أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - طارق الورضي - على هامش التصريح الأخير لوزير التعليم العالي و البحث العلمي














المزيد.....

على هامش التصريح الأخير لوزير التعليم العالي و البحث العلمي


طارق الورضي

الحوار المتمدن-العدد: 7405 - 2022 / 10 / 18 - 20:43
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


نما يصرح مسؤول من طراز رفيع، يشغل منصب وزير التعليم العالي بالمغرب، بكل ما يحيل عليه هذا المنصب من دلالات و تمثلات ومفاهيم تكتسي طابع التجرد و الإخلاص و التفرغ لكل ما له ارتباط بالثقافة و المعرفة و البحث العلمي،ولكل ما من شأنه الإرتقاء بالهمم و العلو بالأذهان و العقول إلى مقامات السمو الثقافي و الثراء الفكري و الرفاه العلمي، حينما يصرح السيد عبد اللطيف ميراوي غداة استضافته خلال برنامج بدون لغة خشب على إذاعة ميد راديو أنه مولع بالطرب الشعبي، و ما أسماه " العيطة و الشيخات" إلى حد الترنح يمينا وشمالا تماهيا مع نغمات العيطة و تقاسيمها، و إذا اعتبرنا أنه يحق للسيد الوزير مبدئيا التعبير عن ميوله واختياراته الفنية التي قد نتفق أو نختلف معها، فإنه لا بد أن تستوقفنا عبارة : يجب أن نعلم أجيالنا ثراث الشيخات و أن نحرص على دعمه. فهل استنفذت ناشئتنا من التلاميذ و الطلبة كل فرص التعلم و التثقيف الذاتي، و هل نبغوا في كل ضروب التحصيل العلمي، حتى لم يتبقى لهم غير تعلم فن " الشيخات و العيطة"؟ أسئلة تطرح نفسها على السيد الوزير، في ظل واقع تربوي مأزوم و متكلس، رسمت ملامحه تلك الإخفاقات المتتالية التي منيت بها مشاريع إصلاح التعليم منذ صياغة بنود الميثاق الوطني للتربية و التعليم، مرورا بالمخطط الاستعجالي إلى حدود اليوم، و الحصيلة انتكاسات متتالية في قطاع التعليم توثقها بيانات و إحصاءات مؤشر التنمية العالمي التي تصنف قطاع التعليم بالمغرب ضمن المراتب الدنيا قاريا و عالميا.
وإذا افترضنا جدلا أن الطرب و الموسيقى يشكلان جزءا لا يتجزأ من المنظومة الفكرية و الثقافية للمجتمعات، فإنه من الحري بنا أن نحدد أي نوع من الذوق الموسيقي نريد أن ننشئ أجيالنا على تذوقه و الاحتفاء به، على اعتبار أن الساحة " الفنية " حاليا بالبلاد، تموج بوابل من أصناف الموسيقى و أنواع المغنيين، يختلط فيها الحابل بالنابل، و يمتزج فيها الغث بالثمين، و بالتالي كان من الحري بالسيد الوزير كمسؤول تربوي أن يدعو كل العاملين في قطاع التعليم أن يحرصوا على تنشئة الحس الفني المرهف في نفوس الشباب عن طريق الرقي بأذواقهم الموسيقية سواءا ضمن حصص الأنشطة الموازية أو حصص التربية الفنية باختيار مقاطع موسيقية فنية راقية و أغان هادفة و كلمات منتقاة بعناية، في منأى عن ركام مستنقعات العفن الفني، و النعيق و الزعيق الذي يسمى غناءا، و صخب الضجيج المنظم الذي يسمى موسيقى، و رداءة الكلمات الهجينة.
لا يمكننا مبدئيا أن ننشئ أجيالنا على تذوق الطرب الراجح في كفة الفن الرفيع و الموسيقى التي تسمو بالأرواح و ترتقي بالأذهان و تهذب النفوس، إذا كنا لا نحسن فن التذوق الموسيقي، و إذا كانت أذواقنا منبطحة إلى مستوى استحسان التفاهة و السخافة و الابتذال و الإسفاف و استساغة ما يستسيغه الدهماء و الرعاع و السوقية من الأغاني التي يحتفى بها في الحانات و الكباريهات و مهرجانات العربدة و الميوعة و الشذوذ و المخدرات.
لا جرم أن السيد الوزير أراد أن يحذو حذو الأديب حسن نجمي المعروف باهتمامه غير المسبق بفنون العيطة و نغماتها و رقصاتها و تاريخها و الداعي كذلك إلى تلقين " هذا الفن " للأجيال القادمة تحصينا للمكتسبات الثقافية الفنية و الحضارية للبلاد، و تعريفا بهذا الفن للأجانب، ولا شك أن هذا التصريح و ما على منواله، سيلقى ترحيبا عند المحتفين بفن " العيطة" و الهائمين بنغمات " الشيخات" و المترنحين على أوتار الكمان...ولكن ألم يكن من الأولى أن يذكر السيد الوزير أجيالنا القادمة بأهمية الاحتفاء بالابداعات الفكرية والأدبية و العلمية و بمركزية الأدب الخلاق، و العلم الرصين و الثقافة المبدعة في حياتنا، خصوصا أننا في ظل واقع يتنكر صانعوه لكل القامات الفكرية و الفنية و الأدبية التي أثرث تاريخ هذا البلد، و التي لايكاد يسمع لها ذكر على قنواتنا و لا على منصات التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى مستنقع آسن يستجمع كل كوارث ورزايا و حثالات الجنس البشري، و في ظل استئساد التفاهة و السخافة و الإسفاف على حساب المحتوى الفكري و الفني و الأدبي و الأخلاقي الرفيع. كيف نفكر أن نزج بأجيالنا في خضم عالم افتراضي تحكمه الفوضى الخلاقة، و عدد المشاهدات و منطق الربح السريع على حساب الفكرة الهادفة و المحتوى الراقي. يكفي أن تحصي عدد المشاهدات التي تحصل عليها الفيديوهات الرديئة و التافهة و المنحطة قالبا و مضمونا، مقارنة بفيديوهات تنشر الوعي و الثقافة و الذوق الفني الراقي، حتى تستشف حجم الكارثة الأخلاقية و الفكرية التي وصلتها البلاد، و حتى تتيقن أن الجهل لا زال يضرب أطنابه بقوة بين ظهرانينا، و حتى تستنتج أن الحل لهذه الفوضى العارمة هو دعم قطاع التعليم، لأن التعليم هو الرهان الذي يمكن أن يرفع الناشئة و الأجيال من منحدرات التفاهة و السخافة و الابتذال و الإسفاف إلى مراقي الأدب الخلاق و الثقافة الرصينة و الذوق الفني المرهف، و لن يمر ذلك إلا عبر تمكين التلاميذ و الطلبة من توطين حس النقد الفكري و الفني في أنفسهم حتى يتسنى لهم أن يميزوا ما بين الغث و الثمين مما يعرض عليهم في ساحة تضج بفوضى عارمة صنعتها تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، في ظل ثنائية نطلق عليها تعبير " الوارد و المتلقي" . فالوارد قد يكون محتوى فكريا أو علميا أو أدبيا أو فنيا و قد تختلف و تتعدد مصادره، و المتلقي يظل شخصا واحدا هو هذا التلميذ، و هذا الطالب و هذ المواطن الذي نطمع في أن يكون مثلا يحتذى به في أسمى العبر و قدوة تنسج الأجيال على منوالها، و منارا لمستقبل نفتخر به كمواطنين و كرجال تعليم.



#طارق_الورضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلطة الإعلام و إعلام السلطة
- المهرولون : قراءة في مخرجات الحوار الاجتماعي بين الحكومة و ا ...
- الحراك الشعبي الأخير في ظل استعار موجة الغلاء
- شهادة الباكالوريا و دلالاتها في الميزان
- لماذا أقاطع التصويت في الانتخابات المغربية


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - طارق الورضي - على هامش التصريح الأخير لوزير التعليم العالي و البحث العلمي