أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن خليل - أزمة الديون وبدائل الصندوق















المزيد.....



أزمة الديون وبدائل الصندوق


محمد حسن خليل

الحوار المتمدن-العدد: 7400 - 2022 / 10 / 13 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سنتناول في هذه الدراسة النقاط التالية
حجم المديونية في مصر
الأسباب المباشرة والعميقة للمديونية
أولا: عجز الموازنة
ثانيا: عجز ميزان المدفوعات
ثالثا: الفجوة بين معدل الاستثمار ومعدل الادخار
أزمة مالية ونقدية أم أزمة إنتاج؟
مصر وصندوق النقد الدولي
أزمة الدولار وتدهور سعر صرف الجنيه المصري
قضية سعر الصرف
هل تؤدي الخصخصة إلى علاج حقيقي لتوفير عجز الدولارات؟
كلمات حول سعر الفائدة
اقتراح سياسة بديلة لسياسة صندوق النقد الدولي
الإنتاج، والإنتاج، ثم الإنتاج! 38
خطة تقشف حكومية مجتمعية ملتزمة بالاحتياجات الاجتماعية الأساسية


حجم المديونية في مصر
لعل تراكم الديون المصرية في الحقبة الحالية، وتزايد أعباء خدمتها، والسعي لزيادة الاقتراض، لعل كل هذا هو أحد أبرز الأعراض لأزمتنا الاقتصادية الحالية. ومع ذلك فكل أزمة يمكن مواجهتها وبحث الحلول المختلفة المطروحة لها عند فهمها بشكل علميّ: حجم الأزمة الحالية، والأسباب التي أدت إليها، وعواقب تلك الأزمة وآثارها المختلفة على الاقتصاد والمجتمع المصري، وأخيرا الحلول المطروحة ومشاكلها، والحل الذي نطرحه، من أجل حوار وطني حقيقيٍّ يضع أمامنا طريقا واضحا للخروج منها.
ويتكون الدين الإجمالي من الدين المحلي والدين الخارجي. بلغ الدين الخارجي، حتى آخر رقم معلن في مارس 2022 مبلغ 157.8 مليار دولار (1) تبلغ قيمتها بالعملة المحلية بأسعار اليوم أكثر من ثلاثة ترليون جنيه مصري (3064 مليار جنيه)، بما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام البالغ 9197 مليار جنيه. ومن المعروف أن المعدل الآمن للدين الخارجي هو ألا يزيد عن 25% من الناتج المحلي الإجمالي (2).
أما الدين الداخلي فبلغ 5500 مليار جنيه (3)، ويبلغ الدين الإجمالي (الداخلي والخارجي) نحو 8.5 ترليون جنيه، ويصرح وزير المالية بأن الدين يبلغ في نهاية العام المالي في 30 يونيو 2022 نسبة 87.2% من الناتج المحلي الإجمالي(4) . ومن المعروف أن المعدل الآمن للدين الإجمالي لا يجب أن يزيد عن 60% من الناتج المحلي الإجمالي(5) .
والمتتبع لتطور الدين الداخلي والخارجي يرى بوضوح تزايد معدلات الاقتراض الداخلي والخارجي، ففي العام المالي 2010/2011 كان الدين الخارجي نحو 29 مليار دولار (28958 مليون -$-). وكان الدين الداخلي في نفس العام يبلغ نحو ترليون جنيه (1034 مليار). وبعد ثورتين، في عام 2014/2015 بلغ الدين الخارجي نحو 46 مليار -$- (6) (46067 مليون -$-) . ولكن خلال 8 سنوات، أي حتى عام 2022، زاد الدين الخارجي نحو ثلاثة أضعاف ونصف المرة (من 46067-$- إلى 157800% بمعدل زيادة 343%). أما الدين الداخلي فزاد في نفس الفترة بنسبة 260% (من 2116 مليار جنيه إلى 5500 مليار جنيه). ويمثل الدين الخارجي حوالي 40% من إجمالي الدين، بينما يمثل الدين الداخلي حوالي 60%.
ومن الطبيعي أن يؤدي التزايد الضخم في قيمة الديون إلى تزايد أعباء خدمة الدين، أي الفوائد والأقساط. ويكفي أن ننظر إلى موازنة العام المالي 2021/2022 و2022/2023 لنرى الأثر الفادح لتضخم الديون. ففي العام المالي 2021/2022 بلغت أعباء خدمة الدين 1173 مليار جنيه تمثل 57% من استخدامات الموازنة الإجمالية، وتمثل 14% من الناتج المحلي الإجمالي. ونظرا لأن إيرادات الموازنة تقتصر على 1365 مليار جنيه ويتم تدبير باقي الاحتياجات من القروض، فإننا نجد المفارقة الضخمة أن أعباء خدمة الدين تمثل 86% من الإيرادات الحقيقية للموازنة!
أما في العام 2022/2023 فقد تزايدت الصورة بؤسا، حيث ارتفعت أعباء خدمة الدين لتبلغ 1656 مليار جنيه تمثل 54% من استخدامات الموازنة، وتمثل 18% من الناتج المحلي الإجمالي. وعند مقارنة أعباء خدمة الدين نجدها تزيد عن الإيرادات الحقيقية في الموازنة التي لا تزيد عن 1518 مليار جنيه. وتبلغ أعباء خدمة الدين 109% من قيمة الإيرادات الحقيقية! (7)
وتكمن خطورة الديون في تأثيرها على تزايد نسبة الفقر في بلدنا، كما حدث في كل بلد مدين. فالدين الخارجي تكون ضريبته هي النزح المتواصل للفائض الاجتماعي للخارج في صورة فوائد القرض، وبالتالي قلة الموارد وضعف التنمية وتدهور مستوى المعيشة. أما القروض الداخلية، الناتجة عادة عن عجز الموازنة العامة للدولة، والتي تصدر عادة على صورة سندات خزانة يتم شراؤها من قبل البنوك والطبقات القادرة، فتكسب الطبقات القادرة من نسبة ربح أذون وسندات الخزانة مرتفعة الفائدة. أما عبئ الديون بالإضافة إلى عبئ عجز الموازنة، فأسهل الحلول الحكومية لها هو زيادة الضرائب غير المباشرة على المواطنين، وبالتالي تتدهور القيمة الحقيقية لدخولهم ويزداد مستوى الفقر.
الأسباب المباشرة والعميقة للمديونية
سبب البحث في أسباب الديون يعود إلى أنه بدون تحديدها ومواجهتها فلن تنجح مصر في الخروج من المأزق الحالي لكي نخرج من وضع الدولة المأزومة إلى وضع الدولة التنموية التي نرغب فيها جميعا. وكما أن الديون الشخصية تنتج عن الإنفاق بما يزيد عن الدخل، فكذلك هو وضع الدولة. التذكير بتلك الحقيقة البديهية ليس من باب التزيد، ولكن عند المواجهة الجادة لمثل تلك الأزمة ينبغي مراجعة كل بنود الإنفاق وإعادة النظر فيما سيتم إلغاؤه منها وما سيتم تقليصه وما سيتم جدولته على قائمة الأولوية غير العاجلة؛ كما ينبغي مراجعة كل بنود الإيرادات من أجل تعظيمها وزيادتها، وصولا إلى التعادل، بل وتكوين فائض ضروري.
ولدينا هنا في الأسباب المباشرة، وعند تناول موضوع فجوة الإيرادات والمصرفات على مستوى الدولة، ليس فجوة واحدة ولكن ثلاث فجوات: الفجوة الأولى هي عجز الموازنة العامة للدولة، أي الفرق بين إيراداتها ومصروفاتها، وهو ما يسمى بالعجز الداخلي؛ كما لدينا عجز ميزان المدفوعات، وهو ميزان التعامل مع الخارج من ناحية الصادرات والواردات السلعية والخدمية، وتدفقات العوائد ورؤوس الأموال، وهو ما يسمى بالعجز الخارجي؛ ولدينا ثالثا وأخيرا الفجوة الاستثمارية بين معدل الادخار على مستوى الوطن ومعدل الاستثمار. وسوف نتناول كل مجال من تلك المجالات الثلاثة بقدر من التفصيل، مع الإشارة إلى نوع الإصلاح المطلوب في السياسات تمهيدا لتجميع كل ذلك في التوصيات الختامية في هذا البحث، وننبه إلى أننا قلنا في صدارة تلك النقطة أن تلك هي الأسباب المباشرة، لكي نوضح بعد تناولها موضوع السبب الجوهري وراءها وطرق معالجته.
أولا: عجز الموازنة
وفي موازنة العام المالي الحالي، 2022/2023، تقتصر جملة الإيرادات على 1518 مليار جنيه، بينما تبلغ الاستخدامات الكلية 3066 مليار جنيه، بعجز مقداره 1548 مليار جنيه يمثل أكثر من 50% من إجمالي الموازنة. إن العجز المتراكم في السنوات السابقة هو ما ساهم في تشكيل الديون الحالية، وستتفاقم الديون أكثر لأن عجز الموازنة الحالي، في ضوء السياسات القائمة ما لم يتم تغييرها على نحو جذري، سيتم تمويله بمزيد من الديون. (8) إيرادات الدولة تتكون من الضرائب بنسبة 77% من الموارد، والإيرادات السيادية مثل إيراد قناة السويس والموارد المنجمية من البترول والثروات المعدنية والخامات الطبيعية، وكذلك من فائض أرباح الشركات المملوكة للدولة، بنسبة 23% من إيرادات الموازنة.
وعلى جانب الإيرادات نلاحظ أن الإيرادات الضريبية المقدرة ستزيد في هذا العام عن العام السابق بنسبة 19%، علما بأن هذا يعود أساسا إلى زيادة الضرائب غير المباشرة التي يقع عبؤها الأساسي على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، مع انخفاض حصيلة الضرائب على عائدات الأرباح والفوائد والريع التي تطبق على الطبقات القادرة. (9) ولكننا نلاحظ أيضا أن الموارد السيادية في الموازنة ستقل في العام الحالي بنسبة 8.4% عن العام السابق، والسبب بالطبع هو فقدان أصول للدولة مدرة للأرباح من الشركات التي تتم خصخصتها جزئيا أو كليا، وهو اتجاه سيتفاقم في حالة المزيد من اتباع سياسات الخصخصة.
واتجاه الدولة عبر السنوات الماضية، بما يتوافق أيضا مع توصيات صندوق النقد الدولي ومؤسسات التمويل الدولية التقشفية، هو تقليل الإنفاق الحكومي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما ينعكس على تقلص نسبة كل من الأجور والدعم والتعليم والصحة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يفاقم معاناة الشعب ويؤدي إلى زيادة نسبة الفقر. وبالرغم من هذا إلا إن الإنفاق الحكومي يعاني من نواحي ضخمة من الإسراف وتبديد الفائض: فهناك تضخم شديد في الجهاز الإداري للدولة حجما وتوزيعا، فمصر لديها مثلا 34 وزارة ووزيرا بينما الدول الغنية والمتقدمة (أمريكا، فرنسا، اليابان، بريطانيا) يتراوح عدد الوزراء بها بين خمسة عشر وعشرين وزيرا فقط! وبالطبع يتزايد بالتبعية عدد شاغلي مناصب وكيل أول ووكيل الوزارة وشاغلي مناصب الإدارة العليا، كما يتزايد إنفاقهم المسرف على مكاتبهم وسياراتهم (الذي يتم تجديد موديلاتها سنويا في أغلب الأحيان)، وكذلك مرتباتهم وبدلاتهم، وقد بلغت مرتبات ودخل عشرين ألفا من شاغلي مناصب الإدارة العليا، في السنة الوحيدة التي أُعلِن فيها هذا الرقم، أي عام 2010، حوالي 40% من ميزانية الأجور بالموازنة. (10)
وبالطبع على مستوى استخدامات الموازنة يظل البند الرئيسي فيها هو أعباء خدمة الدين التي تمثل 54% من الاستخدامات كما أوضحنا. وبالطبع من الواضح التناسب العكسي بين الإنفاق المتناقص للموازنة على الاحتياجات الاجتماعية، وبين إنفاقها المتزايد على خدمة الدين الأجنبي مع تزايد الديون. كما أن ضمان قدرة الدولة على تسديد ديونها يقبع، جزئيا، وراء توصيات صندوق النقد الدولي بتقليل الإنفاق الجاري في الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي حرصا على مصلحة الدائنين الذين يشملون الصندوق نفسه، والدول الغربية معه، والذين يعبر الصندوق عن مصالحهم!
يهمنا في تلك النقطة التنبيه إلى أن القارئ قد يواجه بأرقام مختلفة عن الأرقام التي أوردناها، وتعود المشكلة إلى نوع التعريفات المستخدمة. يتحدث وزير المالية أحيانا، فيورد رقما أقل يسميه عن عجز الموازنة الحكومية. والحقيقة أن ذلك يعود لتعدد التعريفات من الفائض الأولي في الموازنة الذي يساوى الإيرادات الجارية مخصوما منها فوائد الديون فقط، إلى العجز الكلي للموازنة المالية الذي يتضمن الإنفاق العام شاملا سداد فوائد الديون فقط، إلى الإنفاق الإجمالي، وهو ما نتحدث عنه، والذي يعني التوازن الكلي شاملا كل استخدامات الموازنة بما فيها سداد كل من فوائد وأقساط الديون. هذا العجز الهائل والمتراكم هو سبب أساسي لتراكم الديون بالذات الدين الداخلي.
ثانيا: عجز ميزان المدفوعات:
سبق وأن تناولنا موضوع عجز ميزان المدفوعات في دراسة سابقة (11) تعرضت لمكونات ومشاكل ميزان المدفوعات من خلال تحليل ميزان المدفوعات للعام المالي 2020/2021، وتم نشر تلك الدراسة في ديسمبر 2021. وهناك ثلاثة أسباب هامة للعودة إلى نفس الموضوع مرة ثانية:
السبب الأول: أن الحكومة قد هللت في العام الماضي لما سمته فائض ميزان المدفوعات للعام المذكور، وبيَّنا من تحليله أن هذا الفائض هو نتيجة لدفعات ضخمة من التدفق النقدي للعملة الأجنبية لمصر في صورة مزيد من الديون، وقدوم استثمارات أجنبية. وسبق وأن حذرنا وقتها من أن التهليل عند قدوم الديون والاستثمارات الأجنبية نتيجته الحتمية هي الصراخ والجأر بالشكوى في سنوات رحيل الاستثمارات الساخنة عند أي أزمة محلية أو أجنبية و/أو حلول آجال استحقاق الديون. وهذا ما سيتضح من المقارنة بين ميزان مدفوعات العام الماضي، 20/21 بميزان عام 21/22 حينما انقلب الفائض لعجز ضخم بسبب من رحيل الأموال الساخنة وحلول آجال سداد ديون أكبر من العام السابق.
السبب الثاني هو الرد على ادعاءات مسئولين حكوميين منهم وزير المالية الدكتور محمد معيط وغيره بأن عجز ميزان المدفوعات ناتج عن ظروف ليست في يدنا، وأنه يعود إلى الحرب الأوكرانية وآثارها، وقبلها وباء كوفيد 19. أيضا تمت محاولة تحميل عبء الأزمة لثورتي يناير 2011 ويونيو 2013، وكلا الادعاءين يتضح من التحليل التاريخي والتفصيلي خطأهم. والقضية المحورية تتجاوز محاولات الحكومة "التجمل" والتنصل من مسئولية الأزمة، لكي ترتقي إلى أن الشماعات الخاطئة يستحيل أن تفيد في الوصول إلى حلول، حيث يقتضي الحل الصحيح مواجهة الأسباب الحقيقية.
والسبب الثالث لاستئناف المناقشة في نفس الموضوع هو خطورة الحلول التي تطرحها مؤسسات التمويل الدولية للأزمة الراهنة، حيث إنها تمثل منعطفا هاما في السياسات الاقتصادية المصرية رغم أنها تتبنى نفس منطق حلول نفس المؤسسات في السنوات السابقة، لهذا من المهم استعراض النقاش بين مصر وصندوق النقد الدولي حول القرض الجديد لعام 2022، والشروط الخطيرة المحيطة به، بالذات من حيث تخفيض كبير مطروح لقيمة العملة المحلية ورفع سعر الفائدة، مما يحتاج إلى مناقشة تفصيلية نوعا ما لكليهما.
لنبدأ بالسبب الأول ونقارن بين بنود ميزان المدفوعات عن العام المالي 20/21 (12) بميزان العام المالي 21/22 (13)في الجدول التالي:

بنود ميزان المدفوعات عام 20/21 عام 21/22
الميزان التجاري -42060 -43396
حصيلة الصادرات 28677 43906
البترولية 8597 17977
غير البترولية 20079 25929
مدفوعات عن الواردات -70736 -87302
البترولية 8604 13545
غير البترولية 5119 11159
ميزان الخدمات 5119 11159
المتحصلات 15995 26926
النقل 7528 9734
منها: رسوم المرور في قناة السويس 5911 6997
السفر 4862 10748
المدفوعات 10876 15767
النقل 1812 3024
السفر 5708 4480
مدفوعات اخرى 5109 5924
ميزان دخل الاستثمار) صافي -12399 -15763
متحصلات دخل الاستثمار 573 997
مدفوعات دخل الاستثمار 12972 16760
منها: فوائد مدفوعة 2519 2778
التحويلات 30903 31449
التحويلات الخاصة) صافي 31180 31720
منها: تحويلات العاملين 31425 31924
التحويلات الرسمية صافي -277 -271
حساب المعاملات الجارية -18436 -16551
الحساب الرأسمالي والمالي 23374 11806
الحساب الرأسمالي -153 -78
الحساب المالي 23527 11883
الاستثمار المباشر في الخارج -379 -326
الاستثمار المباشر في مصر صافي 5214 8937
استثمارات المحفظة بالخارج صافي -751 -140
استثمارات المحفظة فى مصر صافي 18742 -20983
صافى السهو والخطأ -3076 -5800
الميزان الكلى 1862 -10546
التغير فى الاصول الاحتياطية للبنك المركزى، الزيادة -1862 10546

نوجز ملاحظاتنا من خلال النقاط التالية:
• هناك عناصر تحسن واضحة في ميزان المدفوعات، وعناصر تدهور، ونبدأ بعناصر التحسن:
1- أدى ارتفاع أسعار البترول والغاز عالميا بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية إلى تحسن كبير في التوازن بين صادرات وواردات مصر من البترول والغاز والمشتقات البترولية؛ ففي عام 20/21 صدَّرت مصر بما قيمته حوالي 8 مليار دولار (بدقة 8480 مليون -$-)، بينما بلغت صادراتها في عام 21/22 حوالي 18 مليار دولار (17977 مليون-$-). لهذا نجد أنه في حين أن الميزان الكلي للصادرات والواردات البترولية في العام 20/21 كان متوازنا تقريبا بعجز طفيف، إلا أن الميزان الكلي لصادرات وواردات مصر من البترول والغاز ومشتقاتهم يحقق في العام 21/22 فائضا ضخما يزيد قليلا عن أربع مليارات من الدولارات (4032 مليون-$-).
2- كما زادت عائدات رسوم المرور في قناة السويس بنسبة 18.4% عن العام السابق، حيث حققت 6997 مليون دولار عام 2021/2022 مقابل 5911 مليون دولار في سنة 20/21.
3- كما زادت حصيلة الصادرات غير البترولية بنسبة 29% حيث حققت إيرادات بقيمة 25929 مليون دولار في العام الحالي مقابل إيرادات بقيمة 20079 مليون دولار في العام الماضي كله.
4- أيضا زادت تحويلات العاملين بالخارج بنسبة طفيفة فقط (1.6%).
• ولكن في المقابل هناك تغيرات سلبية في الميزان مثل:
5- لقد زاد العجز في الميزان التجاري وحده بنسبة 3.2% على أساس سنوي. فرغم زيادة قيمة الصادرات البترولية وغير البترولية بالمطلق بنسبة كبيرة، إلا أن الواردات قد زادت بنسبة أكبر.
6- الفارق الأهم هو أن العام الماضي 2020/2021 قد تميز بقروض ضخمة واستثمارات أجنبية ضخمة مثلت تدفقات نقدية للداخل ساهمت في تشكيل ما سمي بفائض ميزان المدفوعات في العام الماضي، بينما تميز العام الحالي بغياب تدفق القروض بمعدل مماثل للعام الماضي، وأيضا بزيادة أعباء خدمة الدين من فوائد وأقساط. وقد تميز هذا العام أيضا بنقص احتياطي البنك المركزي عن العام الماضي، وساهم في هذا رحيل مبالغ ضخمة للخارج من الأموال الساخنة (22 ب-$-).
7- المحصلة هو أن ميزان المدفوعات لهذا العام، ليس فقط سيحقق عجزا مقابل فائض ميزان المدفوعات في العام الماضي (حيث عجز ميزان المدفوعات هو السمة الغالبة لمعظم السنوات السابقة)، ولكنه سيتسبب في أزمة ضخمة بحكم التغيرات الجوهرية الخطيرة في السياسات الاقتصادية التي يحاول الصندوق فرضها على مصر كما سنعرض فيما سيلي.
وهذا الاستعراض يوضح خطأ المزاعم الرسمية في تحميل سبب العجز لظروف خارجية مثل الحرب الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة والحبوب. لقد طرح وزير المالية في حديثه إلى موقع CNBC عربية (14) أن مصر ستتحمل عبئا مقداره أكثر من عشر مليارات دولار نتيجة الأزمة العالمية للحرب، حيث يقول إن ارتفاع سعر القمح سيكلف مصر 3 مليار دولار تتوزع بين 1.5 مليار على الحكومة و1.5 مليار على القطاع الخاص. كما يقول إن ارتفاع سعر البترول إلى 122 دولار للبرميل (رغم أنه يستدرك أن هذا في حالة استمرار هذا السعر) سيكلف الموازنة 7.2 مليار دولار. ولقد أوضح التحليل السابق خطأ هذا الطرح، وعلينا البحث عن الأسباب الحقيقية للمشكلة من أجل حلها وليس محاولة التملص من المسئولية بأي طريقة. وبالطبع فإن عجز ميزان المدفوعات هو السبب الثاني للديون، بالذات الديون الخارجية.
ثالثا: الفجوة بين معدل الاستثمار ومعدل الادخار
بالطبع لا تقتصر التزامات أي دولة على الإنفاق الجاري الداخلي في الموازنة أو الخارجي في ميزان المدفوعات، ولكنها أيضا تشمل استثمارات تشكل، أو يفترض أن تشكل مستقبل التنمية وتحسين مستوى معيشة الشعب. ومتوسط معدل الاستثمار في مصر في الأعوام الستة بين عام 2014/2015 وعام 2020/2021، بلغ 15.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة بالغة التواضع، مقارنة بالنسبة للمعدل العالمي البالغ 22%، أو بالنسبة للمعدل الخاص بدول الدخل المتوسط (وهي الدول التي تقع بينها مصر) الذي يزيد عن 30%، حيث بلغ هذا المعدل في الصين 42%، وفي الهند 31%، وفي تركيا 32%، وفي إيران 41%، وفي بنجلاديش 31%، وفي إندونيسيا 32%، وفي فيتنام 33%، وفي الجزائر 39%، وفي المغرب 30%، وفي نيجيريا 25%، وفي إثيوبيا 28%، وفي تنزانيا 36%، وفي أوغندا 28%. (15)
ولكن رغم تواضع معدل الاستثمار فإن معدل الادخار الداخلي أيضا بالغ التواضع، حيث يدور حول 6% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تصل إلى 28% في الشريحة الدنيا من الدول متوسطة الدخل مثل مصر. وهذا المعدل لا يكفي بالقطع لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين من مياه نقية وصرف صحي وكهرباء ووسائل نقل وطرق ومستشفيات ومدارس، كما لا تكفي بكل تأكيد لتمويل المشروعات الإنتاجية القادرة على رفع مستويات التشغيل ومعدلات النمو وإحداث نقلة حقيقية في مستويات المعيشة.(16) وبالطبع فالفجوة الاستثمارية بين معدل الادخار ومعدل الاستثمار تتمثل في اللجوء للتمويل الخارجي، سواء في شكل قروض أو استثمارات أو تدفقات أموال في البورصة (17). وبالطبع يشكل هذا مصدرا ثالثا لتراكم الديون على مصر.
ومشكلة الادخار في مصر مشكلة متعددة الأبعاد والمستويات. المدخرات عموما تأتي من القطاع العائلي، وقطاع الأعمال، والحكومة. تتميز مصر بأن مدخرات القطاع العائلي كبيرة، ولكن جزءا ضخما منها يمتصه عجز الموازنة عندما تقترضه الحكومة، فيحجب عن الاستثمار، وهو ما يعبر عنه بأن معدل ادخار الحكومة بالسالب، أي أن عجز الموازنة يحرم الوطن من الأموال التي كان يجب تخصيصها للاستثمار وتلبية الاحتياجات الاجتماعية الإنتاجية والخدمية. كما أن ارتفاع معدل الفقر يؤثر بلا شك على إمكانية وجود فائض للادخار. حسب معدلات الفقر التي تقر بها الحكومة فإن المعدل يصل إلى 29.7% عام 2019/2020 وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من واقع بيانات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك (18)؛ وهذا يخص خط الفقر الأول بالطبع. ولكن بالنسبة لخط الفقر الثاني، والذي يبلغ 5.5 دولار يوميا للفرد، فإن النسبة ترتفع إلى 72.6% من السكان (19)
ولا شك أن معدلات الفقر المرتفعة بهذا الشكل تعود إلى الاستقطاب في توزيع الدخل بحيث يزداد الفقراء فقرا كما يزداد الأغنياء غنى. هل يمكن تصور أن دخل أغنى 1% من السكان يزيد عن دخل نصف السكان الأكثر فقرا؟ هذا هو واقع الحال، ففي مصر يحوز أعلى 1% من السكان دخلا يساوي 19% من إجمالي الدخل القومي، بينما لا يحصل أفقر 50% من السكان سوى على 17.2% من الدخل القومي (20). هذا عن توزيع الدخل، أما من حيث توزيع الثروة فإن المؤشرات تقول إن أغنى 1% من السكان يمتلكون نصف الثروة في مصر، و10% من السكان يمتلكون 61% من إجمالي الثروة في مصر. ولكل هذا فإن مصر تحتل الموقع الثامن في قائمة أسوأ الدول في توزيع الدخل في العالم (21).
أما عن ادخار قطاع الأعمال الخاص، فإن سلوك الطبقات المالكة الكبيرة يتأثر بالفترة الزمنية واتجاهات الإنفاق، ففي فترة طلعت حرب، تسود أخلاق التراكم حيث يخصص جزء معتبر من الثروة للاستثمار، بينما في فترة مثل التي نحن فيها تغلب أخلاق الاستهلاك السفيه، وغني عن الذكر ما تتحدث عنه الصحف يوميا عن أسعار شقق وفيلات تتراوح بين الملايين وعشرات، بل ومئات الملايين، ومع ذلك تجد الكثير من المشترين في بلد ثلثيه من الفقراء! وأيضا أفراح يتكلف الواحد منها عشرة ملايين من الجنيهات، وحيازة مصر لنسبة محترمة من السيارات الخاصة الفارهة، وانتشار حيازة الطائرات الخاصة واليخوت الخاصة التي قد يصل ثمنها إلى عشرات الملايين من الدولارات! ولا شك أن الإسراف الحكومي الذي استعرضناه، والإسراف السفيه لكبار الأثرياء تعد كلها أشكالا من تبديد الفائض الاجتماعي بدلا من توظيفه في استثمارات تحقق التنمية.
أزمة مالية ونقدية أم أزمة إنتاج؟
يركز صندوق النقد الدولي وغيره من مؤسسات التمويل الدولية على المظاهر المالية والنقدية للأزمة مثل العجز الحكومي وعجز ميزان المدفوعات، ويطرح حلولا لهما تتمثل في سياساته التقشفية المعروفة. ولكننا نرى أن تلك الأزمات هي بالأحرى أعراض للأزمة وليست أسبابا، وأن الأسباب العميقة لها تكمن في الاقتصاد الحقيقي، في الاقتصاد الإنتاجي. كل مشاكلنا الاقتصادية يعود جوهرها إلى أننا ننتج أقل مما نستهلكه، ونصدر أقل مما نستورده، ونَدَّخِر أقل مما نستثمره، وأساس كل تلك الأزمات هو نقص الإنتاج: فنحن نستورد حوالي 60% من غذائنا، وهيكلنا الصناعي يقتصر من حيث الأساس على الصناعات الخفيفة، وبالتالي نحتاج هيكليا لاستيراد الآلات ومستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة.
ولكن المشكلة لا تقتصر على ذلك، فنحن، رغم فقر اقتصادنا وقلة إنتاجنا، نحن نسرف إسرافا شديدا في إنفاقنا: الإسراف الحكومي في نفقات الحكومة كما أوضحنا أعلاه، وأشكال الإسراف السفيه للأثرياء وتبديد الفائض الاجتماعي كما أوضحنا أيضا. في الوقت الذي يتزايد فيه السكان سنويا بمعدلات تدور حول 2% سنويا (انخفضت حتى عام 2010 إلى 1.7%، ثم زادت بعد الثورة كما يحدث في أعقاب الثورات والحروب حتى وصلت إلى 2.72% عام 2014، ثم رجعت إلى معدلاتها الأصلية حتى بلغت 1.76% عام 2019)(22) . ورغم أن معدل الزيادة السكانية قد انخفض عام 2021 إلى 1.39% (23)، إلا أن هذا يعبر عن وضع استثنائي نتيجة انتشار وباء كوفيد 19 على الأرجح ولا يمكن البناء عليه.
لا شك أن واجب جميع الدول يفرض عليها زيادة الاستثمارات في كل من الإنتاج الزراعي والصناعي، وكذلك في الخدمات وخصوصا الخدمات الاجتماعية الهامة مثل التعليم والصحة، بما يفوق نسبة الزيادة السكانية من أجل تحسين مستوى معيشة الشعب. ولكن إذا لم يكن هناك تطور في الإنتاج ولا في الخدمات الأساسية، خصوصا وهذا مصحوب بالإسراف في الإنفاق الحكومي والخاص البعيد عن الاستثمار، فإن هذا يقود للتدهور. ورغم أن معدلات زيادة السكان في بلادنا لا تعتبر مرتفعة، فإنها إحدى أشهر الشماعات التي تعلق عليها الحكومة أسباب فشل التنمية ومعاناة الجماهير!
مصر وصندوق النقد الدولي
بالطبع لن يهتم صندوق النقد الدولي بمشاكل تطوير الإنتاج، حيث الهم الأول لصندوق النقد الدولي وكافة مؤسسات التمويل الدولية هو المظهر المالي والنقدي لأزمات الدول المختلفة. وتتبنى تلك المؤسسات وجهة نظر إيديولوجية للحلول عن طريق تطبيق السياسات النيوليبرالية. لهذا تتمثل حلولها في المثلث الشهير: سياسات مالية تقشفية تتعلق برفع الدعم وتقليص الإنفاق الاجتماعي على الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والصحة، مع التوصية بالخصخصة الواسعة وابتعاد الدولة عن ملكية الأصول الإنتاجية والاقتصار على توفير المناخ الملائم للقطاع الخاص، وسياسات نقدية انكماشية تتعلق بتحرير تداول العملة المحلية والتخفيض المتتالي لسعر الصرف للعملة المحلية أمام الدولار، ورفع سعر الفائدة.
السبب في هذا هو أن صندوق النقد الدولي مؤسسة دولية مستقلة، ليست تابعة ولا خاضعة للأمم المتحدة، وتعبر عن مصالح خاصة. ورغم أن عضويته تضم أكثر من 190 عضوا إلا أن حقوق التصويت به تعود إلى حصة الدولة في أموال الصندوق، فالولايات المتحدة مثلا لها حصة تصويت بنسبة 23%، والمجموعة الاقتصادية الأوروبية مجتمعة لها حصة تصويت بنسبة 19% . لهذا تنطلق سياسات الصندوق مع غيره من مؤسسات التمويل الدولية من مصالح الغرب التي تحل مشاكله هو وليس بالطبع مشاكل تنمية الدول المقترضة.
وتعاني الاقتصادات الغربية من ركود وفائض سلعي كبير تسعى لتسويقه. لذلك فإن تسويق الدول المتقدمة لسلعها يستفيد من عدم تطوير الإنتاج في تلك الدول، وتراجع الإنتاج بها. ولقد رأينا في مصر، كما في مختلف دول العالم، أن شروط الصادرات الأمريكية من القمح إلى مصر كما إلى تلك الدول ترتبط بشروط عدم التوسع في زراعة القمح وكل الحبوب عن المساحة في آخر سنة قبل عقد شراء القمح الأمريكي الميسر. ولم تتحرر مصر من ذلك الشرط الأمريكي في مجال زراعة الحبوب إلا عندما توقفت عن شراء القمح الأمريكي منذ عام 2005، وتحولت للشراء أساسا من روسيا وأوكرانيا، فضلا عن غيرها من البلدان مثل الهند وأستراليا.
كما تعاني الدول المتقدمة من تخمة رؤوس أموال تسعى للاستثمار في مجالات مربحة، وتسعى لتصدير رؤوس أموالها للدول المماثلة لبلادنا. لهذا فإن فرض تخلي الدولة عن الاستثمار وخصخصة ممتلكاتها وأصولها الإنتاجية يوفر لها فرصا للاستثمار عن طريق شراء تلك الأصول، عادة بسعر بخس؛ وهو ما يحقق لها مكاسب هائلة من مشاريع لم تخاطر بإنشائها وانتظار أن تخلق لها سوقا واسما تجاريا. كما أن تلك الخصخصة تفيدها في تسويق سلعها عن طريق إخراج تلك الأصول من الإنتاج على غرار ما حدث ويحدث في مصنع الحديد والصلب وشركة المراجل البخارية وشركة الكتان. وفي دراسة غير منشورة (25) وجد أن هناك 37 مصنعا من مصانع الشركات التي تم خصخصتها في مصر تم إغلاقها ووقف الإنتاج بها. أما الصناعات التي تشجعها المؤسسات الغربية في الدول النامية فهي الصناعات الملوثة للبيئة مثل صناعات تكرير البترول والبتروكيماويات والأسمنت والأسمدة والسيراميك.
ولعل نموذج صناعة الغزل والنسيج في المحلة توضح بشكل جلي دور مؤسسات التمويل الدولية، فقد أدى القرض الدولي لتجديد آلات مصانع المحلة إلى تمويل شراء آلات تصلح للتعامل فقط مع القطن قصير التيلة، مما أدى إلى استيراد الأقطان الأمريكية قصيرة التيلة التي يمكن تصنيعها على تلك الآلات، وفي نفس الوقت تصدير الأقطان المصرية طويلة التيلة للخارج دون الاستفادة من تصنيعها لكي تساهم في تصنيع منتجات غالية أجنبية تفيد الشركات الأجنبية. ونموذج آخر: لقد أدت خصخصة شركة المراجل البخارية ووقف إنتاجها إلى استيراد كل الغلايات اللازمة لصناعات الأغذية وغيرها بمليارات تكفي لشراء مصانع إنتاج. كما تؤدي تصفية شركة الحديد والصلب إلى توقف إنتاج قضبان السكك الحديدية، وحديد التسليح ذي الأقطار الكبيرة وكمر الحديد الضخم، وهما من مستلزمات بناء الكباري، بحيث يعتمد تطوير المرافق من مترو أنفاق وقطارات وكباري وإنشاءات ضخمة على استيراد كل تلك السلع من الغرب بأضعاف تكلفة إنتاجها المحلية.
لعل التأمل في مسار الأزمات الاقتصادية التي مرت بها مصر منذ عام 1977 مرورا بعام 1986 و1991 و2003 وبعد الثورة عام 2011 و2012 وعام 2016، ثم الآن في عام 2022، لعل التأمل يرينا ملامح مشتركة بين كل تلك الأزمات. تم توقيع اتفاقية قرض مع صندوق النقد الدولي في أزمات 1977، و1991، و2016، واتفاقيتين 2020 و2021، ثم تقدمت مصر بطلب قرض جديد في مارس 2022. اتسمت كل أزمة منها بعجز في الموارد، بالأساس في موارد العملة الأجنبية، الدولار أساسا.
تم حل عدد من تلك الأزمات، أعوام 1977، و1991، و2016، و2020، عن طريق اتفاق مع الصندوق على قرض مرتبط، كما كل القروض، ببرنامج للإصلاح الاقتصادي من خطوات مرتبطة ببرنامج زمني يتم متابعته من أجل صرف دفعات القرض. وفي بعض الأزمات مثل أزمة أعوام 1986-1988 تم الاتفاق بين مصر والصندوق والتزمت الحكومة ببعض الإجراءات، لكنها لم تواصل الالتزام بها طوال المدة وبالتالي لم يكتمل الاتفاق. كما أنه أيضا في أعوام 2011 في وقت حكم المجلس العسكري، كما في وقت الرئيس مرسي، لم تسفر المفاوضات عن اتفاق، وتم تدخل الجيش لإمداد الموازنة بملياري دولار سدادا للعجز القائم كبديل للاقتراض من الصندوق رفضا لشروطه.
كانت نقطة البدء هي تغيير السياسات المتبعة في الأربعينات والخمسينات والستينات، والتي تضمنت محاولة معاظمة نسبة الاعتماد على الذات بزيادة الإنتاج، ودخول الدولة الواسع في الاستثمار عن طريق التأميمات وعن طريق إنشاء مشروعات مستقلة تنموية جديدة (مع مشاكل في تطبيق ذلك لا مجال لمعالجتها الآن)، وتبني سياسة تحديد سعر الصرف إداريا دون ترك قيمة الجنيه المصري للعرض والطلب، والرقابة الكاملة على صرف العملة الأجنبية ومركزتها تحت سلطة البنك المركزي، والرقابة على التجارة الخارجية (ثم تأميم التجارة الخارجية).
وكان أن تعرضت تلك السياسات لأزمات بعد تقييم الخطة الخمسية الأولى (والأخيرة) عام 1965، ثم بعد هزيمة 1967. كان الحل الذي طرحه نظام الرئيس أنور السادات وقتها هو تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي. وتضمنت السياسات التي تم الالتزام بها في الاتفاقيات مع الصندوق منذ بدايتها وحتى الآن التحرير المتزايد للتجارة الخارجية استيرادا وتصديرا وصولا للتحرير شبه الكامل للاستيراد والتصدير باستثناء عدد صغير من السلع، والتحرير التدريجي لتبادل العملة بين الجنيه والدولار (ومختلف العملات الدولية الحرة بالتالي) وصولا للتعويم المدار لقيمة العملة منذ يناير 2003، ثم الاتفاق على التعويم الكامل للجنيه المصري وترك قيمته للعرض والطلب باتفاق عام 2016 مع صندوق النقد، والذي تُتَّهم الحكومة بالتراجع بعد فترة فيه ارتدادا إلى التعويم المدار.
وفي اتفاق مصر مع الصندوق والبنك الدوليين (اتفاق التثبيت والتكيف الهيكلي) عام 1991 تم لأول مرة بشكل مقنن وواسع فرض الخصخصة الواسعة لممتلكات الدولة عن طريق تغيرات هيكلية جسَّدَها إقرار قانون الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 الذي غير الهيكل القانوني للقطاع العام، ليس فقط من حيث الاسم حيث تحول إلى قطاع الأعمال العام، لكنه حوله من ملكية عامة لا يجوز بيعها وخصخصتها إلى ملكية خاصة للدولة يجوز التصرف فيها. تم تغيير الهيئات العامة الستة عشر (الهيئة العامة للصناعات المعدنية، الهيئة العامة لصناعة الغزل والنسيج...الخ) إلى شركات قابضة تحمل نفس الاسم (مثال الشركة القابضة للصناعات المعدنية وقس على ذلك) ولكن الإطار القانوني لا يسمح بإدارة القطاع كقطاع مترابط ككل، إنما يعطي إدارة كل شركة صلاحية إدارته كشركة خاصة، تفتيتا للمؤسسات وتسهيلا لمنافسة الغير لها. كما أعطى القانون 203 للشركة القابضة حق بيع الشركات التابعة والمشاركة عليها وإدارة محافظها المالية والتصرف فيها بمختلف الأشكال.
صدر أيضا القانون رقم 95 لسنة 1992 بإحياء الدور الضخم للبورصة المصرية وتوسيع صلاحياتها حتى تصبح أحد الأدوات الرئيسية لخصخصة شركات القطاع العام، ومن المفارقة أن قانون البورصة هذا لا يسمح لأي شركة ناشئة بطرح أسهمها في البورصة لاستكمال رأسمالها تسهيلا على المستثمرين الراغبين في إقامة مشروعات جديدة، لأنه اشترط لوضع أي شركة لأسهمها في البورصة تقديم ميزانية آخر سنتين ماليتين (مستبعدا الشركات الناشئة والمؤسسة حديثا)، بينما أتاح لرأس المال الكبير (وهو غالبا أجنبي وأحيانا محلي) شراء أسهم أو الاستحواذ على الشركات الموجودة بالفعل، سواء شركات القطاع العام أو القطاع الخاص.
كانت كل أزمة تترابط مع قرض جديد من الصندوق (ومعه البنك الدولي أحيانا في نفس التوقيت) مشروط بتطبيق سياسة ما عرف ب "الإصلاح الاقتصادي"، ومحاوره كما أوضحنا تحرير التجارة، وتقليص ملكية الدولة والخصخصة، وتخفيض سعر العملة، وفرض السياسات التقشفية بتقليل الإنفاق الحكومي شاملا تقليل الإنفاق على الأجور والدعم (كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي) وتقليل الإنفاق على الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة. كل أزمة تمثل دفعة في نفس الطريق.
هنا لابد، من أجل تفسير تلك الظاهرة استدعاء التداخل الوثيق بين السياسة والاقتصاد. رغم أن الأزمة السابقة لتلك الفترة عام 1991 كانت فترة أزمة اقتصادية بتفاقم الديون الخارجية (قرابة 60 مليار دولار) وثقل أعباء خدمتها، إلا أن مشاركة مصر فيما سميّ بحرب تحرير الكويت تلاها إسقاط 50% من ديون مصر الحكومية للغرب كمفتاح لحل أزمتها الاقتصادية. ورغم تحميل تلك المبالغ على دول الخليج ضمن تكلفة "تحرير" الكويت، إلا أن هذا لم يمنع مؤسسات التمويل الدولية من استغلال تلك الفرضة لتحقيق قفزة ضخمة في فرض شروط صندوق النقد والبنك الدوليين.
تم الاتفاق على برنامج تثبيت (مع صندوق النقد الدولي) وبرنامج تكيف هيكلي (مع البنك الدولي)، حيث فرض قفزة ضخمة في فرض التغير القانوني من أجل الخصخصة الواسعة لأملاك الدولة مع تخفيض كبير لسعر الجنيه المصري كما أوضحنا. ومن أجل فرض تلك التغيرات تم إسقاط الديون على ثلاث دفعات، مع متابعة تنفيذ الاتفاق وإبقاء الدفعة الثالثة من الديون التي سيتم إلغاؤها، وتبلغ 85% من الديون، إلى المرحلة الأخيرة! ويحمل هذا الاتفاق كل شروط الاتفاقات السابقة واللاحقة من قروض مصحوبة بالتغيرات الهيكلية التي أصبحت معروفة، ولكنه أيضا يتضمن ردا إيجابيا على مشاركة مصر العسكرية في حرب الخليج.
أما التغيرات التي حدثت في عام 2003 وحتى عام 2010 فهي في رأينا تعود إلى سبب سياسي خالص دون أزمة اقتصادية محددة ودون قرض، وهو ما يحتاج إلى تفسير. بالطبع بعد الاستجابة لمطالب الغرب السياسية والاقتصادية والعسكرية في فترة 1991-1995 كانت مصر طفل الغرب المدلل والإشادة بقيادتها السياسية الحكيمة في العالم العربي، وكذلك في أدائها الاقتصادي الداخلي واندماجه المتزايد في الاقتصاد الدولي. ولكن في أوائل القرن الواحد والعشرين بدأت تتصاعد الانتقادات الغربية للسياسة الاقتصادية المصرية، بالذات من زاويتين: بطء معدلات الخصخصة، وتقويم الجنيه المصري بأكثر من قيمته والدعوة لمزيد من تخفيض العملة.
ولكن بدأ تغير سياسي هام في مصر تمثل في صعود احتمال توريث حكم حسني مبارك لابنه جمال، بالذات منذ بداية القرن الحادي والعشرين، حيث بدأ دخوله إلى الحياة السياسية وأصبح رئيسا لجمعية رجال الأعمال المصرية الأمريكية. وقام الرئيس مبارك بزيارة للولايات المتحدة في يوليو من عام 2002 مصطحبا معه ابنه جمال، وتردد وقتها أنباء بأن هذا يأتي في سياق "أخذ موافقة الصديق الأمريكي" على مبدأ التوريث! ما بقي من هذا لا تستند معرفته انطلاقا من أخبار موثقة، ولكن تقديرنا السياسي له يستند إلى معرفة الأهداف الدولية الأمريكية، وكذلك إلى منطق الأحداث التي تلت تلك الفترة.
لو وضعنا أنفسنا موضع الولايات المتحدة فإننا نتصور أن همها الأول لن يكون رفض التوريث من منطلق الحرص على الديمقراطية التي تحتل فقط أولوية أمريكية في الدعاية وليس في الحقيقة، ولكن سيكون همها الأول هو دفع مصر لاتخاذ إجراءات لمزيد من الاندماج في السوق العالمي وتنفيذ المطالب الاقتصادية التي يطالب بها الغرب من ناحية تخفيض سعر العملة وزيادة معدلات الخصخصة. ومن المنطقي افتراض أن الرئيس قد أخذ هذا باعتباره موافقة على مبدأ التوريث، المرتبط بالطبع بتغيير مطبخ صنع السياسات في مصر وحلول فريق جمال مبارك محل الفريق القائم.
وبعد العودة من رحلة يوليو 2002 تم في سبتمبر من نفس العام عقد المؤتمر الثامن للحزب الوطني، حزب الرئيس، وهو ما صار يعرف بعد ذلك بالمؤتمر السنوي الأول، حيث صار يعقد سنويا فيما بعد. تم في هذا المؤتمر الإطاحة برموز القيادة ممن عُرِفوا بالحرس القديم، فتم إقصاء يوسف والي، وتحجيم سلطات صفوت الشريف والشاذلي. وجاء تشكيل لجنة السياسات من الحرس الجديد، رجال جمال مبارك، واحتل جمال مبارك موقع نائب رئيس الحزب الوطني، حزب الحكومة الذي أنشأه أنور السادات.
جاء القرار الأول للجنة سياسات جمال مبارك في 29 يناير 2003 بإلغاء ربط الجنيه المصري بالدولار بسعر حكمي تتخذه السلطة النقدية وتركه للعرض والطلب في إطار التعويم المحكوم للجنيه، مع تخفيض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار بحوالي النصف (45%) (من 370 قرشا للدولار إلى 535 قرشا) (26). كما جاء النظام الجديد برجال جمال مبارك في وزارتي نظيف الأولى والثانية (2004- 2010)، والتي عرفت بوزارة رجال الأعمال، والتي تم في ظلهما خصخصة 69% من إجمالي رؤوس أموال شركات القطاع الخاص التي تم خصخصتها منذ القانون 203 لسنة 1991 وحتى الثورة في يناير 2011 (27).
وفي إطار تشابك السياسة مع الاقتصاد ففي مناخ ما بعد الثورة رفض المجلس العسكري عام 2011 شروط صندوق النقد الدولي للاقتراض من جديد، واستبدله بوديعة للقوات المسلحة في البنك المركزي. كما فشلت المفاوضات مع صندوق النقد في عهد مرسي، لكي تتدهور العلاقة بين النظام المصري والحكومة الأمريكية ومؤسسات التمويل الدولية بعد الإطاحة بمرسي في 30 يونيو 2013 وتنقطع كل مفاوضات. استمر وضع الشقاق بين النظام والغرب، واتخذ النظام خطوات مستقلة عنه باللجوء للتسليح الروسي باستيراد صواريخ الدفاع الجوي SS300 وطائرات ميج 29، والاعتماد على الدعم النقدي للسعودية وقت الملك عبد الله، مع دول الخليج. كان الموقف الأمريكي المعلن هو الضغط على ما أسموه حكومة الانقلاب من أجل عودة "الرئيس الشرعي" محمد مرسي وإقامة نظام ديمقراطي "لا يقوم على الإقصاء" يقصدون الإخوان المسلمين، بإخراجهم من السجون والسماح لحزبهم، الحرية والعدالة، بالعمل السياسي، والسماح لتنظيم الإخوان المسلمين بالعودة للعمل في الإطار الدعوي فقط.
ارتبط هذا بنشاط إرهابي ضخم للإخوان وكافة التيارات الإسلامية ضغطا على النظام. إلا أن نجاح النظام في مواجهة الإرهاب وتقليص نفوذه بشدة، وفي استعادة استقرار نظامه بإقرار دستور يناير 2014 وإجراء انتخابات رئاسية ثم برلمانية، وبالتالي ثبوت فشل تكتيكات الغرب في إخضاع النظام وإرجاع الإخوان إلى العمل السياسي (بعد تنازلهم عن مطلب رجوعهم للسلطة)، أدى إلى تغيير الغرب موقفه. استفاد الغرب من تقلص الدعم الخليجي لمصر بعد وفاة الملك عبد الله، وبدأ محاولة استعادة العلاقة بالنظام المصري، فمصر ليست هي البلد الذي تستغني عنه أمريكا ولا الغرب. وكان المدخل بالطبع استغلال نقطة الضعف الاقتصادية.
بدأ البنك والصندوق الدوليين في استعادة العلاقة مع النظام المصري منذ يناير 2015، حيث تم في أول شهرين من العام توفير قروض لعدد من المشروعات في مصر من البنك الدولي (للصحة والتعليم وأشياء أخرى) بأكثر من أربع مليارات دولار. وأسفر هذا عن الاتفاق على عقد مؤتمر اقتصادي في مصر في 13 مارس 2015، وبالطبع أسفرت مفاوضات الكواليس عن التسليم بعدد من الشروط تطبيقا لسياسات المانحين الاقتصادية، ففي 12 مارس أقر الرئيس السيسي ثلاث مشروعات بقوانين جديدة أو تعديلات بمشروعات قوانين قائمة، تشمل ثلاث مجالات: قانون الخدمة المدنية تيسيرا للحكومة على تقليص العاملين بالدولة وتقليل امتيازاتهم، وتعديل قانون الاستثمار تسهيلا للمستثمرين (الأجانب والمحليين معا)، وتعديل قانون الإجراءات الجنائية لقطع الطريق على الاعتراض القانوني على مشروعات الخصخصة أمام القضاء كما حدث عدة مرات في الماضي.
تم عقد المؤتمر، وتعززت العلاقة بين النظام المصري وصندوق النقد، وظهر هذا في تخفيض سعر صرف الجنيه في مارس عام 2016 من 7.7 جنيه للدولار إلى 8.8 جنيه، وصولا إلى الاتفاق الكبير مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر عام 2016 على قرض قيمته 12 مليار دولار، والذي تضمن تخفيض الجنيه، رسميا إلى 13.1 جنيها للدولار مع التعويم الكامل للعملة، مما جعل الدولار يقفز إلى عشرين جنيها، ثم ليعود ويستقر لسنوات على سعر 15.6 جنيها للدولار، بتخفيض بالنسبة لقيمة الجنيه خلال سنة 2016 من 7.7 جنيه إلى 15.6 جنيه، أي تضاعف سعر الدولار بأكثر من 100% في عام واحد.
وكما في كل مرحلة تخفيض لسعر الصرف يأتي الغلاء الشديد بسبب ارتفاع سعر الواردات مثل السلع الغذائية ومستلزمات إنتاج السلع الصناعية، وكل هذا في اقتصاد فقير إنتاجيا كما قلنا، ويحتاج لاستيراد كمية كبيرة من احتياجاته الأساسية. وبالطبع يساهم الغلاء والتضخم في ازدياد الاستقطاب في توزيع الدخل، وزيادة الأغنياء غنى، وزيادة الفقراء فقرا. وساهم برنامج التقشف والتثبيت مع الصندوق في ارتفاع نسبة الفقر حتى وصل حوالي 30% من المصريين إلى ما تحت خط الفقر، وسمي هذا البرنامج وقتها المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادي.
وبعد انتهاء الأقساط الستة لقرض 12 مليار دولار حتى عام 2019 حتى جاء وباء كوفيد 19 لتتقدم الحكومة بقرض جديد، وتعقد قرضين من الصندوق بإجمالي خمس مليارات دولار، وارتبطا أيضا بخطوات لإعادة هيكلة الاقتصاد فيما عرف بالمرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي، وهو ما أدى لإصدار قانون الصندوق السيادي رقم 177 لسنة 2018 وتعديله بالقانون رقم 197 لسنة 2020، وكذلك إلى تعديل قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 بواسطة القانون رقم 185 لسنة 2020. كل هذا شكل تمهيدا للمرحلة الراهنة من الإصلاح الاقتصادي التي تؤشر لها وثيقة ملكية الدولة الصادرة منتصف شهر يونيو 2022(28) . مثلت وثيقة ملكية الدولة نقلة كيفية في مجال الخصخصة الواسعة لأملاك الدولة، بتخارج الدولة الكامل من 79 مجالا، وتقليل تواجدها في مجالات كثيرة أخرى، وبيع ما قيمته أربعين مليار دولار من ممتلكات الدولة على 4 سنوات، غير مختلف اشكال المشاركة وطرح ملكية الدولة في البورصة. ويشكل هذا نتيجة وحلا لمأزق الديون واستجابة لمطالب صندوق النقد الدولي.
أزمة الدولار وتدهور سعر صرف الجنيه المصري
مع تزايد الاعتماد على الاستيراد، وتفاقم العجز الداخلي والخارجي وفجوة الاستثمار، والجذر المشترك لكل هذا من زاوية تخلف الهيكل الإنتاجي، يأخذ المظهر البارز للأزمة في شكل أزمة مدى توافر الدولارات، وتزايد الديون الخارجية.
بعد فترة من محاولة تحقيق نمو اقتصادي مستقل نسبيا، ويستجيب في المحل الأول لاحتياجات الداخل المصري، جاءت سياسة الانفتاح الاقتصادي منذ العام 1974 لكي تؤسس للاندماج المتزايد مع السوق الرأسمالي العالمي، وبالطبع في ظل علاقات القوى المتاحة، فإنه ليس اندماجا من موقع الشريك المتكافئ ولكنه اندماج من موقع التابع، المجبر على خضوع الطرف المحلي الضعيف للطرف الغربي القوي. بدأ هذا الاندماج بما سميّ الحريات الانفتاحية الأربع، حرية التجارة استيرادا وتصديرا، وحرية الاستثمار المتزايدة لرأس المال الخاص المحلي والعربي والأجنبي، وحرية تبادل العملة المحلية مع العملة الأجنبية، لزوم حرية التجارة والاستثمار وتحويل الأرباح وأصول رأس المال، وأخيرا "حرية" استخدام العمل المأجور المحلي متحللا بقدر الإمكان من الشروط القانونية الضامنة لحقوق العمال فيما يخص الأجور، وضمانات الاستقرار الوظيفي، والتأمينات الاجتماعية، والحريات النقابية شاملة الحق في المفاوضة الجماعية والإضراب، وحرية التنظيم النقابي، بما يحقق أقصى قدر من الحرية لرأس المال ويقلل لأدنى حد من ضمانات حقوق العمال في كل المجالات السابقة.
ومحصلة نحو خمسة عقود من "الانفتاح" أو بالأحرى "الاندماج في السوق العالمي" هي تقلص الهيكل الإنتاجي المحلي، والخصخصة الواسعة له، وتزايد الاعتماد على السوق العالمي في توفير حتى الاحتياجات الأساسية الغذائية والصناعية، وتطبيق السياسات التقشفية بتناقص الأجور الحقيقية، والتخفيض التدريجي لدعم الطبقات الفقيرة، والتخفيض المتتالي للعملة المحلية مقابل الدولار حتى وصل سعر الجنيه المصري إلى حوالي 2% من قيمته أمام الدولار (من 40 قرشا للدولار عام 1974 إلى قرب 20 جنيها في أكتوبر عام 2022)، مع الآثار الاجتماعية المترتبة على كل ذلك من زيادة الاستقطاب المجتمعي في توزيع الدخل والثرو، وزيادة الأغنياء غنى، مع الزيادة الشديدة في نسبة السكان الواقعين تحت خط الفقر.
ترافق هذا مع تقلص القوانين التي تضمن الحقوق العمالية، بتسهيل الاعتماد على العمالة غير المنتظمة والإطاحة بالأمان الوظيفي المفترض في الوظائف الدائمة بطبيعتها، وتقليص التأمينات الاجتماعية، والحد من الحريات النقابية وحقوق التنظيم النقابي، وذلك بتعديل البنية القانونية كما ظهر في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، وقانون النقابات العمالية الجديد رقم 213 لسنة 2017، وقانون التأمينات الاجتماعية الجديد رقم 148 لسنة 2019.
قضية سعر الصرف
ولكن فلنركز هنا على تخفيض سعر الصرف للجنيه المصري مقابل الدولار كمطلب ثابت في كل التعديلات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، والآثار الفادحة التي رأيناها في كل مرة حدث ذلك. وحرية تداول العملة الأجنبية وتخفيض سعر الصرف ينتمي، مع سعر الفائدة، إلى مجال السياسة النقدية، والتي تحكم العلاقات مع الخارج فيما يعرف بميزان المدفوعات، التي هي مسئولية مشتركة بين البنك المركزي وبين وزارة الاقتصاد أو الخزانة أو أيا كان اسمها، وبالطبع ليس وزارة المالية المسئولة أساسا عن السياسة المالية الخاصة بموارد الدولة واستخداماتها؛ بالطبع مع عدم إغفال ترابط السياسة المالية والسياسة النقدية في إطار وحدة السياسة الاقتصادية ككل.
وبالطبع لا يكفي تعداد الآثار السلبية لتخفيض سعر الصرف، ويقتضي الأمر الرجوع للمحددات الأساسية لسعر الصرف. حتى نهاية القرن التاسع عشر كان لنقود قيمة حقيقية متمثلة في العملات الذهبية، ثم نشأت العملات الورقية المضمونة بالذهب. وبعد الحرب العالمية الثانية قام النظام النقدي الدولي على قاعدة الدولار الذهبي المضمون بكمية محددة من الذهب كعملة التبادل التجاري الدولي وعملة الاحتياطات الدولية مادامت مساوية للذهب ويمكن استبدالها بسعر تطور حتى أصبح 35 دولارا لكل أوقية من الذهب من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وتَقَلَّصت سياسات الغطاء الذهبي تدريجيا، حتى عام أغسطس 1971 حينما فك نيكسون ارتباط الدولار بالذهب. ولكن هذا بالطبع لا يعنى حرية أيا كان في طباعة عملة مادامت غير مضمونة بغطاء ذهبي أو غطاء مضمون بالذهب.
أصبحت قيمة العملة تتحدد أساسا بما تستطيع تلك العملة أن تشتريه، وبالتالي أصبحت تستند إلى الهيكل الإنتاجي للدولة المصدرة للعملة، والهيكل الإنتاجي المقصود به قوة الاقتصاد للدولة المصدرة للعملة، والتي تنعكس أيضا في توازن أو وجود فائض في توازنها الداخلي (الموازنة العامة للدولة) وفي توازنها الخارجي (ميزان المدفوعات). إذن هل هناك ما يمكن أن يسمى سعرا أمثل لعملة كل بلد أو قاعدة صلبة لتحديد ذلك السعر؟ لا توجد مثل تلك القاعدة ولابد من الدخول قليلا في تعقيدات هذا الموضوع، ليس من الزاوية النظرية ولكن من خلال ومن أجل فهم وضعنا في مصر.
يعترض الباحث أحمد السيد النجار على تخفيض سعر الصرف في الأزمة الحالية(29) مبرزا بعدا مهما وهو أن القيمة الحقيقية للعملة تتضح في سعر تعادل القوى الشرائية PPP، ويقول إن سعر تعادل القوى الشرائية للجنيه المصري مقابل الدولار هو دولار واحد لكل 4.65 جنيه مصري، وفقا لقاعدة بيانات تقرير صندوق النقد الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في إبريل عام 2022. وهذا بالطبع منطقي من جانب، فمادام الدولار يشتري أقل مما يشتريه خمس جنيهات مصرية، إذن لماذا تصل قيمته إلى نحو عشرين جنيها مصريا؟ ولكن هناك بعد كليّ آخر للمسألة، فرغم قدرة الدولار على الشراء من مصر بهذه القيمة، إلا أن الهيكل الإنتاجي المصري يعجز عن توفير سلع كافية للتصدير بهذه القيمة، فهو هيكل ضامر يعجز عن الوفاء باحتياجات الداخل، ولديه عجز شديد في ميزان مدفوعاته مع الخارج!
ونظرا لتعقد العوامل المحددة لسعر الصرف فإننا هنا نركز على بعد آخر: من المستحيل بالطبع تحقيق اليوتوبيا النيوليبرالية المتخيلة (وهذا ما يدركه حتى الداعون إليها) بالحرية الكاملة لتبادل السلع ورؤوس الأموال على الصعيد العالمي، لأن قوة أي اقتصاد تتحقق بمدى تطور إنتاجيته، وإنتاجية أي بلد هي معطى تاريخي لنشأة نظامه الاقتصادي شاملا التطور المجتمعي ومهارات المنتجين ونسب التعليم ومستوى التقدم التكنولوجي فضلا عن مختلف الشروط الطبيعية من حيث الموارد والموقع والمناخ وغيرها. القليل فقط من دول العالم هي التي تطبق حرية السوق شبه الكاملة تلك.
ويقول الوهم النيوليبرالي أن الحرية الكاملة في العلاقة بين السوق الوطنية والسوق العالمية بما فيها حرية تداول العملة سوف يجعل المنافسة "الحرة" تقود إلى التسعير الحقيقي الأمثل، كما تقود إلى تخصيص أمثل للموارد، حيث تخرج من السوق المشاريع غير الناجحة في المنافسة (أي تفلس)، ويتخصص كل منتج، وكل دولة، في المجالات التي تتمتع فيها بميزة تنافسية نسبية. ولكن كل هذا هو مجرد رطانة إيديولوجية لمروجي السياسات النيوليبرالية وتوافق واشنطن ومؤسسات التمويل الدولية؛ بينما في الحقيقة تكذبها تماما الحقائق التاريخية، حتى في تاريخ الدول المتقدمة. وقد رأينا أن دول ما يسمى بالعالم الثالث (مثل ماليزيا أثناء أزمة الأسواق الأسيوية عام 1997-1998)، وحتى دول العالم الأول في وقت الأزمات، تعود إلى الرقابة على الصرف وعلى التجارة الخارجية، وتتمكن من إنجاز هيكلها الاقتصادي من خلال إجراءات تتضمن الحمائية ودعم المنتج المحلي.
ينطبق هذا على مصر، التي طبقت السياسات الحمائية منذ عام 1947 حينما فرضت حكومة النقراشي السعيدة الرقابة على الصرف بالقانون رقم 80 لسنة 1947، وألزمت مصدري القطن وكافة المصدرين بإيداع النقد الأجنبي خلال 72 ساعة في البنك، وعدم تصرف البنوك في حصيلة النقد الأجنبي إلا وفق الأولويات الحكومية. وتطور هذا في ظل مصر الناصرية حتى وصل بين 1958 و1963 إلى تأميم التجارة الخارجية. كان فصل العملة عن العملات العالمية وسيادة العملة المحلية على السوق الداخلية وإدارة الموارد والإنفاق منها وفق الأولويات السياسية -الاقتصادية هو أحد أعمدة تجربة النمو في الخمسينات والستينات، وهو ما حدث في مختلف التجارب التنموية في العالم المعروف بالثالث.
ليس هذا فقط، بل إن تلك الدول نفسها التي تقر بحرية عملاتها حاليا لم تكن هكذا في كل مراحل تاريخها. فالولايات المتحدة رفضت في خمسينات القرن التاسع عشر الانضمام إلى اتفاق تحرير التجارة بين إنجلترا وفرنسا لأن هيكلها الإنتاجي لم يكن ليصمد أمام المنافسة معهما. وأمامنا مثال أحدث شديد البروز حينما لجأت دول أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 إلى فرض الرقابة الكاملة على التجارة الخارجية وعلى حركة رؤوس الأموال وبالطبع على سعر الصرف، نظرا لضعف هياكلها الإنتاجية في أعقاب تدمير تلك الهياكل أثناء الحرب. تم هذا رغم اتفاقية بريتون وودز عام 1944 التي تتبنى تلك الحريات النيوليبرالية، والتي وقعت عليها تلك الدول، وبسماح أمريكي. لم تتمكن أوروبا الغربية من فتح الأبواب للتجارة والاستثمار إلا عندما أعادت بناء هياكلها الإنتاجية بعد تسع سنوات، عام 1954، حينما اقتصرت على فتحها بين 14 بلدا أوروبيا فقط، مع استمرار العزلة النقدية والتجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية. تم التحرير الكامل للمعاملات التجارية والنقدية مع أمريكا فقط عام 1958، بعد 13 عاما من العزلة النقدية والتجارية. ورغم هذا يعظ صندوق النقد والغرب الآن الدول الهشة اقتصاديا مثل بلادنا بتطبيق سياسات التحرير باعتبارها من البديهيات.
والمتأمل في وضع مختلف دول العالم حاليا من زاوية مدى تحرير التجارة والاستثمار والعملة يتعجب، فهناك دول قوية اقتصاديا جدا مثل الصين (الاقتصاد الأول في العالم وفق نظام تعادل القوة الشرائية)، والهند والبرازيل (أيضا من الدول العشر الأوائل في الإنتاج) يجد أنهم لا توجد عندهم من "الحريات الاقتصادية" النيوليبرالية ما هو موجود في مصر! إذن يمارس مثل هذا التحرير الاقتصادي في مجموعتين من الدول: الدول القوية اقتصاديا وإنتاجيا، والمحدودة في العالم مثل أمريكا وأوروبا الغربية واليابان، والدول التي تخضع نفسها لتوصيات صندوق النقد الدولي ولذلك النوع من التبعية الاقتصادية رغم هشاشة وضع اقتصادها مثلنا!
كما تقدم روسيا عام 2022 مثالا مهما عن تعامل السياسات النقدية مع الأزمات. لقد انعكست العقوبات الغربية الضخمة على روسيا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية 24 فبراير الماضي، انعكست على خروج رؤوس أموال دولارية ضخمة للخارج (لكل من المستثمرين الأجانب والأوليجاركية الروسية)، وانهيار الثقة في الروبل الروسي، مما قاد إلى تدهور شديد في سعر الروبل من نحو 60 روبل للدولار إلى أكثر من 170 روبل للدولار. تدخلت السياسات النقدية بمهارة في التعامل مع الموقف، فقد تم إيقاف تحويل الأموال للخارج، وإيقاف سحب الدولار من البنوك، وتم رفع سعر الفائدة على ودائع الروبل بالبنوك إلى 20%، تدعيما للعملة المحلية.
أدت تلك السياسات إلى استعادة الروبل لصحته، وارتفع سعر الروبل حتى عاد إلى قيمة أقل من ستين روبل للدولار، وتدريجيا بدأت السلطات النقدية في إرجاع السحب من الأرصدة الدولارية بالبنوك وحقوق تحويل الأرصدة الدولارية للخارج، وانخفض سعر الفائدة تدريجيا حتى وصل إلى 7.5%، وعاد للروبل عافيته. بالطبع لا تُطرَح هذه الأمثلة لنقلها، فلكل اقتصاد إمكانياته وظروفه المختلفة، والاقتصاد الإنتاجي الروسي يحتل رقم 6 في العالم (وفق قاعدة تعادل القوى الشرائية PPP)، ولكن الأمثلة توضح عبثية تصور أن تحرير تحويل العملة وتخفيض قيمتها ورفع سعر الفائدة هو طريق واحد وحيد كما يظن أنصار سياسات صندوق النقد الدولي، وهذا ليس محتما. فمن شأن حزمة متكاملة من السياسات النقدية (متكاملة بالطبع مع السياسات الإنتاجية والمالية) أن تتجاوز الأزمات دون الاستسلام لأطروحات الصندوق وأنصاره بالتعويم الكامل لقيمة لعملة المحلية، وتخفيض سعر الصرف، وخصخصة وبيع أصول إنتاجية تمثل ادخارا محليا تم في عشرات السنين وبتضحيات ليست بالقليلة.
أيضا عندما اجتاحت الأزمة المالية الأسواق الأسيوية أعوام 1997-1998، دخلت دول جنوب شرق آسيا (كوريا الجنوبية، إندونيسيا، تايلاند وغيرها) في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وأخذت قروضا مشروطة بالخصخصة وفقدت أصولا إنتاجية محلية لصالح مستثمرين أجانب. الاستثناء الوحيد كان ماليزيا في عهد مهاتير محمد، فبعد بدء المفاوضات مع الصندوق قرروا رفض شروط الصندوق، والاعتماد على أنفسهم في سداد أعباء خدمة الدين. قررت الحكومة عمل خطة شاملة، تضمنت وقف كل المشروعات الحكومية التي يمكن تأجيلها، ورفعت الضرائب، وقللت الواردات بشدة توفيرا للعملة الصعبة من أجل سداد أعباء خدمة الدين. ومن أجل تحقيق إجماع وطني على تلك السياسة تشكل مجلس يضم ممثلي الحكومة ورجال الأعمال والنقابات ممثلة لمصالح الشعب، وأخذت تلك الهيئة تجتمع يوميا خمسة أيام في الأسبوع برئاسة مهاتير محمد، ونجحت خلال عامين في تجاوز عنق الزجاجة في سداد الديون واستئناف العافية الاقتصادية. ومن الجدير بالذكر أن هذا لم يتضمن التقشف على احتياجات الشعب الأساسية، لدرجة عدم تخفيض ميزانية التعليم التي كانت تساوي 25% من الإنفاق الحكومي(30).
أما مختلف الدول، من المتقدمة التي أشرنا إليها إلى الدول المماثلة لنا في مستوى تقدم الإنتاج فإنها تدرك "أهمية تقييد قابلية التحويل للعملة من خلال نظام للتراخيص والتحويل الانتقائي للعملة مثلا بالسماح بحرية التحويل لأغراض الحساب الجاري مع تقييد التحويل لأغراض الحساب الرأسمالي بميزان المدفوعات، والأخذ بنظام سعر الصرف المدار أو المربوط بعملة أخرى مع وضع التغيرات في هذا السعر داخل نطاق محدود." (31) وبالتالي فهناك احتياج لسياسات نقدية لا تطبق وصفة الصندوق بمنح مثل تلك الحرية المتزايدة للتجارة والاستثمار، وبالذات لتحرير العملة أو تعويمها وتخفيضها لكي تتحدد على أساس ما يسمونه العرض والطلب، تلك السياسات التي نأخذ بها بشكل متزايد منذ نصف قرن وتسببت، مع غيرها، في تدهور وضعنا الاقتصادي كما هو حادث الآن. ونؤجل اقتراح البدائل التفصيلية إلى الجزء القادم من هذه الكتابة.
هل تؤدي الخصخصة إلى علاج حقيقي لتوفير عجز الدولارات؟
ونحن الآن نواجه أزمة اقتصادية عنيفة، مظهرها هو تفاقم الديون وتزايد أعباء خدمتها، وبالطبع عجز الدولار، والمطروح الحل على أساس اتفاق بقرض جديد مع صندوق النقد الدولي، تربطه المؤسسة الدولية بالشروط الواردة في وثيقة ملكية الدولة، وقد استعرضناها قبلا. ولكن لماذا تحديدا نحتاج في الوضع الراهن إلى "الدولار الثمين"، وما أسباب حدة هذا الاحتياج؟ وهل بالفعل عرض الصندوق هو الحل الوحيد؟ نحتاج بشدة إلى الدولار في الفترة الحالية لثلاثة أسباب:
أولا: تعويضا لخروج 22 مليار دولار من الأموال الساخنة التي كانت تمتلك سندات خزانة دولارية وطرحتها للبيع في الفترة بين يناير وإبريل من العام الحالي 2022.
ثانيا: تحتاج الحكومة إلى 17.9 مليار دولار تمثل أعباء خدمة الدين الخارجي (فوائد + أقساط) في العام المالي 2022/2023.
ثالثا: تحتاج الحكومة أيضا عملة صعبة لسد عجز ميزان المدفوعات، حيث يبلغ عجز الميزان التجاري في عام 2021/2022 حوالي 43 مليار دولار (43396 م-$-)، ولكن بالطبع العجز النهائي في هذا البند سيقل بمقدار فائض ميزان الخدمات (11159 م-$-)، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج (31924 ب-$-). وقد تراجع عجز المعاملات الجارية (ويشمل التحويلات السلعية والخدمية والدخل وتحويلات العاملين، وهو يضم فوائد خدمة الدين ولكن ليس الأقساط) هذا العام إلى 16.6 ب-$- مقابل 18.4 ب-$- العام الماضي.
بالنسبة لخروج 22 مليار دولار خلال شهري مارس وإبريل 2022، كان على الحكومة بالطبع أن تسدد من الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، والذي لا يزيد رصيده عن حوالي 41 مليار دولار، كما كان عليها أن تسعى لتعويض ذلك المبلغ، فلجأت لدول الخليج للإسعاف السريع. تعهدت السعودية بتقديم 15 مليار دولار منها خمس مليارات كوديعة في البنك المركزي والباقي لشراء أصول مصرية، بالذات من خلال صندوق الاستثمار السعودي. كما تعهدت الإمارات العربية بشراء استثمارات بقيمة ملياري دولار، وتعهدت قطر بتقديم خمس مليارات دولار لشراء أصول أيضا.
وهذا السلوك هو المعتاد من رؤوس الأموال الساخنة القادمة إلى البورصة المصرية من أجل المضاربة، وتسارع بالخروج عند أي أزمة عدم استقرار سواء للأوضاع الداخلية أم للأوضاع الدولية مثل رفع سعر فائدة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أو نشوب الحرب الروسية الأوكرانية. وقد حدث هذا حديثا أيضا في شهري مارس وإبريل عام 2020 حينما خرج من مصر 17 مليار دولار مع بداية أزمة جائحة كوفيد 19.
يا ترى ما الآثار المباشرة لذلك الحل لأزمة خروج هذه الدفعة من الأموال الساخنة؟ لقد فرض الطرف القوي، الشريك السعودي والإماراتي والقطري، شروطهم مقابل تلك الديون الجديدة. أشترت الإمارات في مارس الماضي حصصا في 4 شركات رابحة، منهم شركتي سماد (سماد أبو قير وسماد موبكو)، وحصة في أكبر بنك خاص في مصر، وهو البنك التجاري الدولي، وشركة فوري للخدمات الإلكترونية والمالية.(32)
ولحقها بعد شهور شراء السعودية لحصص في شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، وشركة مصر لإنتاج الأسمدة موبكو، وشركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وشركة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية.(33) أي أن هناك 3 شركات أصبح كل من السعودية والإمارات شركاء معا فيهم، منهم شركتي سماد.
وتتضح جاذبية قطاع السماد في بيع شركتين للسماد، وتشارك كل من السعودية والإمارات في شراء حصص في كلتا الشركتين، فلماذا؟ تتضح الأسباب من الحقائق التالية: إحدى الشركتين، أبو قير للأسمدة، هي واحدة من أكبر عشر شركات أسمدة على مستوى العالم، وقد حققت الشركة إجمالي ربح عن العام المالي 2021/2022 مقداره 10.6 مليار جنيه، وصافي ربح 9.1 مليار جنيه، هذا رغم أن الشركة تورد نصف إنتاجها لوزارة الزراعة بسعر 4500 جنيه للطن لبيعها للفلاحين بالسعر "شبه المدعوم"، بينما تصدر النصف الآخر للخارج بسعر 17000 جنيه للطن! وبالنسبة للإمارات التي اشترت حصتها في مارس الماضي بقيمة حوالي 6 مليارات جنيه فقد حصلت عنها أرباحا موزعة بعد شرائها بقيمة 1.8 مليار جنيه، أي يمكنها استعادة رأسمالها خلال أقل من أربع سنوات!(34)
ولكن إذا كانت تلك الصفقات قد وفرت للحكومة العملة الصعبة لتعويض الوضع الطارئ لخروج استثمارات البورصة من الأموال الساخنة، فما هي ضريبة تلك الصفقة، أو عبؤها على الاقتصاد القومي؟ أولا لن يرضى الملاك الجدد ببيع نصف إنتاجهم للحكومة بسعر يساوي حوالي ربع سعر التصدير، وبالتالي سيرتفع سعر الأسمدة بشدة، وترتفع معه أسعار المواد الغذائية في مصر وتتدهور أوضاع الفلاحين المنتجين! ثانيا: سيقل نصيب الحكومة من الأرباح المحولة من فائض قطاع الأعمال العام بمقدار الربح الذي كان يعود عليها من الأصول المباعة، مما يفاقم في عجز الموازنة. ثالثا وأخيرا: ستفقد الحكومة العائد الدولاري الذي كانت تحصله من تصدير إنتاج تلك الشركات للخارج، كما سيعمل المستثمرون الجدد، كما هي العادة، على تحويل أرباحهم الضخمة للخارج بالعملة الصعبة، وبالتالي تزداد مشاكل نقص العملة الأجنبية التي كان البيع يستهدف في المحل الأول توفيرها!
كلمات حول سعر الفائدة
عادة ما ترتبط السياسات النقدية التقشفية الموصى بها من قبل مؤسسات التمويل الدولية بتخفيض سعر الصرف، وكذلك برفع سعر الفائدة. والسبب الرئيسي هو أن السياسة النيوليبرالية ترى أن هدف السياسات النقدية الأساسي هو مكافحة التضخم، وبالتالي رفع سعر الفائدة لسحب أي سيولة زائدة في السوق وتقليل التضخم. أما السياسات الكينزية، والتي تأخذ بها النظم التي تستهدف تدعيم الاستثمار والإنتاج فهي تحرص على تقليل سعر الفائدة من أجل تنشيطهما. ولكن لا توجد في علم الاقتصاد مبادئ مطلقة، والمهم هو اتباع حزمة مترابطة من السياسات التي تمثل أفضل تعامل مع الظروف الملموسة الموجودة، والإمكانيات المتاحة، لتحقيق أفضل نمو اقتصادي مع تحقيق العدالة الاجتماعية.
إن قيمة العملة لا ترتبط فقط بمقدار ما تستطيع أن تشتريه، سواء في السوق المحلي أو من فائض إنتاج الدولة المتاح للتصدير، وإنما أيضا بما يمكن لتلك العملة أن تدره من دخل في حالة إيداعها كودائع في بنوك البلد المعني. ولقد رأينا أن موجة رفع سعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عدة مرات خلال هذا العام حتى وصل إلى 3.75% ويتوقع وصوله إلى 4.5% قبل نهاية العام الحالي، وهو ما تبعه البنك المركزي الأوروبي والبريطاني برفع سعر الفائدة لليورو والجنيه الإسترليني، حيث تدور كلها بين 2-3%، حيث قامت هي الأخرى برفع سعر عملاتها وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحافظة النسبية على سعر صرف عملاتها، رغم انخفاضها المتواصل أمام الدولار.
تخفيض سعر الفائدة ينشط الاستثمار، ولكن في حالة وجود تضخم بنسبة أعلى من سعر الفائدة فإن هذا يعنى أن سعر الفائدة الحقيقي بالسالب. أيضا الاقتراض ليس مرفوضا بالمطلق، ولكن الاقتراض من أجل الاستثمار مفيد، وأهم عامل هو أن يكون عائد الاستثمار في المشروعات أكبر من سعر الفائدة المدفوعة على القرض، وينطبق هذا على القرض الداخلي والخارجي، والخارجي أكثر خطورة بالطبع.
في الحالة المصرية، فقد شهدنا في السنوات الثماني الأخيرة تضاعف الديون حوالي ثلاثة أضعاف، ورغم هذا فلم يتم استخدام تلك الديون الديون في الاستثمار الإنتاجي، وإنما في إقامة مشاريع البنية التحتية التي لا تدر عائدا، وبالتالي نجد صعوبة في سداد فوائد الديون، وبالتأكيد في سداد أصل الدين حينما يحل أجل استحقاقه، ويصبح المدين تحت رحمة الدائن. وقد رأينا خلال العام المالي 21/22 كيف دفعنا هروب الأموال الساخنة (22 مليار دولار) خلال مارس وإبريل، مما دفعنا للخليج، حيث أجبرنا الظرف على بيع أصول استراتيجية منتجة تخل بمقومات أساسية لاقتصادنا كما أوضحنا. كما أن تراكم الاستدانة الغربية يجبرنا على الخضوع لتوصيات صندوق النقد، سواء فيما يخص ارتفاع سعر الفائدة على تلك القروض أو على الموافقة على شروط الخصخصة، وسداد الديون بالتخلي عن الأصول الإنتاجية لبلادنا.
وبالتالي فرفع سعر الفائدة المتتالي مرتين خلال عام 2022 بما له من آثار انكماشية ومعيقة للاستثمار يفاقم أزمة الإنتاج سوءا (35). والحل لا يمكن أن يكون في مجرد عدم رفع سعر الفائدة، إلا كجزء من حزمة مترابطة من الإجراءات التي تضع التنمية الإنتاجية في المحل الأول، مع الإجراءات المالية والنقدية المناسبة. لقد وصلنا إلى مرحلة إدمان الاستدانة كمصدر أساسي لسداد أعباء خدمة الدين، ومالم يتم قطع تلك الحلقة الشريرة فنحن مهددون، ليس فقط بانعدام القدرة على التنمية بسبب استنزاف الموارد المتواصل للوفاء بأعباء خدمة الدين، ولكن أيضا بخسارة تراكم استثمارات الأجيال السابقة علينا عندما نفرط في أصولنا الإنتاجية التي بنوها. ومن الغريب أن يتوازى مع كل هذا استمرار نمط الاستهلاك الحكومي والخاص الترفي الذي يبدد موارد هائلة، مما يفاقم المشكلة.
اقتراح سياسة بديلة لسياسة صندوق النقد الدولي
يمكننا بعد العرض السابق أن نستنتج أن أزمة التنمية قد أدت إلى عدم نمو الإنتاج الحقيقي الزراعي والصناعي، وكذلك عدم نمو هيكل الخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة وغيرها، بنسبة زيادة السكان. وترافق مع هذا تضخم شديد في الدين العام بشقيه الخارجي والداخلي، واستخدام تلك الديون في تطوير البنية التحتية، التي بطبيعتها لا تنتج عائدا مباشرا يساعد على خدمة أعباء الديون، ناهيك عن أشكال تبديد الفائض الاجتماعي في صورة نمط الإنفاق الحكومي بالغ الإسراف، مع سلوك غير تنموي للطبقات القادرة، ترافق هذا مع تفاقم سوء توزيع الدخل، ووجود هيكل ضريبي مقلوب تتحمل العبء الأساسي فيه الطبقات الفقيرة والمتوسطة بينما يتم تخفيضها على الطبقات القادرة.
كانت النتيجة بالطبع هي مأزق الديون المتزايدة، وأدى هذا إلى إدمان الديون، بمعنى استسهال الاستدانة لسداد أعباء خدمة الدين من فوائد وأقساط. ولما كان هذا نمط غير قابل للاستدامة، فقد أدى إلى أن تفرض الأطراف الدائنة شروطها في الخصخصة وانتقال ملكية الدولة إليها وفاءً لتلك الديون. وفي العام الذي نحن فيه انفجر الوضع بحيث فرض صندوق النقد الدولي "إصلاحا اقتصاديا" تجسده وثيقة ملكية الدولة يخص أكبر عملية خصخصة لأصول الدولة جملة وفي مدة وجيزة من أجل الوفاء بالديون.
والوضع الطبيعي المتصور أو الواجب هو أن إجمالي الناتج القومي يجب أن يكفي لاستهلاك الشعب، مع وجود فائض يستثمر في زيادة الإنتاج وتوفير الخدمات بأكثر من معدل الزيادة السكانية، مع رفع مستوى معيشة الشعب باستمرار. وبهذا يعتمد الاستثمار على ذراعين: تأمين التنمية الإنتاجية والاجتماعية، وتطوير المرافق المتناسبة مع هذا الوضع. إلا أن النظرية التي تم اتباعها خلال نصف القرن المنصرم ضحت بالتنمية الإنتاجية وقامت على الاقتصار على تنمية المرافق بتصور أن هذا سوف يأتي بالمستثمرين المحليين والأجانب ليقوموا هم بتحقيق التنمية، وهو ما لم يتحقق بالطبع.
أدى هذا إلى موجات الخصخصة السابقة، وتسونامي الخصخصة اللاحق إذا ما تم الأخذ بالحل المطروح في وثيقة ملكية الدولة، وكأن على جيلنا أن يعيش على إنتاجه، وعلى تبديد تراكم الأجيال السابقة متمثلا في بيع الأصول التي راكمها الشعب، وكذلك على حساب الأجيال اللاحقة أيضا بتحميلها عبء الديون التي نقترضها. بالطبع ليس هذا إدانة للجيل الحالي لأنه لم يصنع كل ذلك، ولكنه إدانة لنمط التنمية المتبع، أو غير المتبع، حيث ضم الإسراف الحكومي والخاص، مع تطوير المرافق وإهمال الإنتاج، مع إدمان الاستدانة لتمويل تلك الدائرة الشريرة. ولكن حتى في ظل كل ما سبق وأدى للمعطيات الراهنة، هل الحل الحتمي الوحيد هو ذلك الطريق، طريق الالتزام بشروط الدائنين وتخفيض عملتنا وإهدار استثماراتنا التي تمثل تراكم الأجيال السابقة؟
إلى أين يؤدي الاستمرار في مثل تلك السياسة؟ المثل الرديء الماثل أمامنا هو مثل اليونان الذي أدت ديونه إلى بيع كل شيء تقريبا، حتى ميناء بيريه الشهير، وشركة الطيران المحلية، ومرافق الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وحتى التأمين الصحي الذي كان من أنجح أمثلة التأمين الاجتماعي في أوروبا، بتحويله إلى تأمين تجاري يكلف المنتفعين ما لا يطيقونه. هل هذا هو الحل الوحيد المتاح في ظل الظروف القاسية الراهنة أم أن هناك طريقا بديلا يضمن الخروج من هذا المأزق؟
هناك بالفعل حل بديل، خصوصا في ظل أن هناك دولا مشابهة لحالتنا تدهورت تدهورا شديدا عند الاستسلام لشروط صندوق النقد الدولي وفقدت أصولا قومية هامة تملكها الأجانب. ولكن هناك دولا تَحَدَّت مثل هذا الحل، واستطاعت أن تستعيد عافيتها وتقف على قدميها وتواصل تقدمها، منها الهند، والبرازيل، وماليزيا التي تناولنا مَثَلَها أعلاه. وتقوم الخطة البديلة على البدء فورا بوضع تنمية الإنتاج في مركز اهتمامنا، مع خطة تقشف شديدة تقوم على إجراءات حاسمة لرفض الإسراف الحكومي، ووقف أشكال تبديد الفائض لدى القطاع الخاص، مع الحفاظ على توفير مقاومات الحياة الأساسية للشعب. ويمكن خلال الخطة المؤقتة، والتي يمكن أن تستمر لثلاث سنوات، أن تعبر بنا عنق الزجاجة الراهن في مأزق الديون، على نحو ما سنفصل أدناه.
الإنتاج، والإنتاج، ثم الإنتاج!
لعل رؤية مصر 2030، سواء في نسختها التحضيرية عام 2014، أو في نسختها الأولى عام 2016، أو في نسختها المعدلة عام 2018، تقدم ما يمكن اعتباره رؤية حكومية لآفاق النمو. تطرح تلك الرؤية كل الأهداف متجاورة، مثل: تحقيق نمو احتوائي مستدام، ومعدل نمو اقتصادي 7%، وتقليص العجز الكلي إلى 5%، والحفاظ على التضخم في حدود 3-5%، وزيادة التنافسية وزيادة المكون المحلي الصناعي، وتقليص صافى الميزان التجاري إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 7800 دولار. أي إنها تنبئ بالآمال في مستقبل ورديّ، حيث تزول المشكلات ويتحقق النمو ويتقلص العجز ويتقلص التضخم ويتضاعف الدخل، إلا أن الطريق إلى تحقيق تلك الأهداف، التي يبدو بعضها متناقضا، لا يبدو واضحا.
ولكن هناك بعض الأدلة في تلك الوثيقة التي توضح المنطق الذي تستند إليه؛ فالوثيقة تعطي الأولوية للأهداف الانكماشية من نوع استهداف خفض التضخم وخفض الدين العام إلى 50% من ن م أ، وتقليص العجز الكلي. أما في خصوص النمو فهي تعتبر أن القطاع القائد هو قطاع الخدمات، وهو بالفعل القطاع القائد حاليا، حيث يساهم ب 55% من النمو عام 2017، وتستهدف الخطة للوصول به عام 2030 إلى 70% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تستهدف الوثيقة في المحل الأول زيادة الصادرات إلى 25% من ن م أ، مع زيادة الاندماج في الاقتصاد العالمي.
أما الآمال العريضة في التنمية فلا يبدو أن هناك طريقا واضحا لها، خصوصا وأن السياسة المتبعة طوال العقود الماضية تسير في اتجاه تدهور الإنتاج السلعي وزيادة العجز والتضخم ونقص نسب الاكتفاء الذاتي في مختلف الجوانب، ولم تقدم إجابة عن السؤال: كيف سيتم عكس هذا الاتجاه؟ خصوصا والاتجاه الحالي هو تخفيض مساهمة الدولة والقطاع العام في التنمية والتصنيع، مع الخصخصة المتزايدة للقطاعات الصناعية الحكومية.
وقراءة خبرة التنمية في العالم، وكذلك خبرتنا خلال نحو قرن، وهي الخبرة الإيجابية في نصف القرن الأول منذ ثورة 1919 وحتى الآن، مرورا بفترة ثورتي 1919 و1952، ثم خبرة سلبية مليئة بالدروس مع ذلك، في نصف القرن التالي منذ الأخذ بسياسة الانفتاح الاقتصادي منذ 1974 وحتى الآن، لهو مليء بالدروس الثمينة.
ارتبط نصف القرن الأول، من 1919 إلى 1974، بتجربة تصنيع متقدمة لعب بنك مصر دورا محوريا فيها في المرحلة الأولى، ولعب تدخل الدولة دورا محوريا فيها منذ إنشاء مصنع الحديد والصلب بحلوان عام 1954 وحتى تأميمات الستينات ووجود قطاع صناعي متقدم نسبيا عما سبق. كما تميزت تلك المرحلة بتدخل الدولة في الرقابة على الصرف، وبالتالي في التجارة الخارجية، منذ عام 1947 ثم فترة النظام الناصري. كان مسار تلك الفترة يشهد تحسنا لوضع الاقتصاد والشعب كاتجاه عام، رغم أنه واجه أزمات مهمة بالذات في نهايته منذ أعوام 1965 و1967.
تمت قراءة استراتيجية إحلال الواردات في تلك الفترة والعزلة النسبية للسوق الداخلية السلعية والنقدية باعتبارها سبب التخلف والفشل، وبالتالي تم استبدالها بسياسة الانفتاح التجاري والاستثماري والنقدي على الغرب. لم يتم قراءة سبب مشكلة سياسة إحلال الواردات على إنها قد اقتصرت على السلع الاستهلاكية بينما قصرت عن السعي لاستبدال الواردات في السلع الإنتاجية والوسيطة. أدى اتباع سياسة الانفتاح والاندماج في السوق العالمي إلى تقلص نسب الاكتفاء الذاتي الإنتاجي الزراعي والصناعي، وتقليص وإعادة تشكيل هياكل الإنتاج الزراعي الصناعي لكي يتوافق مع احتياج السوق الدولي، وتحقيق اندماج متزايد مع الاقتصاد الدولي من موقع التابع. كما كان مسار النصف الثاني منذ بدء الانفتاح أيضا مسارا يتدهور فيه مستوى الشعب بشكل عام. من المستحيل حل أزمة اقتصادنا بالاقتصار على اتباع سياسات مالية وتقشفية وحدها، أو أي سياسات بديلة في هذين المجالين وحدهما، حيث إن الإصلاح يبدأ أصلا في مجال الاقتصاد الحقيقي، الاقتصاد الإنتاجي.
وبالطبع فالموضوع يتطلب معالجة أوسع بكثير مما هو متاح في السياق الحالي، ولكن نكتفي بطرح بعض الدروس المحددات:
1- إن الهدف الأول للتنمية لا يكون استهداف الإصلاحات المالية والنقدية واستهداف التضخم في المحل الأول، ولكن استهداف التنمية الإنتاجية الموجهة لإشباع احتياجات المواطنين. لابد وأن يكون همنا الأول هو تطوير الإنتاج الزراعي والصناعي المتكامل، وليس تطوير البنية الأساسية التي أثقلتنا بالديون دون عائد لسدادها.
2- لابد وأن ينطلق تخطيط الإنتاج من ضرورة الوفاء بالاحتياجات الأساسية للشعب وليس لاحتياجات الاقتصاد التصديري والتكامل مع السوق العالمية.
3- إن التنمية لا يمكن أن تترك بكاملها لحافز الربح وحده أو للقطاع الخاص وحده، وخبراتنا وخبرات الآخرين توضح أهمية تدخل الدولة للاستثمار في القطاعات الضرورية مثل الصناعات الثقيلة والتطوير التكنولوجي التي لا تعتبر مدرا للأرباح العالية مثل إنتاج سلع الاستهلاك أو اقتصاد الخدمات بما فيها الاستثمار العقاري والتجاري وغيرها من الاستثمارات السائدة حاليا.
4- لابد من الاعتراف بالأهمية والأولوية الأولى لتطوير البحث العلمي والتكنولوجيا بدءا من رفع الإنفاق على البحث العملي إلى النسبة الدستورية المتواضعة، 1% من الناتج القومي الإجمالي (في ظل أن المتوسط العالمي هو 2.2%، وأن النسبة في إسرائيل 4.4% من ن م أ). لقد ارتبطت فترة البحوث الإنتاجية في مصر إلى استنباط أصناف زراعية من القمح والقطن عالية الإنتاجية ومقاومة للآفات، ثم تدهور وضع مؤسسات التطوير من معاهد متخصصة وجامعات زمن الانفتاح.
5- أثبتت جميع التجارب التنموية أهمية أن يكون القطاع الرائد هو الصناعات التحويلية، مع بناء هيكل إنتاجي متكامل، مصحوبا بتطوير الصناعات الاستخراجية أيضا. كما أن تطوير الزراعة نفسها يحتاج إلى تطوير صناعات الأسمدة والآلات ومختلف الاحتياجات الصناعية الضرورية للإنتاج الزراعي.
6- لقد أتت جائحة كوفيد 19 لكي تؤكد على حقيقة أهمية الاكتفاء الذاتي الغذائي وليس الاعتماد على الخارج الذي يتأثر بمختلف الظروف الوبائية والمناخية والسياسية. لقد استطاعت دول شرق آسيا كثيفة السكان أن تصل إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي من محاصيل الحبوب والمحاصيل الأساسية بتطبيق العلوم، ولكن تدهور الإنتاج الغذائي عندنا ارتبط بتوجيه الإنتاج لإشباع احتياجات السوق العالمي.
خطة تقشف حكومية مجتمعية ملتزمة بالاحتياجات الاجتماعية الأساسية
بمراجعة جدول أعباء الدين المستحق من العام المالي الحالين 2022/2023 وحتى عام 2054/2055 نجد أن المشكلة الكبيرة تكمن في أول ست سنوات، وبالذات بشكل أكبر كثيرا في السنوات الثلاث الأولى منها؛ حيث يبلغ إجمالي ما يجب سداده في السنوات الست (22/23 وحتى 27/28) 95.92 مليار دولار بمتوسط سنوي خلال الأعوام الستة يبلغ 13.7 مليار دولار. ولكن السنوات الثلاث الأولى هي القاسية بالفعل، حيث يبلغ إجمالي ما يجب سداده في السنوات الثلاث (22/23 وحتى 24/25) 59.2 بليون دولار بمتوسط سنوي 23.85 بليون دولار. في السنوات الثلاث التالية (25/26 وحتى 27/28) يبلغ إجمالي الدين 36.3 بليون دولار بمتوسط سنوي 12.1 بليون دولار. أما في الأعوام السبعة والعشرين المتبقية، (28/29 وحتى 54/55) فيبلغ إجمالي أعباء خدمة الدين 64.72 بليون دولار بمتوسط سنوي 2.4 بليون دولار.
بالطبع سوف يبقى الحال كذلك إذا لم نستدن من جديد لسداد الدين القديم، ولكن هذا يمنحنا فرصة ذهبية، حيث إذا تمكننا من وضع خطة تقشف شديدة تستطيع الوفاء بأعباء الدين لمدة ثلاث سنوات دون استدانة، نكون قد قطعنا الحلقة الشريرة لإدمان الديون، ونستمر في التعايش مع وضع ديون قابلة للسداد. ونحن نرى أن هذا بإمكاننا، على النحو التالي:
أولا: وقف كل المشروعات التي لم تبدأ بعد أو التي في المرحلة الأولى منها، وتأجيل البت فيها إلى ما بعد السنوات الثلاث لخطة التقشف. من هذه المشروعات مثلا قطار الرصاصة، والقطار المعلق، وغيره الكثير.
ثانيا: سياسة مالية تقشفية شديدة خلال تلك السنوات الثلاث، تقوم على مراجعة كل بنود الإيرادات في الموازنة لتعظيم الممكن منها، وكل بنود الإنفاق لتخفيض أو إلغاء ما يمكن منها. أي التقشف في الإنفاق الترفي داخل الحكومة، مع الوفاء باحتياجات الشعب الأساسية وزيادة الإنفاق عليها لكي نوقف انهيارها مثل التعليم والصحة.
ثالثا: سياسة نقدية تقشفية لمدة ثلاث سنوات، تقوم على مراجعة كل بنود الواردات في ميزان المدفوعات بقصرها على الواردات شديدة الحيوية، كما فعلت الأرجنتين حاليا، لإلغاء كل غير الضروري منها، وكل بنود الصادرات، لزيادة ما يمكن منها، على النحو التالي.
إن تعبئة الشعب وراء مثل هذه الخطة يقتضي أولا الشفافية في إصدار البيانات الضرورية ومنطق وضرورة كل إجراء، والوفاء بحقوق الشعب الأساسية من أجر عادل ونظام صحي وتعليمي عادل، والعلاقة الصريحة مع رجال الأعمال من أجل حل المشاكل الحقيقية لهم، والشفافية في طرح المناقصات وعدم منافسة استثمارات الهيئة المدنية للقوات المسلحة لهم بينما تتمتع بالإعفاء الضريبي ويعمل بها مجندون بدون أجر أو أجر مخفض، مع عدم فرض تبرعات شبه إجبارية عليهم لصندوق تحيا مصر أو لأي جهة، وتطبيق الضرائب التصاعدية وغيرها من الإجراءات الضرورية لكي يساهموا بفعالية في تحمل ضريبة المساهمة بالعبور بالوطن في الأزمة القاسية الحالية ما داموا قد بنو ثروا ثرواتهم ويعيشون على أرباحهم من العمل فيه. تطبيق البرنامج التفصيلي التالي:
أولا إجراءات عامة:
1- وقف، أو تأجيل البدء، في جميع المشروعات التي لم يتم البدء بها غير ذات الضرورة الشديدة، فمن غير المعقول أن نصر على تنفيذ قطار الرصاصة والمترو المعلق على حساب تبديد أصول إنتاجية مثل الحديد والصلب والكوك ومجمع الألومنيوم سدادا لديون مثل هذا النوع من المشروعات.
الإجراءات المالية التي تخص الموازنة العامة للدولة:
2- وقف كل مظاهر إسراف الجهاز الحكومي في ظل تضخم إدارته والتهامها لمبلغ ضخم لا يتم في البلاد المتقدمة. البدء بدمج الوزارات لتقليص عددها إلى النصف من 34 إلى 17 وزارة أسوة بما هو متبع في أمريكا وفرنسا واليابان وغيرها. تقليص وظائف الأعداد الهائلة من وكلاء الوزارة ومناصب الإدارة العليا وفق الاحتياج الحاد، وإلغاء وظائف المستشارين الذين في سن المعاش أو حصرهم في أعداد محدودة جدا، مع وضرورة الشفافية في إعلان أعدادهم ومرتباتهم وبدلاتهم السنوية، مثلما يحدث في أمريكا والدول المتقدمة، ونسبة ما يحصلون عليه كأجور من ميزانية الأجور الإجمالية.
3- رفع الحد الأدنى للأجور فورا إلى حد الفقر (!) الذي حدده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والصحة الذي حدد خط الفقر ب 857 جنيها للفرد شهريا، أي 3428 شهريا كمرتب للعامل للوفاء باحتياجات أسرة من 4 أفراد. ونعتقد من المؤشرات المتاحة أن تطبيق هذا الإجراء مع الإجراء السابق بتحديد الحد الأقصى لن يحتاج إلى زيادة مخصصات الأجور في الموازنة، ولكنه يجعلها أكثر عدالة.
4- تحديد حد أقصى للأجور (شاملة كل البدلات والمستحقات) لا يزيد عن عشرين مثلا للحد الأدنى للأجور، أي 800000 جنيه سنويا، مع ربط كل ما يحصل عليه موظفو الإدارة العليا برقمهم القومي لكيلا تتجاوز مخصصاتهم السنوية هذا المبلغ؛ علما بأن تلك النسبة في أمريكا هي 14:1 في القطاع الحكومي، حيث الحد الأدنى للأجور نحو 15 ألف دولار سنويا بينما لا يتجاوز أجر الوزير 191 ألف دولار سنويا.
5- إن تعبئة الشعب تقتضي توفير شروط الحياة العادلة بتوفير خدمات تعليم وصحة مناسبة، والبدء بتطبيق النص الدستوري على ميزانيتهما (3% للصحة و6% للتعليم و1% للبحث العملي) من الناتج القومي الإجمالي، مع زيادتها تدريجيا للوصول إلى النسب العالمية، ووقف خصخصة القليل المتاح من المدارس والمستشفيات الحكومية، ووقف تحويلها إلى جهات ربحية، والإصرار على ضمان أن يكون التعليم العام (الوسيلة الوحيدة المتاحة ل 89% من الطلاب الآن) مجانيا حقيقيا.
6- رفع الحد الأقصى للضريبة التصاعدية إلى الضعف، 45% مثلما هو الحال في بريطانيا وفرنسا، وقريبا مما في ألمانيا (42%)، ومثلما كان الحال في مصر قبل 2005 (42%).
7- فرض ضريبة مجزية على أرباح البورصة، ناهيك عن وضع القيود الشديدة على الأموال الساخنة ومضاربتها، كما سيأتي في الإجراءات النقدية.
8- فرض ضريبة على الثروة مرة واحدة من أجل مساهمة الأغنياء فوق حد معين من الثروة في تحمل عبئ المرحلة الانتقالية.
9- عودة ضريبة التركات ورسم الأيلولة على الميراث الذي يزيد عن حد معين (خمسة ملايين لكل فرد من الورثة مثلا)، كما هو الحال في معظم دول العالم.
10- تطوير قانون المنافسة ومنع الاحتكار والعودة إلى التسعيرة وفق التكلفة الحقيقية للسلعة + نسبة ربح عادلة غير احتكارية، والعودة للتسعيرة الجبرية كلما كان هذا ضروريا، فقد بدأ تطبيق مبدأ التسعيرة الجبرية في مصر بسبب الغلاء الشديد أثناء الحرب العالمية الثانية، ولا نظن أن الوضع الحالي في مصر بأقل سوءا منها.
في مجال السياسات النقدية:
11- رفض قرض صندوق النقد الدولي المشروط بالخصخصة وفقدان الأصول بالبخس (بيع المضطر)، والبديل الخطة التقشفية التي تعمل على تسديد أعباء الديون بدون اللجوء لعلاج القروض بالمزيد من القروض، من أجل كسر الحلقة الشريرة للاستدانة الدائمة واستنزاف الأصول الوطنية. اللجوء في حالات الضرورة القصوى فقط للقروض المحدودة وغير المشروطة بمثل هذه الشروط. وهذا أيضا يحمي من تدهور العملة والغلاء والتضخم المصاحب لها.
12- إعادة النظر في مبدأ حرية تداول وتحويل العملة (وهو من المسموح به حتى في ظل مبادئ منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي في حالة وجود أزمة، مع ربط الإجراءات بفترة معينة). ويتضمن هذا استعادة العملة الوطنية، الجنيه المصري، للسيادة على أرضه ومركزة كل الموارد الدولارية للحكومة والقطاع الخاص في البنوك وعدم الإنفاق منها إلا بموافقة البنك المركزي بناء على تعليمات معلنة ومبادئ ثابتة.
13- تحديد سعر الفائدة انطلاقا من احتياجات السوق الوطنية الداخلية، كما أن كسر تحويل العملة يفض العلاقة بين سعر الفائدة الداخلي والدولي.
14- منع رؤوس الأموال الساخنة والمضاربة من الاستثمار في البورصة وحرية الدخول والخروج بدون قيد أو شرط.
15- وضع قواعد لقبول رؤوس الأموال الأجنبية بحيث تكون في مجالات مطلوبة للتنمية، وتتضمن نقلا للتكنولوجيا، أو الاستثمار في مشاريع كثيفة العمالة وذات إنتاج يمثل احتياجا اجتماعيا، أو إنتاج للتصدير.
16- وقف الواردات من السلع غير الحيوية لمدة ثلاث سنوات، مثلما فعلت الأرجنتين مؤخرا كما أسلفنا، وتشتمل تلك السلع على كل السيارات الفارهة التي تزيد سعة أسطوانات المحرك عن لترين، وكل أصناف الفاكهة والمكسرات، وكل ما يمكن الاستغناء عنه في فترة سنوات الأزمة الثلاث إنقاذا لمصانعنا وثرواتنا.
17- تقليص الإنفاق على سياحة المصريين الخارجية التي تكلفت عام 2019 قبل الوباء نحو 4.5 مليار دولار، أكثر من نصفها على الحج والعمرة. وقف العمرة طوال سنوات الأزمة الثلاثة مع قصر الحج على من لم يحج من قبل، وتقييد سياحة المصريين في الخارج بحد أقصى مع تغليب السياحة العلمية والثقافية على السياحة الترفيهية، ودعوة المصريين للتعاون في هذا المجال.
18- تقليص الإنفاق الحكومي في الخارج بالنسبة للسفارات، وبند (صافي السهو والخطأ) الذي يصل إلى 4800 مليار دولار عام 21/22.
إن الحوار الواسع حول مثل تلك الخطة والإجراءات، وسرعة حسمه حيث إن كل يوم يمضي تستنزف ثروات وأصول مصر بالخصخصة، كما يتزايد فقر المصريين باتباع تلك السياسات المتبعة، والتي ثبتت آثارها تلك خلال العقود الماضية.
دكتور محمد حسن خليل
8 أكتوبر 2022
جدول سداد ديون مصر
الأعباء السنوية لخدمة الدين (فوائد + أقساط، الوحدة مليار دولار) (36)
السنة الإجمالي
2022-2023 17.9
2023-2024 19.12
2024-2025 22.6
2025-2026 12.4
2026-2027 16
2027-2028 7.9
2028-2029 5.5
2029-2030 5.4
2030-2031 6.3
2031-2032 5.7
2032-2033 2.8
2033-2034 3.71
2034-2035 2.435
2035-2036 2.24
2036-2037 2.05
2037-2038 1.8
2038-2039 1.735
2039-2040 2.04
2040-2041 1.57
2041-2042 1.46
2042-2043 1.39
2043-2044 1.34
2044-2045 1.31
2045-2046 1.29
2046-2047 3.76
2047-2048 2.53
2048-2049 2.4
2049-2050 2.79
2050-2051 0.51
2051-2052 1.162
2052-2053 1.278
2053-2054 0.219
2054 0.18
إجمالي الديون 160.8

تحليل للجدول السابق
ديون 6 سنوات عجاف 95.92
متوسط سنوي 13.7
أول 3 سنوات موازنة 59.62
متوسط سنوي 23.85
3 أعوام من 25- 2027 36.3
متوسط سنوي 12.1
الاعوام المتبقية- عاما 27
باقي المدة 2028- 2054 61.19
متوسط سنوي 2.266
مصادر الدراسة
(1) الدين الخارجي المصري، بالإنجليزية "Egypt External Debt" https://www.ceicdata.com/en/indicator/egypt/external-debt

(2) أنظر "أزمة الدين العام في مصر والآثار المترتبة عليها" للكاتب دكتور حسام عبد العال عبد العال شعبان في مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، Article 4, Volume 59, Issue 2, July 2017, Page 253-344 على الرابط: https://journals.ekb.eg/article_173430.html

(3) ديون مصر الخارجية تقفز إلى 317 في المئة" خالد المنشاوي، على الرابط: https://www.independentarabia.com/node/337096/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/%D8%AF%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D9%81%D8%B2-%D8%A5%D9%84%D9%89-317-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A6%D8%A9


(4) "المالية: حققنا فائضا أوليا 1.3% وخفض الدين العام إلى 87.2%" المصري اليوم في 22 سبتمبر 2022 على الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/2697280

(5) أنظر "أزمة الدين العام....مرجع سابق
(6) موقع وزارة التخطيط القومي على الرابط: https://mped.gov.eg/GrossDomestic/Index?lang=ar

(7)بالنسبة للأرقام الأساسية فهي متوفرة في الموازنة العامة للدولة على موقع وزارة المالية، أما بالنسبة للحسابات والنسب المذكورة، فأنظر دراستنا المعنونة "قراءة في الموازنة العامة لمصر للعام المالي 2022/2023"

(8) من أجل تفاصيل الموازنة وتحليلها أنظر دراستنا المعنونة "قراءة في الموازنة العامة لمصر للعام المالي 2022/2023"

(9) بالنسبة للتحليل التفصيلي لتلك النقطة أنظر "قراءة في الموازنة... المرجع السابق.
(10) أنظر أيضا في تفصيل ذلك المرجع السابق.
(11) أنظر دراستنا المعنونة: "ميزان المدفوعات المصري بين الديون والخصخصة" المنشورة على موقع الحوار المتمدن على الرابط: https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=741808

(12) بيانات ميزان المدفوعات عن العام 2022/2021 مأخوذة عن تقرير البنك المركزي على الرابط: بيان صحفي عن أداء ميزان المدفوعات خلال السنة المالية 2020- 2021 الصادر عن البنك المركزي، والموجود على الرابط التالي: https://www.cbe.org.eg/ar/Pages/HighlightsPages/Press-Release-Balance-of-Payments-Performance-during-2021-2022.aspx

(13) بيانات ميزان المدفوعات عن العام المالي 2021/2022 من خلال البيان الصحفي للبنك المركزي، على الرابط: https://www.cbe.org.eg/ar/Pages/HighlightsPages/Press-Release-Balance-of-Payments-Performance-during-2021-2022.aspx

(14) أنظر الحديث المعنون "وزير المالية المصري لـCNBC عربية: مصر ستتكلّف 3 مليارات دولار أعباءً إضافية بسبب ارتفاع أسعار القمح والضغط على العملة" بتاريخ 12 يونيو 2022 والمتاح على الرابط: https://site.prod.cnbcarabia.com/97664/2022/6/28/%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D9%8B-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AE%D9%86%D8%A9..-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%AA%D8%AC%D9%87-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B4%D8%B1%D8%A9-


(15) نقلا عن كتاب أحمد السيد النجار "الاقتصاد المصري: ملامح الأزمة وآليات المعالجة على قاعدة الكفاءة والعدالة" 2022 الفصل الخامس المعنون "معدل الاستثمار المتدني والإصلاحات الاقتصادية والسياسية لاستنهاضه". والكتاب ينقلها عن مصدر صندوق النقد الدولي IMF, World economic outlook database, April 2022

(16) انظر: د. سلوى العنتري "هل حقا لا يمكن زيادة معدل الادخار؟" المنشور في جريدة الأهرام القاهرية بتاريخ 17 إبريل 2016 على الرابط: https://gate.ahram.org.eg/daily/News/151877/4/498480/%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%A1/%D9%87%D9%84-%D8%AD%D9%82%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%9F.aspx

(17) د. سلوى العنتري، مصدر سابق

(18) انظر مقالة: الإحصاء: معدلات الفقر في مصر تتراجع لأول مرة منذ عشرين عاما" على موقع مصراوي على الرابط: https://www.masrawy.com/news/news_economy/details/2021/10/17/2107467/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%B9%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%86%D8%B0-20-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A7


(19) “Egypt poverty rate 1990-2022” on the link: https://www.macrotrends.net/countries/EGY/egypt/poverty-rate

(20) Wesam Fouad “Egypt: Poverty and Imbalances of Income and Wealth Distribution” on the link: https://en.eipss-eg.org/egypt-poverty-and-imbalances-of-income-and-wealth-distribution/

(21) المصدر السابق
(22) أنظر: "الزيادة السكانية تلتهم ثمار التنمية الاقتصادية" مدحت عادل، في جريدة اليوم السابع في 16 أغسطس 2021 مستندا لأرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، على الرابط: https://www.youm7.com/story/2021/8/16/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%84%D8%AA%D9%87%D9%85-%D8%AB%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%B6%D8%A7%D8%B9%D9%81/5426711


(23) أنظر: "غول الزيادة السكانية يلتهم ثمار النمو" مدحت عادل في جريدة اليوم السابع بتاريخ 12 يوليو 2022 نقلا عن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، على الرابط: https://www.youm7.com/story/2022/7/12/%D8%BA%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D9%84%D8%AA%D9%87%D9%85-%D8%AB%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D9%88-%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%A1-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%B9%D8%AF%D8%AF/5833046

(24) أنظر: "مصر وصندوق النقد الدولي" على موقع الهيئة العامة للاستعلامات مصر على الرابط:
https://www.sis.gov.eg/Story/227486/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A?lang=ar

(25) دراسة غير منشورة للأستاذ إلهامي الميرغني.
(26) أنظر مقال: "تعويم الجنيه في 2003 أدى إلى ارتفاع الأسعار" على موقع مصراوي على الرابط:
https://www.masrawy.com/news/news_egypt/details/2016/11/3/961695/%D8%AA%D8%B9%D9%88%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%87-%D9%81%D9%8A-2003-%D8%A3%D8%AF%D9%89-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AA%D9%83%D8%B1%D8%B1-%D9%81%D9%8A-2016-

(27) أنظر دراسة الأستاذ إلهامي الميرغني: "هل انتهى برنامج الخصخصة؟" المؤرخة في 25/10/2011، منشورة فقط على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الإنترنت.
(28) أنظر لنا: "وثيقة ملكية الدولة من منظور تنموي"
(29) أنظر كتاب أحمد السيد النجار... مرجع سابق، الفصل الثاني عشر بعنوان: "استقرار سعر الصرف وتسوية المعاملات التجارية بعملات مصر وشركائها".
(30) حول التجربة الماليزية أنظر: "قرض الصندوق ضد الديمقراطية" لوائل جمال، المنشور في جريدة الشروق المصرية بتاريخ 12 يونيو 2011 على الرابط: https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=12062011&id=42922edf-38ea-4ac5-ab38-577bd56954d1

(31) أنظر كتاب الدكتور إبراهيم عيسوي "تجديد الفكر الاقتصادي، نظرة نقدية إلى الفكر الاقتصادي السائد وعرض وتقييم لبعض مقاربات تطويره" (معهد التخطيط القومي والهيئة المصرية العامة للكتاب، 2019) الفصل العاشر
(32) أنظر: "الإمارات تستحوذ على شركات حكومية في مصر" في جريدة مال وأعمال عدد 12 إبريل 2022 على الرابط:
https://arabic.rt.com/business/1343611-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%AD%D9%88%D8%B0-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1/

(33) أنظر: "الصندوق السيادي السعودي يشتري حصصًا في 4 شركات مصرية بقيمة مليار و300 مليون دولار" على موقع CNN العربي في 10 أغسطس 2022 على الرابط:
https://arabic.cnn.com/business/article/2022/08/10/saudi-sovereign-fund-buys-stakes-in-egyptian-companies?fbclid=IwAR0Qy12hGakEPmE5uSQelBgpMIsvWnTHlj_55zc3mQjSepPK-2i0pmDcn-4


(34) أنظر "خسائر مصر من بيع شركة أبوقير للأسمدة للإمارات" للكاتب إلهامي الميرغنى في 30 يوليو على موقع الحوار المتمدن، على الرابط:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&aid=763828

(35) أنظر مثلا تقديرات خبراء اقتصاد عالميين في الفترة الحالية، ويوافق عليها خبير مصري هو الأستاذ عبد الفتاح الجبالي في: "النمو الاقتصادي بين التضخم وسعر الفائدة" في أهرام يوم 12 أكتوبر 2022 على الرابط: https://gate.ahram.org.eg/daily/News/204270/4/873361/%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%A1/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%89-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B6%D8%AE%D9%85-%D9%88%D8%B3%D8%B9%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%A6%D8%AF%D8%A9.aspx

(36) مصدر أعباء خدمة الديون في مصر هو تقرير الوضع الخارجي الصادر عن البنك المركزي رقم 77 (بالإنجليزية) "External position of the Egyptian economy- July/March of FY 2021/2022, Volume No. 77” على الرابط التالي:
https://www.cbe.org.eg/ar/EconomicResearch/Publications/Pages/ExternalPosition.aspx
صفحة 48، مع ملاحظة أن الجدول يورد أعباء خدمة الدين مرتبة حسب السنة الميلادية، ولكن كل نصف سنة على حدة موضحا رقم الفوائد ورقم الأقساط في كل سنة. وقد قمنا بمعالجة تلك البيانات بتعديل البيان وفق السنة المالية في مصر (مثلا نجمع النصف الثاني من عام 2022 على النصف الأول من عام 2023 لكي نصل لرقم عبء سداد أقساط الدين في العام المالي 2022/2023، وهكذا. وبالتالي فالجدول مصنوع ولكن يمكن مراجعة الأرقام الواردة فيه على الصفحة المذكورة، 48، لنجد أن الأرقام معبرة بدقة عما ورد في جدول تقرير البنك الأصلي.



#محمد_حسن_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات حول المشكلة السكانية في مصر
- نرفض حل الأزمة الاقتصادية بزيادة معاناة الشعب والخصخصة
- وثيقة ملكية الدولة في مصر ومستقبل التنمية
- ليبيا بين الانتخابات والتقسيم الإخواني
- مجلس النواب اللبناني الجديد والثورة والانهيار
- تونس: قيس سعيد، والنهضة، والثورة، والشعب!
- الانتخابات الرئاسية مرآة للأزمة المجتمعية في فرنسا
- قراءة في الموازنة العامة لمصر للعام المالي 2022- 2023
- خطاب الرئيس السيسي والأزمة المجتمعية والحل المطروح
- الحرب في أوكرانيا وعلى ساحة العالم
- الجزر النيلية في مصر والاستثمار العقاري
- القاهرة من جديد وتخطيط المدن
- ميزان المدفوعات المصري بين الديون والخصخصة
- بدايات خصخصة شركة أبو قير للأسمدة
- قراءة في تقرير التنمية البشرية في مصر 2021 مع التركيز على ال ...
- مرحلة حرجة من عمر الثورة السودانية
- إيران والغرب والعرب
- أفغانستان بين النجاح والفشل
- نظرة سريعة على وباء كوفيد 19 في منتصف عام 2021
- حرائق، فيضانات، أعاصير


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن خليل - أزمة الديون وبدائل الصندوق