أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الذهبي - زواج المتعة ووضع السود في المغرب :














المزيد.....

زواج المتعة ووضع السود في المغرب :


حمزة الذهبي
كاتب وباحث

(Hamza Dahbi)


الحوار المتمدن-العدد: 7421 - 2022 / 11 / 3 - 15:13
المحور: الادب والفن
    


رواية زواج المتعة للكاتب المغربي الطاهر بن جلون الذي يكتب باللغة الفرنسية، من الكتب الروائية النادرة التي تكسر جدار الصمت، متجاوزة المحرمات ومخترقة المحظورات، وفاضحة المسكوت عنه، لتكشف لنا بوضوح عن وضعية ذوي البشرة السوداء- مغاربة ومهاجرين- في المجتمع المغربي من خمسينات القرن الماضي إلى وقتنا الراهن، وتُجيب عن سؤال ما معنى أن يكون المرء أسود في هذه البقعة من العالم ؟
وقد عكست لنا هذه الرواية بأسلوبها الذي لا يخلو من متعة، مكانة السود الهامشية، وأشكال التحيز والانتقاص والتبخيس والعنف الممارس ضدهم في المجتمع المغربي حيث أنه ينزع عنهم صفة الإنسانية وينظر إليهم باعتبارهم أناس من الدرجة الثانية، أقل شأناً من الجميع، متوحشون، خاطفي الرجال بسبب هوسهم الجنسي، غير حضاريون، سحرة ومشعوذون، لا يغتسلون لهذا رائحتهم دائما سيئة و لم يتواجدوا إلا من أجل خدمة ذوي البشرة الفاتحة والسهر على راحتهم.
أليس في الأمر مبالغة ؟
هذا مما لا شك فيه، فرواية زواج المتعة كأي عمل روائي آخر، فيها نوع من المبالغة والتضخيم، لكنها في نظرنا المتواضع مبالغة تعكس حقيقة واقع ننكره ولا نريد الاعتراف به، فالمغاربة لا يشعرون أنهم عنصريين، ولو سألت أحدهم في الشارع لأجابك بأن العنصرية لا وجود لها في المجتمع " اعتبر المغاربة دوماً أن العنصريين هم الآخرون"(زواج المتعة ص 120). بيد أنه للأسف واقع تؤكده العديد من الأبحاث والدراسات السوسيولوجية، التي لا يتسع المجال لعرضها في هذا النص لكن يمكن الإشارة في الهامش إلى إحدى هذه الدراسات كي أشبع فضول القارئ الذي يملك حس نقدي ولا يقبل مثل هذا القول دون ما يثبت صحته-1- .
ما منبع هذه العنصرية – على أي أساس تستند ؟
يمكن القول أنها تعود إلى الماضي العبودي المغربي، إذ بالرغم من أنه قد تم إلغاء العبودية مع دخول المستعمر الفرنسي الذي منع أسواق العبيد، إلا أن إرثها لا يزال حاضرا، فما تشكل خلال قرون لا يمكن أن يختفي بين ليلة وضحاها، علاوة على أن هذا الإلغاء لم يأتي من داخل المجتمع المغربي نتيجة اقتناع بعدم إنسانية هذا الفعل، لهذا لم يتم خلخلة البنيات الذهنية، بقيت نظرته إلى السود لم تتغير إنها متجذرة في المتخيل المغربي، سواء وعى به أم لم يعي، ذاكرته لا زالت حية، يعيد انتاجها بشكل متواصل، ولو أخذنا مثلا الأدوار التي يلعبها السود اليوم فهي لا تختلف عن الأدوار التي كان يلعبها السود العبيد أو المستعبدين كما يحلو للبعض أن يسميهم. ولعل أبرز هذه الأدوار هو دور الخادمة، فأسود تعني تلقائيا في مخيال المغاربة خادم، لهذا عندما تزوج امير زواجه الثاني من امرأة سينغالية جميلة تدعى نابو وجلبها معه الى فاس، نشاهد زوجته الأولى لالة فاطمة تجعلها تنام في ركن المطبخ وتقول لها :" مكانك بين الخدم، أنت هنا من أجل العمل، من أجل التنظيف والغسيل والكي واطاعة الأوامر.. أنت لست من العائلة أنت جارية " (زواج المتعة ص102-103)
أن تكون أبيض مختلف على أن تكون أسود :
بعد زواج امير التاجر المغربي الأبيض من نابو السنغالية السوداء، أنجبت له توأمين، حسن وحسين، أحدهما أسود مثل نابو، والأخر أبيض مثل أمير، وبالرغم من أنهما من نفس البطن، بيد أن مصيرهما كان مختلف، لون بشرتهما حدد مستقبلهما، الأبيض تم دمجه في المجتمع بلا صعوبة تذكر، في حين أن الأسود لفظه المجتمع ولم يقبله، فأن تولد أسود جريرة لا تغتفر، وستعاقب عليها، وإن قلت ما ذنبي إليك – كما يقول الشاعر- أجبتني وجودك ذنب لا يقاس به ذنب.
الرواية مرآة للمجتمع :
يمكن اعتبار رواية زواج المتعة سردية مضادة، تحكي عن ذلك الذي تم السكوت عنه، عن التاريخ المهمل الذي يمشي تحت التاريخ الرسمي المعلن عنه، إنها رواية تدين العنصرية، وتكشف تهافت أسبابها، وتلفت انتباه القارئ لنتائجها المدمرة وتريه صورته التي شوهتها العنصرية ، إنها مرآة تعرف المغاربة على أنفسهم وتدفعهم إلى اكتشاف تأثير ما يقومون به بشكل لاشعوري، ولا واعي، فنحن لا نقوم بالشر إلا نتيجة الجهل مثلما يعلمنا الفيلسوف سقراط
الهامش :
1- ذاكرة العبودية السوداء، اعداد الباحثين عبدالزهر بامحمي وياسين يسني، مجلة ليكسوس، العدد 28 اكتوبر 2018



#حمزة_الذهبي (هاشتاغ)       Hamza_Dahbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة هي نتاج القراءة
- ما يمكن للقراءة أن تفعله : فريدريك دوغلاس نموذجا
- محمد شكري - من الكتابة كامتياز الى الكتابة كاحتجاج
- الكتاب الذي جعل من نيتشه فيلسوفا
- المكتبة
- الكتب وحوش جائعة
- فاتحة مرشيد تعطي صوتا لمن لا صوت له
- أشخاص دفعوا الثمن نتيجة الوفاء بأفكارهم : سقراط نموذجا
- نفتقد الاطمئنان الذي كنا نحس به في السابق
- متعة السفر
- المجتمع الإفتراضي يتحول إلى مجتمع الأخ الكبير :
- الكتابة عن الأدب أسهل ألف مرة من الحكي عنه.
- ارتكبت خطأ في حق صاحب رسالة الغفران
- علمني صديقي ، أقصد رفيقي ، قيمة الموهبة التي أملكها .
- الراقصون على مسرح الفايسبوك
- هل مكتوب على وجهي بأني لص
- فيلم الجوكر -jocker - : المشكل ليس في المجرم بل في المجتمع ا ...
- لقد نجحوا في خلق جيل من الضباع.
- الكُتاب هم أناس مثلنا من لحم ودم وليسوا آلهة
- أصدقاء بدون مكر الأصدقاء


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الذهبي - زواج المتعة ووضع السود في المغرب :