|
الحراك الشعبي الأخير في ظل استعار موجة الغلاء
طارق الورضي
الحوار المتمدن-العدد: 7185 - 2022 / 3 / 9 - 23:09
المحور:
المجتمع المدني
تذمر واسع و سخط عارم تشهده الجبهة الاجتماعية بالمغرب بعد الارتفاع المهول الذي عرفته أسعار المواد الاستهلاكية، و أسعار المحروقات على الخصوص، في ظل تنامي بؤر الفقر بسبب احتضار ما كان يصطلح عليه بالطبقة الوسطى، كنتيجة حتمية لتراكم ما خلفته سياسات الحكومات السابقة من إجهاز ممنهج على حقوق الطبقة العاملة إمعانا في تركيع و إخضاع المواطن لسلطة الدولة وبالتالي القضاء على أي رهان يسمح بنشوء و استشراء حس النضال و الممانعة بين الجماهير في مناهضة كل أنماط الريع و الفساد السياسي في البلاد. اتسم الحراك الشعبي الأخير بزخمه على المشهدين السياسي و الاجتماعي، متزامنا مع ذكرى حراك 20 فبراير المجيد، وشهدت عديد من مدن المملكة أمواجا هادرة من المحتجين على موجة الغلاء الكاسحة ، ورفعت شعارات تطالب رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالرحيل، كما حمل المحتجون الحكومة الحالية و التي قبلها مسؤولية تدهور الأوضاع الاجتماعية وتفاقم منسوب الفقر بين العائلات المغربية بسبب سياسات رعناء في تدبير الشأن العام تمخض عنها إثراء الغني وإفقار المفقر، و صدحت حناجر المحتجين بوجوب إقرار قانون المحاسبة عن مناصب المسؤولية في تدبير الشأن العام، و بضرورة محاصرة الفساد و تقويض الريع السياسي من خلال فصل السلط و إقرار العدالة الاجتماعية و المجالية و سيادة الحق و القانون فوق كل اعتبار. ويقترب معدل البطالة بالمغرب من 13% بحسب آخر تقارير البنك المركزي المغربي، مقارنة بـ𨅴 في سنة 2021، في وقت يتوقع فيه صندوق النقد الدولي أن يستقر نمو الناتج المحلي الإجمالي بالبلاد عند نحو 3%. ولم يجد بعض السياسيين بدا من إرجاء ما يعيشه المغرب من موجة غلاء فاحشة إلى وضع عالمي لا ينحصر على البلاد وحدها و لكنه يرخي بظلاله على القدرة الشرائية للمواطن البسيط، و عزوا ذلك لمجموعة من الأسباب: أولها ارتفاع أسعار مواد الطاقة خصوصا البترول والغاز بسبب التوترات على المستوى الأوروبي، بالإضافة إلى المشاكل التي أصبحت تعتري عملية التوريد للمنتوجات بجميع أصنافها" في العام 2022. و عرف الاقتصاد المغربي انتعاشا بنسبة 7.2٪ في عام 2021 بعد انكماشه بنسبة 6.3٪ في عام 2020 تحت تأثير موجة وباء فيروس كورونا، وفقا للأرقام الرسمية، إلا أنه من المرتقب أنه سيعاني من نمو بطيء بنسبة 3.5 في المئة في العام الجاري، وفق ما قال الجواهري في تقرير قدمه في جلسة مغلقة للمشرعين، وحصلت رويترز على نسخة منه. وقد رفض فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، أن يتم تحميل حكومة عزيز أخنوش مسؤولية ارتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية، وقال، خلال رده على مداخلات الفرق النيابية بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، اليوم الجمعة: “من حقي أن أتساءل هل من الموضوعي أن ننسب إلى حكومة لم تكمل شهرها الأول الزيادات المسجلة في الأسعار؟”. كما أضاف أن الارتفاع في الأسعار سجل في مختلف دول العالم، كما هو الشأن بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي ارتفع فيها مؤشر الأسعار عند الاستهلاك بـ5.4 في المائة وبـ3.4 في منطقة اليورو في شتنبر الماضي، حيث أكد أن هذه المعدلات هي الأكثر ارتفاعا خلال العشر سنوات الأخيرة. وسجل لقجع كذلك أن المواد الغذائية عرفت ارتفاعا طفيفا بـ0.7 في المائة؛ في حين أن أسعار المواد ذات الأثمان المحددة، والتي تمثل 22 في المائة من سلة المواد الاستهلاكية، ارتفعت ب1.3ـ في المائة خلال هذه الفترة، أي بنفس وتيرة السنة الماضية. وفي نفس السياق أكد رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بالمغرب ، وديع مديح، أن "الزيادات في الأسعار مكنت بعض المتربصين من اغتنام الفرص والزيادة في بعض المواد الاستهلاكية دون مبرر". لا شك إن موجة الغلاء المستعرة حاليا ستكون لها تداعيات على المستوى الاجتماعي، و سترخي بظلالها على سلة المواطن البسيط، خصوصا ونحن نرتقب حلول شهر رمضان الأبرك، الذي تشهد فيه المواد الاستهلاكية إقبالا كبيرا من طرف المواطن، وهذا الوضع المأزوم لن ينفرج إلا من خلال قيام الحكومة بمراجعة وتعديل منظومة الأجور الحالية لأن تحنيطها للأجور سيحول دونه و دون تحقيق أسباب العيش الكريم للمواطنين، وقد لا يزيد الوضع إلا انتكاسا و تأزما، ولا شك أن ارتفاع منسوب أي احتقان اجتماعي سينذر بتناسل الحراكات الجماهيرية و الاحتجاجات الشعبية المناهضة للفساد و المطالبة بإقرار الكرامة و الحرية والعدالة الاجتماعية
#طارق_الورضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهادة الباكالوريا و دلالاتها في الميزان
-
لماذا أقاطع التصويت في الانتخابات المغربية
المزيد.....
-
تحقيق للأمم المتحدة: إسرائيل اتبعت سياسة لتدمير نظام الصحة ف
...
-
الأمم المتحدة: قرابة 7 ملايين شخص باليمن بحاجة إلى رعاية نفس
...
-
رابطة حقوقية تطالب بتحرك دولي فوري لوقف التعذيب النفسي بحق ا
...
-
قوات الاحتلال تستمر في إبادة سكان شمال غزة، بقصف المنازل على
...
-
بوريل: الإتحاد الأوروبي يؤكد دعمه الكامل لقوات -اليونيفيل- و
...
-
اعتقال ثمانية أشخاص في قبرص بتهمة جمع أموال لجماعة إرهابية
-
روسيا: قادة 24 دولة والأمين العام للأمم المتحدة في قمة بريكس
...
-
اعتقال أكثر من 11 ألفا و200 فلسطيني بالضفة الغربية
-
صحيفة عبرية: السلطات الإسرائيلية تستولي على مقر- الأونروا- ف
...
-
الهلال الأحمر العراقي: عدد اللاجئين اللبنانيين في العراق يتج
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|