان والكتب المقدسة ، و اليهودي زيد بن ثابت بن الضحاك الذي كان كاتب النبي و كاتم اسراره .
هذا ما جاء في الرواية العباسية، وكذلك اضيفت بعض اقوال عمر بن الخطاب الى آيات القرآن ، حتى انه اعترف قائلا : "وافقت ربي في ثلاث" . ويقصد ان ثلاث من اقواله كتبت ضنت نصوص القرآن لتوافقها مع اقوال الوحي ، لكن الحقيقة ان ما قاله عمر بن الخطاب في ظروف معينة استحسنها محمد ونقلها حرفيا الى القرآن على انها من اقوال الوحي . ومنها لو جعل مقام ابراهيم مصلى ، وتهديده لزوجات النبي ان ربه لو طلقه منهن لزوجه خيرا منهن ثيبا وابكارا . والمقولة الشهيرة في مدح خلقة الله في وصف مراحل تكوين الجنين في الرحم، قال عمر : "تبارك الله احسن الخالقين" فنقلها محمد حرفيا الى القرآن . علما ان في العبارة خطأ وهو انه لا يوجد عدة خالقون ليكون الله احسنهم . لأن الخالق واحد هو الله فقط . فكيف يتم التفاضل بين الخالقين ليكون الله احسنهم ؟
وفي عبارة اخرى قالها عمر وهي ( من كان عدوا لله وملائكته .....الخ ) نقلت الى القرآن على انها وحي من السماء وليس من عمر .
ان فرضية تأليف قرآن محمد قد انهارت ، لأن المؤرخين اثبتوا ان مكة لا وجود لها تاريخيا ولا جغرافيا قبل الحكم العباسي . فكل ما كتب عنها وقيل كان تزويرا وتأليفا . فلا وجود ذكر لمكة في المخطوطات القديمة و لا آثار تاريخية فيها تحت الأرض ولا فوقها و لا توجد اي وثائق تدل عليها او تتحدث عنها.
اذن قرآن محمد لا اساس له في الوجود قبل الفترة العباسية ، بل بني كل ما كتب عن نمة ومحمد ومغامراته كان تأليف من الفقهاء العباسيين .
كل تاريخ الإسلام خرافي وغير حقيقي بني على خرافة وجود مكة وقبيلة قريش التي لم يثبت وجدهما تاريخيا في القرن السابع .
من الأدلة الأخرى المؤيدة هي أن جغرافية القرآن لا تتوافق مع جغرافية صحراء مكة . وردت ىيات في القرآن ذكرت الأنهار والبساتين وفواكه مثل التين والزيتون والبحر وعواصفه . لكن لا وجود في القرآن عن ذكر لصحراء مكة وعواصفها الترابية ، معظم احاديث القرآن عن ساحل البحر الأبيض المتوسط مثل سوريا ولبنان وبلاد الشام وبساتينها واثمارها . لكن لا يوجد وصف لصحراء مكة وبيئتها .

2 – نظرية جذور القرآن السرياني المسيحي
مجموعة كبيرة من نصوص القرآن كانت اناشيد و مسيحية تعبدية وتراتيل و مواعض وأدعية مكتوبة لأهل الشام بالسريانية . كتبها رهبان مسيحيون قبل الإسلام اي في القرن السادس الميلادي . اكتشف ذلك العالم المستشرق اللماني كوتنغ لومبا . وبعده الباحث السرياني الأصل الألماني الجنسية كريستوفر لوكسمبورغ (اسم مستعار) الذي اكتشف وجود الكثير من العبارات والنصوص السريانية بين سطور القرآن ومنها عبارة (قرآن) واصلها اللغوي محرف من الكلمة السريانية (قريانا) او (قريَن) ، اي كتاب تذكرة وموعظة ، او كتاب صلوات وأدعية تلخص مواعظ ودروس الأناجيل المسيحية .
القرآن نفسه يعترف أن تذكرة لمواعض التوراة والإنجيل في السورة 36 حيث جاء :" إن هو إلا ذِكر وقرآن مبين " .
من الكلمات السريانية في القرآن التي حيرت العلماء المسلمين وهي كلمة (كوثر) : " إنا اعطيناك الكوثر ... إن شانئك هو الأبتر " سورة الكوثر .
فسر علماء المسلمين كلمة الكوثر بالعديد من المعاني ، وكلها خطأ لجهلهم باللغة السريانية المكتوبة بها ، ولم يفهموا معناها ، فأجتهدوا في التفسيرات الخاطئة . فمن قال انها اسم نهر في الجنة دون دليل ومنهم من فسره الخير الكثير، او كثرة الأتباع ، او النور في قلب النبي ...الخ و تفسير الجلالين يقول : الخير الكثير من النبوة والقرآن والشفاعة، كلها اجتهادات بلا دليل .
المعنى السرياني للكوثر هو : (دوام العبادة) .
اما شانئك هو الأبتر فتعني بالسريانية : الشيطان هو الأبتر . اي المهزوم الذي يلهي الشخص عن العبادة .
وللدليل على وجود الكتابة السريانية في كلمات القرآن : كلمة زكاة ، وتكتب بالمصاحف (زكوة) . والصلاة تكتب بالقرآن (صلوة) ، هذا الأسلوب السرياني في الكتابة يفضح سريانية القرآن خطا ومعنى .
لأن من كتب نسخه الأولى هم الرهبان السريان الذين يجيدون الكتابة في عالم الجهل الإسلامي .
تطور اسلوب كتابة ىيات القرآن حسب ظروف العلاقة بين محمد واهل الكتاب الذين رفضوا ترك دينهم واتباع دين محمد، فشن عليهم العداء والحرب الكلامية في القرآن . اعتبر القرآن المسيحيين الذين اسماهم النصارى انهم مشركون . لأنهم حسب اعتقاد محمد يشركون المسيح بالالوهية مع الله . لم يذكر القرآن كلمة مسيحيين ابدا . بل النصارى لأنه لا يريد تشريفهم بكلمة المسيح . والقرآن يدعو لمحاربة اليهود والمسيحيين .
هناك من يتسائل ، لو كان القرآن كتاب مسيحي فلماذا يذم المسيحيين ويحاربهم ويكفرهم ويقول عنهم مشركين ؟ ولماذا لا يطلق عليهم تسمية مسيحيين بل نصارى ؟
بعض الباحثين يردون على هذا التسائل بقولهم : إن من كتب القرآن كانوا من هراطقة المسيحيين اي اليهود المتنصرين ، الذين رفضوا الثالوث المسيحي . (الآب – الابن- الروح القدس) وهم من فئة الآريوسيين او اليهود الناصريين المطرودين من الكنيسة الاصلية .

3 – نظرية القرآن العباسي
قدم هذه النظرية المؤرخ والباحث الأمريكي جونز وانزبرو في كتاب (في الأمام) عام 1960 . يقول ان الخلفاء العباسيين طلبوا من نخبة من المؤلفين أن يكتبوا قصصا دينية مأخوذة من قصص ومواعض التوراة والأناجيل، والغاية كانت صياغة ديانة جديدة هي ديانة الإسلام الأول القريب من اليهودية الناصرية .
ولإعطاء طابع مقدس لهذا الكتاب المؤلف بشريا، اخترع الفقهاء العباسيون شخصية اسموها الرسول محمد بن عبد الله .واخترعوا قصصا لمكة وقبيلة قريش واخبار للفتوحات الإسلامية وغزوات النبي ، ويقول الباحث الأمريكي ان نصوص القرآن ظهرت في القرن الثامن الميلادي بعد مجئ العباسيين من خراسان الى بغداد . اقدم نسخة عثر عليها للقرآن هي نسخة المشهد الحسيني في القاهرة تعود لأواخر القرن القرن التاسع الميلادي . الموافق للقرن الثالث للهجرة ، وهي مصحف عثمان . كما توجد بعض المصاحف القديمة منها قرآن صنعاء وهو اقدم جميع النسخ المعروفة وتوجد نسخة برمنغهام وباريس إلا انها مصاحف غير كاملة . كما يوجد مصحف عثماني قديم في متحف في اسطنبول .
اللغة القرآنية المكتوبة في المصاحف هي خليط من عدة لغات عربية وكلمات سريانية وعبرية و العربية الشامية القديمة وكلمات حبشية وفارسية وحتى استعمل فيه كلمة انجيل المأخوذة من اليونانية .

4 – نظرية القرآن اليهودي الناصري

يقول اصحاب هذه النظرية، كان القرآن الأول على شكل صحف، ويرفضون روايات الفقهاء العباسيين و يقولون ان من كتب القرآن اليهودي الناصري هم طائفة من اليهودالناصريين المتحولين الى المسيحية ، والذين يعيشون منعزلين في الأديرة في الشام . كانوا ينتمون لطائفة يهودية منشقة عن اليهود الربانية . وهم يؤمنون بالمسيح انه عبد الله ورسوله ويرفضون اي نوع من الوهيته .
وكانوا يدعون بالنصارى حسب القرآن او الطائفة البيونية . وهم ليسوا بالمسيحيين المنتشرين بالعالم اليوم .
لماذا الرهبان هم من كتب القرآن الأول ؟ الجواب لأنهم الوحيدون الذين كانوا يمتلكون القدرات اللغوية والمؤهلات الدينية ويعرفون قصص الأنبياء، ولديهم الوقت لتحقيق الأشياء الصعبة جدا . ساعدهم بالكتابة ابتكار الخط العربي الجديد (الحجازي) الغير منقط. وهو اول خط كتب به القرآن الأولي ثم طوروه .
لقد ترجم الرهبان نصوص من التوراة والأناجيل من اللغة العبرية واليونانية الى العربية . ولهذا ظهر القرآن بلغة مختلطة من عدة لغات عبرية – سريانية – عربية قديمة – وبها كلمات حبشية وفارسية .
كان اليهود الناصريون بحكم وجودهم في الشام يتكلمون السريانية الآرامية المستعملة في بلاد الشام .
السور الطويلة مثل البقرة والنساء والمائدة وآل عمران كانت هي أساس القرآن اليهودي الأول . وكانت النصوص موجهة ضد المسيحيين وضد يهود القدس .

#صباح_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات