أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - عن البرلمانات العربية















المزيد.....

عن البرلمانات العربية


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 7416 - 2022 / 10 / 29 - 11:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة قيود تؤثر في فعالية البرلمانات العربية ودورها في تعزيز الديمقراطية، بعضها كما تذكر دراسة للدكتور كريم السيد أحمد عبدالرزاق، خارجي والآخر داخلي وتنظيمي. فإذا كانت القيود الخارجية، تحدد ما هو مسموح للبرلمانات، فإن القيود الداخلية توضح ما يستطيع القيام به فعلا. فبالنسبة للقيود الخارجية، فبعضها ذو طابع قانوني، ينصرف إلى الإطار الدستوري، مثل تحديد شكل البرلمان، وسلطاته واختصاصاته وفقا للدستور، والبعض الآخر له طابع واقعي، مثل القيود التي تفرضها السلطة التنفيذية على فعالية وقدرات البرلمان. أي أن تلك القيود تؤثر في بنية البرلمان وفعاليته ككل. أما الداخلية فأهمها طبيعة الترتيبات المؤسسية والتنظيمية للبرلمان، والتي تحدد ما إذا كان قادرا على ممارسة دوره دستوريا وسياسيا أم لا، ومن أهم مؤشرات تحديد دور البرلمان وفعاليته: حجم الموارد البشرية والتنظيمية ونوعياتهما ومصادر المعلومات المتوفرة للبرلمان، ومدى الخبرة البرلمانية للأعضاء وقدراتهم التشريعية. فضلا عن القيود التنظيمية، التي تنصرف إلى توزيع الموارد بين الأحزاب السياسية، والعلاقة بين خطوط السلطة في البرلمان، وطبيعة امتيازات القيادة البرلمانية، ونوعية قواعد صنع القرار وإجراءاته، وهو ما يتأثر أيضا بطبيعة التركيبة السياسية للبرلمان. وما من شك أن العلاقة بين هذه القيود الداخلية والخارجية معقدة بدرجة كبيرة، وتكشف كلما قلت القيود السياسية كلما زادت قدرة البرلمان على مواجهة القيود المؤسسية والتنظيمية.

وقد استطاع الباحث أن يحدد مقومات البرلمان الديمقراطي ومحاور تعزيز دوره في المجتمع، فالبرلمانات تحتاج إلى توافر شروط ملائمة، والالتزام بمبادئ تحكم عملها، لكي تتمكن من القيام بالمهام المنوطة بها. وتكاد تتفق الأدبيات بشأن التطور البرلماني على أنه جزء من منظومة لبناء وتفعيل الديمقراطية والحكم الجيد، بما تتضمن من نظام سياسي قوي ومستقل، وتعزيز حكم القانون، واستقلال القضاء، وجهاز إداري قادر وكفء، مع العمل في إطار مجتمع اقتصادي مؤسسي وآليات المجتمع المدني الحر. أي أن الديمقراطية «المتماسكة» تتكون من خمس مجالات أساسية ومتداخلة، ويتوقف كل منها على نجاح الآخر. فهي نظام متفاعل، وليس فقط النظام السياسي أو نظام الحكم، ولا يمكن لمجال بمفرده أن يؤدي وظائفه بكفاءة دون دعم من المجالات الأخرى. وفي الدراسات العربية بصفة عامة، فإن الجدل حول دور البرلمان تتمثل في درجة استقلاليته وطابعه التمثيلي وصلاحياته. وأصبحت البرلمانات محل اهتمام واسع، باعتبار أنها آلية لتحقيق وتوسيع المشاركة بطريقة مؤسسية ومستدامة. ومما سبق، فإن نقطة الأساس في عملية التطوير البرلماني، الوصول إلى اتفاق عام حول دور البرلمان في عملية الإصلاح والتغيير، خاصة في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

هناك مجموعة من الأدوات لتقييم أداء البرلمان، وتضم من المبادئ والقيم التي يجب تتوافر في البرلمان الديمقراطي، وهي: أولا، الإتاحة للجميع، بمعنى إمكانية الوصول إلى البرلمان، من خلال الوسائل المتاحة سواء التقليدية او الحديثة والإلكترونية، ومحاولة استطلاع رأي المواطنين والمخاطبين بالتشريعات، وأيضا إمكانية الوصول إلى الأعضاء من خلال مكاتبهم سواء في البرلمان أو الدوائر الانتخابية. ثانيا، الخضوع للمساءلة، بمعنى أن يكون البرلمان وأعضاؤه خاضعين للمساءلة أمام الرأي العام، وأمام الناخبين، وذلك لضمان نزاهة الأداء واتباع قواعد السلوك البرلماني وعدم إساءة استخدام السلطات والصلاحيات والحصانة البرلمانية. ثالثا، أن يكون معبرا وممثلا عن المواطنين وفئات المجتمع وذلك من خلال انتخابات حرة ونزيهة ودورية، متكافئة الفرص بين الجميع، بالإضافة إلى تهيئة البيئة المناسبة لتشجيع المشاركة السياسية. رابعا، شفافية البرلمان، والانفتاح على المواطنين: بمعنى أن يكون برلمانا مفتوحا أمام المواطنين، وشفافا في أعماله، مثل علنية الجلسات وإذاعتها، وإتاحة الوثائق، وإتاحة مصادر المعرفة من خلال وسائل الإعلام والاتصال التقليدية والحديثة. خامسا، فعالية القدرات التشريعية والرقابية: لتمكين البرلمان وأعضائه من الأداء الفعال لوظائف التشريع والرقابة، وهو ما يتطلب أتباع منهجية لمساءلة الحكومة، وتزويد اللجان بالصلاحيات والموارد المناسبة، تعزيز قدرات الأعضاء، ووضع آليات للمشاورات المنتظمة. ومما سبق ذكره نستخلص: ترتبط فعالية البرلمانات بالصلاحيات الدستورية لها، وعلاقتها بالمؤسسة التنفيذية؛ فكلما كانت البرلمانات قوية كان النظام الديمقراطي قويا. ولعل أهم آليات تفعيل البرلمان هو تفعيل المحاسبة من خلال توفير كل الآليات والتدابير لضمان قانونية أعمال المسؤولين، ورقابة أعمالهم وسياساتهم باعتبارهم مسؤولين أمام البرلمان.

ثمة من يرى أن وجود البرلمانات العربية منذ تأسيسها هو أقرب إلى وجود مادي، أي بالمباني الكبيرة والضخمة، ويجتمع فيها نواب الأمة أو نواب الشعب أمام كاميرات التلفزيون ليتناقشوا في مواضيع لا تدخل في صلب أعمالهم بل المفترض أنها تقتصر على التشريع ومراقبة عمل السلطة التنفيذية بحسب التعريف الكلاسيكي لدور مجلس ممثلي الشعب والذين حصلوا على سلطتهم بالاقتراع. فأغلب البرلمانات العربية، على حد تعبير أحد الإعلاميين اللبنانيين، قبل موجة الاحتجاجات العربية الأخيرة، كان يتم تعيينها في معظم الدول العربية. أما الدول التي جربت الديمقراطية فما زالت برلماناتها معطلة، ويبدو الأمر كما أن البرلمانات التي يتم تعيينها أو انتخابها، لا تقوم بالدور الذي يضمنه لها الدستور الذي يتفق عليه جميع الفرقاء. بحسب تقارير دولية حول العمل البرلماني في العالم العربي ودوره في تحقيق ديمقراطية تمثيلية، فإن وجود البرلمانات العربية لا يقاس بقيامها بالعمل المنوط بها، لأن ما تقوم به فعليا لا يذكر، ويتمحور حول الموافقة على قوانين ومراسيم تيسر للمصالح المشتركة بين الفرقاء السياسيين الذين يشاركون في هدر المال العام في معظم الدول العربية.

ليست لدينا ثقافة الرقابة الشعبية على النواب، فتلك ثقافة مفقودة تماما وليست لها أية مظاهر يمكن رصدها للتأثير على وجود ولو نواة لها في الشارع وهو المعنى بالدرجة الأولى والأخيرة بفرض رقابة على ممثليه في السلطة التشريعية. وهذا يقودنا إلى ما ذكره الكاتب المختص في العمل البرلماني والإعلام والدراسات الديمقراطية وليد حسني، إن ثقافة الرقابة الشعبية على النواب في أغلب الدول العربية، هي آخر ما يشغل بال وعقل جمهور الناخبين، وللحقيقة فإن علاقة المرشح للبرلمان تنتهي علاقته مع ناخبيه وجمهوره فور الإعلان عن فوزه، ليغيب الناخب عن أعمال النائب باستثناء ما يحتاجه من النائب بالحصول على خدمات خاصة. غياب هذه الثقافة تمنح النواب الحرية المطلقة في اتخاذ قراراتهم وتنفيذ ما يريدونه ويرغبون به دون النظر إلى مصالح جمهور ناخبيهم، فليست عليهم أية رقابة مؤثرة على قراراتهم واتجاهات تصويتهم، مما يبقي العلاقة بين الجمهور والنواب في حالة انقطاع متواصلة، فلا النائب يعود لناخبيه ليسألهم ويستشيرهم، ولا الناخبين يتطوعون للتواصل مع نوابهم لسؤالهم وتوجيه اقتراحاتهم عليه. هذه الثقافة المفقودة أبقت مجالس النواب في الدول العربية تحت النقد الشعبي غير الممنهج والمبرمج، أي أن النقد الشعبي والغضب الانتخابي على هذه المجالس يعبر عن نفسه في إطار النقد والغضب العام دون أن يكون لصوت هؤلاء أي تأثير في اتجاهات النواب التصويتية. إن بناء ثقافة شعبية للرقابة على النواب مهمة في غاية الأهمية فلها تأثير كبير في فرض سياسية المحاسبة الشعبية للنواب، وهو ما سينعكس إيجابا على أعمال النواب، وسيحقق بطريقة وبأخرى الشراكة التمثيلية بين النائب وناخبيه، ولن يعود النائب مستقلا في اتخاذ قراراته ومواقفه لفرط شعوره بوجود من يقف على الأبواب ليسأله عن مواقفه واتجاهات تصويته. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن الرقابة على أعمال البرلمان التي تنفذها بعض المراكز الدراسية والبحثية ليس لها ذات التأثير الكبير على النواب الذي يمكن أن تحققه الرقابة الشعبية المباشرة على البرلمان. في بلادنا، نحن في أمسّ الحاجة لصناعة الرقابة الشعبية على النواب للإسهام في تحسين أداء المؤسسة التشريعية البرلمانية، ولإدامة الاشتباك الإيجابي بين جمهور الناخبين ونوابهم، وهذا يحتاج إشاعة تلك الثقافة عبر المناهج الدراسية في المدارس والجامعات، وعلى وسائل الإعلام المختلفة.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمية في العالم العربي
- دول الاتحاد الأوروبي تدفع فاتورة باهظة
- الوطن العربي وحالة «الإنهاك»
- حول السياسة التعليمية وفضاء الحرية
- عن الليبرالية الاقتصادية
- التمييز العنصري في أمريكا
- الجامعات العربية والحريات الأكاديمية
- حديث عن الإنسانية والبربرية
- الانتخابات النصفية الأمريكية 2022
- انتهاك لمبدأ «الصين الواحدة»
- الطاهر الحداد وتحرير المرأة
- الديمقراطية وتحديات الحداثة بين الشرق والغرب
- أمريكا وإطالة أمد الحرب في أوكرانيا
- مجموعة «البريكس»
- ما أحوجنا إلى قيم التنوير
- يعقوب جناحي باقٍ في الذاكرة
- أمريكا اللاتينية لم تعد «الفناء الخلفي» لواشنطن
- الإخوان وعودة الفوضى في ليبيا
- الأزمة الأوكرانية وتصدع الوحدة الأوروبية والأطلسية
- لماذا ثقافة التقدم هي المشكلة والحل؟


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - عن البرلمانات العربية