أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - فهد المضحكي - أمريكا اللاتينية لم تعد «الفناء الخلفي» لواشنطن















المزيد.....

أمريكا اللاتينية لم تعد «الفناء الخلفي» لواشنطن


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 7290 - 2022 / 6 / 25 - 10:53
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


لطالما اعتبرت واشنطن بأن أمريكا اللاتينية هي «فناؤها الخلفي» الذي لا يسمح لأحد بالاقتراب منها دون إذنها، أو التدخل في أعمالها فيها. شهدنا الكثير من الانقلابات والحروب لأجل ذلك. لكن دول أمريكا اللاتينية لم تعد تقيم اعتبارًا لتحفضات واشنطن، وليست مستعدة للمساومة، فمصالحها تصبح متشابكة بشكل متزايد مع القوى الصاعدة، الأمر الذي يعبر عنه ساسة واشنطن بخوف قبل غيرهم. يقول الكاتب ماركو فيرناندز، ترجمة جريدة «قاسيون» السورية، «بعد أقل من أسبوع من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، صرح خوان سيباستيان غونز اليس- مدير شؤون نصف الكرة الغربي في مجلس الأمن القومي الأمريكي- بأن العقوبات ضد روسيا قوية للغاية بحيث سيكون لها تأثير على الحكومات التي لديها ارتباطات اقتصادية مع روسيا. حيث ستبدأ فنزويلا بالشعور بالضغط، ونيكاراغوا ستبدأ بالشعور بالضغط وكذلك كوبا». دافع مقال نشر مؤخرًا عن طريق مجلس العلاقات الخارجية، وهو المنتدى غير الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية بعنوان «الكابوس الاوراسي»، عن الأطروحة القائلة بأن واشنطن لا تملك خيارًا سوى محاربة روسيا والصين في الوقت ذاته. ومع ذلك فغونزاليس قد ألمح إلى أن مهاجمة الجبهة الرئيسية في الشرق «موسكو وبكين»، بل أيضا فتح جبهة في الجنوب -ثانوية لكن مهمة- ضد ثلاث دول في أمريكا اللاتينية تحدت واشنطن أكثر من غيرها. لكن هذه الجبهة الجنوبية، قد تكون أكبر حتى من تخيلات غوانزاليس، وقد لا تكون الولايات المتحدة هي التي تسعى لفتحها في الحقيقة.

ففي مارس الماضي أدلى قائد القيادة الجنوبية للقوات المسلحة الأمريكية بشهادة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي قائلاً: «إنه على الرغم من أن روسيا هي التهديد الأكثر الحاحا في أمريكا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبيي، فالصين تشكل تحديًا دبلوماسيًا وتكنولوجيا وإعلاميًا وعسكريًا للولايات المتحدة. وكان ريتشاردسون قد أدلى قبل أسبوعين من ذلك بشهادة متشابهة، شبه فيها النفوذ الصيني في المنطقة بالنفوذ المفترس الذي يخدم مصالحهم في إفريقيا»، مشيرًا بشكل واضح إلى تقدم مبادرة الحزام والطريق عبر القارة الإفريقية منذ عام 2013، والمسؤولة عن تدفق الاستثمارات الصينية غير المسبوقة في البنية التحتية الاساسية «الطاقة والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية والطرقات السريعة وما إلى ذلك»، في مقابل الموارد الطبيعية التى تحتاجها الصين لتغذية صناعتها، حيث إنها مسؤولة عن إنتاج 28,7% من إجمالي التصنيع المستهلك عالميا. تستند تصريحات ريتشاردسون على مبدأين أولاً: إن الولايات المتحدة تنظر لأمريكا اللاتينية على أنها «فناؤها الخلفي»، الأمر الذي تم التعبير عنه في مبدأ مونرو في 1823 وكان سببًا في الكثير من الانقلابات والتدخلات العسكرية. وثانيًا: إن الولايات المتحدة تعتقد بأن السياسات الخارجية لحكومات المنطقة يجب أن تحددها واشنطن. قال بايدن مؤخرًا: «أمريكا اللاتينية ليست فنائنا الخلفي، بل هي ساحة أمريكا الأمامية». لكن الأمريكيين اللاتينيين لا يريدون أن تكون لأحد لا خلفي ولا أمامي.

في عام 2000 أنشأ الكونغرس لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين، والتي تقدم تقيمها عن الصين بشأن الأمن القومي للولايات المتحدة. في نوفمبر2021، تضمن تقرير اللجنة فصلاً هامًا حول العلاقات بين الصين وحكومات أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبيي. أبدى التقرير قلقه من دعم الصين لما سماه الحكومات «الشعبوية» من الأرجنتين إلى فنزويلا. وأشار إلى زيادة تجارة المنطقة مع الصين: من 18,9مليار دولار في 2002، إلى 295,6 مليار دولار في 2020، أضافة إلى تزايد أهمية الصين كمصدر للقروض والتمويل والاستثمارات المباشرة «58 مليار دولار بين عامي 2016 و2020». بفضل هذا الاستثمار، تمكنت الصين من مساعدة المنطقة في تقليص تأثير الأزمة المالية العالمية في 2008. خلق الاستثمار الصيني في أمريكا اللاتينية فرص عمل بمقدار 1,8 مليون فرصة بين 1995 و2016، وقلل الفقر من 12% في 2002 إلى 4% في 2018. كما ملأت اللقاحات الصينية صناديق صحة أمريكا اللاتينية أثناء الوباء، وقلصت صادرات السلع الأمريكية اللاتينية إلى الصين من عبء الركود الذي صاحب كوفيد. تشعر اللجنة الأمريكية الصينية بالقلق من زيادة الاتصالات بين الصين والمنطقة في شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية والنقل. ما تقدمه هواوي - رائدة شبكات الجيل الخامس - خدماتها، بالإضافة إلى SSD في مجال تطوير الأقمار الصناعية «تم إطلاق 21 مشروعًا مشتركًا، معضمها مع الأرجنتين»، تم أخذه كمثال. كما عبرت اللجنة عن خوفها من سيطرة الصين أو نفوذها على الموانئ في المنطقة، لاسيما في البحر الكاريبيي.

تجاوب ساسة واشنطن بسرعة مع التقرير. في فبراير 2022، قدم السيناتور ماركو روبيو وبوب ميندبز، وكليهما من أصل كوبي، قانون استراتيجية الأمن لنصف الكرة الغربي 2022. يقترح المشروع أن تتحدى حكومة الولايات المتحدة بشكل مباشر دور الصين في المنطقة. كما يصف وجود الصين وروسيا في المنطقة بأنه تأثير ضار وخبيث. رغم أن مشروع القانون قصير وخاو من التفاصيل، يمكن من خلال شهادة ورسالة البروفسور إيفان إيليس، أحد معدي التقرير، أن نفهم ما يرمي إليه: على واشنطن الترويج لرواية إعلامية تدين الحكومات اليسارية وعلاقتها بالصين، ودعم حركات الاحتجاج ضد هذه الحكومات، وتعميق تحالفاتها مع النخب الأقليمية، وتطبيق عقوبات على الحكومات ذات الميول اليسارية. لكن ورغم أحلام ساسة وبروفسورات واشنطن، لا تسير الأمور كما يشتهون. الانتخابات والتحركات السياسية في المنطقة، مع صعود اليسار، لا تحمل أنباء جيدة لواشنطن، مثالها: فوز غوستافو بيترو في الانتخابات الرئاسية في كولومبيا بعد حصوله على 50,47% من الأصوات في الدورة الثانية ليصبح أول رئيس يساري في تاريخ البلاد، وحصل خصمه المليونير رودولفو هير نانديز الذي أقر بهزبمته، على 47،27% من الأصوات. وكتب بيترو على تويتر: «اليوم هو عيد للشعب. فلنحتفل بأول انتصار شعبي». وسيكون توليه أعلى منصب في البلاد بمثابة زلزال سياسي في بلد يحتكر فيه المحافظون السلطة منذ عقود. وربما الأهم في كامل أمريكا اللاتينية: البرازيل. تشير الاستطلاعات بأن (لولا داسيلفا) زعيم حزب العمال اليساري سيطيح ببولسونارو، في الانتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2022. والمرحلة ستجبره على اتخاذ إجراءات واقعية تخيف الولايات المتحدة لها شأن بتنمية بلاده اقتصاديًا. الدور الذي قد تلعبه البرازيل لإعادة إحياء تطلعات بريكس، وحرص النخب البرازيلية على العودة لتكون شريكا اقتصاديا للصين وليست مجرد مصدرة سلع أولية، ستجبر لولا أو غيره على فعل كل ما يزعج الأمريكيين. لم يعد بإمكان الولايات المتحدة ممارسة أنشطتها المعادية لأمريكا اللاتينية، وحتى إيليس والنخب في واشنطن تدرك ذلك. لهذا يحاول هؤلاء وضع خططهم بما يناسب كامل الخطط الأمريكية في العالم في الوقت الحالي: طالما لا يمكننا الانتصار، فلنعمل على زعزعة استقرار المنطقة بدلا من السماح لها بأن تصبح طرفًا فاعلاً في نظام عالمي جديد. لكن مدى قدرة الولايات المتحدة على فعل ذلك هي أمر يحسمه مدى قدرة الطرف المقابل في الحفاظ على الاستقرار والنفع الاقتصادي والسياسي المشترك.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان وعودة الفوضى في ليبيا
- الأزمة الأوكرانية وتصدع الوحدة الأوروبية والأطلسية
- لماذا ثقافة التقدم هي المشكلة والحل؟
- عن توسع حلف «الناتو»
- سميرة عزام من رائدات التنوير في فلسطين
- الوقود غير النظيف للطهي.. يقتل ملايين النساء سنويًا!
- عن الانتخابات الرئاسية الفرنسية
- عبدالكريم اليافي.. الموسوعة الدمشقية
- الصين تعارض بشدة التدخل الأمريكي في قضية تايوان
- بطرس البستاني.. رائد من رواد التنوير
- ماذا يحدث في باكستان؟
- الأزمة الأوكرانية والتهديدات الأمريكية للصين!
- الحرب الروسية - الأوكرانية مرة أخرى
- ماري عجمي.. صاحبة أول مجلة نسائية عربية في سوريا والمشرق الع ...
- الحرب الروسية - الأوكرانية.. ميلاد نظام عالمي متعدد الأقطاب
- مستقبل النسوية
- حول الأزمة الأوكرانية - 2
- الأدب الشعبي والسلطة السياسية
- رحل سيد القمني.. المناهض للفكر ألمتأسلم
- التوتر بين روسيا والغرب.. من المسؤول؟


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - فهد المضحكي - أمريكا اللاتينية لم تعد «الفناء الخلفي» لواشنطن