عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 7418 - 2022 / 10 / 31 - 03:48
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
3- بطء الإيقاع وسرعة الأهداف
بسبب افتقاد مقوم العفوية، اختارت الحركة المشي بخطى ثقيلة، بوثيرة بطيئة، بحذر؛ وقررت تنظيم مسيرة احتجاجية على رأس كل شهر، في يوم الأحد. في البدء، تراوحت عموما الشعارات التي رفعت في المسيرات بين المطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والتعبير عن الرغبة في إصلاح النظام، وشابتها عيوب الكثرة والتضخم، والتشتت -إلى حد التنافر أحيانا، والشخصنة. بتواضعها وضبابيتها، لم تركز المطالب على أهداف محددة واضحة، مرحلية؛ لم تخضع لنوع من التدرجية، من الاجتماعي إلى السياسي مثلا، بل قدمت مجموعها دفعة واحدة يختلط فيها الاجتماعي بالاقتصادي والسياسي بالثقافي والحقوقي، والشامل بالفئوي، إلخ. بعد حين، تركز الهدف في مطلب الملكية البرلمانية.
طغت طقوس الفرجة والاحتفالية والاستعراض على المشاهد. ولم تنزلق المسيرات إلى مستنقع الفوضى والمواجهة مع قوى الأمن، ما يؤشر على سلمية الحركة الاحتجاجية وهدوئها، وعدم تجاوزها للحدود المرعية.
ثم جاء الخطاب الملكي في 9 مارس ليعد بالإصلاح، قبل الإعلان عن فتح ورش التغيير الدستوري في الزمن المنظور، وتحديد الشكل والآلية السياسية والحيز الزمني القصير جدا لصياغة مشروع القانون الأسمى الجديد، ثم المصادقة عليه وتنظيم استفتاء حوله. وتم تنصيب المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلفا للمجلس الاستشاري السابق؛ والزيادة في أجور الموظفين قدرها 600 درهما للفرد توزع مناصفة على الجميع كيفما كانت السلالم الإدارية.
4- تشنج النخب وحدة ردود الفعل
لقد استمرت الحركة المطلبية الشبابية معتبرة أن هذه الخطوات في درب الإصلاح غير كافية، وبعضها لا يعدو أن يكون مجرد وعود واهية. استقر رأي الحركة الاحتجاجية في النهاية على تحديد هدف مركزي عماده إقامة ملكية برلمانية ووضع دستور جديد عبر آلية المجلس التأسيسي. وهو نفسه المشروع الذي ما فتئت تنادي به في السابق بعض التشكيلات السياسية والنقابية المحسوبة على اليسار التقليدي والعديد من رجالات الفكر، قبل أن يتخلى عنه عمليا الجميع تحت إكراهات الظرفية أو الانتظارية، إن لم يكن بسبب الإغراءات التي يوفرها النظام القائم. عوض أن يكون هذا المطلب المشروع -والمأمول بالنظر إلى ما تشهده البلاد من احتقان باطني- محط إجماع ويتم الالتفاف حوله في ظل الشرط التاريخي الراهن، أودى على العكس من ذلك إلى انشطار صفوف المنخرطين في موجة الاحتجاج.
ويرى الحارثي ان التيارات الراديكالية المحسوبة على اليسار والإسلام السياسي، فضلا عن بعض الفعاليات الثقافية تتحمل مسؤولية كبيرة في ما آلت إليه حركة 20 فبراير من وضع مأزوم، عنوانه العزلة والغربة وفقدان زمام المبادرة... غير أن تطرف أجهزة الدولة والتشكيلات السياسية والنقابية والجمعوية التي تدور في فلكها، والتعامل مع الشباب المحتج بأسلوب استئصالي وإفراط في استعمال القوة -غير المادية، يبعث فعلا على القلق.
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟