أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - المدنية بين العنوان وواقع النظم














المزيد.....

المدنية بين العنوان وواقع النظم


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7423 - 2022 / 11 / 5 - 10:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


النظم السياسية في العالم والتي تتبناها الأفكار والتنظيمات الحزبية في كل دول العالم لا نجد هناك عنوان سياسي أو حزبي تحت مسمى المدنية، ما عدى الظاهرة العراقية المتفردة ربما أن مفردة المدنية كتوصيف سياسي هي الغالبة في الخطاب الحزبي والجماهيري، وكأن المدنية فتح جديد في عالم السياسة أدركه العراقيون من دون شعوب العالم، والحقيقة أن مفردات المدنية والعلمانية هي توصيفات لم تعد تستعمل في عالم اليوم كونها تأت نتاج طبيعي لمكونات الفكر الدستوري والنظرية السياسية التي تحكم البلدان والمجتمعات بعد إنهيار الدول والأنظمة التي تعتمد فكرتي الدولة الدينية المغلقة أو الدولية ذات النظام العسكري المغلق، ولم يبقى من هاتين الأنظمة إلا الشواذ التي لا تمثل أتجاها مهما في عالم السياسات اليوم.
إن أولى مرتكزات المدنية التي يشير لها المفهوم المتداول هو وجود دستور ينص على حقوق مدنية وطريقة ممارسة السلطة وأن المشروعية الدستورية بيد الشعب وعبر ممارسة لا تتصل بمحدد ديني أو عسكري، فعند توصيف نظام سياسي على أنه نظام ديني هو أعتماده الكامل والمباشر والأساسي على إلزامية الفكرة الدينية ومحوريتها في بناء شكل النظام وألياته وترتيب الحقوق والواجبات، أي أن الدين والعقيدة الدينية هي مصدر المشروعية ومبعثها الأساسي، هنا تتحول السلطة السياسية إلى تابع للمعبد وتحت توجيه الكهنة ورجال الدين دون أن يكون للشعب دورا في رسم رؤيته الاجتماعية والسياسية والفكرية، وتتحول الحياة السياسية إلى ظاهرة توسع ساحة المعبد لتشمل الوطن كله وتمتد سطوة رجال الدين حتى على غير المتدينين او من الديانات الأخرى.
أما النموذج الأخر مما لا ينتمي لمفاهيم المدنية فهي دولة الجنرالات العسكرياتية، والتي تحكم بالأوامر العسكرية وربط كل حركة المجامع بمتطلبات الوضع العسكري وإنعكاساته، أما نتيجة لحالة طوارئ تعم البلد فعلا أو أفتراضا أو لأن الحاكم العسكري يرى في نفسه صاحب الحف المطلق في إدارة الدولة دون منافسة، أو حتى دون سماع رأي الشعب وقواه الفاعلة، فالحاكم العسكري هنا تماما يتصرف مثل رجل الدين في الدولة الدينية ويطبق نفس المفاهيم عندما يحول الدولة إلى معسكر مفتوح للشعب ويغلق عليه أسوار الخروج، لذلك كانت الدعوات التي تنطلق في هذه المجتمعات تريد أن تغير في طريقة التعاطي بين السلطة والشعب وليس أكثر من أن يكون النظام السياسي إنعكاس لإرادة الشعب بدرجة ما، وعزل المؤسسات العاملة فيه عن التحكم والسلطة المطلقة للحاكم دينيا أو عسكريا، هناك أنظمة معدودة جمعت بين الديني والعسكري في آن واحد لتكون دولة عسكرية بغطاء ديني تتناغم وتخادم المؤسستين الدينية والعسكرية في نغمة واحدة، هي تغييب صوت الشعب وحصر القرار بيد فرد ديكتاتور يتزعم منظومة حريصة على الفصل بين السلطة وبين الشعب عبر مشروعية الخوف والقداسة.
إذا الواقع العراقي اليوم وبالرغم من وجود تأثيرات دينية على سلطة القرار والتقرير لكنها ليست من طبيعة النظام القانونية والدستورية، فالدستور العراقي مدني ليس هذا فحسب، ولكن كل الدساتير العراقية السابقة لم تشير إلى دولة دينية أو عسكرية إلا في بعض الفترات القصيرة ونتيجة ظروف معروفة، المجتمع العراقي مجتمع مدني والطبيعية السياسية طبيعة مدنية، لكن الذي جعل المؤسسة الدينية تتحكم بالنظام السياسي من خلال ما يعرف "عمليات تحت الطاولة" هي الأحزاب السياسية التي تتخادم مع المؤسسة الدينية، وتعتمد في وجودها عليها وليس على جمهور حر وممارسة ديمقراطية متأصلة، فغالب الأحزاب مع نهي الدستور العراقي عن تكوين احزاب دينية أو تدعو للمذهبية هي أحزاب غير مدنية ولا تؤمن بالديمقراطية إلا كمرحلة للوصول آو حكم الخلافة أو حكم الإمامة، لكن الفساد المتفشي في كل مفاصل الدولة وأجهزتها هو المسئول المباشر عن تأثير المؤسسة الدينية على القرار السيادي العراقي.
فبدلا من المطالبة بالمدنية عبر أحزاب ترفع شعار المدنية والعلمانية والديمقراطية أن تركز في عملها على محاربة الفساد وإلى سيادة القانون بأعتبارهما الطريق الطبيعي لقيام الدولة المدنية الحقيقية، وبغياب المشروعية الشعبية الدستورية والمواطنة الواحدة القائمة على وحدة ومساواة في الحقوق والواجبات تبقى الدعوة للمدنية مجرد صوت بلا صدى، ولغو لا محل له ولا قيمة حقيقية إن لم يكن أساس الدعوى هو دستورية النظام السياسي وتحقيق سلطة القانون بأعتبارها القيمة العليا في المجتمع، والرافعة الأساسية لتحرير القرار العراقي من سطوة رجال الدين وتحكمهم بالشعب من خلال القداسة المزعومة والتعالي الفردي على مجموع قوى الشعب والدولة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرب الصديق في حانة الفقراء
- -دولة وطنية حضارية للأمة العراقية- 3
- -دولة وطنية حضارية للأمة العراقية- 2
- في ثلاثية العقل والعلم والحاجة
- -دولة وطنية حضارية للأمة العراقية-
- فلسفة السياسة العراقية تاكيد للمسارالفوضوي وضبابية الهدف وال ...
- عصر الأحزان
- لعبة الحياة
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح16 ملحق
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح15 الخلاصة البحث ...
- زغاريد في مساء يوم حزين
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح14 والأخير
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح13
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح12
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح11
- الشيعة وحاكمية الماضي الاستراتيجية... فشل في العنوان وأنهيار ...
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح10
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح9
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح8
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح7


المزيد.....




- كاتب يهودي يسخر من تصوير ترامب ولايته الرئاسية المقبلة بأنها ...
- المقاومة الإسلامية: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات وهدفا حيويا ...
- “ثبتها فورًا للعيال” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد لمتابعة ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات ...
- متى موعد عيد الأضحى 2024/1445؟ وكم عدد أيام الإجازة في الدول ...
- تصريحات جديدة لقائد حرس الثورة الاسلامية حول عملية -الوعد ال ...
- أبرز سيناتور يهودي بالكونغرس يطالب بمعاقبة طلاب جامعة كولومب ...
- هجوم -حارق- على أقدم معبد يهودي في بولندا
- مع بدء الانتخابات.. المسلمون في المدينة المقدسة بالهند قلقون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - المدنية بين العنوان وواقع النظم