أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياسين الحاج صالح - -غرابة مقلقة- للإرهاب في سورية!














المزيد.....

-غرابة مقلقة- للإرهاب في سورية!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1692 - 2006 / 10 / 3 - 10:05
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


"إنها المرة الأولى التي يجمع معظم الدبلوماسيين على الاقتناع بحقيقة العملية"، كتب مراسل جريدة "الحياة" في دمشق يوم 14 أيلول، معلقا على ما يفترض أنه هجوم إرهابي كادت تتعرض له السفارة الأميركية في العاصمة السورية قبل ذلك بيومين. في كلامه على "إجماع" للمرة الأولى يلمح المراسل إلى تشكك واسع النطاق في أوساط مراقبين محليين وأجانب يكتنف حقيقة "العمليات الإرهابية" التي تتحدث عنها السلطات السورية بين حين وآخر في العامين الأخيرين. يشتبه كثيرون في أن أجهزة محلية وراء تنسيق "العمليات الإرهابية" وإخراجها بأمل جني مكاسب سياسية منها أو تفادي خسائر محتملة. إذا بدا هذا غريبا، فلأنه غريب بالفعل: إذ هل يعقل أن يلعب أي نظام مع نفسه لعبة الإرهاب؟ لا يعقل. غير أن استجابة السياسات الرسمية لمعيار العقلانية أمر أصعب إثباتا بعد من حقيقة العمليات الإرهابية. لكن لماذا قد يلعب النظام لعبة خطرة كهذه؟ تساق للإجابة على هذا السؤال عناصر تتصل بإقناع الأميركيين والغربيين بأن سوريا مستهدفة بالإرهاب مثلهم تماما، وأن من شأن زوال نظام الحكم القائم أن يجعل منها ساحة مباحة لجماعات الإرهابية، وقد يقال إن الرسالة ذاتها موجهة للسوريين، وكذلك للمحيط الإقليمي لسورية. وراء هذه التقديرات تبقى الشبهات وفيرة، وهي تحيط بكيفية تنفذ العمليات، وبحقيقة المجموعات التي يفترض أنها تقوم به، كما بالروايات الرسمية حولهما.
لسنا في موقع من يستطيع أن يؤكد "حقيقة" العمليات الإرهابية أو ينفيها. وما لاحظناه بخصوص عملية السفارة الأميركية وسابقاتها هو أن من مالوا إلى تأكيدها أو نفيها بنوا مواقفهم على تفضيلات سياسية وإيديولوجية عامة، لا على براهين يمكن أن يقتنع بها أي مراقب محايد. قبل أيام (20/9) نشرت جريدة "السفير" البيروتية مقالة لكاتب سوري بعنوان "إنها عملية إرهابية حقيقية"، يحيل عنوانها التوكيدي إلى مناخات التشكك ذاتها التي أحال إليها مراسل "الحياة". لكن بعد أن يسوق الكاتب نفسه مقدمات أميل إلى الارتياب ب"حقيقة" العملية، يفضل في النهاية أن تكون حقيقية. لماذا؟ لأن "خطورة الأمر تتطلب أن نتعامل معه على أنه الاحتمال الغالب". بحق. ذلك أنه إذا كان صحيحا أن عمليات إرهابية تقع فعلا في سوريا، وسط ارتياب قطاعات واسعة من السكان والمهتمين بأنها مدبرة أو "مفبركة"، فإننا حيال مشكلة خطيرة ومقلقة. لكن إذا لم تكن العمليات صحيحة، وكان الصحيح هو أن السلطات تدبرت وقوعها وكشفها، فإن الخطر أكبر وأشد هولا. أليس كذلك؟ من المفترض أن هذا بديهي. فاحتمال عدم تصديق عمليات حقيقية يؤشر على أزمة ثقة بالسلطات في أوساط "الرأي العام"، بينما يؤشر احتمال اختلاق العمليات أو تنسيقها على أزمة في مفهوم الدولة وجوهرها. وفي حين قد تستعاد الثقة المفقودة بتقديم حجج مقنعة، فإن أزمة تمس مفهوم الدولة تنذر بخرابها. والاستنتاج الذي يفرض نفسه إذا كانت العمليات مختلقة ليس أننا في مأمن من الإرهاب، بل بالعكس تماما: إنه لا مأمن لنا البتة.
أسهم هذا الشرط الملتبس والعجيب في كبح انطلاق نقاش سوري حول المسألة الإرهابية. المثقفون قلما يكتبون حول الأمر. الأحزاب المعارضة لم تشعر بالحاجة إلى قول شيء بصدده. مفهوم. إذ لا يتوقع أن يقوم نقاش حقيقي حول شأن افتراضي، يبدو فوق ذلك محفوفا بالشبهات. وأغرب ما في الأمر ليس أن الرأي العام وحده هو الذي لا يظهر أي مبالاة بالخطر الإرهابي الذي يفترض أنه يتهدد البلد، بل كذلك السلطات ذاتها. ففيما يتجاوز الإجراء الأمني الذي يفلح دوما في إحباط هجمات إرهابية مفترضة، ليس ثمة أي تعبير آخر عن مواجهة أخطار إرهابية. وقد يبدو أن شكل مبالاة النظام بما يعتبره مشكلة إرهابية هو، اليوم كما في الأمس، شكل أمني. هذا غير صحيح. في الماضي كان الأمن سياسة شاملة، تتولاها أجهزة أمنية، لكن ايضا ميليشيات مسلحة و"منظمات شعبية"، وحزب البعث نفسه. الأمن اليوم إجراء محض إلى درجة مستغربة حتى في أعرق الديمقراطيات. في ثمانينات القرن العشرين كان يجري تعذيب المجتمع من أجل إخراج الجني الإرهابي منه (على طريقة معالجة موروثة للمجانين في ماض غير بعيد). بعبارة أخرى كان ثمة سياسة في مواجهة ما كان النظام يعتبره إرهابا، وإن كانت سياسة متمحورة حول الأمن بالمعنى الضيق للكلمة. اليوم ليس ثمة سياسة أمنية، ولا حتى بهذا المعنى الضيق؛ ثمة إجراءات أمنية فحسب. وبالنظر إلى أنه ليس ثمة ما يسوغ الاعتقاد بأن النظام اهتدى إلى منهج علاجي جديد لـ"المرض الإرهابي"، فإن تقشف المعالجة الملاحظ اليوم أقرب إلى الدلالة على انتفاء المرض. بكلام آخر، من غير المحتمل أن يشكل اقتصار "مكافحة الإرهاب" حاليا على إجراءات أمنية برهانا على اعتماد سياسة مختلفة ضد الإرهاب؛ الأرجح أنه "برهان" على إدراك لمحدودية الخطر الإرهابي، إن لم نقل لانعدامه.
إذا صح ذلك فإنه باعث على الاطمئنان فيما يخص المخاطر الإرهابية، لكنه نازع للاطمئنان فيما يخص منهج تعامل النظام مع أي مخاطر إرهابية يقدر أنه يتعرض لها. ذلك أن ما هو مذخور في غريزته من سبل معالجة لتلك المخاطر المحتملة لا يتعدى العنف الهوْلي، المنفلت والمروع، وقد نصب نفسه سياسة عليا وقاضيا أعلى كما جرى قبل أزيد من ربع قرن. وفي شروط انعدام نقاش عام من أي نوع وعلى أي مستوى حول المسألة الإرهابية، بغرض تأهيل مقاربات نظرية وعملية للتعاطي معها، فلن يمتلئ الفراغ إلا بـ"هدي" الغريزة العتيقة ذاتها.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في انتظام الطوائف وتبعثر الأمة
- في أصول -ثقافة الهزيمة-
- صراع حضارات أم طائفية عالمية؟
- من استكمال السيادة إلى عملية بناء الدولة الوطنية
- نصر نصر الله!
- في الحرب وتكوين الشعور العربي المعاصر
- فرصة لتجديد النقاش حول قضية الجولان
- في نقد الخطاب الانتصاري التخويني
- حرب لبنان بين الليبراليين والقوميين الإسلاميين
- -حب الدبب- والدول المضبوعة
- أقوياء، متطرفون، وقصار النظر
- حالة حرب: محاولة لقول كلام هادئ في وقت عصيب
- سورية والأزمة اللبنانية: حصيلة عامة أولية
- انتصار الدولة والمقاومة في لبنان ممكن!
- أهل بيت الموت!
- مصلحة لبنان والعرب منع هزيمة حزب الله
- بالمقلوب: متطرفون عموميون ومعتدلون خواص!
- حرب ضد لبنان: استراتيجية ممتنعة وعدالة غائبة
- أقنعة النظام الشرق أوسطي المتعددة
- عن الأمن المطلق والمقاومة المطلقة وزيغ الحداثة


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياسين الحاج صالح - -غرابة مقلقة- للإرهاب في سورية!